google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
خطبه ها شرح و ترجمه میر حبیب الله خوئی80-100 خطبه شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 98 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه 99 صبحی صالح

99- و من خطبة له ( عليه ‏السلام  ) في التزهيد من الدنيا

نَحْمَدُهُ عَلَى مَا كَانَ

وَ نَسْتَعِينُهُ مِنْ أَمْرِنَا عَلَى مَا يَكُونُ

وَ نَسْأَلُهُ الْمُعَافَاةَ فِي الْأَدْيَانِ

كَمَا نَسْأَلُهُ الْمُعَافَاةَ فِي الْأَبْدَانِ

عِبَادَ اللَّهِ

أُوصِيكُمْ بِالرَّفْضِ لِهَذِهِ الدُّنْيَا التَّارِكَةِ لَكُمْ وَ إِنْ لَمْ تُحِبُّوا تَرْكَهَا

وَ الْمُبْلِيَةِ لِأَجْسَامِكُمْ وَ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ تَجْدِيدَهَا

فَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَ مَثَلُهَا كَسَفْرٍ

سَلَكُوا سَبِيلًا فَكَأَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوهُ

وَ أَمُّوا عَلَماً فَكَأَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوهُ

وَ كَمْ عَسَى الْمُجْرِي إِلَى الْغَايَةِ أَنْ يَجْرِيَ إِلَيْهَا حَتَّى يَبْلُغَهَا

وَ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَقَاءُ مَنْ لَهُ يَوْمٌ لَا يَعْدُوهُ

وَ طَالِبٌ حَثِيثٌ مِنَ الْمَوْتِ يَحْدُوهُ

وَ مُزْعِجٌ فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُفَارِقَهَا رَغْماً

فَلَا تَنَافَسُوا فِي عِزِّ الدُّنْيَا وَ فَخْرِهَا

وَ لَا تَعْجَبُوا بِزِينَتِهَا وَ نَعِيمِهَا

وَ لَا تَجْزَعُوا مِنْ ضَرَّائِهَا وَ بُؤْسِهَا

فَإِنَّ عِزَّهَا وَ فَخْرَهَا إِلَى انْقِطَاعٍ

وَ إِنَّ زِينَتَهَا وَ نَعِيمَهَا إِلَى زَوَالٍ

وَ ضَرَّاءَهَا وَ بُؤْسَهَا إِلَى‏نَفَادٍ

وَ كُلُّ مُدَّةٍ فِيهَا إِلَى انْتِهَاءٍ

وَ كُلُّ حَيٍّ فِيهَا إِلَى فَنَاءٍ

أَ وَ لَيْسَ لَكُمْ فِي آثَارِ الْأَوَّلِينَ مُزْدَجَرٌ

وَ فِي آبَائِكُمُ الْمَاضِينَ تَبْصِرَةٌ وَ مُعْتَبَرٌ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ

أَ وَ لَمْ تَرَوْا إِلَى الْمَاضِينَ مِنْكُمْ لَا يَرْجِعُونَ

وَ إِلَى الْخَلَفِ الْبَاقِينَ لَا يَبْقَوْنَ

أَ وَ لَسْتُمْ تَرَوْنَ أَهْلَ الدُّنْيَا يُصْبِحُونَ وَ يُمْسُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى

فَمَيِّتٌ يُبْكَى

وَ آخَرُ يُعَزَّى

وَ صَرِيعٌ مُبْتَلًى

وَ عَائِدٌ يَعُودُ

وَ آخَرُ بِنَفْسِهِ يَجُودُ

وَ طَالِبٌ لِلدُّنْيَا وَ الْمَوْتُ يَطْلُبُهُ

وَ غَافِلٌ وَ لَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ

وَ عَلَى أَثَرِ الْمَاضِي مَا يَمْضِي الْبَاقِي

أَلَا فَاذْكُرُوا هَاذِمَ اللَّذَّاتِ

وَ مُنَغِّصَ الشَّهَوَاتِ

وَ قَاطِعَ الْأُمْنِيَاتِ عِنْدَ الْمُسَاوَرَةِ لِلْأَعْمَالِ الْقَبِيحَةِ

وَ اسْتَعِينُوا اللَّهَ عَلَى أَدَاءِ وَاجِبِ حَقِّهِ

وَ مَا لَا يُحْصَى مِنْ أَعْدَادِ نِعَمِهِ وَ إِحْسَانِهِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج7  

و من خطبة له عليه السّلام و هى الثامنة و التسعون من المختار فى باب الخطب

نحمده على ما كان، و نستعينه من أمرنا على ما يكون، و نسأله المعافاة في الأديان، كما نسأله المعافاة في الأبدان. عباد اللّه أوصيكم بالرّفض لهذه الدّنيا التّاركة لكم و إن لم تحبّوا تركها، و المبلية لأجسامكم و إن كنتم تحبّون تجديدها، فإنّما مثلكم و مثلها كسفر سلكوا سبيلا فكأنّهم قد قطعوه، و أمّوا علما فكأنّهم قد بلغوه، و كم عسى المجري إلى الغاية أن يجري إليها حتّى يبلغها، و ما عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه، و طالب حثيث يجدوه في الدّنيا حتّى يفارقها، فلا تنافسوا في عزّ الدّنيا و فخرها، و لا تعجبوا بزينتها و نعيمها، و لا تجزعوا من ضرّآئها و بؤسها، فإنّ عزها و فخرها إلى انقطاع، و إنّ زينتها و نعيمها إلى زوال، و ضرّائها و بؤسها إلى نفاد، و كلّ مدّة فيها إلى انتهاء، و كلّ حيّ فيها إلى فناء، أو ليس لكم في آثار الأوّلين مزدجر، و في آبائكم الماضين تبصرة و معتبر إن كنتم تعقلون، أو لم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون، و إلى الخلف الباقين لا يبقون، أولستم ترون أهل الدّنيا يمسون‏ و يصبحون على أحوال شتّى: فميّت يبكى، و آخر يعزّى و صريع مبتلى و عايد يعود، و آخر بنفسه يجود، و طالب للدّنيا و الموت يطلبه، و غافل و ليس بمغفول عنه، و على أثر الماضي ما يمضي الباقي، ألا فاذكروا هادم اللّذّات، و منغّص الشّهوات، و قاطع الأمنيّات عند المساورة للأعمال القبيحة، و استعينوا اللّه على أداء واجب حقّه، و ما لا يحصى من أعداد نعمه و إحسانه.

اللغة

(عافاه) اللّه من المكروه معافاة و عافية وهب اللّه له العافية من العلل و البلاء كأعفاه و العافية دفاع اللّه عن العبد و (رفضت) الدّنيا رفضا من باب نصر و ضرب تركتها و (سفر) بسكون العين جمع سافر كركب و راكب و صحب و صاحب و (جرى) الفرس جريا و أجريته أنا أرسلته و حملته على السير و (حثثت) الانسان على الشي‏ء حثّا من باب قتل حرضته عليه و ذهب حثيثا أى مسرعا و (حدوت) بالابل حثثتها على السير بالحداء و زان غراب و هو الغناء لها و حدوثه على كذا بعثته عليه و (الصّريع) من الأغصان ما تهدّل و سقط إلى الأرض و منه قيل للقتيل صريع، و في بعض النّسخ ضريع بالضاد المعجمة من ضرع ضرعا وزان شرف ضعف، و أضرعته الحمى أوهنته و (المساورة) المواثبة.

الاعراب

قوله. و كم عسى المجرى، أما لفظة كم استفهاميّة للتحقير بمعنى أيّ مدّة، و عسى فعل من أفعال المقاربة مفيد للرجاء و الطمع، و المرفوع بعده في مثل عسى زيد أن يخرج اسمه و ان مع الفعل في محلّ النصب على الخبر أى رجا زيد الخروج و قال الكوفيّون: ان مع الفعل في محلّ رفع بدلا ممّا قبله بدل الاشتمال كقوله تعالى‏ لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ إلى قوله أَنْ تَبَرُّوهُمْ أى لا ينهيكم اللّه عن أن تبرّوهم و على هذا فمعنى عسى زيد أن يخرج يتوقّع و يرجا خروج زيد، و الأشهر الأوّل هذا.

و قد يقع ان مع الفعل فاعلا له مستغنا به عن الخبر لكونه حينئذ تامّا بمعنى قرب تقول عسى أن يخرج زيد أى قرب خروجه.

و قال الرّضي انّ من ذهب إلى أنّ أن مع الفعل في عسى زيد أن يخرج خبر عسى، جاز أن يقول في عسى أن يخرج زيد أنّ أن يخرج خبر أيضا و هو من باب التنازع يعنى يجوز في المثال جعل زيد اسما لعسى و أن مع الفعل خبرا مقدّما له في محلّ النّصب فيضمر فى الفعل ضمير عايد إلى زيد، كما يجوز جعل زيد فاعلا للفعل و جعل عسى مسندا إلى ان و الفعل مستغنى بهما عن الخبر.

إذا عرفت ذلك فأقول: إنّ لفظة عسى في قوله عليه السّلام كم عسى ناقصة و المجرى اسمها و ان يجرى إليها خبرها، و في قوله و ما عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه تامّة وقعت بعد ما النافية و أن يكون فى محل الرّفع على الفاعل و يكون تامة أيضا بمعنى يوجد، و الواو في قوله و طالب آه للحال و الضمير في قوله عليه السّلام يحدوه عايد إلى من الموصولة و الفاء في قوله عليه السّلام: فلا تنافسوا فصيحة، و الهمزة في قوله عليه السّلام أو ليس لكم استفهام على سبيل الانكار الابطالى و يحتمل جعلها تقريرا بما بعد النفى كما ذهب إليه الزمخشرى في قوله: أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ.

و مثلها الهمزة في قوله أو لستم ترون آه، و ما في قوله عليه السّلام ما يمضى الباقي مصدرية أو زايدة.

المعنى

اعلم أنّ هذه الخطبة الشريفة مسوقة للوصيّة بالتّقوى و الأمر برفض الدّنياو التنفير عنها بذكر معايبها و مثالبها، و افتتح الكلام بحمد الملك المتعال و استعانة الربّ ذى الجلال لأنّ ذكره سبحانه مفتاح للمطالب، و وسيلة إلى المآرب فقال: (نحمده على ما كان و نستعينه من أمرنا على ما يكون) تخصيص الحمد بما كان و الاستعانة بما يكون من حيث إنّ الثّناء على النعمة موقوف و مترتب على وقوعها فيما مضى، و طلب العون على أمر لا يتصوّر إلّا فيما يأتي و ما هو بصدد أن يفعله (و نسأله المعافاة في الأديان كما نسأله المعافاة في الأبدان) فانّ الأديان لها سقم و شفاء كما للأبدان، و مرض الاولى أشدّ و آكد و تأثيره أكثر و أزيد، و لذلك قدّم طلب العافية لها، لأنّ مرض الأبدان عبارة عن انحراف المزاج الحيواني عن حدّ الاعتدال، و نقصانه يقع على الأعضا و الجوارح الظاهرة، و مرض الأديان عبارة عن ميل القلب عن الصراط المستقيم و المنهج القويم، و تأثيره يقع على القلب، و ضرره يعود إلى القوّة القدسيّة و نعم ما قيل:

و إذا مرضت من الذّنوب فداوها
بالذكر إنّ الذكر خير دواء

و السّقم في الأبدان ليس بضائر
و السّقم في الأديان شرّ بلاء

(عباد اللّه اوصيكم بالرفض لهذه الدّنيا التاركة لكم و ان لم تحبّوا تركها) أمر برفض الدّنيا و تركها و نفّر عنها بالتنبيه على أنّها تاركة لكم لا محالة، مفارقة إياكم و إن كانت محبوبة عندكم عزيزا عليكم فراقها، فانّ طبعها التّلطف في الاستدراج أوّلا و التّوصّل إلى الاهلاك آخرا، و هي كامرأة تتزيّن للخطاب حتّى إذا نكحوها ذبحتهم فمن كان ذا بصيرة لا يعقد قلبه على محبّة محبوبة كذلك، و لا يخاطب امرأة شأنها ذلك.

و قد روى أنّ الصادق عليه السّلام كان يقول لأصحابه: يا بني آدم اهربوا من الدّنيا إلى اللّه و أخرجوا قلوبكم عنها فانكم لا تصلحون لها و لا تصلح لكم و لا تبقون لها و لا تبقى لكم هى الخداعة الفجاعة المغرور من اغترّبها، و المفتون من اطمأنّ إليها، الهالك من أحبّها و أرادها.

و روى انّ عيسى عليه السّلام كوشف بالدّنيا فرآها في صورة عجوز هتماء«» عليها من كلّ زينة فقال عليه السّلام لها: كم تزوّجت قالت: لا احصيهم، قال فكلّهم مات عنك أم كلّهم طلّقك قالت: بل كلّهم قتلت، فقال عيسى عليه السّلام: بؤسا لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين، و كيف تهلكينهم واحدا بعد واحد و لا يكونون منك على حذر.

ثمّ نبّه عليه السّلام على عيب لها آخر بقوله (و المبلية لأجسادكم و ان كنتم تحبّون تجديدها) و هذا الوصف أيضا منفّر عنها، لأنّ تجديد الأجساد و الأبدان إذا كان محبوبا للانسان و كانت الدّنيا حائلة بينه و بين محبوبه مانعة له عن نيله و وصوله بسهام الأسقام و نشاشيب الأمراض و الأوصاب فمن شأنها أن تبغض و ترفض و تجتنب و لا تحب.

قال بعض الحكماء: الأيّام سهام و النّاس أغراض و الدّهر يرميك كلّ يوم بسهامه، و يخترمك بلياليه و أيّامه، حتى يستغرق جميع أجزائك، فكيف بقاء لسلامتك مع وقوع الأيام بك، و سرعة الليالي في بدنك، لو كشف لك عما أحدثت الأيام فيك من النّقص لا ستوحشت من كلّ يوم يأتي عليك، و استثقلت ممرّ الساعات بك، و لكن تدبير اللّه فوق تدبير الاعتبار.

ثمّ ضرب عليه السّلام للدّنيا مثلا في قصر مدّتها بقوله (فانّما مثلكم و مثلها كسفر سلكوا سبيلا فكأنّهم قد قطعوه، و أمّوا علما فكأنهم قد بلغوه) جعل أهل الدّنيا و الكائنين فيها بمنزلة المسافرين، جعلها بمنزلة سبيل يسلكه المسافر، و جعل سرعة سيرهم و انتقالهم فيها و قربهم من الموت الذى هو آخر منازلها بمنزلة قطع المسافر منازله، و بلوغ قاصد علم و منار مقصده، يعنى أنهم في حالكونهم غير قاطعين له كأنّهم قاطعون له، و في حالكونهم غير بالغين له كأنهم بالغون له، لأنه لما قرب زمان احدى الحالتين من زمان الحالة الاخرى شبّهوا و هم في الحال الأولى بهم أنفسهم و هم على الحالة الثّانية و لنعم ما قيل

يا راقد اللّيل مسرورا بأوّلها
إنّ الحوادث قد يطرقن أسحارا

أفنى القرون التي كانت منعمّة
كرّ الجديدين إقبالا و إدبارا

كم قد أبادت صروف الدهر من ملك‏
قد كان في الدّهر نفّاعا و ضرّارا

يا من يعانق دنيا لا بقاء لها
يمسى و يصبح في دنياه سفارا

هلّا تركت من الدّنيا معانقة
حتّى تعانق في الفردوس أبكارا

إن كنت تبغى جنان الخلد تسكنها
فينبغي لك أن لا تأمن النّارا

(و كم عسى المجري إلى الغاية أن يجرى إليها حتّى يبلغها) يعني أىّ مدّة يرجو و يطمع المرسل مركوبه إلى وصول غاية ارساله إليها حتى يصلها، و الغرض منه تحقير ما يرجوه من مدّة الجرى و هي مدّة الحياة أى لا تظنّ لها طولا و لا تغترن بتماديها فانها عن قليل تنقضى و تنصرم، و في هذا المعنى قال عليه السّلام في الدّيوان:

إلا إنّما الدّنيا كمنزل راكب
أناخ عشيّا و هو في الصّبح راحل‏

(و ما عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه) يعني ما قرب وجود البقاء لمن له يوم لا يجاوزه، و هو تحقير لما يؤمل من مدّة البقاء أى بقاء من له يوم ليس وراءه بقاء و هو يوم الموت ليس بشي‏ء يعتدّ به (و) الحال انه له (طالب حثيث يحدوه في الدّنيا حتى يفارقها) لعلّه أراد بالطالب الحثيث الموت و كنى بحدائه له عن سوق أسباب الموت و مقدّماته التي هي كرّ اللّيالي و مرّ الأيام له إليه.

و إذا كانت الدّنيا بهذه المثابة (فلا تنافسوا) أى لا تحاسدوا و لا تضنّوا (في عزّ الدّنيا و فخرها و لا تعجبوا بزينتها و نعيمها و لا تجزعوا من ضرّائها و بؤسها) نهى عن المنافسة فيها و الاعجاب بها و الجزع منها معلّلا وجوب الانتهاء عن الأوّل بقوله (فانّ عزّها و فخرها إلى انقطاع) و ما كان منقطعا لا يحرص عليه لبيب و لا ينافس فيه أريب، و علّل وجوب الانتهاء عن الثاني بقوله (و زينتها و نعيمها إلى زوال) و ما كان زائلا لا يرغب إليه العاقل و لا يعجب به إلّا جاهل، و عن الثّالث بقوله (و ضرّائها و بؤسها إلى نفاد) و ما كان نافدا فانيا أحرى بأن يصبر عليه و لا يجزع منه (و كلّ مدّة فيها إلى انتهاء) سواء كانت مدّة عزّ و منعة أو زينة و نعمة أو ضرّ و شدّة (و كلّ حىّ فيها إلى فناء) سواء كان ذى شرف و رفعة أو ذلّ و محنة أو ابتهاج و لذّة

  و كلّ شباب أو جديد إلى البلى
و كلّ امرء يوما إلى اللّه صائر

(أ و ليس لكم في آثار الأوّلين) من الاخوان و الأقران و الا لّاف و الأسلاف (مزدجر و في آبائكم الماضين) الأقربين منهم و الأبعدين (تبصرة و معتبر إن كنتم تعقلون) بلى في النظر إلى ادنى ما جرى عليهم تبصرة و اعتبار، و الفكر في أهون ما لا قوة تذكرة و انزجار عدالى ذكر المنقول إلى الثرى و المدفوع إلى هول ما ترى

هوى مصرعا في لحده و توزّعت
مواريثه أرحامه و الأواصر

و أنحوا على أمواله بخصومة «يخضمونها خ» فما حامد منهم عليها و شاكر

فيا عامر الدّنيا و يا ساعيا لها
و يا آمنا من أن تدور الدّوائر

كيف أمنت هذه الحالة و أنت صائر إليها لا محالة (أو لم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون) فما لهم يذهبون و لا يعودون، أرضوا بالمقام فأقاموا، أم تركوا فناموا (و إلى الخلق الباقين لا يبقون) بل يمضون ارسالا و يحتذون مثالا قال قسّ ابن ساعدة الأيادى:

في الأولين الذاهبين من القرون لنا بصائر
و رأيت قومي نحوها يمضي الأكابر و الأصاغر

لا يرجع الماضى إلىّ و لا من الباقين غابر
أيقنت أنى لا محالة حيث صار القوم صائر

و قال زهير بن أبي سلمى:

ألا ليت شعرى هل يرى الناس ما أرى
من الأمر أو يبدو لهم ما بداليا

بدى لى أنّ النّاس تفنى نفوسهم‏
و أموالهم و لا أرى الدّهر فانيا

و إني متى أهبط من الأرض تلعة«»
أجد أثرا قبلى جديدا و عافيا

أراني إذا أصبحت أصبحت ذا هوى‏
فثمّ إذا أمسيت أمسيت عاديا

إلى حفرة«» أهوى اليها مضمّة
يحثّ إليها سايق من ورائيا

كأنّي و قد خلّفت سبعين حجّة«»
خلعت بها ان منكبى ردائيا

بدالى انّي لست مدرك ما مضى
و لا سابق شيئا إذا كان جائيا

و ما أن أرى نفسي تقيها«» عزيمتي
و ما أن تقى نفسى كرائم ماليا

ألا لا أرى على الحوادث باقيا
و لا خالدا إلّا الجبال الرّواسيا

و إلّا السّماء و البلاد و ربّنا
و أيّامنا معدودة و اللّياليا

أراني إذا ما شئت لا قيت آية
تذكّرني بعض الذى كنت ناسيا

ألم تر أنّ اللّه أهلك تبعا
و أهلك لقمان بن عاد و عاديا

«» و أهلك ذا القرنين من قبل ما يرى‏
و فرعون جبّار معا و النّجاشيا

ألا لا أرى ذا امّة أصبحت به
فتتركه الأيام و هي كماهيا

ألم تر للنعمان كان بنجوة«»
من الشّر لو أنّ أمرء كان ناجيا

فغيّر عنه رشد عشرين حجّة
من الدّهر يوم واحد كان غاديا

فلم أر مسلوبا له مثل ملكه‏
أقلّ صديقا صافيا و مواليا

فأين الذي قد كان يعطى جياده«»
بأرسانهنّ و الحسان الحواليا«»

و أين الذين قد كان يعطيهم القرى‏
بغلّاتهنّ و المثين الغواليا«»

و أين الذين يحضرون جفانه
إذا قدّمت ألقوا عليها المراسيا«»

رأيتهم لم يشركوا«» بنفوسهم‏
منيّته لمّا رأوا انهاهيا

هذا و لمّا ارشد عليه السّلام إلى الاتّعاظ بأحوال السّلف الماضين و بفناء الغابرين الباقين نبّه على اختلاف حالات أهل الدّنيا ليستدلّ به السامعون على عدم بقائها و يستفيدوا به عبرة اخرى فقال (أو لستم ترون أهل الدّنيا يمسون و يصبحون على أحوال شتّى) و حالات مختلفة (ف) منهم (ميّت يبكى) عليه و يشقّ الجيوب لديه و يخرج‏من سعة قصره إلى ضيق قبره و يحثّون بأيديهم عليه التراب و يكثرون عنده التلدّد و الانتحاب (و آخر يعزّى) و يسلّى اذا يئس عن برء عليله أو جزم بموت خليله (و صريع مبتلى) بأنواع الأوجاع و الأسقام و طوارق الأمراض و الآلام (و عائد يعود) المريض عند المرض و يتحسّر عليه إذا شاهده على غصص الجرض (و آخر بنفسه يجود) ابلس عنه زوّاره و عوّاده و أسلمه أهله و أولاده و غضّوا بأيديهم عينيه و مدّوا الى جنبيه يديه و رجليه و هو في سكرة ملهثة و غمرة كارثة و أنّه موجعة و سوقة مكربة و جذبة متعبة.

(و) منهم (طالب للدّنيا) ساع لها (و الموت يطلبه) و يحثّه حتّى يدخله في حفرته (و) منهم (غافل) عمّا خلقه اللّه لأجله (و ليس بمغفول عنه) بل اللّه عالم به و مجزيه بأعماله (و على أثر الماضي ما يمضي الباقي) قال سيّد العابدين عليه السّلام في هذه المعنى:

إذا كان هذا نهج من كان قبلنا
فانّا على آثارهم نتلا حق‏

فكن عالما أن سوف تدرك من مضى‏
و لو عصمتك الرّاسيات الشّواهق‏

ثمّ أمرهم عليه السّلام بذكر الموت و وصفه بلوازمه المنفّرة عنه فقال عليه السّلام (ألا فاذكروا هادم اللّذات) الدنيوية (و منغّص الشهوات) النفسانية (و قاطع الامنيّات) و الآمال الباطلة (عند المساورة) و المواثبة (للأعمال القبيحة) لترتدعوا بذكره عنها (و استعينوا اللّه) سبحانه و اطلبوا منه التوفيق (على أداء واجب حقّه) الذى أوجبه عليكم و هو الاتيان بالطّاعات و القيام بوظايف العبادات (و) على أداء واجب (ما لا يحصى من أعداد نعمه و احسانه) الذي أنعمه عليكم و أحسنه إليكم و هو القيام بوظايف الحمد و الثبات بمراسم الثناء.

قال عليه السّلام في بعض كلماته: أيّها النّاس إنّ للّه في كلّ نعمة حقّا، فمن أدّاه زاده، و من قصّر عنه خاطر بزوال النعمة و تعجّل العقوبة، فليراكم اللّه من النعمة و جلين، كما يراكم من الذنوب فرقين.

الترجمة

از جمله خطب شريفه آن حضرت است كه متضمن تنفير از دنيا و از محبت آن غدّار بى‏ وفا است چنانچه فرموده: حمد مى ‏كنيم خداوند را بر آنچه بوده است از نعمتها، و استعانت مى ‏نمائيم از خدا از كارهاى خود بر آنچه مي باشد، و سؤال مى كنيم از او بذل عافيت را در بدنها همچنان كه سؤال مى‏ كنيم از او بذل عافيت را در دينها اى بندگان خدا وصيت مي كنم شما را بترك نمودن اين دنيائى كه ترك نماينده است شما را و اگر چه دوست نداريد ترك نمودن او را، و كهنه كننده است جسدهاى شما را و اگر چه دوست داريد تازگى آنها را، پس بدرستى كه مثل شما و مثل دنيا همچو مسافرانيست كه روند براهى پس گويا كه ايشان قطع نموده باشند آن راه را، و قصد نمايند نشانه و علامتي را پس گويا كه ايشان رسيده باشند بآن مقصد، و چه قدر مدت را اميد مى‏ گيرد شخصى كه جارى كننده است مركب خود را بسوى غايتى جارى نمودن آن را بسوى آن غايت تا برسد بآن، و چه چيز اميد گرفته مى‏ شود باقى ماندن كسى كه او راست يك روزى كه تجاوز نمى‏ نمايد از آن و حال آنكه او راست طلب كننده شتاباننده كه ميراند او را در دنيا تا اين كه مفارقت نمايد از آن.

پس حسد و بخل نكنيد بر يكديگر در عزّت دنيا و فخر آن، و خوشحال و دلشاد نشويد بزينت و نعمت آن، و جزع ننمائيد از دشوارى و سختى آن، از جهة اين كه عزّت و فخر آن منتهى مى‏ شود بانقطاع، و نعمت و زينت آن منتهى مى‏ شود بزوال و فنا، و دشوارى و سختى آن منجّر مى‏ شود بنيستى و نابودى، و هر مدّتى كه در او است مى‏ كشد بانتهاء، و هر زنده كه در او است باز مى‏ گردد بفناء آيا نيست مر شما را در اثرهاى پيشينيان و در پدران گذشتگان شما بينائى و عبرت اگر بوده باشيد تعقل كننده، آيا نگاه نمى‏ كنيد بسوى گذشتگان از خودتان كه باز نمى‏ گردند، و بسوى خلفهائى باقي ماندگان كه باقي نمى‏ مانند.

آيا نيستيد شما كه مى‏ بينيد أهل دنيا را كه شام و صباح مى ‏نمايند بر حالتهاى‏مختلفه: پس بعضى مرده است كه بر او گريه مي كنند، و بعضى را سر سلامتي مى ‏دهند، و بعضى ديگر ضعيف است مبتلا بأنواع مرضها، و برخى عيادت كننده است بيمار را كه مى‏ رود بعيادت، و ديگرى در حال جان دادنست، و يكى طلب كننده است دنيا را و حال آنكه مرگ طلب مى ‏كند او را، و يكى هست كه بيخبر است از آخرت و حال آنكه غفلت نشده از او در هيچ حالت، و بر اثر گذشته است گذشتن باقي مانده.

آگاه باشيد پس ياد آوريد مرگ را كه شكننده لذتها است و مكدّر نماينده شهوتها و قطع كننده آرزوها است در هنگام جستن براى أعمال قبيحه و حركات ناشايست، و طلب يارى نمائيد از خدا بر أدا كردن حق واجب او را و أدا كردن آن چيزى كه شمرده نمى ‏شود از شماره‏ هاى نعمتها و احسان بى‏ پايان آن. و اللّه أعلم بالصّواب.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

نمایش بیشتر

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

دکمه بازگشت به بالا
-+=