خطبه 91 صبحی صالح
و من خطبه له ع تَعْرِف بِخطبه الا شباح وَ هِی مِن جَلائِل خُطْبَه وَ کانَسائِل سَاءَلَهُ اءَنْ یَصِفْ الله لَهُ حَتى کَانَّه یَراه عَیانا فَغَضَبُ لذلِک .
ذَلِکَ اءَنَّ رَجُلاً اءَتاهُ فَقَالَ یا اءَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صِفْ لَنَا رَبَّنَا مِثْلَ مَا نَرَاهُ عِیَانا لِنَزْدادَ لَهُ حُبّا وَ بِهِ مَعْرِفَهً فَغَضِبَ وَ نَادَى الصَّلاَهَ جَامِعَهً فَاجْتَمَعَ النَّاسُ حَتَّى غَصَّ الْمَسْجِدُ بِاءَهْلِهِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ هُوَ مُغْضَبٌ مُتَغَیِّرُ اللَّوْنِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ اءثْنَى عَلَیْهِ وَ صَلَّى عَلَى النَّبِیِّ ص ثُمَّ قَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لاَ یَفِرُهُ الْمَنْعُ وَ الْجُمُودُ وَ لاَ یُکْدِیهِ الْإِعْطَاءُ وَ الْجُودُ إِذْ کُلُّ مُعْطٍ مُنْتَقِصٌ سِوَاهُ وَ کُلُّ مَانِعٍ مَذْمُومٌ ما خَلاَهُ وَ هُوَ الْمَنَّانُ بِفَوَائِدِ النِّعَمِ وَ عَوَائِدِ الْمَزِیدِ وَ الْقِسَمِ عِیالُهُ الْخَلاَئِقُ ضَمِنَ اءَرْزَاقَهُمْ وَ قَدَّرَ اءَقْوَاتَهُمْ وَ نَهَجَ سَبِیلَ الرَّاغِبِینَ إِلَیْهِ وَ الطَّالِبِینَ مَا لَدَیْهِ وَ لَیْسَ بِمَا سُئِلَ بِاءَجْوَدَ مِنْهُ بِمَا لَمْ یُسْاءَلْ.
الْاءَوَّلُ الَّذِی لَمْ یَکُنْ لَهُ قَبْلٌ فَیَکُونَ شَیْءٌ قَبْلَهُ وَ الْآخِرُ الَّذِی لَمْ یَکُنْ لَهُ بَعْدٌ فَیَکُونَ شَیْءٌ بَعْدَهُ وَ الرَّادِعُ اءَنَاسِىَّ الْاءَبْصَارِ عَنْ اءَنْ تَنَالَهُ اءَوْ تُدْرِکَهُ مَا اخْتَلَفَ عَلَیْهِ دَهْرٌ فَیَخْتَلِفَ مِنْهُ الْحَالُ وَ لاَ کَانَ فِی مَکَانٍ فَیَجُوزَ عَلَیْهِ الاِنْتِقَالُ وَ لَوْ وَهَبَ مَا تَنَفَّسَتْ عَنْهُ مَعَادِنُ الْجِبَالِ وَ ضَحِکْتَ عَنْهُ اءَصْدَافُ الْبِحَارِ، مِنْ فِلِزِّ اللُّجَیْنِ وَ الْعِقْیَانِ وَ نُثَارَهِ الدُّرِّ وَحَصِیدِ الْمَرْجَانِ مَا اءَثَّرَ ذَلِکَ فِى جُودِهِ وَ لاَ اءَنْفَدَ سَعَهَ مَا عِنْدَهُ وَ لَکَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَخَائِرِ الْاءَنْعَامِ مَا لاَ تُنْفِدُهُ مَطَالِبُ الْاءَنَامِ لِاءَنَّهُ الْجَوَادُ الَّذِى لاَ یَغِیضُهُ سُؤ الُ السَّائِلِینَ وَ لاَ یُبْخِلُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحِّینَ.
فَانْظُرْ اءَیُّهَا السَّائِلُ فَمَا دَلَّکَ الْقُرْآنُ عَلَیْهِ مِنْ صِفَتِهِ فَائْتَمَّ بِهِ وَ اسْتَضِئْ بِنُورِ هِدَایَتِهِ وَ مَا کَلَّفَکَ الشَّیْطَانُ عِلْمَهُ مِمَّا لَیْسَ فِى الْکِتَابِ عَلَیْکَ فَرْضُهُ وَ لاَ فِی سُنَّهِ النَّبِیِّ صَلّى اللّهُ عَلَیهِ وَ آلِه وَ اءَئِمَّهِ الْهُدَى اءَثَرُهُ فَکِلْ عِلْمَهُ إ لَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَإِنَّ ذَلِکَ مُنْتَهَى حَقِّ اللَّهِ عَلَیْکَ.
وَ اعْلَمْ اءَنَّ الرَّاسِخِینَ فِى الْعِلْمِ هُمُ الَّذِینَ اءَغْنَاهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ الْمَضْرُوبَهِ دُونَ الْغُیُوبِ الْإِقْرَارُ بِجُمْلَهِ ما جَهِلُوا تَفْسِیرَهُ مِنَ الْغَیْبِ الْمَحْجُوبِ فَمَدَحَ اللَّهُ تَعالى اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ یُحِیطُوا بِهِ عِلْما وَ سَمَّى تَرْکَهُمُ التَّعَمُّقَ فِیمَا لَمْ یُکَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ کُنْهِهِ رُسُوخا فَاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِکَ وَ لاَ تُقَدِّرْ عَظَمَهَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى قَدْرِ عَقْلِکَ فَتَکُونَ مِنَ الْهَالِکِینَ.
هُوَ الْقَادِرُ الَّذِی إِذَا ارْتَمَتِ الْاءَوْهَامُ لِتُدْرِکَ مُنْقَطَعَ قُدْرَتِهِ وَ حَاوَلَ الْفِکْرُ الْمُتَبَرَّاءُ مِنْ خَطَرَاتِ الْوَسَاوِسِ اءَنْ یَقَعَ عَلَیْهِ فِی عَمِیقَاتِ غُیُوبِ مَلَکُوتِهِ وَ تَوَلَّهَتِ الْقُلُوبُ إِلَیْهِ لِتَجْرِیَ فِی کَیْفِیَّهِ صِفَاتِهِ وَ غَمَضَتْ مَدَاخِلُ الْعُقُولِ فِی حَیْثُ لاَ تَبْلُغُهُ الصِّفَاتُ لِتَنَاوُلِ عِلْمِ ذَاتِهِ رَدَعَهَا وَ هِیَ تَجُوبُ مَهَاوِیَ سُدَفِ الْغُیُوبِ مُتَخَلِّصَهً إِلَیْهِ سُبْحَانَهُ فَرَجَعَتْ إِذْ جُبِهَتْ مُعْتَرِفَهً بِاءَنَّهُ لاَ یُنَالُ بِجَوْرِ الاِعْتِسَافِ کُنْهُ مَعْرِفَتِهِ، وَ لاَ تَخْطُرُ بِبَالِ اءُولِی الرَّوِیَّاتِ خَاطِرَهٌ مِنْ تَقْدِیرِ جَلاَلِ عِزَّتِه .
الَّذِی ابْتَدَعَ الْخَلْقَ عَلَى غَیْرِ مِثالٍ امْتَثَلَهُ وَ لاَ مِقْدَارٍ احْتَذَى عَلَیْهِ مِنْ خَالِقٍ مَعْبُودٍ کَانَ قَبْلَهُ وَ اءَرَانَا مِنْ مَلَکُوتِ قُدْرَتِهِ وَ عَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِهِ آثَارُ حِکْمَتِهِ وَ اعْتِرَافِ الْحَاجَهِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى اءَنْ یُقِیمَها بِمِسَاکِ قُوَّتِهِ مَا دَلَّنَا بِاضْطِرَارِ قِیَامِ الْحُجَّهِ لَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ فَظَهَرَتِ الْبَدَائِعُ الَّتِی اءَحْدَثَتْهَا آثَارُ صَنْعَتِهِ وَ اءَعْلاَمُ حِکْمَتِهِ فَصَارَ کُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّهً لَهُ وَ دَلِیلاً عَلَیْهِ وَ إِنْ کَانَ خَلْقا صَامِتا فَحُجَّتُهُ بِالتَّدْبِیرِ نَاطِقَهٌ وَ دَلالَتُهُ عَلَى الْمُبْدِعِ قَائِمَهٌ.
وَاءَشْهَدُ اءَنَّ مَنْ شَبَّهَکَ بِتَبَایُنِ اءَعْضَاءِ خَلْقِکَ وَ تَلاَحُمِ حِقَاقِ مَفَاصِلِهِمُ الْمُحْتَجِبَهِ لِتَدْبِیرِ حِکْمَتِکَ لَمْ یَعْقِدْ غَیْبَ ضَمِیرِهِ عَلَى مَعْرِفَتِکَ وَ لَمْ یُبَاشِرْ قَلْبَهُ الْیَقِینُ بِاءَنَّهُ لاَ نِدَّلَکَ وَ کَاءَنَّهُ لَمْ یَسْمَعْ تَبَرُّؤَ التَّابِعِینَ مِنَ الْمَتْبُوعِینَ إِذْ یَقُولُونَ تَاللّ هِ إِنْ کُنّ ا لَفِی ضَلا لٍ مُبِینٍ إِذْ نُسَوِّیکُمْ بِرَبِّ الْع الَمِینَ کَذَبَ الْعَادِلُونَ بِکَ إِذْ شَبَّهُوکَ بِاءَصْنَامِهِمْ وَ نَحَلُوکَ حِلْیَهَ الْمَخْلُوقِینَ بِاءَوْهَامِهِمْ وَ جَزَّءُوکَ تَجْزِئَهَ الْمُجَسَّمَاتِ بِخَوَاطِرِهِمْ وَ قَدَّرُوکَ عَلَى الْخِلْقَهِ الْمُخْتَلِفَهِ الْقُوَى بِقَرَائِحِ عُقُولِهِمْ وَ اءَشْهَدُ اءَنَّ مَنْ ساَوَاکَ بِشَیْءٍ مِنْ خَلْقِکَ فَقَدْ عَدَلَ بِکَ وَ الْعَادِلُ بِکَ کَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ مُحْکَماتُ آیَاتِکَ وَ نَطَقَتْ عَنْهُ شَوَاهِدُ حُجَجِ بَیِّنَاتِکَ وَ إِنَّکَ اءَنْتَ اللَّهُ الَّذِی لَمْ تَتَنَاهَ فِی الْعُقُولِ فَتَکُونَ فِی مَهَبِّ فِکْرِهَا مُکَیَّفا وَ لاَ فِی رَوِیَّاتِ خَوَاطِرِهَا مَحْدُودا مُصَرَّفا.
مِنْها:
قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَاءَحْکَمَ تَقْدِیرَهُ وَ دَبَّرَهُ فَاءَلْطَفَ تَدْبِیرَهُ وَ وَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ فَلَمْ یَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ وَ لَمْ یَقْصُرْ دُونَ الاِنْتِهَاءِ إِلَى غَایَتِهِ وَ لَمْ یَسْتَصْعِبْ إِذْ اءُمِرَ بِالْمُضِیِّ عَلَى إِرَادَتِهِ فَکَیْفَ وَ إِنَّمَا صَدَرَتِ الْاءُمُورُ عَنْ مَشِیئَتِهِ الْمُنْشِئُ اءَصْنَافَ الْاءَشْیَاءِ بِلاَ رَوِیَّهِ فِکْرٍ آلَ إِلَیْهَا وَ لاَ قَرِیحَهِ غَرِیزَهٍ اءَضْمَرَ عَلَیْهَا وَ لاَ تَجْرِبَهٍ اءَفَادَهَا مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ وَ لاَ شَرِیکٍ اءَعَانَهُ عَلَى ابْتِدَاعِ عَجَائِبِ الْاءُمُورِ.
فَتَمَّ خَلْقُهُ بِاءَمْرِهِ وَ اءَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ وَ اءَجَابَ إِلَى دَعْوَتِهِ لَمْ یَعْتَرِضْ دُونَهُ رَیْثُ الْمُبْطِئِ وَ لاَ اءَنَاهُ الْمُتَلَکِّئِ فَاءَقَامَ مِنَ الْاءَشْیَاءِ اءَوَدَهَا وَ نَهَجَ حُدُودَهَا وَ لاَءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَیْنَ مُتَضَادِّهَا وَ وَصَلَ اءَسْبَابَ قَرَائِنِهَا وَ فَرَّقَهَا اءَجْنَاسا مُخْتَلِفَاتٍ فِی الْحُدُودِ وَ الْاءَقْدَارِ وَ الْغَرَائِزِ وَ الْهَیْئَاتِ بَدَایَا خَلاَئِقَ اءَحْکَمَ صُنْعَهَا وَ فَطَرَهَا عَلَى مَا اءَرَادَ وَ ابْتَدَعَهَا.
وَ مِنْهَا فِی صِفَهِ السَّمَاءِ:
وَ نَظَمَ بِلاَ تَعْلِیقٍ رَهَوَاتِ فُرَجِها وَ لاَحَمَ صُدُوعَ انْفِرَاجِهَا وَ وَشَّجَ بَیْنَهَا وَ بَیْنَ اءَزْوَاجِهَا وَ ذَلَّلَ لِلْهَابِطِینَ بِاءَمْرِهِ وَ الصَّاعِدِینَ بِاءَعْمَالِ خَلْقِهِ حُزُونَهَ مِعْرَاجِهَا وَ ناداها بَعْدَ إِذْ هِیَ دُخَانٌ فَالْتَحَمَتْ عُرَى اءَشْرَاجِهَا وَ فَتَقَ بَعْدَ الاِرْتِتَاقِ صَوَامِتَ اءَبْوَابِهَا وَ اءَقَامَ رَصَدا مِنَ الشُّهُبِ الثَّوَاقِبِ عَلَى نِقَابِهَا وَ اءَمْسَکَهَا مِنْ اءَنْ تُمُورَ فِی خَرْقِ الْهَوَاءِ بِاءَیْدِهِ وَ اءَمْرَهَا اءَنْ تَقِفَ مُسْتَسْلِمَهً لِاءَمْرِهِ وَ جَعَلَ شَمْسَهَا آیَهً مُبْصِرَهً لِنَهَارِها وَ قَمَرَهَا آیَهً مَمْحُوَّهً مِنْ لَیْلِهَا وَ اءَجْرَاهُمَا فِی مَنَاقِلِ مَجْرَاهُمَا وَ قَدَّرَ مسِیْرَهُمَا فِی مَدَارِجِ دَرَجِهِمَا لِیُمَیِّزَ بَیْنَ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ بِهِمَا وَ لِیُعْلَمَ عَدَدُ السِّنِینَ وَ الْحِسَابُ بِمَقَادِیرِهِمَا.
ثُمَّ عَلَّقَ فِی جَوِّهَا فَلَکَهَا وَ نَاطَ بِهَا زِینَتَهَا مِنْ خَفِیَّاتِ دَرَارِیِّهَا وَ مَصَابِیحِ کَوَاکِبِهَا وَ رَمَى مُسْتَرِقِی السَّمْعِ بِثَوَاقِبِ شُهُبِهَا وَ اءَجْرَاهَا عَلَى اءَذْلاَلِ تَسْخِیرِهَا مِنْ ثَبَاتِ ثَابِتِهَا وَ مَسِیرِ سَائِرِهَا وَ هُبُوطِهَا وَ صُعُودِهَا وَ نُحُوسِهَا وَ سُعُودِهَا.
وَ مِنْها فِی صِفَّه الملائکه :
ثُمَّ خَلَقَ سُبْحَانَهُ لا سْکانِ سَمَاوَاتِهِ وَ عِمَارَهِ الصَّفِیحِ الْاءَعْلَى مِنْ مَلَکُوتِهِ خَلْقا بَدِیعا مِنْ مَلاَئِکَتِهِ وَ مَلَاءَ بِهِمْ فُرُوجَ فِجَاجِهَا وَ حَشَا بِهِمْ فُتُوقَ اءَجْوَائِهَا وَ بَیْنَ فَجَوَاتِ تِلْکَ الْفُرُوجِ زَجَلُ الْمُسَبِّحِینَ مِنْهُمْ فِی حَظَائِرِ الْقُدُسِ وَ سُتُرَاتِ الْحُجُبِ وَ سُرَادِقَاتِ الْمَجْدِ وَ وَرَاءَ ذَلِکَ الرَّجِیجِ الَّذِی تَسْتَکُّ مِنْهُ الْاءَسْمَاعُ سُبُحَاتُ نُورٍ تَرْدَعُ الْاءَبْصَارَ عَنْ بُلُوغِهَا فَتَقِفُ خَاسِئَهً عَلَى حُدُودِهَا.
وَ اءَنْشَاءَهُمْ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَاتٍ وَ اءَقْدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍ اءُولِی اءَجْنِحَهٍ تُسَبِّحُ جَلاَلَ عِزَّتِهِ لاَ یَنْتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِی الْخَلْقِ مِنْ صُنْعِهِ وَ لاَ یَدَّعُونَ اءَنَّهُمْ یَخْلُقُونَ شَیْئا مَعَهُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ بَلْ عِب ادٌ مُکْرَمُونَ لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِاءَمْرِهِ یَعْمَلُونَ جَعَلَهُمُ اللَّهُ فِیمَا هُنَالِکَ اءَهْلَ الْاءَمَانَهِ عَلَى وَحْیِهِ وَ حَمَّلَهُمْ إِلَى الْمُرْسَلِینَ وَدَائِعَ اءَمْرِهِ وَ نَهْیِهِ وَ عَصَمَهُمْ مِنْ رَیْبِ الشُّبُهَاتِ فَمَا مِنْهُمْ زَائِغٌ عَنْ سَبِیلِ مَرْضَاتِهِ وَ اءَمَدَّهُمْ بِفَوَائِدِ الْمَعُونَهِ وَ اءَشْعَرَ قُلُوبَهُمْ تَوَاضُعَ إِخْبَاتِ السَّکِینَهِ وَ فَتَحَ لَهُمْ اءَبْوَابا ذُلُلاً إِلَى تَمَاجِیدِهِ وَ نَصَبَ لَهُمْ مَنَارا وَاضِحَهً عَلَى اءَعْلاَمِ تَوْحِیدِهِ.
لَمْ تُثْقِلْهُمْ مُؤْصِرَاتُ الْآثَامِ وَ لَمْ تَرْتَحِلْهُمْ عُقَبُ اللَّیَالِی وَ الْاءَیَّامِ وَ لَمْ تَرْمِ الشُّکُوکُ بِنَوَازِعِهَا عَزِیمَهَ إِیمَانِهِمْ وَ لَمْ تَعْتَرِکِ الظُّنُونُ عَلَى مَعَاقِدِ یَقِینِهِمْ وَ لاَ قَدَحَتْ قَادِحَهُ الْإِحَنِ فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ لاَ سَلَبَتْهُمُ الْحَیْرَهُ مَالاَقَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِضَمَائِرِهِمْ، وَ سَکَنَ مِنْ عَظَمَتِهِ وَ هَیْبَهِ جَلاَلَتِهِ فِی اءَثْنَاءِ صُدُورِهِمْ وَ لَمْ تَطْمَعْ فِیهِمُ الْوَسَاوِسُ فَتَقْتَرِعَ بِرَیْنِهَا عَلَى فِکْرِهِمْ.
وَ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِی خَلْقِ الْغَمَامِ الدُّلَّحِ وَ فِی عِظَمِ الْجِبَالِ الشُّمَّخِ وَ فِی قَتْرَهِ الظَّلاَمِ الْاءَیْهَمِ وَ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ خَرَقَتْ اءَقْدَامُهُمْ تُخُومَ الْاءَرْضِ السُّفْلَى فَهِیَ کَرَایَاتٍ بِیضٍ قَدْ نَفَذَتْ فِی مَخَارِقِ الْهَوَاءِ وَ تَحْتَهَا رِیحٌ هَفَّافَهٌ تَحْبِسُهَا عَلَى حَیْثُ انْتَهَتْ مِنَ الْحُدُودِ الْمُتَنَاهِیَهِ.
قَدِ اسْتَفْرَغَتْهُمْ اءَشْغَالُ عِبَادَتِهِ وَ وَصَلَتْ حَقَائِقُ الْإِیمَانِ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مَعْرِفَتِهِ وَ قَطَعَهُمُ الْإِیقَانُ بِهِ إِلَى الْوَلَهِ إِلَیْهِ وَ لَمْ تُجَاوِزْ رَغَبَاتُهُمْ مَا عِنْدَهُ إِلَى مَا عِنْدَ غَیْرِهِ.
قَدْ ذَاقُوا حَلاَوَهَ مَعْرِفَتِهِ، وَ شَرِبُوا بِالْکَاءسِ الرَّوِیَّهِ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَ تَمَکَّنَتْ مِنْ سُوَیْدَاءِ قُلُوبِهِمْ وَشِیجَهُ خِیفَتِهِ فَحَنَوْا بِطُولِ الطَّاعَهِ اِعْتِدَالَ ظُهُورِهِمْ وَ لَمْ یُنْفِدْ طُولُ الرَّغْبَهِ إِلَیْهِ مَادَّهَ تَضَرُّعِهِمْ، وَ لاَ اءَطْلَقَ عَنْهُمْ عَظِیمُ الزُّلْفَهِ رِبَقَ خُشُوعِهِمْ، وَ لَمْ یَتَوَلَّهُمُ الْإِعْجابُ فَیَسْتَکْثِرُوا ما سَلَفَ مِنْهُمْ، وَ لاَ تَرَکَتْ لَهُمُ اسْتِکَانَهُ الْإ جْلاَلِ نَصِیبا فِی تَعْظِیمِ حَسَنَاتِهِمْ، وَ لَمْ تَجْرِ الْفَتَراتُ فِیهِمْ عَلى طُولِ دُءُوبِهِمْ وَ لَمْ تَغِضْ رَغَباتُهُمْ فَیُخَالِفُوا عَنْ رَجَاءِ رَبِّهِمْ، وَ لَمْ تَجِفَّ لِطُولِ الْمُنَاجَاهِ اءَسَلاَتُ اءَلْسِنَتِهِمْ وَ لا مَلَکَتْهُمُ الْاءَشْغالُ فَتَنْقَطِعَ بِهَمْسِ الْجُؤَارِ إِلَیْهِ اءَصْوَاتُهُمْ، وَ لَمْ تَخْتَلِفْ فِی مَقَاوِمِ الطَّاعَهِ مَنَاکِبُهُمْ وَ لَمْ یَثْنُوا إِلَى راحَهِ التَّقْصِیرِ فِی اءَمْرِهِ رِقَابَهُمْ، وَ لاَ تَعْدُو عَلَى عَزِیمَهِ جِدِّهِمْ بَلاَدَهُ الْغَفَلاتِ وَ لا تَنْتَضِلُ فِی هِمَمِهِمْ خَدَائِعُ الشَّهَوَاتِ.
قَدِ اتَّخَذُوا ذَا الْعَرْشِ ذَخِیرَهً لِیَوْمِ فَاقَتِهِمْ وَ یَمَّمُوهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْخَلْقِ إ لَى الْمَخْلُوقِینَ بِرَغْبَتِهِمْ، لا یَقْطَعُونَ اءَمَدَ غَایَهِ، عِبَادَتِهِ وَ لا یَرْجِعُ بِهِمُ الاِسْتِهْتَارُ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ، إِلا إِلَى مَوَادَّ مِنْ قُلُوبِهِمْ غَیْرِ مُنْقَطِعَهٍ مِنْ رَجَائِهِ وَ مَخَافَتِهِ، لَمْ تَنْقَطِعْ اءَسْبَابُ الشَّفَقَهِ مِنْهُمْ فَیَنُوا فِی جِدِّهِمْ، وَ لَمْ تَأْسِرْهُمُ الْاءَطْماعُ فَیُؤْثِرُوا وَشِیکَ السَّعْیِ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ، لَمْ یَسْتَعْظِمُوا مَا مَضَى مِنْ اءَعْمَالِهِمْ، وَ لَوِ اسْتَعْظَمُوا ذَلِکَ لَنَسَخَ الرَّجَاءُ مِنْهُمْ شَفَقَاتِ وَجَلِهِمْ وَ لَمْ یَخْتَلِفُوا فِی رَبِّهِمْ بِاسْتِحْواذِ الشَّیْطَانِ عَلَیْهِمْ وَ لَمْ یُفَرِّقْهُمْ سُوءُ التَّقَاطُعِ، وَ لاَ تَوَلا هُمْ غِلُّ التَّحَاسُدِ وَ لاَ تَشَعَّبَتْهُمْ مَصَارِفُ الرِّیَبِ وَ لا اقْتَسَمَتْهُمْ اءَخْیَافُ الْهِمَمِ فَهُمْ اءُسَرَاءُ إِیمَانٍ، لَمْ یَفُکَّهُمْ مِنْ رِبْقَتِهِ زَیَغٌ وَ لا عُدُولٌ وَ لا وَنَى وَ لا فُتُورٌ وَ لَیْسَ فِی اءَطْبَاقِ السَّمَاءِ مَوْضِعُ إِهَابٍ إِلا وَ عَلَیْهِ مَلَکٌ سَاجِدٌ، اءَوْ سَاعٍ حَافِدٌ، یَزْدَادُونَ عَلَى طُولِ الطَّاعَهِ بِرَبِّهِمْ عِلْما، وَ تَزْدَادُ عِزَّهُ رَبِّهِمْ فِی قُلُوبِهِمْ عِظَما.
وَ مِنْهَا فِی صِفَهِ الْاءَرْضِ وَ دَحْوِهَا عَلَى الْمَاءِ:
کَبَسَ الْاءَرْضَ عَلَى مَوْرِ اءَمْوَاجٍ مُسْتَفْحِلَهٍ وَ لُجَجِ بِحَارٍ زَاخِرَهٍ تَلْتَطِمُ اءَوَاذِیُّ اءَمْوَاجِهَا، وَ تَصْطَفِقُ مُتَقَاذِفَاتُ اءَثْبَاجِها، وَ تَرْغُو زَبَدًا کَالْفُحُولِ عِنْدَ هِیَاجِها، فَخَضَعَ جِمَاحُ الْمَاءِ الْمُتَلاَطِمِ لِثِقَلِ حَمْلِها، وَ سَکَنَ هَیْجُ ارْتِمَائِهِ إِذْ وَطِئَتْهُ بِکَلْکَلِها وَ ذَلَّ مُسْتَخْذِیا إِذْ تَمَعَّکَتْ عَلَیْهِ بِکَواهِلِها، فَاءَصْبَحَ بَعْدَ اصْطِخَابِ اءَمْوَاجِهِ سَاجِیا مَقْهُورا، وَ فِی حَکَمَهِ الذُّلِّ مُنقادا اءَسِیرا.
وَ سَکَنَتِ الْاءَرْضُ مَدْحُوَّهً فِی لُجَّهِ تَیَّارِهِ وَ رَدَّتْ مِنْ نَخْوَهِ بَأْوِهِ وَ اعْتِلاَئِهِ، وَ شُمُوخِ اءَنْفِهِ وَ سُمُوِّ غُلَوَائِهِ وَ کَعَمَتْهُ عَلى کِظَّهِ جَرْیَتِهِ، فَهَمَدَ بَعْدَ نَزَقَاتِهِ، وَ لَبَدَ بَعْدَ زَیَفَانِ وَ ثَبَاتِهِ.
فَلَمَّا سَکَنَ هَیْجُ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ اءَکْنَافِهَا، وَ حَمَلَ شَوَاهِقَ الْجِبَالِ الشُّمَّخِ الْبُذَّخِ عَلى اءَکْتَافِها،فَجَّرَ یَنَابِیعَ الْعُیُونِ مِنْ عَرانِینِ اءُنُوفِها، وَ فَرَّقَهَا فِی سُهُوبِ بِیدِها وَ اءَخَادِیدِها، وَ عَدَّلَ حَرَکاتِها بِالرَّاسِیاتِ مِنْ جَلاَمِیدِها، وَ ذَواتِ الشَّنَاخِیبِ الشُّمِّ مِنْ صَیَاخِیدِها.
فَسَکَنَتْ مِنَ الْمَیدانِ بِرُسُوبِ الْجِبالِ فِی قِطَعِ اءَدِیمِها، وَ تَغَلْغُلِها مُتَسَرِّبَهً فِی جَوْباتِ خَیاشِیمِها، وَ رُکُوبِها اءَعْنَاقَ سُهُولِ الْاءَرَضِینَ وَ جَراثِیمِها وَ فَسَحَ بَیْنَ الْجَوِّ وَ بَیْنَها، وَ اءَعَدَّ الْهَوَاءَ، مُتَنَسَّما لِسَاکِنِهَا، وَ اءَخْرَجَ إِلَیْها اءَهْلَها عَلى تَمامِ مَرافِقِها. ثُمَّ لَمْ یَدَعْ جُرُزَ الْاءَرْضِ الَّتِی تَقْصُرُ مِیَاهُ الْعُیُونِ عَنْ رَوَابِیها وَ لا تَجِدُ جَداوِلُ الْاءَنْهَارِ ذَرِیعَهً إِلى بُلُوغِهَا، حَتَّى اءَنْشَاءَ لَها نَاشِئَهَ سَحابٍ تُحْیِی مَوَاتَها، وَ تَسْتَخْرِجُ نَبَاتَهَا، اءَلَّفَ غَمَامَها بَعْدَ افْتِراقِ لُمَعِهِ، وَ تَبایُنِ قَزَعِهِ حَتَّى إِذَا تَمَخَّضَتْ لُجَّهُ الْمُزْنِ فِیهِ، وَ الْتَمَعَ بَرْقُهُ فِی کُفَفِهِ، وَ لَمْ یَنَمْ وَمِیضُهُ فِی کَنَهْوَرِ رَبَابِهِ، وَ مُتَرَاکِمِ سَحَابِهِ اءَرْسَلَهُ سَحّا مُتَدَارِکا، قَدْ اءَسَفَّ هَیْدَبُهُ تَمْرِیهِ الْجَنُوبُ دِرَرَ اءَهَاضِیبِهِ، وَ دُفَعَ شآبِیبِهِ.
فَلَمَّا اءَلْقَتِ السَّحَابُ بَرْکَ بِوَانَیْهَا، وَ بَعَاعَ مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ مِنَ الْعِبْءِ الْمَحْمُولِ عَلَیْها اءَخْرَجَ بِهِ مِنْ هَوَامِدِ الْاءَرْضِ النَّبَاتَ، وَ مِنْ زُعْرِ الْجِبَالِ الْاءَعْشَابَ فَهِیَ تَبْهَجُ بِزِینَهِ رِیَاضِها، وَ تَزْدَهِی بِمَا اءُلْبِسَتْهُ مِنْ رَیْطِ اءَزَاهِیرِهَا، وَ حِلْیَهِ ما سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ اءَنْوَارِها، وَ جَعَلَ ذَلِکَ بَلاَغا لِلْاءَنَامِ، وَ رِزْقا لِلْاءَنْعَامِ، وَ خَرَقَ الْفِجَاجَ فِی آفَاقِهَا، وَ اءَقَامَ الْمَنَارَ لِلسَّالِکِینَ عَلَى جَوَادِّ طُرُقِهَا.
فَلَمَّا مَهَدَ اءَرْضَهُ، وَ اءَنْفَذَ اءَمْرَهُ، اخْتَارَ آدَمَ عَلَیهِ السلاُمُخِیرَهً مِنْ خَلْقِهِ وَ جَعَلَهُ، اءَوَّلَ جِبِلَّتِهِ، وَ اءَسْکَنَهُ جَنَّتَهُ وَ اءَرْغَدَ فِیهَا اءُکُلَهُ، وَ اءَوْعَزَ إِلَیْهِ فِیمَا نَهَاهُ عَنْهُ، وَ اءَعْلَمَهُ اءَنَّ فِی الاِْقْدَامِ عَلَیْهِ التَّعَرُّضَ لِمَعْصِیَتِهِ وَ اژلْمُخَاطَرَهَ بِمَنْزِلَتِهِ فَاءَقْدَمَ عَلَى مَا نَهَاهُ عَنْهُ مُوَافَاهً لِسَابِقِ عِلْمِهِ، فَاءَهْبَطَهُ بَعْدَ التَّوْبَهِ لِیَعْمُرَ اءَرْضَهُ بِنَسْلِهِ، وَ لِیُقِیمَ الْحُجَّهَ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَ لَمْ یُخْلِهِمْ بَعْدَ اءَنْ قَبَضَهُ مِمَّا یُؤَکِّدُ عَلَیْهِمْ حُجَّهَ رُبُوبِیَّتِهِ، وَ یَصِلُ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مَعْرِفَتِهِ، بَلْ تَعَاهَدَهُمْ بِالْحُجَجِ عَلَى اءَلْسُنِ الْخِیَرَهِ مِنْ اءَنْبِیَائِهِ، وَ مُتَحَمِّلِی وَدَائِعِ رِسَالاَتِهِ قَرْنا فَقَرْنا حَتَّى تَمَّتْ بِنَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صَلّى اللّهُ عَلَیهِ وَ آلِه حُجَّتُهُ، وَ بَلَغَ الْمَقْطَعَ عُذْرُهُ وَ نُذُرُهُ، وَ قَدَّرَ الْاءَرْزَاقَ فَکَثَّرَهَا وَ قَلَّلَهَا، وَ قَسَّمَهَا عَلَى الضِّیقِ وَالسَّعَهِ، فَعَدَلَ فِیهَا لِیَبْتَلِیَ مَنْ اءَرَادَ بِمَیْسُورِهَا وَ مَعْسُورِهَا وَ لِیَخْتَبِرَ بِذَلِکَ الشُّکْرَ وَ الصَّبْرَ مِنْ غَنِیِّهَا وَ فَقِیرِهَا.
ثُمَّ قَرَنَ بِسَعَتِهَا عَقَابِیلَ فَاقَتِهَا، وَ بِسَلاَمَتِهَا طَوَارِقَ آفَاتِهَا، وَبِفُرَجِ اءَفْرَاحِهَا غُصَصَ اءَتْرَاحِهَا، وَ خَلَقَ الْآجَالَ فَاءَطَالَهَا وَ قَصَّرَهَا، وَقَدَّمَهَا وَ اءَخَّرَهَا، وَ وَصَلَ بِالْمَوْتِ اءَسْبَابَهَا، وَجَعَلَهُ خَالِجا لِاءَشْطَانِهَا، وَ قَاطِعا لِمَرَائِرِ اءَقْرَانِهَا.
عَالِمُ السِّرِّ مِنْ ضَمَائِرِ الْمُضْمِرِینَ، وَ نَجْوَى الْمُتَخَافِتِینَ، وَ خَوَاطِرِ رَجْمِ الظُّنُونِ، وَ عُقَدِ عَزِیمَاتِ الْیَقِینِ، وَ مَسَارِقِ إِیمَاضِ الْجُفُونِ، وَ مَا ضَمِنَتْهُ اءَکْنَانُ الْقُلُوبِ، وَ غَیَابَاتُ الْغُیُوبِ، وَ مَا اءَصْغَتْ لاِسْتِرَاقِهِ مَصَائِخُ الْاءَسْمَاعِ، وَ مَصَائِفُ الذَّرِّ، وَ مَشَاتِی الْهَوَامِّ، وَ رَجْعِ الْحَنِینِ مِنَ الْمُولَهَاتِ وَ هَمْسِ الْاءَقْدَامِ، وَمُنْفَسَحِ الثَّمَرَهِ مِنْ وَلاَئِجِ غُلُفِ الْاءَکْمَامِ، وَ مُنْقَمَعِ الْوُحُوشِ مِنْ غِیرَانِ الْجِبَالِ وَ اءَوْدِیَتِهَا، وَ مُخْتَبَاءِ الْبَعُوضِ بَیْنَ سُوقِ الْاءَشْجَارِ وَ اءَلْحِیَتِهَا، وَمَغْرِزِ الْاءَوْرَاقِ مِنَ الْاءَفْنَانِ، وَ مَحَطِّ الْاءَمْشَاجِ مِنْ مَسَارِبِ الْاءَصْلاَبِ، وَ نَاشِئَهِ الْغُیُومِ وَ مُتَلاَحِمِهَا، وَ دُرُورِ قَطْرِ السَّحَابِ فِی مُتَرَاکِمِهَا، وَ مَا تَسْفِی الْاءَعَاصِیرُ بِذُیُولِهَا، وَ تَعْفُو الْاءَمْطَارُ بِسُیُولِهَا، وَ عَوْمِ نَباتِ الْاءَرْضِ فِی کُثْبَانِ الرِّمَالِ، وَ مُسْتَقَرِّ ذَوَاتِ الْاءَجْنِحَهِ بِذُرَى شَنَا خِیبِ الْجِبَالِ، وَ تَغْرِیدِ ذَوَاتِ الْمَنْطِقِ فِی دَیَاجِیرِ الْاءَوْکَارِ، وَ مَا اءَوْعَبَتْهُ الْاءَصْدَافُ وَ حَضَنَتْ عَلَیْهِ اءَمْوَاجُ الْبِحَارِ، وَ مَا غَشِیَتْهُ سُدْفَهُ لَیْلٍ اءَوْ ذَرَّ عَلَیْهِ شَارِقُ نَهَارٍ، وَ مَا اعْتَقَبَتْ عَلَیْهِ اءَطْبَاقُ الدَّیَاجِیرِ، وَ سُبُحَاتُ النُّورِ، وَ اءَثَرِ کُلِّ خَطْوَهٍ، وَ حِسِّ کُلِّ حَرَکَهٍ، وَ رَجْعِ کُلِّ کَلِمَهٍ، وَ تَحْرِیکِ کُلِّ شَفَهٍ، وَ مُسْتَقَرِّ کُلِّ نَسَمَهٍ، وَ مِثْقَالِ کُلِّ ذَرَّهٍ، وَ هَمَاهِمِ کُلِّ نَفْسٍ هَامَّهٍ، وَ مَا عَلَیْهَا مِنْ ثَمَرِ شَجَرَهٍ، اءَوْ سَاقِطِ وَرَقَهٍ، اءَوْ قَرَارَهِ نُطْفَهٍ، اءَوْ نُقَاعَهِ دَمٍ وَ مُضْغَهٍ، اءَوْ نَاشِئَهِ خَلْقٍ وَ سُلاَلَهٍ.
لَمْ تَلْحَقْهُ فِی ذَلِکَ کُلْفَهٌ، وَ لاَ اعْتَرَضَتْهُ فِی حِفْظِ مَا ابْتَدَعَ مِنْ خَلْقِهِ عَارِضَهٌ، وَ لاَ اعْتَوَرَتْهُ فِی تَنْفِیذِ الْاءُمُورِ وَ تَدَابِیرِ الْمَخْلُوقِینَ مَلاَلَهٌ وَ لاَ فَتْرَهٌ، بَلْ نَفَذَهُمْ عِلْمُهُ، وَ اءَحْصَاهُمْ عَدَدُهُ، وَ وَسِعَهُمْ عَدْلُهُ، وَ غَمَرَهُمْ فَضْلُهُ، مَعَ تَقْصِیرِهِمْ عَنْ کُنْهِ مَا هُوَ اءَهْلُهُ.
دعاء اللَّهُمَّ اءَنْتَ اءَهْلُ الْوَصْفِ الْجَمِیلِ، وَ التَّعْدَادِ الْکَثِیرِ، إِنْ تُؤَمَّلْ فَخَیْرُ مَأْمُولٍ، وَ إِنْ تُرْجَ فَخَیْرُ فَاءَکْرَمُ مَرْجُوِّ.اللَّهُمَّ وَ قَدْ بَسَطْتَ لِی فِیمَا لاَ اءَمْدَحُ بِهِ غَیْرَکَ، وَ لاَ اءُثْنِی بِهِ عَلَى اءَحَدٍ سِوَاکَ، وَ لاَ اءُوَجِّهُهُ إِلَى مَعَادِنِ الْخَیْبَهِ وَ مَوَاضِعِ الرِّیبَهِ، وَ عَدَلْتَ بِلِسَانِی عَنْ مَدَائِحِ الْآدَمِیِّینَ وَ الثَّنَاءِ عَلَى الْمَرْبُوبِینَ الْمَخْلُوقِینَ.
اللَّهُمَّ وَ لِکُلِّ مُثْنٍ عَلَى مَنْ اءَثْنَى عَلَیْهِ مَثُوبَهٌ مِنْ جَزَاءٍ اءَوْ عَارِفَهٌ مِنْ عَطَاءٍ، وَ قَدْ رَجَوْتُکَ دَلِیلاً عَلَى ذَخَائِرِ الرَّحْمَهِ وَ کُنُوزِ الْمَغْفِرَهِ.
اللَّهُمَّ وَ هَذَا مَقَامُ مَنْ اءَفْرَدَکَ بِالتَّوْحِیدِ الَّذِی هُوَ لَکَ، وَ لَمْ یَرَ مُسْتَحِقّا لِهَذِهِ الْمَحَامِدِ وَالْمَمَادِحِ غَیْرَکَ، وَ بِی فَاقَهٌ إِلَیْکَ لاَ یَجْبُرُ مَسْکَنَتَهَا إِلا فَضْلُکَ، وَ لاَ یَنْعَشُ مِنْ خَلَّتِهَا إِلا مَنُّکَ وَ جُودُکَ، فَهَبْ لَنَا فِی هَذَا الْمَقَامِ رِضَاکَ، وَ اءَغْنِنَا عَنْ مَدِّ الْاءَیْدِی إِلَى سِوَاکَ، إِنَّکَ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ.
خطبه 91
و من خطبة له- عليه الصّلوة و السّلام- : – تعرف بخطبة الأشباح و هى من جلائل الخطب- روى مسعدة بن صدقة عن الصادق جعفر بن محمّد- عليهما السلام- أنّه قال: «خطب أمير المؤمنين- صلوات اللّه و سلامه عليه- بهذه الخطبة على منبر الكوفة،» خطبه كرد امير المؤمنين- صلوات اللّه و سلامه عليه- به اين خطبه بر منبر كوفه.
«و ذلك أنّ رجلا أتاه فقال له: يا أمير المؤمنين، صف لنا ربّنا لنزداد له حبّا و به معرفة،» و باعث بر آن اين بود كه مردى آمد نزد او، پس گفت مر او را: يا امير المؤمنين صفت كن از براى ما پروردگار ما را تا زياده شود ما را مر او را دوستى و به او معرفت و شناسايى.
«فغضب- عليه السّلام- و نادى: الصّلوة جامعة،» پس به غضب رفت آن حضرت- عليه الصلاة و السلام- و ندا كرد «الصلاة جامعة».
«فاجتمع النّاس حتّى غصّ المجلس بأهله، فصعد المنبر و هو مغضب متغيّر اللّون،» پس جمع شدند مردم تا پر شد مجلس به اهل او، پس بالا رفت به منبر و او غضبناك و متغيّر اللّون بود.
«فحمد اللّه سبحانه و صلّ على النّبىّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله.» پس حمد كرد خداى را تعالى و درود فرستاد بر نبىّ محمّد، صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
ثمّ قال: الحمد للّه الّذى لا يقرّه«» المنع«»، و لا يكديه الإعطاء و الجود،» باز گفت: سپاس مر خداى را كه منسوب به امساك نمىگرداند او را منع عطا، و گدا نمىگرداند او را بسيارى عطا كردن و بخشش نمودن.
و معنى لا يقرّه، لا يمسكه و لا يسكّنه، يعنى إنّ اللّه لا يسكّن بالمنع عن الإعطاء، فهو فى المنع أيضا معط، و معنى ذلك أنّ اللّه حيث منع شيئا كان ذلك لإرادة مدد من لطفه، لا يتأتّى ذلك إلّا بالمنع للمنوع عنه. قال تعالى:«» وَ لَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ و فى الحديث: إنّ اللّه ليعطى من لا يصلحه إلّا المنع، فعرف أنّ منع الحقّ أيضا مدد و عطاء، فليس المنع إذن سكونا عن العطاء. فلم يكن المنع مقرّا له- عزّ و جلّ- قال:«» كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَ ما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً.
«إذ كلّ معط منتقص سواه،» از براى آنكه هر عطاكننده كم كننده مال است غير او.
«و كلّ مانع مذموم ما خلاه،» و هر منعكننده عطا نكوهيده است مگر او. لأنّ المنع على الوجه الذى شرح لم يذمّ.
«هو المنّان بفوائد النّعم، و عوائد المزيد و القسم،» اوست منّت نهنده به فايده هاى مترتّبه بر نعمتها، و به نعمتهاى عايده متكرّره از براى مزيد شكر و به رزقهاى قسمت شده.
العوائد، النعم المتكرّرة بعد الابتداء. ففوائد النعم، العطاء المبتدأ به، و العوائد، العطايا المتكرّرة نصب الابتداء. و إنّما قال: «عوائد المزيد» لأنّ المزيد جزاء الشكر، قال تعالى : لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ. و القسم، الأرزاق المقسومة المقدّرة فى علم اللّه تعالى.
«ضمن أرزاقهم،» ضامن شده رزقهاى ايشان را.
أى جعلها حقّا على نفسه. قال تعالى:«» وَ وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ.
«و قدّر أقواتهم،» و تقدير كرده قوتهاى ايشان، تقدير الأقوات تعيين مقاديرها.
«و نهج سبيل الرّاغبين إليه، و الطّالبين ما لديه،» و روشن كرد طريق رغبت كنندگان به او، و طلب كنندگان آنچه نزد اوست.
«و ليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل.» و نيست او به آنچه سؤال كرده شده بخشندهتر از او به آنچه مسئول نشده. چه جود او موقوف به سؤال خلق نيست.
«الأوّل الّذى لم يكن له قبل فيكون شيء قبله،» اوّلى است كه نيست او را پيشى تا باشد چيزى پيش از او.
«و الآخر الّذى ليس له بعد فيكون شيء بعده،» و آخرى است كه نيست مر او را بعدى تا باشد چيزى بعد از او.
«و الرّادع أناسىّ الأبصار- أى لعب العيون و إنسان العين لعبتها- عن أن تناله أو تدركه،» و منع و زجر فرموده است مردمكهاى ديدهها [را] از آنكه برسد به او يا دريابد او را.
«ما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال،» مختلف نشد بر او روزگار پس مختلف گردد از آن او را حال.
«و لا كان فى مكان فيجوز عليه الانتقال.» و نباشد او در مكانى تا جايز باشد بر او انتقال.
«و لو وهب ما تنفّست عنه معادن الجبال، و ضحكت عنه أصداف البحار،» و اگر ببخشد آنچه نفس زده است از او معدنهاى كوهها، و آنچه خنده زده است از او صدفهاى درياها.
أى تفرّجت عنه الجبال، و يعبّر عن كلّ تفرّج و تفجّر بالتنفّس. قال تعالى:«» وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ أى انفرج، و الضحك أيضا قريب من ذلك، يقال: «ضحك الروض» إذا تفلق عنه النبات، و هذا من أفصح الكلام.
«من فلزّ اللّجين و العقيان، و نثارة الدّرّ و حصيد المرجان،» از گدازنده نقره و طلا، و پاشيده درّ و دروده مرجان.
فالأوّلان ممّا تنفّست عنه المعادن، و الآخران ممّا ضحكت عنه الأصداف. ذكر المفسّرون فى تفسير قوله تعالى:«» يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ فقالوا: اللؤلؤ كبار الجواهر، و المرجان صغارها، و ظنّ أكثر أصحاب اللغة أنّ قولهم: «صغار الجواهر» إشارة إلى صغر أجرامها و ليس كذلك. هذا الذى يقال له: «البسّة» و هو من جواهر تنبت فى البحر، و معنى صغر الجواهر فى صفة المرجان نزارة قدره بالنسبة إلى اللؤلؤ العظيم القدر. يدلّ على هذه المعنى قول أمير المؤمنين: «حصيد المرجان»، و الدرّ لا يحصد بل الحصاد فى النبات، و الذى ينبت من جواهر البحر هو «البسّة» لا غير.
على أنّى لا أنكر أنّ الحصيد من كلّ شيء ما يصدر عنه و ما يتولّد منه كحصائد اللسان لكلماته الصادرة عنه.
«ما أثّر ذلك فى جوده، و لا أنفد«» ما عنده،» [جواب «لو وهب» است] يعنى نكند آن تأثيرى در بخشش او، و نه نيست گرداند آنچه نزد اوست.
«و لكان عنده من ذخائر الأنعام ما لا تنفده مطالب الأنام،» و هر آينه باشد نزد او از ذخيرههاى انعام آنچه نيست نگرداند آن را مقاصد جميع انام.
«لأنّه الجواد الّذى لا يغيضه سؤال السّائلين من الغيض«»- و هو النقصان- و لا يبخله إلحاح الملحّين.» يعنى بدرستى كه او بخشندهاى است كه كم نمىگرداند خزاين جود او را سؤال سائلان، و بخيل نمىگرداند او را الحاح و مبالغه و ابرام الحاحكنندگان در سؤال.
«فانظر أيّها السّائل فما دلّك عليه القرآن من صفته فائتمّ به و استضىء بنور هدايته،» پس نظر كن اى سائل پس آنچه دلالت كند تو را بر آن قرآن از صفت او، پس اقتدا كن به آن و طلب روشنى كن به نور هدايت او.
«و ما كلّفك الشّيطان علمه ممّا ليس فى الكتاب فرضه، و لا فى سنّة النّبىّ- صلّى اللّه عليه و آله- و أئمّة الهدى أثره، فكل علمه إلى اللّه سبحانه،» و آنچه تكليف كرده باشد تو را شيطان علم آن را از آنچه نيست در كتاب فرض او، و نه در سنّت نبىّ- صلّى اللّه عليه و آله- و ائمّه هدايت اثر او، پس بگذار علم آن را به خداى تعالى.
«فإنّ ذلك منتهى حقّ اللّه عليك.» پس بدرستى كه آن نهايت حقّ خداى است بر تو.
«و اعلم أنّ الرّاسخين فى العلم- الراسخ فى العلم: الثابتين المتأصّلين فيه- هم الّذين أغناهم عن اقتحام السّدد المضروبة دون الغيوب،- الاقتحام: الدخول فى الشيء مع التشدّد و التعسّف و السدّة كالفناء حول البيت- الإقرار- فاعل أغناهم- بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب،» يعنى و بدان كه راسخان در علم ايشان آنانند كه مستغنى گردانيده ايشان را از دخول به عنف در سدّهاى زده شده از وراى غيبها، اقرار كردن ايشان به جميع آنچه نمى دانند تفسير آن از غيب در پرده حجاب به محض ايمان.
يعنى راسخ در علم، رسوخ او اقرار و تصديق است بما ورد عن اللّه تعالى جملة واحدة من غير التعرّف عن تفاصيله.
«فمدح اللّه اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما،» پس مدح فرمود خداى تعالى اعتراف ايشان را به عجز از فراگرفتن آنچه احاطه نكرده به حقيقت علم آن.
«و سمّى تركهم التّعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عن كنهه رسوخا،» و نام نهاد خداى تعالى ترك كردن ايشان تعمّق در آنچه تكليف نكرده است ايشان را بحث از كنه آن رسوخ.
كما قال تعالى:«» هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ. قال ابن عبّاس و مجاهد و السدى لقولهم: آمنّا به،: «سمّاهم اللّه تعالى راسخين فى العلم، فرسخوهم فى العلم. قولهم: آمنّا به أى بالمتشابه.»
فى كتاب معالم التنزيل فى تفسير قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ، قال: «اختلف العلماء فى نظم هذه الآية، فقال قوم: الواو فى قوله: وَ الرَّاسِخُونَ واو العطف. يعنى أنّ تأويل المتشابه يعلمه اللّه و يعلمه الرّاسخون فى العلم، و هم مع علمهم يقولون: آمَنَّا بِهِ و هذا قول المجاهد و الربيع. و على هذا يكون قوله: فَيَقُولُونَ حالا، معناه: و الراسخون فى العلم قائلين آمنّا به، و روى عن ابن عبّاس- رضى اللّه عنهما- أنّه كان يقول فى هذه الآية: أنا من الراسخين فى العلم، و قال مجاهد: أنا ممّن يعلم.
و ذهب الأكثرون إلى أنّ الواو فى قوله: وَ الرَّاسِخُونَ واو الاستيناف و تمّ الكلام عند قوله: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، و هو قول طاوس عن ابن عبّاس.
و قال أيضا انتهى علم الراسخين فى العلم بتأويل القرآن إلى أن قالوا: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا أى المحكم و المتشابه، و هذا القول أقيس فى العربية و أشبه بظاهر الآية.» «و لا تقدّر عظمة اللّه سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين.» و تقدير مكن عظمت خداى تعالى بر قدر عقل خويش، پس باشى از هلاك شوندگان.
«فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا فليكن طلبك بتفهّم و تعلّم،» پس اگر ابا كند نفس تو كه قبول كنى آن را بى آنكه بدانى همچنان چه دانسته اند ايشان، پس بايد كه باشد طلب تو آن را به تفهّم و تعلّم.
قال الواسطى: «الراسخون فى العلم هم الذين رسخوا بأزواجهم فى غيب الغيب و سرّ السرّ، فعرفهم ما عرفهم، و أراد منهم من مقتضى الآيات ما لم يرد من غيرهم، و خاضوا بحر العلم بالفهم لطلب الزيادات، فانكشف لهم من مذخور الخزائن و المخزون تحت كلّ حرف و آية من الفهم و عجائب الخطاب، فاستخرجوا الدرر و الجواهر و نطقوا بالحكم.» و فى العرائس: « يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ،«» إيمان مشاهدة و حقيقة علم و عرفان كاشفة، و الراسخون هم الذين كشف لهم أسرار العلوم اللدنّية، و عجائب معلومات الآخرة الخارجة من الأبصار الظاهرة.» فى تفسير بحر الحقائق: «إنّ اللّه تعالى أقسم الكتاب على قسمين: قسم منه آيات محكمات، و هنّ أمّ الكتاب، ظاهر واضح تنزيله فيه من مشرب العوامّ و الخواصّ، و قسم متشابهات، غامض مشكل تأويله فيه مشرب الخواصّ و خواصّ الخواصّ، لاختفاء الأسرار عن الأغيار و الإبتلاء.
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ [ألبسته قلوبهم غطاء الريب، و حرموا من أنوار الغيب، و هم أهل الأهواء و البدع] فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ«» ليضلّوا بأفواههم، و ابتغاء تأويله ليضلّ الناس بآرائهم، وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ«». و أمّا الذين ايّدوا بأنوار الفضل و جرّدوا عن أطمار الجهل، هم الراسخون فى العلم، فيلقون السمع بحضور القلب فيما يسنخ لقومهم من لوائح التعريفات بلوامع أنوار الحقّ ممّا لا يعلم تأويله إلّا اللّه، و بتعريفه هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ بما شاهدوا من أنوار الحقّ فى تحقيق التأويل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا، التعريف للتحقيق و النفهّم للتأويل، يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ.
ففى «التذكّر» إشارة إلى أنّ العلوم التي تحصل للراسخين فى العلم من تأويل القرآن و غيره إنّما هى من تعليم اللّه تعالى لهم فى عهد الميثاق، إذ تجلّى بصفة الربوبية للذرّات، و أشهدهم على أنفسهم بشواهد الربوبية، و يُؤْتِي الْحِكْمَةَ هم الذين أخرجوا فى متابعة النبىّ- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- من ظلمات قسور وجودهم النفساني إلى نور ألباب العلوم اللدنّية التي تعلموا من لدن حكيم خبير بلا واسطة.» تمّت
منهاج الولاية في شرح نهج البلاغة، ج 1 عبدالباقی صوفی تبریزی (تحقیق وتصیحیح حبیب الله عظیمی) صفحه 687-695