نامه ۵۳ شرح ابن ابی الحدید (با ترجمه فارسی کتاب جلوه های تاریخ دکتر دامغانی)(نامه حضرت امیر المومنین به مالک اشتر)

۵۳ و من کتاب له ع کتبه للأشتر النخعی رحمه الله- لما ولاه على مصر و أعمالها

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مَالِکَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِی عَهْدِهِ إِلَیْهِ حِینَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَایَهَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَهَ بِلَادِهَا
أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ إِیْثَارِ طَاعَتِهِ وَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِی کِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ الَّتِی لَا یَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا وَ لَا یَشْقَى إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا
وَ أَنْ یَنْصُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِیَدِهِ وَ قَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ جَلَّ اسْمُهُ قَدْ تَکَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ
وَ أَمَرَهُ أَنْ یَکْسِرَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الشَّهَوَاتِ وَ یَنْزَعَهَا عِنْدَ الْجَمَحَاتِ فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَهٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ اللَّهُ
ثُمَّ اعْلَمْ یَا مَالِکُ أَنِّی قَدْ وَجَّهْتُکَ إِلَى بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَیْهَا دُوَلٌ قَبْلَکَ مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ وَ أَنَّ النَّاسَ یَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِکَ فِی مِثْلِ مَا کُنْتَ تَنْظُرُ فِیهِ مِنْ أُمُورِالْوُلَاهِ قَبْلَکَ وَ یَقُولُونَ فِیکَ مَا کُنْتَ تَقُولُهُ فِیهِمْ
وَ إِنَّمَا یُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِینَ بِمَا یُجْرِی اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ فَلْیَکُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَیْکَ ذَخِیرَهُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ
فَامْلِکْ هَوَاکَ وَ شُحَّ بِنَفْسِکَ عَمَّا لَا یَحِلُّ لَکَ فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الْإِنْصَافُ مِنْهَا فِیمَا أَحَبَّتْ أَوْ کَرِهَتْ‏وَ أَشْعِرْ قَلْبَکَ الرَّحْمَهَ لِلرَّعِیَّهِ وَ الْمَحَبَّهَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِهِمْ
وَ لَا تَکُونَنَّ عَلَیْهِمْ سَبُعاً ضَارِیاً تَغْتَنِمُ أَکْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَکَ فِی الدِّینِ وَ إِمَّا نَظِیرٌ لَکَ فِی الْخَلْقِ یَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ وَ یُؤْتَى عَلَى أَیْدِیهِمْ فِی الْعَمْدِ وَ الْخَطَإِ
فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِکَ وَ صَفْحِکَ مِثْلِ الَّذِی تُحِبُّ وَ تَرْضَى أَنْ یُعْطِیَکَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ فَإِنَّکَ فَوْقَهُمْ وَ وَالِی الْأَمْرِ عَلَیْکَ فَوْقَکَ وَ اللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاکَ وَ قَدِ اسْتَکْفَاکَ أَمْرَهُمْ وَ ابْتَلَاکَ بِهِمْ
وَ لَا تَنْصِبَنَّ نَفْسَکَ لِحَرْبِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا یَدَیْ لَکَ بِنِقْمَتِهِ وَ لَا غِنَى بِکَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ وَ لَا تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَ لَا تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَهٍ
وَ لَا تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَهٍ وَجَدْتَ عَنْهَا مَنْدُوحَهً وَ لَا تَقُولَنَّ إِنِّی مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنَّ ذَلِکَ إِدْغَالٌ فِی الْقَلْبِ وَ مَنْهَکَهٌ لِلدِّینِ وَ تَقَرُّبٌ مِنَ الْغِیَرِ

وَ إِذَا أَحْدَثَ لَکَ مَا أَنْتَ فِیهِ مِنْ سُلْطَانِکَ أُبَّهَهً أَوْ مَخِیلَهً فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ مُلْکِ اللَّهِ فَوْقَکَ وَ قُدْرَتِهِ مِنْکَ عَلَى مَا لَا تَقْدِرُ عَلَیْهِ مِنْ نَفْسِکَ
فَإِنَّ ذَلِکَ یُطَامِنُ إِلَیْکَ مِنْ طِمَاحِکَ وَ یَکُفُّ عَنْکَ مِنْ غَرْبِکَ وَ یَفِی‏ءُ إِلَیْکَ بِمَا عَزَبَ عَنْکَ مِنْ عَقْلِکَ
إِیَّاکَ وَ مُسَامَاهَ اللَّهِ فِی عَظَمَتِهِ وَ التَّشَبُّهَ بِهِ فِی جَبَرُوتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ یُذِلُّ کُلَّ جَبَّارٍ وَ یُهِینُ کُلَّ مُخْتَالٍ

أَنْصِفِ اللَّهَ وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِکَ وَ مِنْ خَاصَّهً أَهْلِکَ وَ مَنْ لَکَ هَوًى فِیهِ مِنْ رَعِیَّتِکَ فَإِنَّکَ إِلَّا تَفْعَلْ تَظْلِمْ
وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ کَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ وَ کَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى یَنْزِعَ أَوْ یَتُوبَ
وَ لَیْسَ شَیْ‏ءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْیِیرِ نِعْمَهِ اللَّهِ وَ تَعْجِیلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَهٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ یَسْمَعُ دَعْوَهَ الْمُضْطَهَدِینَ وَ هُوَ لِلظَّالِمِینَ بِالْمِرْصَادِ
وَ لْیَکُنْ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَیْکَ أَوْسَطُهَا فِی الْحَقِّ وَ أَعَمُّهَا فِی الْعَدْلِ وَ أَجْمَعُهَا لِرِضَا الرَّعِیَّهِ فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّهِ یُجْحِفُ بِرِضَا الْخَاصَّهِ وَ إِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّهِ یُغْتَفَرُ مَعَ رِضَا الْعَامَّهِ

وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِیَّهِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِی مَئُونَهً فِی الرَّخَاءِ وَ أَقَلَّ مَعُونَهً لَهُ فِی الْبَلَاءِ وَ أَکْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَ أَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ وَ أَقَلَّ شُکْراً عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَ أَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ وَ أَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّهِ
وَ إِنَّمَا عَمُودُ الدِّینِ وَ جِمَاعُ الْمُسْلِمِینَ وَ الْعُدَّهُ لِلْأَعْدَاءِ الْعَامَّهُ مِنَ الْأُمَّهِ فَلْیَکُنْ صِغْوُکَ لَهُمْ وَ مَیْلُکَ مَعَهُمْ

وَ لْیَکُنْ أَبْعَدَ رَعِیَّتِکَ مِنْکَ وَ أَشْنَأَهُمْ عِنْدَکَ أَطْلَبُهُمْ لِمَعَایِبِ النَّاسِ فَإِنَّ فِی النَّاسِ عُیُوباً الْوَالِی أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا فَلَا تَکْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْکَ مِنْهَا فَإِنَّمَا عَلَیْکَ تَطْهِیرُ مَا ظَهَرَ لَکَ
وَ اللَّهُ یَحْکُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْکَ فَاسْتُرِ الْعَوْرَهَ مَا اسْتَطَعْتَ یَسْتُرِ اللَّهُ مِنْکَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِیَّتِکَ
أَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عُقْدَهَ کُلِّ حِقْدٍ وَ اقْطَعْ عَنْکَ سَبَبَ کُلِّ وِتْرٍ وَ تَغَابَ عَنْ کُلِّ مَا لَا یَضِحُ لَکَ وَ لَا
تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِیقِ سَاعٍ فَإِنَّ السَّاعِیَ غَاشٌّ وَ إِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِینَ
وَ لَا تُدْخِلَنَّ فِی مَشُورَتِکَ بَخِیلًا یَعْدِلُ بِکَ عَنِ الْفَضْلِ وَ یَعِدُکَ الْفَقْرَ وَ لَا جَبَاناً یُضْعِفُکَ عَنِ الْأُمُورِ وَ لَا حَرِیصاً یُزَیِّنُ لَکَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ فَإِنَّ الْبُخْلَ وَ الْجُبْنَ وَ الْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى یَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ

شَرُّ وُزَرَائِکَ مَنْ کَانَ قَبْلَکَ لِلْأَشْرَارِ وَزِیراً وَ مَنْ شَرِکَهُمْ فِی الْآثَامِ فَلَا یَکُونَنَّ لَکَ بِطَانَهً فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الْأَثَمَهِ وَ إِخْوَانُ الظَّلَمَهِ
وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَیْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ وَ لَیْسَ عَلَیْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَ أَوْزَارِهِمْ وَ آثَامِهِمْ مِمَّنْ لَمْ یُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَى ظُلْمِهِ وَ لَا آثِماً عَلَى إِثْمِهِ
أُولَئِکَ أَخَفُّ عَلَیْکَ مَئُونَهً وَ أَحْسَنُ لَکَ مَعُونَهً وَ أَحْنَى عَلَیْکَ عَطْفاً وَ أَقَلُّ لِغَیْرِکَ إِلْفاً فَاتَّخِذْ أُولَئِکَ خَاصَّهً لِخَلَوَاتِکَ وَ حَفَلَاتِکَ
ثُمَّ لْیَکُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَکَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَکَ وَ أَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَهً فِیمَا یَکُونُ مِنْکَ مِمَّا کَرِهَ اللَّهُ لِأَوْلِیَائِهِ وَاقِعاً ذَلِکَ مِنْ هَوَاکَ حَیْثُ وَقَعَوَ الْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَ الصِّدْقِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَلَّا یُطْرُوکَ وَ لَا یَبْجَحُوکَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ فَإِنَّ کَثْرَهَ الْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ وَ تُدْنِی مِنَ الْعِزَّهِ
وَ لَا یَکُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَ الْمُسِی‏ءُ عِنْدَکَ بِمَنْزِلَهٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِی ذَلِکَ تَزْهِیداً لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِی الْإِحْسَانِ وَ تَدْرِیباً لِأَهْلِ الْإِسَاءَهِ وَ أَلْزِمْ کُلًّا مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ

وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَیْسَ شَیْ‏ءٌ بِأَدْعَى إِلَى حُسْنِ ظَنِّ وَالٍ بِرَعِیَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَیْهِمْ وَ تَخْفِیفِهِ الْمَئُونَاتِ عَلَیْهِمْ وَ تَرْکِ اسْتِکْرَاهِهِ إِیَّاهُمْ عَلَى مَا لَیْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ
فَلْیَکُنْ مِنْکَ فِی ذَلِکَ أَمْرٌ یَجْتَمِعُ لَکَ بِهِ حُسْنُ الظَّنِّ بِرَعِیَّتِکَ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ یَقْطَعُ عَنْکَ نَصَباً طَوِیلًا
وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّکَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلَاؤُکَ عِنْدَهُ وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّکَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلَاؤُکَ عِنْدَهُ

وَ لَا تَنْقُضْ سُنَّهً صَالِحَهً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الْأُمَّهِ وَ اجْتَمَعَتْ بِهَا الْأُلْفَهُ وَ صَلَحَتْ عَلَیْهَا الرَّعِیَّهُ وَ لَا تُحْدِثَنَّ سُنَّهً تَضُرُّ بِشَیْ‏ءٍ مِنْ مَاضِی تِلْکَ السُّنَنِ فَیَکُونَ الْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَ الْوِزْرُ عَلَیْکَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا
وَ أَکْثِرْ مُدَارَسَهَ الْعُلَمَاءِ وَ مُنَاقَشَهَ الْحُکَمَاءِ فِی تَثْبِیتِ مَا صَلَحَ عَلَیْهِ أَمْرُ بِلَادِکَ وَ إِقَامَهِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ قَبْلَکَ

وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّعِیَّهَ طَبَقَاتٌ لَا یَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ وَ لَا غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ وَ مِنْهَا کُتَّابُ الْعَامَّهِ وَ الْخَاصَّهِ وَ مِنْهَا قُضَاهُ الْعَدْلِ وَ مِنْهَا عُمَّالُ الْإِنْصَافِ وَ الرِّفْقِ
وَ مِنْهَا أَهْلُ الْجِزْیَهِ وَ الْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّهِ وَ مُسْلِمَهِ النَّاسِ وَ مِنْهَا التُّجَّارُ وَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ
وَ مِنْهَا الطَّبَقَهُ السُّفْلَى مِنْ ذَوِی الْحَاجَاتِ وَ الْمَسْکَنَهِ
وَ کُلٌّ قَدْ سَمَّى اللَّهُ لَهُ سَهْمَهُ وَ وَضَعَ عَلَى حَدِّهِ وَ فَرِیضَتِهِ فِی کِتَابِهِ أَوْ سُنَّهِ نَبِیِّهِ ( صلى‏الله‏علیه‏وآله )عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً
فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اللَّهِ حُصُونُ الرَّعِیَّهِ وَ زَیْنُ الْوُلَاهِ وَ عِزُّ الدِّینِ وَ سُبُلُ الْأَمْنِ وَ لَیْسَ تَقُومُ الرَّعِیَّهُ إِلَّا بِهِمْ
ثُمَّ لَا قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلَّا بِمَا یُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِی یَقْوَوْنَ بِهِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِمْ وَ یَعْتَمِدُونَ عَلَیْهِ فِیمَا یُصْلِحُهُمْ وَ یَکُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ
ثُمَّ لَا قِوَامَ لِهَذَیْنِ الصِّنْفَیْنِ إِلَّا بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاهِ وَ الْعُمَّالِ‏ وَ الْکُتَّابِ لِمَا یُحْکِمُونَ مِنَ الْمَعَاقِدِ وَ یَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ وَ یُؤْتَمَنُونَ عَلَیْهِ مِنْ خَوَاصِّ الْأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا
وَ لَا قِوَامَ لَهُمْ جَمِیعاً إِلَّا بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِی الصِّنَاعَاتِ فِیمَا یَجْتَمِعُونَ عَلَیْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ وَ یُقِیمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ وَ یَکْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ بِأَیْدِیهِمْ مِمَّا لَا یَبْلُغُهُ رِفْقُ غَیْرِهِمْ
ثُمَّ الطَّبَقَهُ السُّفْلَى مِنْ أَهْلِ الْحَاجَهِ وَ الْمَسْکَنَهِ الَّذِینَ یَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ
وَ فِی اللَّهِ لِکُلٍّ سَعَهٌ وَ لِکُلٍّ عَلَى الْوَالِی حَقٌّ بِقَدْرِ مَا یُصْلِحُهُ وَ لَیْسَ یَخْرُجُ الْوَالِی مِنْ حَقِیقَهِ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِکَ إِلَّا بِالِاهْتِمَامِ وَ الِاسْتِعَانَهِ بِاللَّهِ وَ تَوْطِینِ نَفْسِهِ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ وَ الصَّبْرِ عَلَیْهِ فِیمَا خَفَّ عَلَیْهِ أَوْ ثَقُلَ

فَوَلِّ مِنْ جُنُودِکَ أَنْصَحَهُمْ فِی نَفْسِکَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِکَ وَ أَطْهَرَهُمْ جَیْباً وَ أَفْضَلَهُمْ حِلْماً مِمَّنْ یُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ وَ یَسْتَرِیحُ إِلَى الْعُذْرِ وَ یَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ وَ یَنْبُو عَلَى الْأَقْوِیَاءِ وَ مِمَّنْ لَا یُثِیرُهُ الْعُنْفُ وَ لَا یَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ
ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِی الْمُرُوءَاتِ وَ الْأَحْسَابِ وَ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَهِ وَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَهِ ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَهِ وَ الشَّجَاعَهِ وَ السَّخَاءِ وَ السَّمَاحَهِ فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْکَرَمِ وَ شُعَبٌ مِنَ الْعُرْفِ
ثُمَّ تَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا یَتَفَقَّدُ الْوَالِدَانِ مِنْ وَلَدِهِمَا وَ لَا یَتَفَاقَمَنَّ فِی نَفْسِکَ شَیْ‏ءٌ قَوَّیْتَهُمْ بِهِ وَ لَا تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ دَاعِیَهٌ لَهُمْ إِلَى بَذْلِ النَّصِیحَهِ لَکَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ بِکَ
وَ لَا تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِیفِ أُمُورِهِمُ اتِّکَالًا عَلَى جَسِیمِهَا فَإِنَّ لِلْیَسِیرِ مِنْ لُطْفِکَ مَوْضِعاً یَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ لِلْجَسِیمِ مَوْقِعاً لَا یَسْتَغْنُونَ عَنْهُ
وَ لْیَکُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنْدِکَ عِنْدَکَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِی مَعُونَتِهِ وَ أَفْضَلَ عَلَیْهِمْ مِنْ جِدَتِهِ بِمَا یَسَعُهُمْ وَ یَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْلِیهِمْ حَتَّى یَکُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِی جِهَادِ الْعَدُوِّ فَإِنَّ عَطْفَکَ عَلَیْهِمْ یَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَیْکَ
وَ لَا تَصِحُّ نَصِیحَتُهُمْ إِلَّا بِحِیطَتِهِمْ عَلَى وُلَاهِ أُمُورِهِمْ وَ قِلَّهِ اسْتِثْقَالِ دُوَلِهِمْ وَ تَرْکِ
اسْتِبْطَاءِ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ
فَافْسَحْ فِی آمَالِهِمْ وَ وَاصِلْ مِنْ حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِمْ وَ تَعْدِیدِ مَا أَبْلَى ذَوُو الْبَلَاءِ

مِنْهُمْ فَإِنَّ کَثْرَهَ الذِّکْرِ لِحُسْنِ فِعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ وَ تُحَرِّضُ النَّاکِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
ثُمَّ اعْرِفْ لِکُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَى وَ لَا تَضُمَّنَّ بَلَاءَ امْرِئٍ إِلَى غَیْرِهِ وَ لَا تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَایَهِ بَلَائِهِ وَ لَا یَدْعُوَنَّکَ شَرَفُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلَائِهِ مَا کَانَ صَغِیراً وَ لَا ضَعَهُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلَائِهِ مَا کَانَ عَظِیماً
وَ ارْدُدْ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَا یُضْلِعُکَ مِنَ الْخُطُوبِ وَ یَشْتَبِهُ عَلَیْکَ مِنَ الْأُمُورِ
فَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْکُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِی شَیْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ‏
فَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ الْأَخْذُ بِمُحْکَمِ کِتَابِهِ وَ الرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ الْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَهِ غَیْرِ الْمُفَرِّقَهِ

ثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُکْمِ بَیْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِیَّتِکَ فِی نَفْسِکَ مِمَّنْ لَا تَضِیقُ بِهِ الْأُمُورُ وَ لَا تُمَحِّکُهُ الْخُصُومُ وَ لَا یَتَمَادَى فِی الزَّلَّهِ وَ لَا یَحْصَرُ مِنَ الْفَیْ‏ءِ إِلَى الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ وَ لَا تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَى طَمَعٍ وَ لَا یَکْتَفِی بِأَدْنَى فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ
وَ أَوْقَفَهُمْ فِی الشُّبُهَاتِ وَ آخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَهِ الْخَصْمِ وَ أَصْبَرَهُمْ‏عَلَى تَکَشُّفِ الْأُمُورِ وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الْحُکْمِ مِمَّنْ لَا یَزْدَهِیهِ إِطْرَاءٌ وَ لَا یَسْتَمِیلُهُ إِغْرَاءٌ وَ أُولَئِکَ قَلِیلٌ
ثُمَّ أَکْثِرْ تَعَاهُدَ قَضَائِهِ وَ أَفْسِحْ لَهُ فِی الْبَذْلِ مَا یُزِیحُ عِلَّتَهُ وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَى النَّاسِ وَ أَعْطِهِ مِنَ الْمَنْزِلَهِ لَدَیْکَ مَا لَا یَطْمَعُ فِیهِ غَیْرُهُ مِنْ خَاصَّتِکَ لِیَأْمَنَ بِذَلِکَ اغْتِیَالَ الرِّجَالِ لَهُ عِنْدَکَ
فَانْظُرْ فِی ذَلِکَ نَظَراً بَلِیغاً فَإِنَّ هَذَا الدِّینَ قَدْ کَانَ أَسِیراً فِی أَیْدِی الْأَشْرَارِ یُعْمَلُ فِیهِ بِالْهَوَى وَ تُطْلَبُ بِهِ الدُّنْیَاثُمَّ انْظُرْ فِی أُمُورِ عُمَّالِکَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِیَاراً وَ لَا تُوَلِّهِمْ مُحَابَاهً وَ أَثَرَهً فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ الْجَوْرِ وَ الْخِیَانَهِ
وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَهِ وَ الْحَیَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَهِ وَ الْقَدَمِ فِی الْإِسْلَامِ الْمُتَقَدِّمَهِ فَإِنَّهُمْ أَکْرَمُ أَخْلَاقاً وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً وَ أَقَلُّ فِی الْمَطَامِعِ إِشْرَافاً وَ أَبْلَغُ فِی عَوَاقِبِ الْأُمُورِ نَظَراً

ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَیْهِمُ الْأَرْزَاقَ فَإِنَّ ذَلِکَ قُوَّهٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِصْلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَ غِنًى لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَیْدِیهِمْ وَ حُجَّهٌ عَلَیْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَکَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَکَ
ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ وَ ابْعَثِ الْعُیُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ عَلَیْهِمْ فَإِنَّ تَعَاهُدَکَ فِی السِّرِّ لِأُمُورِهِمْ حَدْوَهٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْأَمَانَهِ وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِیَّهِ
وَ تَحَفَّظْ مِنَ الْأَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ یَدَهُ إِلَى خِیَانَهٍ اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَیْهِ عِنْدَکَ أَخْبَارُ عُیُونِکَ اکْتَفَیْتَ بِذَلِکَ شَاهِداً
فَبَسَطْتَ عَلَیْهِ الْعُقُوبَهَ فِی بَدَنِهِ وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّهِ وَ وَسَمْتَهُ بِالْخِیَانَهِ وَ قَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَهِ

وَ تَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا یُصْلِحُ أَهْلَهُ فَإِنَّ فِی صَلَاحِهِ وَ صَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ وَ لَا صَلَاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلَّا بِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ کُلَّهُمْ عِیَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَ أَهْلِهِ
وَ لْیَکُنْ نَظَرُکَ فِی عِمَارَهِ الْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِکَ فِی اسْتِجْلَابِ الْخَرَاجِ لِأَنَّ ذَلِکَ لَا یُدْرَکُ إِلَّا بِالْعِمَارَهِ وَ مَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَیْرِ عِمَارَهٍ أَخْرَبَ الْبِلَادَ وَ أَهْلَکَ‏الْعِبَادَ وَ لَمْ یَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلَّا قَلِیلًا
فَإِنْ شَکَوْا ثِقَلًا أَوْ عِلَّهً أَوِ انْقِطَاعَ شِرْبٍ أَوْ بَالَّهٍ أَوْ إِحَالَهَ أَرْضٍ اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ یَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ
وَ لَا یَثْقُلَنَّ عَلَیْکَ شَیْ‏ءٌ خَفَّفْتَ بِهِ الْمَئُونَهَ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ ذُخْرٌ یَعُودُونَ بِهِ عَلَیْکَ فِی عِمَارَهِ بِلَادِکَ وَ تَزْیِینِ وِلَایَتِکَ
مَعَ اسْتِجْلَابِکَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ وَ تَبَجُّحِکَ بِاسْتِفَاضَهِ الْعَدْلِ فِیهِمْ مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِکَ لَهُمْ وَ الثِّقَهَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِکَ عَلَیْهِمْ وَ رِفْقِکَ بِهِمْ
فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِیهِ عَلَیْهِمْ مِنْ بَعْدُ احْتَمَلُوهُ طَیِّبَهً أَنْفُسُهُمْ بِهِ فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ
وَ إِنَّمَا یُؤْتَى خَرَابُ الْأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ
أَهْلِهَا وَ إِنَّمَا یُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِشْرَافِ أَنْفُسِ الْوُلَاهِ عَلَى الْجَمْعِ وَ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ وَ قِلَّهِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ

ثُمَّ انْظُرْ فِی حَالِ کُتَّابِکَ فَوَلِّ عَلَى أُمُورِکَ خَیْرَهُمْ وَ اخْصُصْ رَسَائِلَکَ الَّتِی تُدْخِلُ فِیهَا مَکَایِدَکَ وَ أَسْرَارَکَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُودِ صَالِحِ الْأَخْلَاقِ مِمَّنْ لَا تُبْطِرُهُ الْکَرَامَهُ فَیَجْتَرِئَ بِهَا عَلَیْکَ فِی خِلَافٍ لَکَ بِحَضْرَهِ مَلَإٍ
وَ لَا تُقَصِّرُ بِهِ الْغَفْلَهُ عَنْ إِیرَادِ مُکَاتَبَاتِ عُمِّالِکَ عَلَیْکَ وَ إِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى الصَّوَابِ عَنْکَ وَ فِیمَا یَأْخُذُ لَکَ وَ یُعْطِی مِنْکَ وَ لَا یُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَکَ وَ لَا یَعْجِزُ عَنْ إِطْلَاقِ مَا عُقِدَ عَلَیْکَ
وَ لَا یَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِی الْأُمُورِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ یَکُونُ بِقَدْرِ غَیْرِهِ أَجْهَلَ
ثُمَّ لَا یَکُنِ اخْتِیَارُکَ إِیَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِکَ وَ اسْتِنَامَتِکَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ مِنْکَ‏

فَإِنَّ الرِّجَالَ یَتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الْوُلَاهِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَ حُسْنِ حَدِیثِهِمْ وَ لَیْسَ وَرَاءَ ذَلِکَ مِنَ النَّصِیحَهِ وَ الْأَمَانَهِ شَیْ‏ءٌ
وَ لَکِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِینَ قَبْلَکَ فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ کَانَ فِی الْعَامَّهِ أَثَراً وَ أَعْرَفِهِمْ بِالْأَمَانَهِ وَجْهاً فَإِنَّ ذَلِکَ دَلِیلٌ عَلَى نَصِیحَتِکَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ وُلِّیتَ أَمْرَهُ
وَ اجْعَلْ لِرَأْسِ کُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِکَ رَأْساً مِنْهُمْ لَا یَقْهَرُهُ کَبِیرُهَا وَ لَا یَتَشَتَّتُ عَلَیْهِ کَثِیرُهَا وَ مَهْمَا کَانَ فِی کُتَّابِکَ مِنْ عَیْبٍ فَتَغَابَیْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ‏

ثُمَّ اسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِی الصِّنَاعَاتِ وَ أَوْصِ بِهِمْ خَیْراً الْمُقِیمِ مِنْهُمْ وَ الْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ وَ الْمُتَرَفِّقِ بِبَدَنِهِ
فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ الْمَنَافِعِ وَ أَسْبَابُ الْمَرَافِقِ وَ جُلَّابُهَا مِنَ الْمَبَاعِدِ وَ الْمَطَارِحِ فِی بَرِّکَ وَ بَحْرِکَ وَ سَهْلِکَ وَ جَبَلِکَ وَ حَیْثُ لَا یَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا وَ لَا یَجْتَرِءُونَ عَلَیْهَا فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ وَ صُلْحٌ لَا تُخْشَى غَائِلَتُهُ
وَ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِکَ وَ فِی حَوَاشِی بِلَادِکَ وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِکَ أَنَّ فِی کَثِیرٍ مِنْهُمْ ضِیقاً فَاحِشاً وَ شُحّاً قَبِیحاً وَ احْتِکَاراً لِلْمَنَافِعِ وَ تَحَکُّماً فِی الْبِیَاعَاتِ وَ ذَلِکَ بَابُ مَضَرَّهٍ لِلْعَامَّهِ وَ عَیْبٌ عَلَى الْوُلَاهِ
فَامْنَعْ مِنَ الِاحْتِکَارِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى‏الله‏علیه‏وآله‏وسلم )مَنَعَ مِنْهُ وَ لْیَکُنِ الْبَیْعُ بَیْعاً سَمْحاً بِمَوَازِینِ عَدْلٍ وَ أَسْعَارٍ لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِیقَیْنِ مِنَ الْبَائِعِ وَ الْمُبْتَاعِ فَمَنْ قَارَفَ حُکْرَهً بَعْدَ نَهْیِکَ إِیَّاهُ فَنَکِّلْ بِهِ وَ عَاقِبْهُ مِنْ غَیْرِ إِسْرَافٍ

ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ فِی الطَّبَقَهِ السُّفْلَى مِنَ الَّذِینَ لَا حِیلَهَ لَهُمْ مِنَ الْمَسَاکِینِ وَ الْمُحْتَاجِینَ وَ أَهْلِ الْبُؤْسَى وَ الزَّمْنَى فَإِنَّ فِی هَذِهِ الطَّبَقَهِ قَانِعاً وَ مُعْتَرّاً
وَ احْفَظِ اللَّهَ مَا اسْتَحْفَظَکَ مِنْ حَقِّهِ فِیهِمْ وَ اجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَیْتِ مَالِکِ وَ قِسْماً مِنْ غَلَّاتِ صَوَافِی الْإِسْلَامِ فِی کُلِّ بَلَدٍ فَإِنَّ لِلْأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِی لِلْأَدْنَى
وَ کُلٌّ
قَدِ اسْتُرْعِیتَ حَقَّهُ وَ لَا یَشْغَلَنَّکَ عَنْهُمْ بَطَرٌ فَإِنَّکَ لَا تُعْذَرُ بِتَضْیِیعِ التَّافِهِ لِإِحْکَامِکَ الْکَثِیرَ الْمُهِمَّ فَلَا تُشْخِصْ هَمَّکَ عَنْهُمْ وَ لَا تُصَعِّرْ خَدَّکَ لَهُمْ
وَ تَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لَا یَصِلُ إِلَیْکَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُیُونُ وَ تَحْقِرُهُ الرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِکَ ثِقَتَکَ مِنْ أَهْلِ الْخَشْیَهِ وَ التَّوَاضُعِ فَلْیَرْفَعْ إِلَیْکَ أُمُورَهُمْ
ثُمَّ اعْمَلْ فِیهِمْ بِالْإِعْذَارِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ یَوْمَ تَلْقَاهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ بَیْنِ الرَّعِیَّهِ أَحْوَجُ إِلَى الْإِنْصَافِ مِنْ غَیْرِهِمْ وَ کُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَى اللَّهِ فِی تَأْدِیَهِ حَقِّهِ إِلَیْهِ

وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ الْیُتْمِ وَ ذَوِی الرِّقَّهِ فِی السِّنِّ مِمَّنْ لَا حِیلَهَ لَهُ وَ لَا یَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَهِ نَفْسَهُ وَ ذَلِکَ عَلَى الْوُلَاهِ ثَقِیلٌ وَ الْحَقُّ کُلُّهُ ثَقِیلٌ وَ قَدْ یُخَفِّفُهُ اللَّهُ عَلَى أَقْوَامٍ طَلَبُوا الْعَاقِبَهَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اللَّهِ لَهُمْ

وَ اجْعَلْ لِذَوِی الْحَاجَاتِ مِنْکَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِیهِ شَخْصَکَ وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فِیهِ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَکَ وَ تُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَکَ وَ أَعْوَانَکَ مِنْ أَحْرَاسِکَ وَ شُرَطِکَ حَتَّى یُکَلِّمَکَ مُتَکَلِّمُهُمْ غَیْرَ مُتَتَعْتِعٍ
فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى‏الله‏علیه‏وآله )یَقُولُ فِی غَیْرِ مَوْطِنٍ لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّهٌ لَا یُؤْخَذُ لِلضَّعِیفِ فِیهَا حَقُّهُ مِنَ الْقَوِیِّ غَیْرَ مُتَتَعْتِعٍ

ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ الْعِیَّ وَ نَحِّ عَنْهُمُ الضِّیقَ وَ الْأَنَفَ یَبْسُطِ اللَّهُ عَلَیْکَ بِذَلِکَ أَکْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ یُوجِبُ لَکَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَیْتَ هَنِیئاً وَ امْنَعْ فِی إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ
ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِکَ لَا بُدَّ لَکَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَهُ عُمَّالِکَ بِمَا یَعْیَا عَنْهُ کُتَّابُکَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ عِنْدَ وُرُودِهَا عَلَیْکَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِکَ
وَ أَمْضِ لِکُلِّ یَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِکُلِّ یَوْمٍ مَا فِیهِ‏

وَ اجْعَلْ لِنَفْسِکَ فِیمَا بَیْنَکَ وَ بَیْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَفْضَلَ تِلْکَ الْمَوَاقِیتِ وَ أَجْزَلَ تِلْکَ الْأَقْسَامِ وَ إِنْ کَانَتْ کُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِیهَا النِّیَّهُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِیَّهُ
وَ لْیَکُنْ فِی خَاصَّهِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِینَکَ إِقَامَهُ فَرَائِضِهِ الَّتِی هِیَ لَهُ خَاصَّهً فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِکَ فِی لَیْلِکَ وَ نَهَارِکَ وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنْ ذَلِکَ کَامِلًا غَیْرَ مَثْلُومٍ وَ لَا مَنْقُوصٍ بَالِغاً مِنْ بَدَنِکَ مَا بَلَغَ
وَ إِذَا قُمْتَ فِی صَلَاتِکَ لِلنَّاسِ فَلَا تَکُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لَا مُضَیِّعاً فَإِنَّ فِی النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّهُ وَ لَهُ الْحَاجَهُ
وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى‏الله‏علیه‏وآله )حِینَ وَجَّهَنِی إِلَى الْیَمَنِ کَیْفَ أُصَلِّی بِهِمْ فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ کَصَلَاهِ أَضْعَفِهِمْ وَ کُنْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَحِیماً

وَ أَمَّا بَعْدَ هَذَا فَلَا تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَکَ عَنْ رَعِیَّتِکَ فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلَاهِ عَنِ الرَّعِیَّهِ شُعْبَهٌ مِنَ الضِّیقِ وَ قِلَّهُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ
وَ الِاحْتِجَابُ مِنْهُمْ یَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ فَیَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْکَبِیرُ وَ یَعْظُمُ الصَّغِیرُ وَ یَقْبُحُ الْحَسَنُ وَ یَحْسُنُ الْقَبِیحُ وَ یُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ
وَ إِنَّمَا الْوَالِی بَشَرٌ لَا یَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ وَ لَیْسَتْ عَلَى الْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ‏ الْکَذِبِ
وَ إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَیْنِ إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُکَ بِالْبَذْلِ فِی الْحَقِّ فَفِیمَ احْتِجَابُکَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِیهِ أَوْ فِعْلٍ کَرِیمٍ تُسْدِیهِ أَوْ مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ کَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِکَ إِذَا أَیِسُوا مِنْ بَذْلِکَ
مَعَ أَنَّ أَکْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَیْکَ مَا لَا مَئُونَهَ فِیهِ عَلَیْکَ مِنْ شَکَاهِ مَظْلِمَهٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فِی مُعَامَلَهٍثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِی خَاصَّهً وَ بِطَانَهً فِیهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلَّهُ إِنْصَافٍ فِی مُعَامَلَهٍ فَاحْسِمْ مَئُونَهَ أُولَئِکَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْکَ الْأَحْوَالِ
وَ لَا تُقْطِعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَاشِیَتِکَ وَ حَامَّتِکَ قَطِیعَهً وَ لَا یَطْمَعَنَّ مِنْکَ فِی اعْتِقَادِ عُقْدَهٍ تَضُرُّ بِمَنْ یَلِیهَا مِنَ النَّاسِ فِی‏شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَکٍ یَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَى غَیْرِهِمْ فَیَکُونَ مَهْنَأُ ذَلِکَ لَهُمْ دُونَکَ وَ عَیْبُهُ عَلَیْکَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَهِ
وَ أَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِیبِ وَ الْبَعِیدِ وَ کُنْ فِی ذَلِکَ صَابِراً
مُحْتَسِباً وَاقِعاً ذَلِکَ مِنْ قَرَابَتِکَ وَ خَوَاصِّکَ حَیْثُ وَقَعَ وَ ابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا یَثْقُلُ عَلَیْکَ مِنْهُ فَإِنَّ مَغَبَّهَ ذَلِکَ مَحْمُودَهٌ
وَ إِنْ ظَنَّتِ الرَّعِیَّهُ بِکَ حَیْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِکَ وَ اعْدِلْ عَنْکَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِکَ فَإِنَّ فِی ذَلِکَ إِعْذَاراً تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَکَ مِنْ تَقْوِیمِهِمْ عَلَى الْحَقِّ

وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاکَ إِلَیْهِ عَدُوُّکَ لِلَّهِ فِیهِ رِضًا فَإِنَّ فِی الصُّلْحِ دَعَهً لِجُنُودِکَ وَ رَاحَهً مِنْ هُمُومِکَ وَ أَمْناً لِبِلَادِکَ
وَ لَکِنِ الْحَذَرَ کُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّکَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِیَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اتَّهِمْ فِی ذَلِکَ حُسْنَ الظَّنِّ
وَ إِنْ عَقَدْتَ بَیْنَکَ وَ بَیْنَ عَدُوٍّ لَکَ عُقْدَهً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْکَ ذِمَّهً فَحُطْ عَهْدَکَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَکَ بِالْأَمَانَهِ وَ اجْعَلْ نَفْسَکَ جُنَّهً دُونَ مَا أَعْطَیْتَ
فَإِنَّهُ لَیْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ شَیْ‏ءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَیْهِ اجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِیمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِکَ الْمُشْرِکُونَ فِیمَا بَیْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِینَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ
فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِکَ وَ لَا تَخِیسَنَّ بِعَهْدِکَ وَ لَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّکَ فَإِنَّهُ لَا یَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ شَقِیٌّ
وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَیْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ‏

وَ حَرِیماً یَسْکُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ وَ یَسْتَفِیضُونَ إِلَى جِوَارِهِ فَلَا إِدْغَالَ وَ لَا مُدَالَسَهَ وَ لَا خِدَاعَ فِیهِ
وَ لَا تَعْقِدْهُ عَقْداً تُجَوِّزُ فِیهِ الْعِلَلَ وَ لَا تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ الْقَوْلِ بَعْدَ التَّأْکِیدِ وَ التَّوْثِقَهِ
وَ لَا یَدْعُوَنَّکَ ضِیقُ أَمْرٍ لَزِمَکَ فِیهِ عَهْدُ اللَّهِ إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَیْرِ الْحَقِّ فَإِنَّ صَبْرَکَ عَلَى ضِیقِ أَمْرٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَیْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَ أَنْ تُحِیطَ بِکَ مِنَ اللَّهِ طِلْبَهٌ لَا تَسْتَقِیلُ فِیهَا دُنْیَاکَ وَ لَا آخِرَتَکَ

إِیَّاکَ وَ الدِّمَاءَ وَ سَفْکَهَا بِغَیْرِ حِلِّهَا فَإِنَّهُ لَیْسَ شَیْ‏ءٌ أَدْعَى لِنِقْمَهٍ وَ لَا أَعْظَمَ‏لِتَبِعَهٍ وَ لَا أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَهٍ وَ انْقِطَاعِ مُدَّهٍ مِنْ سَفْکِ الدِّمَاءِ بِغَیْرِ حَقِّهَا وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُکْمِ بَیْنَ الْعِبَادِ فِیمَا تَسَافَکُوا مِنَ الدِّمَاءِ یَوْمَ الْقِیَامَهِ
فَلَا تُقَوِّیَنَّ سُلْطَانَکَ بِسَفْکِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنَّ ذَلِکَ مِمَّا یُضْعِفُهُ وَ یُوهِنُهُ بَلْ یُزِیلُهُ وَ یَنْقُلُهُ وَ لَا عُذْرَ لَکَ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عِنْدِی فِی قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ فِیهِ قَوَدَ الْبَدَنِ
وَ إِنِ ابْتُلِیتَ بِخَطَإٍ وَ أَفْرَطَ عَلَیْکَ سَوْطُکَ أَوْ یَدُکَ بِالْعُقُوبَهِ فَإِنَّ فِی الْوَکْزَهِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَهً فَلَا تَطْمَحَنَّ بِکَ نَخْوَهُ سُلْطَانِکَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّیَ إِلَى أَوْلِیَاءِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ

وَ إِیَّاکَ وَ الْإِعْجَابَ بِنَفْسِکَ وَ الثِّقَهَ بِمَا یُعْجِبُکَ مِنْهَا وَ حُبَّ الْإِطْرَاءِ فَإِنَّ ذَلِکَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّیْطَانِ فِی نَفْسِهِ لِیَمْحَقَ مَا یَکُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِینَ
وَ إِیَّاکَ وَ الْمَنَّ عَلَى رَعِیَّتِکَ بِإِحْسَانِکَ أَوِ التَّزَیُّدَ فِیمَا کَانَ مِنْ فِعْلِکَ أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَکَ بِخُلْفِکَ
فَإِنَّ الْمَنَّ یُبْطِلُ الْإِحْسَانَ وَ التَّزَیُّدَ یَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ وَ الْخُلْفَ یُوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ اللَّهِ وَ النَّاسِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى کَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ‏
وَ إِیَّاکَ وَ الْعَجَلَهَ بِالْأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا أَوِ التَّسَاقُطَ فِیهَا عِنْدَ إِمْکَانِهَا أَوِ اللَّجَاجَهَ فِیهَا إِذَا تَنَکَّرَتْ أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ فَضَعْ کُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ وَ أَوْقِعْ کُلَّ عَمَلٍ مَوْقِعَهُ
وَ إِیَّاکَ وَ الِاسْتِئْثَارَ بِمَا النَّاسُ فِیهِ أُسْوَهٌ وَ التَّغَابِیَ عَمَّا تُعْنَى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُیُونِ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْکَ لِغَیْرِکَ وَ عَمَّا قَلِیلٍ تَنْکَشِفُ عَنْکَ أَغْطِیَهُ الْأُمُورِ وَ یُنْتَصَفُ مِنْکَ لِلْمَظْلُومِ
امْلِکْ حَمِیَّهَ أَنْفِکَ وَ سَوْرَهَ حَدِّکَ وَ سَطْوَهَ یَدِکَ وَ غَرْبَ لِسَانِکَ وَ احْتَرِسْ مِنْ کُلِّ ذَلِکَ بِکَفِّ الْبَادِرَهِ وَ تَأْخِیرِ السَّطْوَهِ حَتَّى یَسْکُنَ غَضَبُکَ فَتَمْلِکَ الِاخْتِیَارَ وَ لَنْ تَحْکُمَ ذَلِکَ مِنْ نَفْسِکَ حَتَّى تُکْثِرَ هُمُومَکَ بِذِکْرِ الْمَعَادِ إِلَى رَبِّکَ

وَ الْوَاجِبُ عَلَیْکَ أَنْ تَتَذَکَّرَ مَا مَضَى لِمَنْ تَقَدَّمَکَ مِنْ حُکُومَهٍ عَادِلَهٍ أَوْ سُنَّهٍ فَاضِلَهٍ أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِیِّنَا ( صلى‏الله‏علیه‏وآله )أَوْ فَرِیضَهٍ فِی کِتَابِ اللَّهِ
فَتَقْتَدِیَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ فِیهَا وَ تَجْتَهِدَ لِنَفْسِکَ فِی اتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَیْکَ فِی عَهْدِی هَذَا وَ اسْتَوْثَقْتُ بِهِ مِنَ الْحُجَّهِ لِنَفْسِی عَلَیْکَ لِکَیْلَا تَکُونَ لَکَ عِلَّهٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِکَ إِلَى هَوَاهَا

وَ مِنْ هَذَا الْعَهْدِ وَ هُوَ آخِرُهُ‏وَ أَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ بِسَعَهِ رَحْمَتِهِ وَ عَظِیمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إِعْطَاءِ کُلِّ رَغْبَهٍ أَنْ یُوَفِّقَنِی وَ إِیَّاکَ لِمَا فِیهِ رِضَاهُ مِنَ الْإِقَامَهِ عَلَى الْعُذْرِ الْوَاضِحِ إِلَیْهِ وَ إِلَى خَلْقِهِ
مِنْ حُسْنِ الثَّنَاءِ فِی الْعِبَادِ وَ جَمِیلِ الْأَثَرِ فِی الْبِلَادِ وَ تَمَامِ النِّعْمَهِ وَ تَضْعِیفِ الْکَرَامَهِ وَ أَنْ یَخْتِمَ لِی وَ لَکَ بِالسَّعَادَهِ وَ الشَّهَادَهِ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ
وَ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَ عَلَى آلِهِ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ

مطابق نامه ۵۳ نسخه صبحی صالح

شرح وترجمه فارسی

(۵۳): از نامه آن حضرت که آن را براى مالک اشتر که خدایش رحمت فرماید به هنگامى که پس از آشفته شدن کار مصر بر محمد بن ابى بکر امیر آن دیار او را به امارت مصرگماشته ، نوشته است . این نامه مفصل ترین عهدنامه است و از همه نامه هاى آن حضرت زیباییهاى بیشترى دارد.

در این عهدنامه که چنین آغاز مى شود: بسم الله الرحمن الرحیم هذا ما امر به عبدالله على امیرالمؤ منین مالک بن حارث الاشتر به نام خداوند بخشنده مهربان این فرمانى است از بنده خدا على امیرمؤ منان به مالک اشتر پسر حارث 

ابن ابى الحدید شرح آن را در صد صفحه آورده است که بخشى از آن توضیح لغات و صنایع لفظى و معنوى و بیرون از مقوله تاریخ است و بخشى دیگر گزینه هایى اخلاقى است و کلمات قصارى که از قول اشخاص مختلف آورده است . این بنده در ترجمه این صد صفحه به لطایفى از آن که خالى از جنبه تاریخى نیست ، بسنده مى کنم .

ابن ابى الحدید مى نویسد: على علیه السلام به او فرموده است : به خاطر دارى که خودت اخبار حاکمان را گوش مى دادى ، گروهى را مى ستودى و برخى را نکوهش مى کردى ؟ اینک به زودى مردم درباره چگونگى حکمرانى تو سخن خواهند گفت ، برحذر باش که بر تو خرده گرفته نشود و نکوهیده نشوى ، آن چنان که خودت کسانى را که سزاوار نکوهش بودند، عیب و نکوهش مى کردى . نیکوکاران را با خوشنامى که خداوند درباره ایشان به زبان بندگانش جارى مى سازد مى توان شناخت و در مورد تبهکاران هم همین گونه است .

و گفته شده است زبانهاى مردم قلمهاى خداوند سبحان درباره پادشاهان است .سپس به او فرمان مى دهد که هرگاه ابهت و عظمت ریاست و امارت در نظرش ‍ مى آید و جلوه گر مى شود، بزرگى و توان خداوند را در از میان بردن و به وجودآوردن و زنده ساختن و میراندن به یاد آورد که تذکر این موضوع جوشش ‍ غرور و تکبر را فرو مى نشاند و با چنین تذکرى به فروتنى مى گراید.

امیرالمؤ منین على علیه السلام سپس به او نشان مى دهد که قانون امیرى کوشش در جلب رضایت عامه مردم است که اگر عامه مردم از امیر راضى باشند، نارضایتى خواص براى او زیانى ندارد و حال آنکه اگر عامه ناراضى شوند، رضایت خواص ‍ براى او سودى نخواهد داشت . و این مثل آن است که اگر در شهر ده بیست تن از توانگران و ثروتمندان در التزام والى قرار مى گیرند و او را خدمت کنند و با او افسانه سرایى نمایند و به ظاهر براى او همچون دوست شوند، همه اینان و نظایرشان از اطرافیان امیر و شفاعت کنندگان و مقربان درگاهش در صورتى که عامه مردم او را نپسندند نمى توانند براى او کارى انجام دهند نمى توانند براى او کارى انجام دهند، وانگهى براى خواص مى توان بدل و جایگزین فراهم کرد و حال آنکه براى عامه جایگزین و بدل نیست و اگر عامه مردم بر او بشورند همچون دریا خواهند بود که چون طوفانى شود هیچ کس را یاراى ایستادگى در قبال آن نیست و حال آنکه خواص چنین نیستند.

ابن ابى الحدید سپس فصلى درباره نهى از ذکر عیبهاى مردم و آنچه در این مورد آمده ، آورده است و فصلى دیگر در لزوم نشنیدن سخن چینى بیان کرده است که یکى دو مورد آن چنین است : مصعب بن زبیر، احنف را بر کارى مورد عتاب قرار داد. احنف آن را انکار کرد، مصعب گفت : مردى مورد اعتماد به من خبر داده است . احنف گفت : اى امیر، هرگز شخص مورد اعتماد سخن چینى نمى کند.

خسروان ساسانى به کسى اجازه نمى دادند که سکباج بپزد، و آن را ویژه مطبخ پادشاه مى دانستند. سخن چینى پیش انوشروان چنین گزارش کرد که فلانى ، ما را که گروهى بودیم به خوراکى دعوت کرد که سکباج در آن بود تت انوشروان بر رقعه او نوشت : خیرخواهى تو را مى ستاییم و دوست تو را در مورد بد انتخاب کردن برادرانش نکوهش مى کنیم .

هنگامى که ولید بن عبدالملک جانشین پدر خود در دمشق بود، مردى پیش او آمد و گفت : اى امیر مرا نصیحتى است . گفت : بگو، گفت : یکى از همسایه هاى من پوشیده از ماءموریت جنگى خود برگشته است . ولید گفت : تو با این کار خود ما را آگاه ساختى و همسایه بدى هستى ، اینک اگر مى خواهى کسى را همراه تو براى تحقیق بفرستیم ، اگر دروغگو باشى آزارت خواهیم داد و اگر راستگو باشى تو را خوش نخواهیم داشت و اگر ما را به حال خود رها کنى ، رهایت مى کنیم . گفت : اى امیر تو را به حال خود رها مى کنم . گفت : برگرد و پى کارت برو.

نظیر این داستان از عبدالملک هم نقل شده است که کسى از او خواست در خلوت با او سخن بگوید. عبدالملک به همنشینان خود گفت : اگر مناسب مى دانید بیرون بروید و آنان بیرون رفتند و همین که آن مرد آماده سخن گفتن شد، عبدالملک به او گفت : نخست آنچه را مى گویم گوش کن ، برحذر باش که مرا ستایش نکنى که من از تو به خویشتن آشناترم ، و اگر مى خواهى مرا تکذیب کنى که براى کسى که او را تکذیب مى کنند، راءیى نیست و اگر مى خواهى درباره کسى سخن چینى کنى ، من سخن چینى را دوست نمى دارم . آن مرد گفت : آیا امیرالمؤ منین اجازه بازگشت مى دهد؟ گفت : هرگاه مى خواهى برو. یکى از شاعران چنین سروده است : به جان خودت که دشمن امیر او را دشنام نداده است ، بلکه آن کس که آن خبر را به امیر مى رساند او را دشنام داده است .

ابن ابى الحدید در شرح این جمله که امیرالمؤ منین فرموده است : همانا که بخل و ترس و آزمندى گرچه خوى هاى مختلفى است ولى در سوءظن داشتن نسبت به خدا هر سه مشترک هستند، مى گوید: سخنى پرارزش و فراتر از سخن همه حکیمان است .
مى فرماید این سه خوى و خصلت داراى فصل مشترکى است که سوءظن نسبت به خداوند است ، زیرا شخص ترسو با خود مى گوید اگر جلو بروم و اقدام کنم ، کشته مى شوم ، و بخیل مى گوید اگر خرج کنم و ببخشم ، فقیر مى شوم ، و آزمند مى گوید اگر کوشش و جدیت نکنم آنچه را که مى خواهم به آن برسم ، از دست مى دهم ، و بازگشت این امور و ریشه آن در بدگمانى نسبت به خداوند است که اگر آدمى نسبت به خدا خوش گمان و یقین او راست باشد به خوبى مى داند که اجل و روزى و توانگرى و نیازمندى همه مقدر است و هیچ یک از آنها بدون قضاى خداوند متعال نخواهد بود.

ضمن شرح جمله همانا بدترین وزیران تو آنانى هستند که پیش از تو وزیر اشرار بوده اند پس از استشهاد به یکى دو آیه قرآن مجید، داستان تاریخى زیر را آورده است : مردى از خوارج را پیش ولید بن عبدالملک آوردند، ولید از او پرسید درباره حجاج چه مى گویى ؟ گفت : مى خواهى چه بگویم ، مگر جز این است که او یکى از خطاهاى تو و شررى از شعله تو است ، خداوند تو را و همراه تو حجاج را لعنت کناد و شروع به دشنام دادن به آن دو کرد. ولید به عمر بن عبدالعزیز نگریست و گفت : درباره این مرد چه مى گویى ؟ عمر گفت : چه بگویم ، مردى است که شما را دشنام داده است ، اگر مى خواهید دشنامش دهید همان گونه که به شما دشنام داده است و یا او را عفو کنید. ولید خشمگین شد و به عمر بن عبدالعزیز گفت : تو را جز خارجى نمى پندارم .

عمر بن عبدالعزیز گفت : من هم تو را جز دیوانه اى نمى پندارم و برخاست و خشمگین بیرون رفت . خالد بن ریان سالار شرطه ولید، خود را به عمر بن عبدالعزیز رساند و گفت : چه چیزى تو را واداشت که با امیرمؤ منان این گونه سخن بگویى ؟ من دسته شمشیرم را در دست داشتم و منتظر بودم چه هنگامى فرمان به زدن گردنت مى دهد. عمر گفت : بر فرض که به تو فرمان مى داد آن را انجام مى دادى ؟ گفت : آرى .

چون عمر بن عبدالعزیز به خلافت رسید، خالد بن ریان در حالى که شمشیر خود را حمایل کرده بود آمد و بالاسر او ایستاد. عمر به او نگریست و گفت : اى خالد شمشیرت را کنار بگذار که تو در هر فرمانى که ما بدهیم فرمان بردارى . مقابل عمر دبیرى نشسته بود که دبیرى ولید را هم عهده دار بود، به او هم گفت : قلمت را بر زمین بگذار که با آن هم سود مى رسانى و هم زیان ، بارخدایا من این دو را فرو نهادم آنان را به رفعت مرسان و به خدا سوگند خالد و آن دبیر از آن پس تا هنگامى که مردند، فرومایه و زبون بودند.

غزالى در کتاب احیاء علوم الدین مى نویسد: همین که زهرى به درگاه خلیفه پیوست و با قدرتمندان درآمیخت یکى از برادران دینى او برایش چنین نوشت :
اى ابابکر، خداوند ما و تو را از فتنه ها به سلامت دارد، تو گرفتار حالتى شده اى که براى هر کس که تو را مى شناسد، شایسته است براى تو دعا کند و بر تو رحمت آورد. که تو پیرى سالخورده شده اى نعمتهاى خداوند نسبت به تو از آنچه از کتاب خود به تو فهمانده و از سنت پیامبرش آموزش داده ، بسیار سنگین است و بار گرانى بر دوش توست . خداوند از علما این چنین عهد و پیمان نگرفته بلکه فرموده است : براى آنکه آن را بر مردم روشن سازید و پوشیده مداریدش ، و بدان ساده ترین کارى که مرتکب شده اى و سبک ترین گناهى که بر دوش کشیده اى ، این است که انیس تنهایى ستمگران شده اى و با نزدیک شدن به کسى که حق را انجام نمى دهد، راه گمراهى را آسان پیموده اى .

ستمگران با نزدیک ساختن تو به خودشان باطلى را رها نکرده اند، بلکه تو را به صورت محورى درآورده اند که سنگ آسیاب ستم ایشان بر گرد تو مى گردد و تو را پلى قرار داده اند که براى رسیدن به گناه خود از آن مى گذرند و نردبانى براى وصول به گمراهى خویش گرفته اند. وانگهى در پناه نام تو در دل عالمان شک مى افکنند و دلهاى نادانان را در پى خود مى کشند، آنچه که براى تو آباد کرده اند در قبال آنکه دین و حال خوش تو را به تباهى داده اند، چه بسیار چیزها که از تو بهره بردارى کرده اند و در امان نیستى که از آن گروه باشى که خداوند درباره شان فرموده است : پس از ایشان گروهى جانشین آنان شدند که نماز را تباه ساختند و از شهوتها پیروى کردند و به زودى به گمراهى خواهند افتاد. اى ابابکر تو با کسى معامله مى کنى که نادان نیست و فرشته اى بر تو موکل است که غافل نمى ماند، دین خود را که دردمند شده است ، مداوا کن و زاد و توشه خویش ‍ را فراهم ساز که سفرى دور و دراز در پیش است و هیچ چیز بر خدا در زمین و آسمان پوشیده نمى ماند، والسلام . 

ضمن شرح این جمله ثم رضهم على الا یطروک ، و سپس ایشان را چنان تربیت کن که تو را تملق نگویند و در حضورت ستایش نکنند، چنین آورده است :
در خبر آمده است : بر چهره ستایشگران چاپلوس خاک بپاشید.
مردى در حضور على علیه السلام او را ستود و فراوان مدح کرد، آن مرد در نظر على به نفاق متهم بود. به او فرمود: من فروتر از آن هستم که گفتى و فراتر از آنم که در دل دارى .
به روز بیعت با عمر بن عبدالعزیز، خالد بن عبدالله قسرى برخاست و گفت : اى امیرالمؤ منین خلافت هر کس را آراسته باشد، تو خلافت را آراسته اى و هر کس را به شرف رسانده باشد، اینک تو خلافت را به شرف رساندى ، تو همان گونه اى که شاعر گفته است :

و اذالدر زان حسن وجوه
کان للدر حسن وجهک زینا

عمر بن عبدالعزیز گفت : به این دوست شما سخنورى ارزانى شده و از خرد محروم شده است و فرمان داد بنشیند.

ضمن شرح این جمله ثم الصق بذوى المروآت و الا حساب …، آن گاه به کسانى توجه کن که از خاندانهاى بامروت و والاگهرند.، ابن ابى الحدید نامه اى را که اسکندر به ارسطو نوشته است و پاسخ ارسطو را به او نقل کرده چنین گفته است :
و شایسته است در این مورد پاسخى را که ارسطو براى اسکندر در باب محافظت و نگهدارى افراد خانواده دار و والاتبار نوشته و پیشنهاد کرده است که آنان را به ریاست و امیرى ویژه دارد و از آنان به مردم عامه و سفلگان مراجعت نکند، بیاوریم که تاءییدى در مورد سخن امیرالمؤ منین على علیه السلام و وصیت اوست .

چون اسکندر ایران شهر را که همان عراق و کشور خسروان است ، گشود و داراى پسر دارا را کشت ، براى ارسطو که در یونان بود چنین نوشت :
اى حکیم ! از ما بر تو سلام باد و سپس هر چند گردش افلاک و علتهاى آسمانى چندان ما را در کارها کامیاب کرده است که مردم مسخر فرمان ما شده اند ولى به سبب نیاز ما به حکمت و دانش تو، اینک آن را بهتر احساس مى کنیم ، ما منکر فضل تو نیستیم و اقرار به منزلت تو داریم و در مشورت با تو و اقتداء به اندیشه تو و اعتماد به امر و نهى تو احساس آرامش مى کنیم که مزه آن نعمت را چشیده ایم و برکت آن را آزموده ایم . آن چنان که به سبب گوارابودن آن در نظر ما و رسوخ آن در ذهن و خرد ما، پند و اندرز تو براى ما همچون غذا شده است و همواره بر آن اعتماد مى کنیم و رشته فکر خود را با آن مدد مى دهیم ، همچون جویبارها که از بارش باران دریاها مدد مى گیرد و همان گونه که شاخه ها بر تنه و ریشه درخت متکى است و چون نیروگرفتن اندیشه هاى پسندیده از یکدیگر است .

و همانا چندان فتح و ظفر و پیروزى براى ما صورت گرفته است و چندان دشمن را درمانده ساخته ایم که گفتار از وصف آن ناتوان است و زبان آن کس که نعمت به او ارزانى شده است ، از سپاس کوتاه است و فرو ماند. از جمله این فتوح آن است که از سرزمینهاى سوریه و جزیره گذشتیم و به بابل و سرزمین پارس رسیدیم و همین که نزدیک آن دیار و مردمش بودیم چیزى نگذشت که تنى چند از پارسیان سر پادشاه خود را براى من هدیه آوردند، به امید آنکه در پیشگاه ما به حظ و بهره اى رسند. ما به سبب بى وفایى و کمى رعایت حرمت و بدرفتارى ایشان فرمان دادیم آنان را بر دار آویختند.

سپس دستور دادیم و همه شاهزادگان و آزادگان و افراد شریف را جمع کردند. مردانى دیدم تنومند و سخت باخرد که اندیشه و ذهن و ایشان آماده و وضع ظاهر و سخن آنان پسندیده بود و سخن و اندیشه شان دلیل بر دلیرى و نیرومندى آنان بود و چنین به نظر مى رسید که اگر قضاى خداوند ما را بر ایشان پیروز نمى کرد و غلبه نمى داد، راهى براى پیروزشدن ما بر آنان وجود نداشت و ممکن نبود که تسلیم شوند. ما این کار را دور از خرد و مصلحت نمى بینیم که بن و ریشه همه آنان را قطع کنیم و آنان را به گذشتگان ایشان ملحق سازیم تا بدین گونه دل از گناهان و فتنه انگیزیهاى ایشان در امان قرار گیرد ولى چنین مصلحت دیدیم که در اعمال این نظریه در مورد کشتن ایشان بدون مشورت با تو شتاب نکنیم ، بنابراین در این باره که راءى تو را خواسته ایم ، نظر خود را پس از بررسى صحت آن و سنجیدن آن با اندیشه روشن خود، براى ما گزارش کن و سلام اهل سلام بر ما و بر تو باد.

ارسطو براى اسکندر چنین نوشت :
براى شاه شاهان و بزرگ بزرگان ، اسکندر در پیروزى بر دشمنان تاءیید شده است و چیرگى بر پادشاهان به او هدیه داه مى شود، از کوچکترین بندگان و کمترین بردگانش ارسطو طالیس که اقرارکننده به سجده است و تواضع در سلام و اعتراف به فرمان بردارى دارد…

همانا براى هر سرزمین به ناچار بخشى از فضایل موجود است و سهم سرزمین فارس دلیرى و نیرومندى است و اگر تو اشراف ایشان را بکشى ، افراد فرومایه را به جاى ایشان جایگزین مى کنى و منازل بر کشیدگان را به سفلگان ارزانى مى دارى و اشخاص بى ارزش و پست را به مراتب اشخاص گرانقدر چیره مى سازى ، و پادشاهان هرگز به بلایى سخت تر از این گرفتار نمى شوند که سفلگان بر کشور چیره و اشخاص بى آبرو عهده دار کارها شوند که از هر چیز براى خوارى پادشاهى آنان خطرناک تر است . بنابراین به تمام معنى از این کار برحذر باش و مبادا براى فرومایگان امکان چیرگى را فراهم آورى که اگر از این پس کسى از آنان بر لشکر و مردم سرزمین تو خروج کند آن چنان ایشان را فرو خواهد گرفت که هیچ روش پسندیده اى باقى نخواهد ماند.

از این اندیشه به اندیشه دیگر برگرد و به همان آزادگان و بزرگان اعتماد کن و کشورشان را میان ایشان تقسیم کن و هر کس را که به هر ناحیه ، هر چند کوچک باشد، مى گمارى عنوان پادشاهى بده و بر سرش تاج شاهى بگذار، زیرا بر هر کس نام پادشاه نهاده شود و تاج بر سر نهد، به نام و تاج خود چنان مى بالد که حاضر براى فروتنى در قبال کس دیگرى نیست و هر یک از آن پادشاهان گرفتار مسائل میان خود و همسایه اش مى شود که چگونه پادشاهى خود را حفظ کند و به فراوانى مال و سپاه خود سرگرم مى شود و بدین گونه آنان کینه هاى خود را نسبت به تو و خونهایى را که برعهده تو داشته اند، فراموش مى کنند و جنگ و ستیز ایشان به جاى آنکه متوجه تو باشد میان خودشان خواهد بود و خشم ایشان نسبت به تو مبدل به خشم آنان از خودشان مى شود، و هر چه بصیرت ایشان افزون شود براى تو، روبه راه تر مى شوند اگر بر ایشان نزدیک شوى به تو نزدیک مى شوند و اگر از ایشان دورى جویى هر یک مى خواهد به نام تو عزت و قدرت یابد تا آنجا که ممکن است یکى از ایشان به نام تو بر دیگرى بشورد و او را با لشکر تو بترساند و به این گونه کارها سرگرم خود خواهند بود و به تو نمى پردازند و موجب ایمنى خاطر است که پس از بیرون آمدن تو کارهاى نو پدید نیاوردند، هر چند که به روزگار امانى نیست و به گردش ‍ دهر اعتمادى نه .

و چون مایه افتخار و حق واجب بود که پاسخ آنچه را که پادشاه از من پرسیده است بدهم ، اینک آن را که محض نصیحت است عرضه داشتم هر چند که پادشاه خود داراى بینش برتر و روش استوارتر و اندیشه فراتر است و در آنچه به لطف از من یارى خواسته و مرا مکلف به روشن کردن آن و رایزنى فرموده است خود داراى همتى بیشتر است ، که شاه همواره در شناخت بهره نعمتها و نتیجه پسندیده کارها و استوارساختن پادشاهى و آسایش حال و درک آرزوها داراى قدرتى فراتر از حد قدرت بشر است . و درودى بى پایان که آن را حد و نهایتى نباشد بر شاه باد.

گویند اسکندر به راءى ارسطو عمل کرد و شاهزادگان و بزرگ زادگان ایرانى را بر نواحى ایرانشهر به جانشینى خود گماشت و ایشان همان طبقه ملوک الطوایف هستند که پس از او بر جاى بودند و کشور میان ایشان بخش شده بود تا آنکه اردشیر بابکان آمد و پادشاهى را از دست ایشان بیرون کشید.

در شرح فصلى از این عهدنامه که در مورد گزینش قاضى است ، ابن ابى الحدید پس از شرح لغات و اصطلاحات و اشاره به اینکه این گفتار على علیه السلام که فرموده است :
همانا که این دین اسیر بود، در مورد قاضیان و حاکمان عثمان است که در حکومت او به حق قضاوت نمى کردند بلکه در طلب دنیا و به هواى نفس ‍ قضاوت مى کرده اند و حال آنکه اصحاب معتزلى ما مى گویند خداوند عثمان را بیامرزاد که مردى ضعیف بود، خویشاوندانش بر او چیره شدند و کارها را بدون اطلاع او انجام مى دادند! و گناه ایشان بر خودشان است و عثمان از آنان برى است ؛ فصلى لطیف و آمیخته به طنز درباره قضاوت و آنچه بر ایشان لازم است و ذکر برخى از کارهاى نادر ایشان آورده است که به ترجمه گزینه هایى از آن بسنده مى شود.

در حدیث مرفوع آمده است که قاضى در حالى که خشمگین است نباید قضاوت کند، همچنین در حدیث مرفوع آمده است که هر کس گرفتار قضاوت میان مسلمانان مى شود باید در نگریستن و اشاره کردن و نشست و برخاست خود میان ایشان به عدالت رفتار کند.
ابن شهاب زهرى پیش ولید یا سلیمان رفت . او پرسید: اى پسر شهاب ! این چیست که مردم شام آن را روایت مى کنند؟ زهرى گفت : اى امیرالمؤ منین چه حدیثى ؟ گفت : آنان روایت مى کنند که هرگاه خداوند بنده اى را به شبانى رعیت مى گمارد، حسنات را براى او مى نویسد و سیئات را نمى نویسد. گفت : اى امیرالمؤ منین دروغ گفته اند، پیامبر به خدا نزدیکتر است یا خلیفه ؟ گفت : بدون تردید پیامبر.

ابن شهاب گفت : خداوند متعال در آیه بیست و ششم از سوره ص به پیامبر خود داود چنین مى فرماید: اى داود، ما تو را در زمین خلیفه قرار دادیم ، پس میان مردم به حق حکم کن و از هواى نفس پیروى مکن که تو را از خدا گمراه کند، کسانى که از راه خدا گمراه شوند براى آنان عذابى سخت است . سلیمان گفت : همانا مردم ، ما را از دین خودمان فریب مى دهند.

ابن ارطاه خواست بکر بن عبدالله عدوى عهده دار قضاوت شود. بکر گفت : به خدا سوگند من قضاوت را نیکو نمى دانم ، اگر در این سخن خود راستگو باشم ، براى تو روا نیست کسى را که قضاوت را نیکو نمى داند به قضاوت بگمارى و اگر دروغگو باشم ، فاسق هستم و به خدا سوگند روا نیست که فاسق را به قضاوت بگمارى .

ابن شهاب زهرى گفته است سه چیز است که چون در قاضى باشد، قاضى نیست ، اینکه نکوهش را خوش نداشته باشد و ستایش را خوش داشته باشد و از عزل خود بترسد.

محارب بن زیاد به اعمش گفت : عهده دار قضاوت شدم افرا خانواده ام گریستند و چون برکنار شدم باز هم گریستند و نمى دانم به چه سبب بود؟ گفت : از این روى بود که چون قاضى شدى ، آن را خوش نمى داشتى و از آن بى تابى مى کردى و اهل تو به سبب بى تابى تو گریستند و چون برکنار شدى ، برکنارى را خوش نداشتى و از آن بى تابى کردى و باز هم اهل تو به سبب بى تابى تو گریستند. گفت : راست گفتى .

گروهى را براى گواهى دادن در مورد نخلستانى پیش ابن شبرمه قاضى آوردند.آنان که به ظاهر عادل هم بودند، شهادت دادند. ابن شبرمه آنان را امتحان کرد و گفت : در این نخلستان چند نخل خرماست ؟ گفتند: نمى دانیم . شهادت آنان را رد کرد. یکى از آنان به او گفت : اى قاضى ! سى سال است در این مسجد قضاوت مى کنى به ما بگو در این مسجد چند ستون است ؟ قاضى سکوت کرد و گواهى ایشان را پذیرفت .

مردى ، کنیزى را که از مردى خریده بود، مى خواست به سبب حماقت کنیز پس ‍ دهد، کارشان به مرافعه پیش ایاس بن معاویه کشید. ایاس از آن کنیز پرسید کدام پاى تو درازتر است ؟ گفت : این یکى . ایاس پرسید آیا شبى را که مادرت تو را زایید به یاد دارى ؟ گفت : آرى . ایاس گفت : حتما پس بده ، پس بده .

و در خبر مرفوع از روایت عبدالله بن عمر آمده است که امتى که میان ایشان به حق قضاوت نشود، مقدس و پاک نخواهد بود.، و باز در حدیث مرفوع از روایت ابوهریره آمده است هیچ کس نیست که میان مردم حکم دهد مگر اینکه روز قیامت او را در حالى مى آورند که دستهایش بر گردنش بسته است ، دادگرى او را مى گشاید و ستم او را به همان حال رها مى کند.

مردى از على علیه السلام پیش عمر داورى آورد. على در حضور عمر نشسته بود، عمر به او نگریست و گفت : اى اباالحسن برخیز و کنار مدعى خود بنشین . برخاست و کنار مدعى نشست ، و دلایل خود را عرضه کردند. آن مرد برگشت و على علیه السلام هم به جاى خود برگشت . عمر متوجه تغییر در چهره على شد و گفت : اى اباالحسن چرا تو را مغیر مى بینم مگر چیزى از آنچه صورت گرفت خوش نداشتى ؟ گفت : آرى عمر پرسید چه چیز را؟ گفت : در حضور مدعى مرا احترام کردى و با کنیه ام خواندى ، اى کاش مى گفتى اى على برخیز و کنار مدعى خود بنشین . عمر، على را در آغوش کشید و شروع به بوسیدن چهره اش کرد و گفت : پدرم فداى شما باد که خداوند به یارى شما ما را هدایت فرمود و به وسیله شما ما را از ظلمت به نور منتقل کرد.

در بغداد مردى شهره به صلاح و پارسایى به نام رویم بود که سرانجام عهده دار قضاوت شد. جنید گفت : هر کس مى خواهد راز خود را به کسى بگوید که آن را فاش نکند به رویم بگوید که چهل سال محبت دنیا را نهان داشت تا سرانجام بر آن دست یافت .

ابوذر که خداى از او خشنود باد مى گوید: پیامبر صلى الله علیه و آله شش روز پیاپى به من فرمود آنچه را به تو مى گویم بیندیش و عمل کن ، روز هفتم فرمود تو را به ترس از خداوند در نهان و آشکار کارهایت سفارش مى کنم و هرگاه بدى کردى پس از آن به نیکى کن و از هیچ کس چیزى مخواه حتى اگر تازیانه ات بر زمین افتاد خود آن را بردار و عهده دار امانت مشو و امیرى و ولایت مپذیر و هیچ یتیمى را کفالت مکن و هرگز میان دو کس قضاوت و داورى مکن .

ضمن شرح آن بخش از عهدنامه که درباره خراج است و با این جمله آغاز مى شود: و تفقد امرالخراج بما یصلح اهله ، و در کار خراج چنان بنگر که خراج دهندگان را به صلاح مى آورد، ابن ابى الحدید چنین آورده است :
به انوشروان گزارش داده شد که کارگزار اهواز، خراجى افزون از حد معمول فرستاده است و چه بسا که این کار با اجحاف نسبت به رعیت صورت گرفته باشد.

نوشروان نوشت : این اموال بر هر کس که از او گرفته شده است ، برگردانده شود که اگر پادشاه اموال خود را با گرفتن اموال مردم افزایش دهد همچون کسى است که براى استوارساختن بام خانه خویش از بن خانه و ساختمان خود خاک بردارى کند.
بر انگشترى نوشروان نوشته شده بود: هر جا که پادشاه ستم ورزد، آبادى نخواهد بود.

عهدنامه شاپور پسر اردشیر براى پسرش

در عهدنامه شاپور پسر اردشیر براى پسرش سخنانى دیدم که شبیه سخن امیرالمؤ منین على علیه السلام در این عهدنامه است و آن این سخنان شاپور است :
بدان که پایدارى فرمانروایى تو به پیوستگى درآمد خراج است و آن فراهم نشود جز به آبادى سرزمینها و رسیدن به کمال هدف ، در این راه نیکوداشتن احوال خراج گزاران با دادگرى میان ایشان و یارى دادن آنان است که پاره اى از کارها سبب پاره اى دیگر از کارهاست و عوام مردم ساز و برگ خواص اند و هر صنف را به صنف نیاز است . براى کار خراج ، بهترین دبیرى را که ممکن باشد، برگزین و باید که اهل بینش و پاکدامنى و کفایت باشند، و با هر یک از آنان ، مردى دیگر بفرست که بر او یارى رساند و زودتر آسوده شدن از جمع کردن خراج را ممکن سازد و اگر آگاه شدى که یکى از ایشان خیانت و ستمى کرده است ، او را عقوبت و در عقوبت او مبالغه کن .

برحذر باش که بر سرزمینى پرخراج ، کسى جز مرد بلندآوازه بزرگ منزلت را نگمارى و هیچ یک از فرماندهان سپاه خود را که آماده جنگ و سپر در قبال دشمنان هستند، بر کار خراج مگمار که شاید گرفتار خیانت یکى از ایشان یا تباه ساختن کار ولایت از سوى او شوى و در این حال اگر آن مال را بر او ببخشى و از تبهکارى او چشم بپوشى مایه هلاک و زیان تو و رعیت مى شود و انگیزه تباهى دیگرى مى گردد و اگر او را مکافات کنى ، تباهش کرده اى و سینه اش را تنگ ساخته اى و این کار از دوراندیشى به دور و اقدام بر آن نکوهیده است ، در عین حال که کوتاهى در این باره هم ناتوانى است .

و بدان که برخى از خراج دهندگان پاره اى از زمین و ملک خود را به اختیار برخى از ویژگان و اطرافیان شاه مى نهد و این کار به دو منظور صورت مى گیرد که براى تو شایسته است آن هر دو منظور را خوش نداشته باشى ، یا براى جلوگیرى از ستم عاملان خراج و ظلم والیان است که این نمودار بدرفتارى عاملان و ناتوانى پادشاه در امورى است که زیر فرمان اوست ، یا براى خوددارى از پرداخت آنچه بر ایشان واجب است صورت مى گیرد و این کارى است که با آن آداب رعیت تباهى و اموال پادشاه نقصان مى پذیرد، از این کار برحذر باش و هر دو را عقوبت فرماى ، چه آن کس را که مال خود را در اختیار نهاده است چه آن را که پذیرفته است .

ابن ابى الحدید ضمن شرح این جمله که فرموده است : ثم انظر فى حال کتابک ، و سپس در احوال دبیران خود بنگرمطالبى اجتماعى درباره مصاحبان شاه و آداب دبیرى و پند و اندرز وزیران گذشته آورده است که براى نمونه به ترجمه یکى دو مورد بسنده مى شود. گفته شده است همان گونه که دلیرترین مردان نیازمند به سلاح است و تیزروترین اسبها تازیانه و تیزترین تیغها نیازمند سوهان دندانه دار است ، خردمند و دوراندیش ترین پادشاهان نیز نیازمند وزیر صالح اند.

و گفته مى شده است ، صلاح دنیا به صلاح پادشاهان و صلاح پادشاهان به صلاح وزیران وابسته است و همان گونه که براى پادشاهى ، کسى جز مستحق پادشاهى ، شایسته نیست . همان گونه وزارت هم به صلاح نمى انجامد جز به کسى که سزاوار وزارت باشد.

و گفته اند، مثل پادشاه شایسته و نیکوکار که وزیرش فاسد باشد، همچون آب صاف شیرینى است که در آن تمساح وجود داشته باشد، که آدمى هر چند شناگر و تشنه و دل بسته به آن آب باشد از بیم جان خود نمى تواند در آن آب درآید.

شارح ضمن شرح وظایف حاکم نسبت به طبقات ضعیف جامعه که با این عبارت آغاز مى شود: الله الله فى الطبقه السفلى، خدا را خدا را، در مورد طبقه پایین ، چنین آورده است :
یکى از خسروان به تن خویش به دادرسى مى نشست و به کسى جز خود اعتماد نمى کرد و به جایى مى نشست که صداى دادخواه را بشنود و چون مى شنید او را بار مى داد. قضا را گرفتار کرى و ناشنوایى شد. منادى او ندا داد که اى مردم پادشاه مى گوید اگر من گرفتار ناشنوایى در گوش خود شده ام ، گرفتار نابینایى در چشم خویش نیستم از این پس هر دادخواه جامه سرخ بپوشد، و شاه در جایى مى نشست که بر آنان اشراف داشته باشد. براى امیرالمؤ منین على علیه السلام حجره اى بود که آن را خانه قصه ها نام نهاده بود، مردم رقعه هاى خود را در آن خانه مى انداختند، واثق عباسى از خلیفگان بنى عباس هم همین گونه رفتار مى کرد.

ضمن شرح این جمله که فرموده است : فلا تطولن احتجابک عن رعیتک ، فراوان خود را از رعیت خویش در پرده قرار مده .، فصلى درباره حجاب و پرده دارى و اخبار و اشعارى که در این باره آمده ، آورده است که به ترجمه گزینه هایى از آن بسنده مى شود.
گروهى از اشراف که از جمله ایشان سهیل بن عمرو و عیینه بن حصن و اقرع بن حابس بودند، بر در خانه عمر آمدند. آنان را نپذیرفتند، پس از مدتى حاجب بیرون آمد و گفت : عمار و سلمان و صهیب کجایند؟ و آنان را اجازه ورود به خانه داد. چهره هاى آن گروه اشراف دگرگون و نشانه هاى خشم بر آن آشکار شد، سهیل بن عمرو به آنان گفت : چرا چهره هایتان دگرگون مى شود، آنان و ما را به اسلام فرا خواندند، ایشان پیشى گرفتند و ما تاءخیر و درنگ کردیم و اگر امروز بر در خانه عمر بر ایشان رشک مى برید، فردا در قیامت به ایشان رشک بیشترى خواهید برد.

معاویه ، ابوالدراء را نپذیرفت ، به او گفتند معاویه روى از تو پنهان داشت و تو را نپذیرفت . گفت : آن کس که به درگاه پادشاهان آمد و شد کند، گاه زبون و گاه گرامى مى شود و هر کس به درى بسته مصادف شود، کنار آن درى گشوده خواهد یافت که اگر چیزى بخواهد بر او داده مى شود و اگر دعا کند برآورده مى گردد. اگر معاویه خود را در پرده قرار داد و روى پنهان کرد، پروردگار معاویه روى پنهان نمى دارد.

دو مرد از معاویه اجازه ورود خواستند ابتدا به یکى از ایشان که منزلت شریف ترى داشت ، اجازه داد و سپس به دیگرى . دومى که وارد مجلس معاویه شد، جایى فراتر از جاى اولى نشست . معاویه گفت : خداوند ما را ملزم به ادب کردن شما کرده است ، همان گونه که ملزم به رعایت شماییم ، اینکه ما آن یکى را پیش از تو اجازه ورود دادیم ، نمى خواستیم محل نشستن او پایین تر از محل نشستن تو باشد، برخیز که خداوند براى تو وزنى بر پاى ندارد.

ضمن شرح این جمله ثم ان للوالى خاصه و بطانه فیهم استئثار و تطاول و قله انصاف فى معامله وانگهى والى را ویژگان و نزدیکانى است که در آنان خوى برترى جویى و دست یازى و بى انصافى در معامله وجود دارد. ابن ابى الحدید پس از توضیح پاره اى از لغات و اصطلاحات ، فصلى در مورد سیره و روش عمر بن عبدالعزیز و پاکى او در دوره خلافت آورده است که هر چند خبرهاى تاریخى کمتر در آن طرح شده است ولى حاوى نکات آموزنده اى است که به ترجمه گزینه هایى از آن بسنده مى شود.

عمر بن عبدالعزیز اموالى را که خاندان مروان به ستم از مردم ستانده بودند، به مردم برگرداند. بدین سبب مروانیان او را نکوهش کردند و کینه اش را به دل گرفتند و گفته شده است او را مسموم کرده اند و عمر بن عبدالعزیز از آن درگذشته است .

جویریه بن اسماء، از قول اسماعیل بن ابى حکیم نقل مى کند که مى گفته است پیش ‍ عمر بن عبدالعزیز بودیم ، چون پراکنده شدیم منادى او نداى جمع شدن در مسجد داد. به مسجد رفتم ، دیدم عمر بن عبدالعزیز بر منبر است . او نخست حمد و ستایش خدا را بر زبان آورد و سپس گفت : همانا آنان یعنى خلیفگان اموى پیش ‍ از او عطاهایى به ما داده اند که نه براى ما گرفتن آن روا بوده است و نه براى آنان بخشیدن آن اموال بر ما جایز بوده است . و من اینک مى بینم که در آن مورد کسى جز خداوند از من حساب نخواهد خواست و به همین سبب نخست از خودم و سپس خویشاوندان نزدیکم شروع مى کنم .

اى مزاحم ! بخوان و مزاحم شروع به خواندن نامه هایى کرد که همگى اسناد اقطاعات در نواحى مختلف بود. آن گاه عمر آن قباله ها را گرفت و با قیچى ریزریز کرد و این کار تا هنگام اذان ظهر ادامه داشت . فرات بن سائب روایت مى کند که فاطمه دختر عبدالملک بن مروان که همسر عمر بن عبدالعزیز بود گوهرى گرانبها داشت که پدرش به او بخشیده بود و هیچ کس را چنان گوهرى نبود. چون عمر بن عبدالعزیز به حکومت رسید به او گفت : یکى از این دو پیشنهاد را انتخاب کن یا آن گوهر و زیورهاى خود را به بیت المال مسلمانان برگردان یا به من اجازه بده از تو جدا شوم که خوش نمى دارم من و تو و آن گوهر و زیور در یک خانه جمع باشیم . فاطمه گفت : من تو را انتخاب مى کنم و نه تنها بر آن گوهر بلکه اگر چند برابر آن هم از من بود، و دستور داد آن گوهر را به بیت المال برگردانند. چون عمر مرد و یزید بن عبدالملک خلیفه شد به خواهرش فاطمه گفت : اگر مى خواهى آن را به تو برگردانم ؟ گفت : هرگز نمى خواهم که من به هنگام زندگى عمر بن عبدالعزیز با میل از آن گذشت کرده ام ، اینک پس از مرگ او آنها را پس بگیرم ! نه به خدا سوگند یزید بن عبدالملک که چنین دید آنها را میان فرزندان و زنان خویش تقسیم کرد.

سهیل بن یحیى مروزى ، از پدرش ، از عبدالعزیز نقل مى کند  که مى گفته است همین که جسد سلیمان را به خاک سپردند، عمر بن عبدالعزیز به منبر رفت و گفت : اى مردم من بیعت شما را از گردن خود برداشتم . مردم یک صدا فریاد برآوردند که ما تو را برگزیده ایم ، عمر بن عبدالعزیز به خانه اش رفت و فرمان داد پرده ها و فرشهاى گرانبهایى را که براى خلیفگان گسترده مى شد، جمع کردند و به بیت المال بردند. آن گاه منادى او بیرون آمد و گفت هر کس از دور و نزدیک که فریادخواهى و دادرسى از امیرالمؤ منین دارد بیاید. مردى از اهل ذمه حمض که همه موهاى سر و ریش او سپید بود، برخاست و گفت : اى امیرمؤ منان ! از تو مى خواهم به حکم کتاب خدا حکم کنى .

عمر بن عبدالعزیز پرسید کار تو چیست و چه مى خواهى ؟ گفت : عباس بن ولید بن عبدالملک ، ملک را غصب کرده است ، عباس نشسته بود. عمر بن عبدالعزیز به او گفت : اى عباس چه مى گویى ؟ گفت : امیرالمؤ منین ولید آن را به من بخشیده و در این قباله نوشته است .

عمر بن عبدالعزیز به آن مرد ذمى گفت : تو چه مى گویى ؟ گفت : اى امیرالمؤ منین از تو مى خواهم حکم کتاب خدا را رعایت کنى . عمر گفت : آرى به جان خودم سوگند کتاب خدا سزاوارتر براى پیروى از کتاب ولید است ، اى عباس ملک او را برگردان . و عمر بن عبدالعزیز هیچ مظلمه اى را در دست اهل بیت خود باقى نگذاشت و یکى یکى پس داد.

ابن درستویه از یعقوب بن سفیان از جویریه بن اسماء نقل مى کند که مى گفته است : پیش از آن که عمر بن عبدالعزیز به خلافت برسد، ملک آباد و معروف سهله در منطقه یمامه در اختیارش بود که ملکى بسیار بزرگ و غلات بسیار داشت و زندگى عمر بن عبدالعزیز و خانواده اش درآمد آن اداره مى شد. همین که عمر بن عبدالعزیز به حکومت رسید به وابسته خود مزاحم که مرد فاضلى بود گفت : تصمیم گرفته ام سهله را به بیت المال مسلمانان برگردانم .

مزاحم گفت : آیا مى دانى شمار فرزندان تو چند است ؟ آنان این همه اند. گوید: چشمهاى عمر بن عبدالعزیز به اشک نشست و اشک سرازیر شد و با انگشت میانه خود اشکهایش ‍ را پاک کرد و مى گفت : آنان را به خدا مى سپارم و به او وامى گذارم . مزاحم از پیش ‍ عمر نزد عبدالملک پسر عمر بن عبدالعزیز رفت و گفت : آیا مى دانى پدرت چه تصمیمى گرفته است ؟ او مى خواهد سهله را به بیت المال مسلمانان برگرداند. عبدالملک گفت : تو به او چه گفتى ؟ گفت : شمار فرزندانش را یادآور شدم و او شروع به گریستن کرد و گفت آنان را به خدا وامى گذارم . عبدالملک گفت : از لحاظ دینى چه بدوزیرى هستى . آن گاه از جاى برخاست و به درگاه پدر آمد و به حاجب گفت : براى او اجازه بخواهد. حاجب گفت : او هم اکنون براى خواب نیمروزى سر بر بالش نهاده است . عبدالملک گفت : براى من از او اجازه بخواه . گفت : آیا بر او رحم نمى کنید، در همه ساعات شبانه روز جز همین ساعت براى استراحت ندارد، عبدالملک با صداى بلند گفت : اى بى مادر براى من اجازه ورود بگیر. عمر بن عبدالعزیز گفتگوى آنان را شنید و گفت : به عبدالملک اجازه ورود بده . همین که عبدالملک وارد شد گفت : پدر چه تصمیمى گرفته اى ؟ گفت : مى خواهم سهله را به بیت المال مسلمانان برگردانم .

عبدالملک گفت : تاءخیر مکن و هم اکنون برخیز. عمر دست به سوى آسمان برافراشت و گفت : سپاس خداوندى را که میان فرزندانم کسى را قرار داده است که مرا در کار دینم یارى دهد. سپس گفت : آرى پسرجان ، نماز ظهر که بگزارم به منبر مى روم و آشکارا و در حضور مردم آن را برمى گردانم . عبدالملک گفت : چه کسى ضامن آن است که تا ظهر زنده بمانى وانگهى چه کسى ضامن آن است که بر فرض تا ظهر زنده بمانى ، نیت تو دگرگون نشود. عمر بن عبدالعزیز همان دم برخاست و بر منبر رفت و براى مردم خطبه خواند و سهله را برگرداند.

گوید: چون عمر بن عبدالعزیز بنى مروان را به برگرداندن مظالم واداشت ، عمر بن ولید بن عبدالملک براى او نامه اى با لحن درشت نوشت که برخى از آن چنین بود:
همانا تو بر خلیفه هاى پیش از خود عیب مى گیرى و به سبب کینه با آنان و دشمنى نسبت به فرزندان ایشان ، به روشى غیر از روش ایشان کار مى کنى و پیوند خویشاوندى را که خداوند فرمان به پیوستگى آن داده است ، بریدى و به اموال و میراثهاى قریش دست یازیدى و با زور و ستم آن را در زمره اموال بیت المال درآوردى . اى پسر عبدالعزیز از خدا بترس و مراقب باش که اهل بیت خود را به ظلم و ستم کردن بر ایشان ویژه کردى ، آرى سوگند به خدایى که محمد صلى الله علیه و آله را به آن همه خصایص مخصوص فرموده است با این ولایت خود که از نخست هم آن را براى خود مایه گرفتارى مى دانستى ، از خداوند دورتر شدى ، از پاره اى کارهاى خود دست کوتاه کن و بدان که در دیدگاه و اختیار پروردگار نیرومند درهم شکننده هستى و هرگز تو را بر این کارها که در آن هستى ، رها نمى فرماید.

گویند: عمر بن عبدالعزیز پاسخ او را چنین نوشت :
اما بعد، نامه ات را خواندم و هم اکنون پاسخت را همان گونه مى دهم . اى پسر ولید، آغاز کارت چنین بود که مادرت نباته کنیزى از قبیله سکون یمن بود که در بازارهاى حمص مى گشت و به دکانها سر مى زد و خداوند به کار او داناتر است ، سرانجام او را ذبیان بن ذبیان در زمره غنایم مسلمانان خرید و به پدرت هدیه داد که به تو باردار شد، چه حامل و محمول نکوهیده اى ، و هنگامى که پرورش یافتى ستمگرى ستیزگر بودى و اینک مى پندارى که من از ستمگرانم زیرا تو را و خاندانت را از غنایم خداوند که حق خویشاوندان نزدیک پیامبر و بینوایان و بیوه زنان است ، محروم ساخته ام ، و حال آنکه ستمگرتر و رهاکننده تر پیمان خداوند کسى است که تو را در کودکى و سفلگى به فرماندهى لشکر مسلمانان گماشت که میان ایشان به راءى خود حکومت کنى و در این کار انگیزه اى جز دوستى پدر نسبت به فرزندش وجود نداشت .

اى واى بر تو و واى بر پدرت که روز قیامت دشمنان شما چه بسیارند، و ستمگرتر و بى وفاتر به پیمان خدا از من آن کسى است که حجاج بن یوسف را بر دوپنجم اعراب حکومت داد تا خونهاى حرام را بریزد و به حرام اموال را بگیرد، و ستمگرتر و پیمان شکننده تر از من نسبت به عهد خداوند کسى است که قره بن شریک را که عربى صحرانشین و بى ادب بود بر مصر گماشت و به او در مورد موسیقى و باده نوشى و لهو و لعب اجازه داد، و باز ستمگرتر و پیمان شکن تر از من کسى است که عثمان بن حیان را بر حجاز حاکم ساخت که بر منبر رسول خدا شعرخوانى کند و کسى است که براى عالیه همان زن بربرى سهمى از خمس قرار داد. بنابراین اى پسر نباته آرام باش و اگر این کار بزرگ برگرداندن غنایم به اهل آن صورت بگیرد و آسوده شوم ، به تو و افراد خانواده ات بیشتر خواهم پرداخت و شما را به شاهراه برمى گردانم که مدتى دراز است حق را رها کرده و کوره راهها را مى پیمایید.

آنچه که از این مهمتر است و امیدوارم آن را عمل کنم ، فروختن تو به بردگى است و تقسیم کردن بهاى تو میان بینوایان و یتیمان و بیوه زنان که هر یک از ایشان را بر تو حقى است و سلام بر ما، و سلام خدا هرگز به ستمگران نرسد.

اوزاعى روایت مى کند و مى گوید: هنگامى که عمر بن عبدالعزیز مستمرى هاى ویژه اى را که خلیفگان پیش از او براى افراد خاندانش مقرر داشته بودند قطع کرد، عنبسه بن سعید در این باره با او سخن گفت و اظهار داشت : اى امیرالمؤ منین ما را حق خویشاوندى است . عمر بن عبدالعزیز گفت : اگر اموال شخصى من فراوان شد. از شما خواهد بود، اما در این اموال عمومى حق شما هم در آن ، همان حق کسى است که در دورترین نقطه برک الغماد  زندگى مى کند و فقط دورى او مانع از آن است که حق خود را بگیرد. به خدا سوگند معتقدم که اگر چنان شود که همه مردم زمین همین نظر شما را در مورد این اموال پیدا کنند بدون تردید عذابى نابودکننده از جانب خداوند بر ایشان نازل خواهد شد.

اسماعیل بن ابى حکیم مى گوید: روزى عمر بن عبدالعزیز به حاجب خود گفت : امروز کسى جز مروانیان را به حضور نمى پذیرم . چون مروانیان گرد آمدند، عمر بن عبدالعزیز به آنان گفت : اى بنى مروان به شما شرف و بهره فراوان و اموال بسیار رسیده است و چنین مى پندارم که نیمى بلکه دوسوم اموال این امت در دست شماست ، آنان خاموش ماندند. گفت : در این مورد پاسخ مرا نمى دهید؟ مردى از ایشان گفت : نظر تو چیست ؟ گفت : مى خواهم آن را از چنگ شما بیرون کشم و به بیت المال مسلمانان برگردانم . مردى دیگر از ایشان گفت : به خدا سوگند این کار نخواهد شد تا میان سرها و بدنهاى ما جدایى افتد، و به خدا سوگند ما از گذشتگان خود را تکفیر نمى کنیم و فرزندان خود را به فقر نمى اندازیم . عمر بن عبدالعزیز گفت : به خدا سوگند اگر خودتان مرا در این مورد یارى ندهید که حق را به حق دار رسانم ، چهره شما را خوار و زبون خواهم ساخت از حضور من برخیزید و بروید.

نوفل بن فرات مى گوید: بنى مروان پیش عاتکه دختر مروان بن حکم از عمر بن عبدالعزیز شکایت کردند و گفتند: او بر گذشتگان و پیشینیان ما عیب مى گیرد و اموال ما را از باز مى گیرد. عاتکه که در نظر مروانیان بزرگ بود، این موضوع را به عمر بن عبدالعزیز گفت . عمر گفت : عمه جان ، رسول خدا که درود بر او و خاندانش باد رحلت فرمود و براى مردم جویبارى پرآب و آبشخور باقى گذاشت ، پس از آن حضرت دو مرد عهده دار آن جویبار شدند که چیزى از آن را ویژه خود و خاندان خود قرار ندادند، سپس شخص سومى عهده دار شد که از آن رود جدایى کرد و پس از او مردم از آن براى خودجویها جدا کردند تا آنجا که آن رود بزرگ را به صورت خشک رودى درآوردند که قطره اى آب در آن باقى نماند. سوگند به خدا که اگر خدایم باقى گذارد همه این جویها را خواهم بست تا آب به همان جویبار برگردد. عاتکه گفت : در این صورت هم نباید در حضور تو آنان دشنام داده شوند. گفت : چه کسى آنان را دشنام مى دهد، کسى شکایت خود را طرح و گزارش مى کند و من آن را رسیدگى و مالش را به او برمى گردانم .

وهیب بن ورد مى گوید: مروانیان بر در خانه عمر بن عبدالعزیز جمع شدند و به یکى از پسرانش گفتند: به پدرت بگو اجازه ورود به ما بدهد و اگر اجازه نداد، پیامى از ما به او برسان . عمر بن عبدالعزیز به آنان اجازه ورود نداد و گفت : بگو پیام خود را بگویند. آنان گفتند: به پدرت بگو خلیفگان پیش از تو قدر و منزلت ما را مى شناختند و به ما عطا مى کردند. و حال آنکه پدرت ما را از آنچه که در اختیار اوست محروم ساخته است . او پیش پدر برگشت و پیام ایشان را رساند، عمر بن عبدالعزیز گفت : پیش آنان برو و بگو من اگر عصیان پروردگارم کنم از عذاب روز برزگ سخت مى ترسم . 

سعید بن عمار از قول اسماء دختر عبید نقل مى کند که مى گفته است : عنبسه بن سعید بن عاص پیش عمر بن عبدالعزیز آمد و گفت : اى امیرالمؤ منین ، خلیفگان پیش از تو عطاهایى به ما مى دادند که تو آن را از ما برداشته اى و من عائله مندم و آب و زمینى دارم ، اجازه فرماى به آنجا روم و هزینه نان خورهاى خود را به دست آورم . عمر گفت : آرى ، محبوب ترین شما در نظر ما کسى است که هزینه خود را از ما کفایت کند. عنبسه بیرون رفت همین که نزدیک در رسید عمر بن عبدالعزیز او را صدا کرد که اى ابوخالد، ابوخالد برگشت ، عمر به او گفت : از مرگ بسیار یاد کن که اگر در فقر و گرفتارى باشى ، زندگى را بر تو آسان مى دارد و اگر در فراخى و آسایش باشى ، آن را بر تو اعتدال مى بخشد.

عمر بن على بن مقدم مى گوید: پسرک سلیمان بن عبدالملک به مزاحم گفت : مرا با امیرالمؤ منین کارى است ، مزاحم براى او اجازه گرفت و او را به حضور عمر بن عبدالعزیز برد. پسرک گفت : اى امیرالمؤ منین ، چرا زمین مرا گرفته اى ؟ گفت : پناه به خدا که من زمینى را که بر طبق مقررات اسلامى از آن کسى باشد بگیرم . پسرک گفت : این قباله من است و آن را از آستین خود بیرون آورد و عمر آن را خواند و گفت : اصل این زمین از چه کسى بوده است ؟ گفت : از مسلمانان . عمر بن عبدالعزیز گفت : پس در این صورت مسلمانان بر آنان سزاوارترند. پسرک گفت : قباله ام را پس بده . عمر گفت : اگر این قباله را پیش من نیاورده بودى آن را مطالبه نمى کردم اما اینک که آن را پیش من آورده اى ، اجازه نمى دهم که با آن چیزى را که از تو نیست مطالبه کنى ، پسرک گریست ، مزاحم با توجه به اینکه سلیمان بن عبدالملک ، عمر بن عبدالعزیز را بر برادران خود مقدم داشته بود و او را به خلافت گماشته بود، به عمر بن عبدالعزیز گفت : با پسر سلیمان چنین رفتار مى کنى ؟ عمر گفت : اى مزاحم ، واى بر تو، من در مورد او همان محبتى را احساس مى کنم که نسبت به فرزندان خودم ولى نفس من از انجام دادن چنین کارى خوددارى مى کند.

اوزاعى روایت مى کند و مى گوید: هشام بن عبدالملک و سعید بن خالد بن عمر بن عثمان بن عفان به عمر بن عبدالعزیز گفتند: اى امیرالمؤ منین ، در مورد کارهاى مربوط به دوره حکومت خود هرگونه مى خواهى رفتار کن ولى نسبت به خلیفگانى که پیش از تو بوده اند و کارهایى به سود و زیان خویش کرده اند، دخالت مکن که بى نیاز از آنى که به خیر و شر آنان کارى داشته باشى . عمر بن عبدالعزیز گفت : شما را به خدایى که به پیشگاه او برمى گردید، سوگند مى دهم که اگر مردى بمیرد و فرزندان کوچک و بزرگ از خود باقى بگذارد و بزرگان ، کوچکان را فریب دهند و اموال ایشان را بخورند و فرزندان کوچک به بلوغ شکایت بزرگترها را در مورد اموالشان پیش شما آورند، شما چگونه رفتار مى کنید؟ گفتند: حقوق آنان را به تمام و کمال بر آنان مى گردانیم .

عمر بن عبدالعزیز گفت : من هم بسیارى از حاکمانى را که پیش از من بوده اند، چنین دیده ام که مردم را در پناه قدرت و حکومت خود گول زده اند و اموال مردم را به پیروان و ویژگان و خویشاوندان خود بخشیده اند، اینک که من به حکومت رسیده ام براى این شکایت پیش من آمده اند و مرا چاره اى جز آن که اموال ضعیف را از قوى بگیرم و افراد ناتوان را در قبال زورمندان یارى دهم نیست ، آن دو گفتند: خداوند امیرمؤ منان را موفق بدارد.

ابن ابى الحدید ضمن شرح بقیه موارد این عهدنامه مطلب تاریخى در خور توجهى نیاورده است . بحثى پاکیزه در مورد قتل عمد و خطا و شبه عمد و شبه خطا آورده است و سپس پاره اى از نصایح بزرگان اعراب در پایان این شرح بخشى از کارنامه اردشیر بابکان را که مشتمل بر نامه او به فرزندان و جانشینان اوست ، آورده است .

جلوه‏ تاریخ‏ درشرح‏ نهج‏ البلاغه ‏ابن‏ ابى‏ الحدید، ج ۷ //ترجمه دکتر محمود مهدوى دامغانى

بازدیدها: ۴۹۶

نامه ۵۱ شرح ابن ابی الحدید (با ترجمه فارسی کتاب جلوه های تاریخ دکتر دامغانی)

۵۱ و من کتاب له ع إلى عماله على الخراج

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَى أَصْحَابِ الْخَرَاجِ- أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَنْ لَمْ یَحْذَرْ مَا هُوَ سَائِرٌ إِلَیْهِ- لَمْ یُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ مَا یُحْرِزُهَا- وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَا کُلِّفْتُمْ یَسِیرٌ وَ أَنَّ ثَوَابَهُ کَثِیرٌ- وَ لَوْ لَمْ یَکُنْ فِیمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ- مِنَ الْبَغْیِ وَ الْعُدْوَانِ عِقَابٌ یُخَافُ- لَکَانَ فِی ثَوَابِ اجْتِنَابِهِ مَا لَا عُذْرَ فِی تَرْکِ طَلَبِهِ- فَأَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِکُمْ وَ اصْبِرُوا لِحَوَائِجِهِمْ- فَإِنَّکُمْ خُزَّانُ الرَّعِیَّهِ- وَ وُکَلَاءُ الْأُمَّهِ وَ سُفَرَاءُ الْأَئِمَّهِ- وَ لَا تُحْشِمُوا أَحَداً عَنْ حَاجَتِهِ وَ لَا تَحْبِسُوهُ عَنْ طَلِبَتِهِ- وَ لَا تَبِیعُنَّ النَّاسَ فِی الْخَرَاجِ کِسْوَهَ شِتَاءٍ وَ لَا صَیْفٍ- وَ لَا دَابَّهً یَعْتَمِلُونَ عَلَیْهَا وَ لَا عَبْداً- وَ لَا تَضْرِبُنَّ أَحَداً سَوْطاً لِمَکَانِ دِرْهَمٍ- وَ لَا تَمَسُّنَّ مَالَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مُصَلٍّ وَ لَا مُعَاهَدٍ- إِلَّا أَنْ تَجِدُوا فَرَساً أَوْ سِلَاحاً- یُعْدَى بِهِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ- فَإِنَّهُ لَا یَنْبَغِی لِلْمُسْلِمِ أَنْ یَدَعَ ذَلِکَ فِی أَیْدِی أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ- فَیَکُونَ شَوْکَهً عَلَیْهِ- وَ لَا تَدَّخِرُوا أَنْفُسَکُمْ نَصِیحَهً وَ لَا الْجُنْدَ حُسْنَ سِیرَهٍ- وَ لَا الرَّعِیَّهَ مَعُونَهً وَ لَا دِینَ اللَّهِ قُوَّهً- وَ أَبْلُوهُ فِی سَبِیلِ مَا اسْتَوْجَبَ عَلَیْکُمْ- فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدِ اصْطَنَعَ عِنْدَنَاوَ عِنْدَکُمْ- أَنْ نَشْکُرَهُ بِجُهْدِنَا- وَ أَنْ نَنْصُرَهُ بِمَا بَلَغَتْ قُوَّتُنَا- وَ لَا قُوَّهَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیم‏

مطابق نامه۵۱ نسخه صبحی صالح

شرح وترجمه فارسی

(۵۱): از نامه آن حضرت به کارگزارانش بر جمع خراج 

در این نامه که با این عبارت آغاز مى شود: اما بعد فان من لم یحذر ما هو سائر الیه ، لم یقدم لنفسه ما یحرزها . اما بعد، هر کس از آنچه به سوى آن خواهد رفت رستاخیز برحذر نباشد، براى خود چیزى که او را از عذاب محفوظ بدارد از پیش نفرستاده است .

ابن ابى الحدید چنین گفته است : امیرالمؤ منین علیه السلام جمع کنندگان خراج را منع کرده است که مبادا وسایل لازم و ضرورى خراج دهندگان را براى گرفتن خراج بفروشند، همچون جامه ها و مرکب و گاوهایى را که براى شخم زدن لازم دارند و برده اى که عهده دار خدمتگزارى و امربرى است . همچنین آنان را نهى فرموده است که مبادا براى وصول خراج ، خراج دهنده را بزنند. ابن ابى الحدید در پى این سخن خود مى نویسد:

عدى بن ارطاه نامه اى به عمر بن عبدالعزیز نوشت و از او اجازه خواست که کارگران و مودیان را شکنجه دهد. عمر بن عبدالعزیز براى او نوشت : گویى من براى تو سپرى از عذاب خداوند هستم و پنداشته اى که خشنودى من تو را از خشم خداوند مى رهاند؟ بر هر کس حجت تمام شد و بدون فشار اقرار کرد، او را به پرداخت آن وادار کن ، اگر توانا بود از او وصول کن و اگر از پرداخت خوددارى کرد او را به زندان بیفکن و اگر توان پرداخت نداشت پس از سوگنددادن او به خدا که توان پرداخت ندارد، آزادش کن که اگر آنان با جنایات خود خدا را ملاقات کنند براى من خوشتر است که من با خونهاى آنان ، خدا را ملاقات کنم .

جلوه‏ تاریخ‏ درشرح‏ نهج‏ البلاغه ‏ابن‏ ابى‏ الحدید، ج ۷ //ترجمه دکتر محمود مهدوى دامغانى

بازدیدها: ۱۲۹

نامه ۵۹ شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

۵۹ و من کتاب له ع-  إلى الأسود بن قطبه صاحب جند حلوان

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْوَالِیَ إِذَا اخْتَلَفَ هَوَاهُ-  مَنَعَهُ ذَلِکَ کَثِیراً مِنَ الْعَدْلِ-  فَلْیَکُنْ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَکَ فِی الْحَقِّ سَوَاءً-  فَإِنَّهُ لَیْسَ فِی الْجَوْرِ عِوَضٌ مِنَ الْعَدْلِ-  فَاجْتَنِبْ مَا تُنْکِرُ أَمْثَالَهُ-  وَ ابْتَذِلْ نَفْسَکَ فِیمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْکَ-  رَاجِیاً ثَوَابَهُ وَ مُتَخَوِّفاً عِقَابَهُ-  وَ اعْلَمْ أَنَّ الدُّنْیَا دَارُ بَلِیَّهٍ-  لَمْ یَفْرُغْ صَاحِبُهَا فِیهَا قَطُّ سَاعَهً-  إِلَّا کَانَتْ فَرْغَتُهُ عَلَیْهِ حَسْرَهً یَوْمَ الْقِیَامَهِ-  وَ أَنَّهُ لَنْ یُغْنِیَکَ عَنِ الْحَقِّ شَیْ‏ءٌ أَبَداً-  وَ مِنَ الْحَقِّ عَلَیْکَ حِفْظُ نَفْسِکَ-  وَ الِاحْتِسَابُ عَلَى الرَّعِیَّهِ بِجُهْدِکَ-  فَإِنَّ الَّذِی یَصِلُ إِلَیْکَ مِنْ ذَلِکَ-  أَفْضَلُ مِنَ الَّذِی یَصِلُ بِکَ وَ السَّلَامُ

الأسود بن قطبه

لم أقف إلى الآن على نسب الأسود بن قطبه-  و قرأت فی کثیر من النسخ-  أنه حارثی من بنی الحارث بن کعب و لم أتحقق ذلک-  و الذی یغلب على ظنی أنه الأسود بن زید-  بن قطبه بن غنم الأنصاری من بنی عبید بن عدی-  ذکره أبو عمر بن عبد البر فی کتاب الإستیعاب-  و قال إن موسى بن عقبه عده فیمن شهد بدرا قوله ع إذا اختلف هوى الوالی-  منعه کثیرا من الحق قول صدق-  لأنه متى لم یکن الخصمان عند الوالی سواء فی الحق-  جار و ظلم- .

ثم قال له فإنه لیس فی الجور عوض من العدل-  و هذا أیضا حق-  و فی العدل کل العوض من الجور- . ثم أمره باجتناب ما ینکر مثله من غیره-  و قد تقدم نحو هذا- . و قوله إلا کانت فرغته کلمه فصیحه-  و هی المره الواحده من الفراغ-  و قد روی عن النبی ص أن الله یبغض الصحیح الفارغ-  لا فی شغل الدنیا و لا فی شغل الآخره-  و مراد أمیر المؤمنین ع هاهنا-  الفراغ من عمل الآخره خاصه- . قوله فإن الذی یصل إلیک من ذلک-  أفضل من الذی یصل بک-  معناه فإن الذی یصل إلیک-  من ثواب الاحتساب على الرعیه-  و حفظ نفسک من مظالمهم و الحیف علیهم-  أفضل من الذی یصل بک من حراسه دمائهم-  و أعراضهم و أموالهم-  و لا شبهه فی ذلک لأن إحدى المنفعتین دائمه-  و الأخرى منقطعه و النفع الدائم أفضل من المنقطع

شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏أبی ‏الحدید) ج ۱۷

بازدیدها: ۹

نامه ۵۸ شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

۵۸ و من کتاب له ع کتبه إلى أهل الأمصار-  یقص فیه ما جرى بینه و بین أهل صفین

وَ کَانَ بَدْءُ أَمْرِنَا أَنَّا الْتَقَیْنَا بِالْقَوْمِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ-  وَ الظَّاهِرُ أَنَّ رَبَّنَا وَاحِدٌ وَ نَبِیَّنَا وَاحِدٌ-  وَ دَعْوَتَنَا فِی الْإِسْلَامِ وَاحِدَهٌ-  وَ لَا نَسْتَزِیدُهُمْ فِی الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ التَّصْدِیقِ بِرَسُولِهِ-  وَ لَا یَسْتَزِیدُونَنَا-  وَ الْأَمْرُ وَاحِدٌ إِلَّا مَا اخْتَلَفْنَا فِیهِ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ-  وَ نَحْنُ مِنْهُ بَرَاءٌ-  فَقُلْنَا تَعَالَوْا نُدَاوِی مَا لَا یُدْرَکُ الْیَوْمَ-  بِإِطْفَاءِ النَّائِرَهِ وَ تَسْکِینِ الْعَامَّهِ-  حَتَّى یَشْتَدَّ الْأَمْرُ وَ یَسْتَجْمِعَ-  فَنَقْوَى عَلَى وَضْعِ الْحَقِّ فِی مَوَاضِعِهِ-  فَقَالُوا بَلْ نُدَاوِیهِ بِالْمُکَابَرَهِ-  فَأَبَوْا حَتَّى جَنَحَتِ الْحَرْبُ وَ رَکَدَتْ-  وَ وَقَدَتْ نِیرَانُهَا وَ حَمِشَتْ-  فَلَمَّا ضَرَّسَتْنَا وَ إِیَّاهُمْ-  وَ وَضَعَتْ مَخَالِبَهَا فِینَا وَ فِیهِمْ-  أَجَابُوا عِنْدَ ذَلِکَ إِلَى الَّذِی دَعَوْنَاهُمْ إِلَیْهِ-  فَأَجَبْنَاهُمْ إِلَى مَا دَعَوْا وَ سَارَعْنَاهُمْ إِلَى مَا طَلَبُوا-  حَتَّى اسْتَبَانَتْ عَلَیْهِمُ الْحُجَّهُ-  وَ انْقَطَعَتْ مِنْهُمُ الْمَعْذِرَهُ-  فَمَنْ تَمَّ عَلَى ذَلِکَ مِنْهُمْ-  فَهُوَ الَّذِی أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنَ الْهَلَکَهِ-  وَ مَنْ لَجَّ وَ تَمَادَى فَهُوَ الرَّاکِسُ-  الَّذِی رَانَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ-  وَ صَارَتْ دَائِرَهُ السَّوْءِ عَلَى رَأْسِهِ‏ روی التقینا و القوم بالواو-  کما قال

قلت إذ أقبلت و زهر تهادى‏- . و من لم یروها بالواو فقد استراح من التکلف- . قوله و الظاهر أن ربنا واحد-  کلام من لم یحکم لأهل صفین من جانب معاویه-  حکما قاطعا بالإسلام-  بل قال ظاهرهم الإسلام-  و لا خلف بیننا و بینهم فیه بل الخلف فی دم عثمان- . قال ع قلنا لهم-  تعالوا فلنطفئ هذه النائره الآن یوضع الحرب-  إلى أن تتمهد قاعدتی فی الخلافه-  و تزول هذه الشوائب التی تکدر علی الأمر-  و یکون للناس جماعه ترجع إلیها-  و بعد ذلک أتمکن من قتله عثمان بأعیانهم فأقتص منهم-  فأبوا إلا المکابره و المغالبه و الحرب- . قوله حتى جنحت الحرب و رکدت-  جنحت أقبلت و منه قد جنح اللیل أی أقبل-  و رکدت دامت و ثبتت- . قوله و وقدت نیرانها أی التهبت- . قوله و حمشت أی استعرت و شبت-  و روی و استحشمت و هو أصح-  و من رواها حمست بالسین المهمله-  أراد اشتدت و صلبت- . قوله فلما ضرستنا و إیاهم أی عضتنا بأضراسها-  و یقال ضرسهم الدهر أی اشتد علیهم- .

 

قال لما اشتدت الحرب علینا و علیهم-  و أکلت منا و منهم-  عادوا إلى ما کنا سألناهم ابتداء-  و ضرعوا إلینا فی رفع الحرب-  و رفعوا المصاحف یسألون النزول على حکمها-  و إغماد السیف فأجبناهم إلى ذلک- . قوله و سارعناهم إلى ما طلبوا کلمه فصیحه-  و هی تعدیه الفعل اللازم-  کأنها لما کانت فی معنى المسابقه-  و المسابقه متعدیه عدی المسارعه- .

قوله حتى استبانت-  یقول استمررنا على کف الحرب و وضعها-  إجابه لسؤالهم-  إلى أن استبانت علیهم حجتنا-  و بطلت معاذیرهم و شبهتهم فی الحرب و شق العصا-  فمن تم منهم على ذلک-  أی على انقیاده إلى الحق بعد ظهوره له-  فذاک الذی خلصه الله من الهلاک و عذاب الآخره-  و من لج منهم على ذلک و تمادى فی ضلاله فهو الراکس-  قال قوم الراکس هنا بمعنى المرکوس-  فهو مقلوب فاعل بمعنى مفعول-  کقوله تعالى فَهُوَ فِی عِیشَهٍ راضِیَهٍ أی مرضیه-  و عندی أن اللفظه على بابها-  یعنی أن من لج فقد رکس نفسه فهو الراکس و هو المرکوس-  یقال رکسه و أرکسه بمعنى-  و الکتاب العزیز جاء بالهمز فقال-  وَ اللَّهُ أَرْکَسَهُمْ بِما کَسَبُوا أی ردهم إلى کفرهم-  و یقول ارتکس فلان فی أمر کان نجا منه-  و ران على قلبه أی ران هو على قلبه کما قلنا فی الراکس-  و لا یجوز أن یکون الفاعل و هو الله محذوفا-  لأن الفاعل لا یحذف-  بل یجوز أن یکون الفاعل کالمحذوف-  و لیس بمحذوف-  و یکون المصدر و هو الرین و دل الفعل علیه-  کقوله تعالى ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآیاتِ-  أی بدا لهم البداء-  و ران بمعنى غلب و غطى-  و روی فهو الراکس الذی رین على قلبه- .

قال و صارت دائره السوء على رأسه-  من ألفاظ القرآن العزیز قال الله تعالى-  عَلَیْهِمْ دائِرَهُ السَّوْءِ و الدوائر الدول- .  و إن على الباغی تدور الدوائر- . و الدائره أیضا الهزیمه یقال على من الدائره منهما-  و الدوائر أیضا الدواهی

 شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏أبی ‏الحدید) ج ۱۷

بازدیدها: ۱۵

نامه ۵۷ شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

 ۵۷ و من کتاب له ع إلى أهل الکوفه-  عند مسیره من المدینه إلى البصره

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی خَرَجْتُ عَنْ حَیِّی هَذَا-  إِمَّا ظَالِماً وَ إِمَّا مَظْلُوماً وَ إِمَّا بَاغِیاً وَ إِمَّا مَبْغِیّاً عَلَیْهِ-  وَ أَنَا أُذَکِّرُ اللَّهَ مَنْ بَلَغَهُ کِتَابِی هَذَا لَمَّا نَفَرَ إِلَیَّ-  فَإِنْ کُنْتُ مُحْسِناً أَعَانَنِی-  وَ إِنْ کُنْتُ مُسِیئاً اسْتَعْتَبَنِی ما أحسن هذا التقسیم و ما أبلغه فی عطف القلوب علیه-  و استماله النفوس إلیه- .

قال لا یخلو حالی فی خروجی من أحد أمرین-  إما أن أکون ظالما أو مظلوما-  و بدأ بالظالم هضما لنفسه-  و لئلا یقول عدوه بدأ بدعوى کونه مظلوما-  فأعطى عدوه من نفسه ما أراد- . قال فلینفر المسلمون إلی فإن وجدونی مظلوما أعانونی-  و إن وجدونی ظالما نهونی عن ظلمی-  لأعتب و أنیب إلى الحق-  و هذا کلام حسن-  و مراده ع یحصل على کلا الوجهین-  لأنه إنما أراد أن یستنفرهم-  و هذان الوجهان یقتضیان نفیرهم إلیه على کل حال-  و الحی المنزل و لما هاهنا بمعنى إلا-  کقوله تعالى إِنْ کُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَیْها حافِظٌ-  فی قراءه من قرأها بالتشدید

 شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏أبی ‏الحدید) ج ۱۷

بازدیدها: ۸

نامه ۵۶ شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

 ۵۶ و من کلام له ع وصى به شریح بن هانئ-  لما جعله على مقدمته إلى الشام

اتَّقِ اللَّهَ فِی کُلِّ مَسَاءٍ وَ صَبَاحٍ-  وَ خَفْ عَلَى نَفْسِکَ الدُّنْیَا الْغَرُورَ-  وَ لَا تَأْمَنْهَا عَلَى حَالٍ-  وَ اعْلَمْ أَنَّکَ إِنْ لَمْ تَرْدَعْ نَفْسَکَ عَنْ کَثِیرٍ مِمَّا تُحِبُّ-  مَخَافَهَ مَکْرُوهِهِ-  سَمَتْ بِکَ الْأَهْوَاءُ إِلَى کَثِیرٍ مِنَ الضَّرَرِ-  فَکُنْ لِنَفْسِکَ مَانِعاً رَادِعاً-  وَ لِنَزَوَاتِکَ عِنْدَ الْحَفِیظَهِ وَاقِماً قَامِعاً

شریح بن هانئ

هو شریح بن هانئ بن یزید-  بن نهیک بن درید بن سفیان بن الضباب-  و هو سلمه بن الحارث بن ربیعه بن الحارث بن کعب المذحجی-  کان هانئ یکنى فی الجاهلیه أبا الحکم لأنه کان یحکم بینهم-  فکناه رسول الله ص بأبی شریح إذ وفد علیه-  و ابنه شریح هذا من جله أصحاب علی ع-  شهد معه المشاهد کلها-  و عاش حتى قتل بسجستان فی زمن الحجاج-  و شریح جاهلی إسلامی یکنى أبا المقدام-ذکر ذلک کله أبو عمر بن عبد البر فی کتاب الإستیعاب

قوله ع و خف على نفسک الغرور یعنی الشیطان-  فأما الغرور بالضم فمصدر و الرادع الکاف المانع-  و النزوات الوثبات و الحفیظه الغضب-  و الواقم فاعل-  من وقمته أی رددته أقبح الرد و قهرته-  یقول ع إن لم تردع نفسک عن کثیر من شهواتک-  أفضت بک إلى کثیر من الضرر-  و مثل هذا قول الشاعر- 

  فإنک إن أعطیت بطنک سؤلها
و فرجک نالا منتهى الذم أجمعا

 شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏أبی ‏الحدید) ج ۱۷

بازدیدها: ۱۱

نامه ۵۵ شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

 ۵۵ و من کتاب له ع إلى معاویه

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الدُّنْیَا لِمَا بَعْدَهَا-  وَ ابْتَلَى فِیهَا أَهْلَهَا لِیَعْلَمَ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا-  وَ لَسْنَا لِلدُّنْیَا خُلِقْنَا وَ لَا بِالسَّعْیِ فِیهَا أُمِرْنَا-  وَ إِنَّمَا وُضِعْنَا فِیهَا لِنُبْتَلَی بِهَا-  وَ قَدِ ابْتَلَانِی اللَّهُ بِکَ وَ ابْتَلَاکَ بِی-  فَجَعَلَ أَحَدُنَا حُجَّهً عَلَى الآْخَرِ-  فَعَدَوْتَ عَلَى طَلَبِ الدُّنْیَا بِتَأْوِیلِ الْقُرْآنِ-  وَ طَلَبْتَنِی بِمَا لَمْ تَجْنِ یَدِی وَ لَا لِسَانِی-  وَ عَصَبْتَهُ أَنْتَ وَ أَهْلُ الشَّامِ بِی-  وَ أَلَّبَ عَالِمُکُمْ جَاهِلَکُمْ وَ قَائِمُکُمْ قَاعِدَکُمْ-  فَاتَّقِ اللَّهَ فِی نَفْسِکَ وَ نَازِعِ الشَّیْطَانَ قِیَادَکَ-  وَ اصْرِفْ إِلَى الآْخِرَهِ وَجْهَکَ-  فَهِیَ طَرِیقُنَا وَ طَرِیقُکَ-  وَ احْذَرْ أَنْ یُصِیبَکَ اللَّهُ مِنْهُ بِعَاجِلِ قَارِعَهٍ-  تَمَسُّ الْأَصْلَ وَ تَقْطَعُ الدَّابِرَ-  فَإِنِّی أُولِی لَکَ بِاللَّهِ أَلِیَّهً غَیْرَ فَاجِرَهٍ-  لَئِنْ جَمَعَتْنِی وَ إِیَّاکَ جَوَامِعُ الْأَقْدَارِ لَا أَزَالُ بِبَاحَتِکَ-  حَتَّى یَحْکُمَ اللَّهُ بَیْنَنَا وَ هُوَ خَیْرُ الْحَاکِمِینَ قال ع إن الله قد جعل الدنیا لما بعدها-  أی جعلها طریقا إلى الآخره- . و من الکلمات الحکمیه-  الدنیا قنطره فاعبروها و لا تعمروها-  و ابتلی فیها أهلها أی اختبرهم لیعلم أیهم أحسن عملا-  و هذا من ألفاظ القرآن العزیز-  و المراد لیعلم خلقه‏أو لیعلم ملائکته و رسله-  فحذف المضاف-  و قد سبق ذکر شی‏ء یناسب ذلک فیما تقدم-  قال و لسنا للدنیا خلقنا أی لم نخلق للدنیا فقط- .

قال و لا بالسعی فیها أمرنا-  أی لم نؤمر بالسعی فیها لها-  بل أمرنا بالسعی فیها لغیرها- . ثم ذکر أن کل واحد منه و من معاویه مبتلى بصاحبه-  و ذلک کابتلاء آدم بإبلیس و إبلیس بآدم- . قال فغدوت على طلب الدنیا بتأویل القرآن-  أی تعدیت و ظلمت-  و على هاهنا متعلقه بمحذوف دل علیه الکلام-  تقدیره مثابرا على طلب الدنیا أو مصرا على طلب الدنیا-  و تأویل القرآن ما کان معاویه یموه به على أهل الشام-  فیقول لهم أنا ولی عثمان و قد قال الله تعالى-  وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً- . ثم یعدهم الظفر و الدوله على أهل العراق بقوله تعالى-  فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ کانَ مَنْصُوراً- . قوله و عصبته أنت و أهل الشام-  أی ألزمتنیه کما تلزم العصابه الرأس-  و ألب عالمکم جاهلکم أی حرض- . و القیاد حبل تقاد به الدابه- . قوله و احذر أن یصیبک الله منه بعاجل قارعه-  الضمیر فی منه راجع إلى الله تعالى-  و من لابتداء الغایه- .

 و قال الراوندی منه أی من البهتان الذی أتیته-  أی من أجله و من للتعلیل-  و هذا بعید و خلاف الظاهر- . قوله تمس الأصل أی تقطعه-  و منه ماء ممسوس أی یقطع الغله-  و یقطع الدابر أی العقب و النسل- . و الألیه الیمین-  و باحه الدار وسطها و کذلک ساحتها-  و روی بناحیتک- . قوله بعاجل قارعه و جوامع الأقدار-  من باب إضافه الصفه إلى الموصوف للتأکید-  کقوله تعالى وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْیَقِینِ

 شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏أبی ‏الحدید) ج ۱۷

بازدیدها: ۲۴

نامه ۵۴ شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

۵۴ و من کتاب له ع إلى طلحه و الزبیر

–  مع عمران بن الحصین الخزاعی-  و ذکر هذا الکتاب أبو جعفر الإسکافی فی کتاب المقامات- : أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتُمَا وَ إِنْ کَتَمْتُمَا-  أَنِّی لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِی-  وَ لَمْ أُبَایِعْهُمْ حَتَّى بَایَعُونِی-  وَ إِنَّکُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِی وَ بَایَعَنِی-  وَ إِنَّ الْعَامَّهَ لَمْ تُبَایِعْنِی لِسُلْطَانٍ غَالِبٍ وَ لَا لِحِرْصٍ حَاضِرٍ-  فَإِنْ کُنْتُمَا بَایَعْتُمَانِی طَائِعَیْنِ-  فَارْجِعَا وَ تُوبَا إِلَى اللَّهِ مِنْ قَرِیبٍ-  وَ إِنْ کُنْتُمَا بَایَعْتُمَانِی کَارِهَیْنِ-  فَقَدْ جَعَلْتُمَا لِی عَلَیْکُمَا السَّبِیلَ بِإِظْهَارِکُمَا الطَّاعَهَ-  وَ إِسْرَارِکُمَا الْمَعْصِیَهَ-  وَ لَعَمْرِی مَا کُنْتُمَا بِأَحَقَّ الْمُهَاجِرِینَ-  بِالتَّقِیَّهِ وَ الْکِتْمَانِ-  وَ إِنَّ دَفْعَکُمَا هَذَا الْأَمْرَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَا فِیهِ-  کَانَ أَوْسَعَ عَلَیْکُمَا مِنْ خُرُوجِکُمَا مِنْهُ-  بَعْدَ إِقْرَارِکُمَا بِهِ-  وَ قَدْ زَعَمْتُمَا أَنِّی قَتَلْتُ عُثْمَانَ-  فَبَیْنِی وَ بَیْنَکُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّی وَ عَنْکُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِینَهِ-  ثُمَّ یُلْزَمُ کُلُّ امْرِئٍ بِقَدْرِ مَا احْتَمَلَ-  فَارْجِعَا أَیُّهَا الشَّیْخَانِ عَنْ رَأْیِکُمَا-  فَإِنَّ الآْنَ أَعْظَمَ أَمْرِکُمَا الْعَارُ-  مِنْ قَبْلِ أَنْ یَجْتَمِعَ الْعَارُ وَ النَّارُ-  وَ السَّلَامُ‏

  عمران بن الحصین

  هو عمران بن الحصین بن عبید بن خلف بن عبد بن نهم-  بن سالم بن غاضره بن سلول بن حبشیه بن سلول-  بن کعب بن عمرو الخزاعی-  یکنى أبا بجید بابنه بجید بن عمران-  أسلم هو و أبو هریره عام خیبر-  و کان من فضلاء الصحابه و فقهائهم-  یقول أهل البصره عنه-  إنه کان یرى الحفظه و کانت تکلمه حتى اکتوى- . و قال محمد بن سیرین أفضل من نزل البصره-  من أصحاب رسول الله ص عمران بن الحصین و أبو بکره-  و استقضاه عبد الله بن عامر بن کریز على البصره-  فعمل له أیاما ثم استعفاه فأعفاه-  و مات بالبصره سنه اثنتین و خمسین فی أیام معاویه

أبو جعفر الإسکافی

و أما أبو جعفر الإسکافی-  و هو شیخنا محمد بن عبد الله الإسکافی-  عده قاضی القضاه فی الطبقه السابعه من طبقات المعتزله-  مع عباد بن سلیمان الصیمری و مع زرقان-  و مع عیسى بن الهیثم الصوفی-  و جعل أول الطبقه ثمامه بن أشرس أبا معن-  ثم أبا عثمان الجاحظ-  ثم أبا موسى عیسى بن صبیح المردار-  ثم أبا عمران یونس بن عمران ثم محمد بن شبیب-  ثم محمد بن إسماعیل بن العسکری-  ثم عبد الکریم بن روح العسکری-  ثم أبا یعقوب یوسف بن عبد الله الشحام-  ثم أبا الحسین الصالحی-ثم الجعفران جعفر بن جریر و جعفر بن میسر-  ثم أبا عمران بن النقاش-  ثم أبا سعید أحمد بن سعید الأسدی-  ثم عباد بن سلیمان ثم أبا جعفر الإسکافی هذا-  و قال کان أبو جعفر فاضلا عالما-  و صنف سبعین کتابا فی علم الکلام- .

و هو الذی نقض کتاب العثمانیه-  على أبی عثمان الجاحظ فی حیاته-  و دخل الجاحظ الوراقین ببغداد فقال-  من هذا الغلام السوادی-  الذی بلغنی أنه تعرض لنقض کتابی-  و أبو جعفر جالس فاختفى منه حتى لم یره- . و کان أبو جعفر یقول بالتفضیل-  على قاعده معتزله بغداد و یبالغ فی ذلک-  و کان علوی الرأی محققا منصفا قلیل العصبیه ثم نعود إلى شرح ألفاظ الفصل و معانیه-  قوله ع لم أرد الناس-  أی لم أرد الولایه علیهم حتى أرادوا هم منی ذلک- .

قال و لم أبایعهم حتى بایعونی-  أی لم أمدد یدی إلیهم مد الطلب و الحرص على الأمر-  و لم أمددها إلا بعد أن خاطبونی بالإمره و الخلافه-  و قالوا بألسنتهم قد بایعناک-  فحینئذ مددت یدی إلیهم- . قال و لم یبایعنی العامه و المسلمون لسلطان-  غصبهم و قهرهم على ذلک-  و لا لحرص حاضر أی مال موجود فرقته علیهم- . ثم قسم علیهما الکلام فقال-  إن کنتما بایعتمانی طوعا عن رضا-  فقد وجب علیکما الرجوع-  لأنه لا وجه لانتقاض تلک البیعه-  و إن کنتما بایعتمانی مکرهین علیها-  فالإکراه‏ له صوره-  و هی أن یجرد السیف و یمد العنق-  و لم یکن قد وقع ذلک و لا یمکنکما أن تدعیاه-  و إن کنتما بایعتمانی لا عن رضا و لا مکرهین بل کارهین-  و بین المکره و الکاره فرق بین-  فالأمور الشرعیه إنما تبنی على الظاهر-  و قد جعلتما لی على أنفسکما السبیل بإظهارکما الطاعه-  و الدخول فیما دخل فیه الناس-  و لا اعتبار بما أسررتما من کراهیه ذلک-  على أنه لو کان عندی ما یکرهه المسلمون-  لکان المهاجرون فی کراهیه ذلک سواء-  فما الذی جعلکما أحق المهاجرین کلهم-  بالکتمان و التقیه- .

ثم قال و قد کان امتناعکما عن البیعه فی مبدإ الأمر-  أجمل من دخولکما فیها ثم نکثها- . قال و قد زعمتما أن الشبهه-  التی دخلت علیکما فی أمری أنی قتلت عثمان-  و قد جعلت الحکم بینی و بینکما-  من تخلف عنی و عنکما من أهل المدینه-  أی الجماعه التی لم تنصر علیا و لا طلحه-  کمحمد بن مسلمه و أسامه بن زید-  و عبد الله بن عمر و غیرهم-  یعنی أنهم غیر متهمین علیه و لا على طلحه و الزبیر-  فإذا حکموا لزم کل امرئ منا بقدر ما تقتضیه الشهادات-  و لا شبهه أنهم لو حکموا و شهدوا بصوره الحال-  لحکموا ببراءه علی ع من دم عثمان-  و بأن طلحه کان هو الجمله-  و التفصیل فی أمره و حصره و قتله-  و کان الزبیر مساعدا له على ذلک-  و إن لم یکن مکاشفا مکاشفه طلحه- . ثم نهاهما عن الإصرار على الخطیئه-  و قال لهما إنکما إنما تخافان العار-  فی رجوعکما و انصرافکما عن الحرب-  فإن لم ترجعا اجتمع علیکما العار و النار-  أما العار فلأنکما تهزمان-  و تفران عند اللقاء فتعیران بذلک-  و أیضا سیکشف للناس أنکما کنتما على باطل-  فتعیران بذلک-  و أما النار فإلیها مصیر العصاه إذا ماتوا على غیر توبه-  و احتمال العار وحده-  أهون من احتماله و احتمال النار معه

 شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏أبی ‏الحدید) ج ۱۷

بازدیدها: ۲۳

نامه ۵۳ شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)( کتبه للأشتر النخعی رحمه الله)

۵۳ و من کتاب له ع کتبه للأشتر النخعی رحمه الله-  لما ولاه على مصر و أعمالها

حین اضطرب أمر أمیرها محمد بن أبی بکر-  و هو أطول عهد کتبه و أجمعه للمحاسن- : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ-  هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ-  مَالِکَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِی عَهْدِهِ إِلَیْهِ-  حِینَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَایَهَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا-  وَ اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَهَ بِلَادِهَا-  أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ إِیْثَارِ طَاعَتِهِ-  وَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِی کِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ-  الَّتِی لَا یَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا-  وَ لَا یَشْقَى إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا-  وَ أَنْ یَنْصُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِیَدِهِ وَ قَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ-  فَإِنَّهُ جَلَّ اسْمُهُ قَدْ تَکَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ-  وَ أَمَرَهُ أَنْ یَکْسِرَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الشَّهَوَاتِ-  وَ یَنْزَعَهَا عِنْدَ الْجَمَحَاتِ-  فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَهٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ اللَّهُ-  ثُمَّ اعْلَمْ یَا مَالِکُ-  أَنِّی قَدْ وَجَّهْتُکَ إِلَى بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَیْهَا دُوَلٌ قَبْلَکَ-  مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ-  وَ أَنَّ النَّاسَ یَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِکَ-  فِی مِثْلِ مَا کُنْتَ تَنْظُرُ فِیهِ مِنْ أُمُورِالْوُلَاهِ قَبْلَکَ-  وَ یَقُولُونَ فِیکَ مَا کُنْتَ تَقُولُهُ فِیهِمْ-  وَ إِنَّمَا یُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِینَ-  بِمَا یُجْرِی اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ-  فَلْیَکُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَیْکَ ذَخِیرَهُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ-  فَامْلِکْ هَوَاکَ وَ شُحَّ بِنَفْسِکَ عَمَّا لَا یَحِلُّ لَکَ-  فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الْإِنْصَافُ مِنْهَا فِیمَا أَحَبَّتْ أَوْ کَرِهَتْ نصره الله بالید الجهاد بالسیف و بالقلب الاعتقاد للحق-  و باللسان قول الحق و الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر-  و قد تکفل الله بنصره من نصره لأنه تعالى قال-  وَ لَیَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ یَنْصُرُهُ- . و الجمحات منازعه النفس إلى شهواتها و مآربها-  و نزعها بکفها- .

ثم قال له قد کنت تسمع أخبار الولاه-  و تعیب قوما و تمدح قوما-  و سیقول الناس فی إمارتک الآن-  نحو ما کنت تقول فی الأمراء-  فاحذر أن تعاب و تذم کما کنت تعیب و تذم من یستحق الذم- . ثم قال إنما یستدل على الصالحین-  بما یکثر سماعه من ألسنه الناس بمدحهم و الثناء علیهم-  و کذلک یستدل على الفاسقین بمثل ذلک- . و کان یقال ألسنه الرعیه أقلام الحق سبحانه إلى الملوک- . ثم أمره أن یشح بنفسه و فسر له الشح ما هو-  فقال إن تنتصف منها فیما أحبت‏و کرهت-  أی لا تمکنها من الاسترسال فی الشهوات-  و کن أمیرا علیها-  و مسیطرا و قامعا لها من التهور-  و الانهماک- . فإن قلت هذا معنى قوله فیما أحبت-  فما معنى قوله و کرهت-  قلت لأنها تکره الصلاه و الصوم و غیرهما-  من العبادات الشرعیه و من الواجبات العقلیه-  و کما یجب أن یکون الإنسان مهیمنا علیها فی طرف الفعل-  یجب أن یکون مهیمنا علیها فی طرف الترک:

وَ أَشْعِرْ قَلْبَکَ الرَّحْمَهَ لِلرَّعِیَّهِ-  وَ الْمَحَبَّهَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِهِمْ-  وَ لَا تَکُونَنَّ عَلَیْهِمْ سَبُعاً ضَارِیاً تَغْتَنِمُ أَکْلَهُمْ-  فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَکَ فِی الدِّینِ-  وَ إِمَّا نَظِیرٌ لَکَ فِی الْخَلْقِ-  یَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ-  وَ یُؤْتَى عَلَى أَیْدِیهِمْ فِی الْعَمْدِ وَ الْخَطَإِ-  فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِکَ وَ صَفْحِکَ-  مِثْلِ الَّذِی تُحِبُّ وَ تَرْضَى أَنْ یُعْطِیَکَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ-  فَإِنَّکَ فَوْقَهُمْ وَ وَالِی الْأَمْرِ عَلَیْکَ فَوْقَکَ-  وَ اللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاکَ-  وَ قَدِ اسْتَکْفَاکَ أَمْرَهُمْ وَ ابْتَلَاکَ بِهِمْ-  وَ لَا تَنْصِبَنَّ نَفْسَکَ لِحَرْبِ اللَّهِ-  فَإِنَّهُ لَا یَدَیْ لَکَ بِنِقْمَتِهِ-  وَ لَا غِنَى بِکَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ-  وَ لَا تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَ لَا تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَهٍ-  وَ لَا تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَهٍ وَجَدْتَ عَنْهَا مَنْدُوحَهً-  وَ لَا تَقُولَنَّ إِنِّی مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ-  فَإِنَّ ذَلِکَ إِدْغَالٌ فِی الْقَلْبِ-  وَ مَنْهَکَهٌ لِلدِّینِ وَ تَقَرُّبٌ مِنَ الْغِیَرِ-وَ إِذَا أَحْدَثَ لَکَ مَا أَنْتَ فِیهِ مِنْ سُلْطَانِکَ أُبَّهَهً أَوْ مَخِیلَهً-  فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ مُلْکِ اللَّهِ فَوْقَکَ-  وَ قُدْرَتِهِ مِنْکَ عَلَى مَا لَا تَقْدِرُ عَلَیْهِ مِنْ نَفْسِکَ-  فَإِنَّ ذَلِکَ یُطَامِنُ إِلَیْکَ مِنْ طِمَاحِکَ-  وَ یَکُفُّ عَنْکَ مِنْ غَرْبِکَ-  وَ یَفِی‏ءُ إِلَیْکَ بِمَا عَزَبَ عَنْکَ مِنْ عَقْلِکَ-  إِیَّاکَ وَ مُسَامَاهَ اللَّهِ فِی عَظَمَتِهِ وَ التَّشَبُّهَ بِهِ فِی جَبَرُوتِهِ-  فَإِنَّ اللَّهَ یُذِلُّ کُلَّ جَبَّارٍ وَ یُهِینُ کُلَّ مُخْتَالٍ أشعر قلبک الرحمه أی اجعلها کالشعار له-  و هو الثوب الملاصق للجسد-  قال لأن الرعیه إما أخوک فی الدین-  أو إنسان مثلک تقتضی رقه الجنسیه-  و طبع البشریه الرحمه له- .

قوله و یؤتى على أیدیهم-  مثل قولک و یؤخذ على أیدیهم-  أی یهذبون و یثقفون یقال خذ على ید هذا السفیه-  و قد حجر الحاکم على فلان و أخذ على یده- . ثم قال فنسبتهم إلیک کنسبتک إلى الله تعالى-  و کما تحب أن یصفح الله عنک ینبغی أن تصفح أنت عنهم- . قوله لا تنصبن نفسک لحرب الله-  أی لا تبارزه بالمعاصی-  فإنه لا یدی لک بنقمته-  اللام مقحمه و المراد الإضافه-  و نحوه قولهم لا أبا لک- . قوله و لا تقولن إنی مؤمر-  أی لا تقل إنی أمیر و وال آمر بالشی‏ء فأطاع- .

 و الإدغال الإفساد و منهکه للدین ضعف و سقم- . ثم أمره عند حدوث الأبهه و العظمه عنده-  لأجل الرئاسه و الإمره أن یذکر عظمه الله تعالى-  و قدرته على إعدامه و إیجاده و إماتته و إحیائه-  فإن تذکر ذلک یطامن من غلوائه-  أی یغض من تعظمه و تکبره و یطأطئ منه- . و الغرب حد السیف و یستعار للسطوه-  و السرعه فی البطش و الفتک- . قوله و یفی‏ء-  أی یرجع إلیک بما بعد عنک من عقلک-  و حرف المضارعه مضموم لأنه من أفاء- . و مساماه الله تعالى مباراته فی السمو و هو العلو: أَنْصِفِ اللَّهَ وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِکَ-  وَ مِنْ خَاصَّهً أَهْلِکَ-  وَ مَنْ لَکَ هَوًى فِیهِ مِنْ رَعِیَّتِکَ-  فَإِنَّکَ إِلَّا تَفْعَلْ تَظْلِمْ-  وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ کَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ-  وَ مَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ-  وَ کَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى یَنْزِعَ أَوْ یَتُوبَ-  وَ لَیْسَ شَیْ‏ءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْیِیرِ نِعْمَهِ اللَّهِ وَ تَعْجِیلِ نِقْمَتِهِ-  مِنْ إِقَامَهٍ عَلَى ظُلْمٍ-  فَإِنَّ اللَّهَ یَسْمَعُ دَعْوَهَ الْمُضْطَهَدِینَ-  وَ هُوَ لِلظَّالِمِینَ بِالْمِرْصَادِ-  وَ لْیَکُنْ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَیْکَ أَوْسَطُهَا فِی الْحَقِّ-  وَ أَعَمُّهَا فِی الْعَدْلِ وَ أَجْمَعُهَا لِرِضَا الرَّعِیَّهِ-  فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّهِ یُجْحِفُ بِرِضَا الْخَاصَّهِ-  وَ إِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّهِ یُغْتَفَرُ مَعَ رِضَا الْعَامَّهِ-وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِیَّهِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِی مَئُونَهً فِی الرَّخَاءِ-  وَ أَقَلَّ مَعُونَهً لَهُ فِی الْبَلَاءِ-  وَ أَکْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَ أَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ-  وَ أَقَلَّ شُکْراً عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَ أَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ-  وَ أَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ-  مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّهِ-  وَ إِنَّمَا عَمُودُ الدِّینِ وَ جِمَاعُ الْمُسْلِمِینَ-  وَ الْعُدَّهُ لِلْأَعْدَاءِ الْعَامَّهُ مِنَ الْأُمَّهِ-  فَلْیَکُنْ صِغْوُکَ لَهُمْ وَ مَیْلُکَ مَعَهُمْ قال له أنصف الله أی قم له بما فرض علیک-  من العباده و الواجبات العقلیه و السمعیه- .

ثم قال و أنصف الناس من نفسک و من ولدک و خاصه أهلک-  و من تحبه و تمیل إلیه من رعیتک-  فمتى لم تفعل ذلک کنت ظالما- . ثم نهاه عن الظلم و أکد الوصایه علیه فی ذلک- . ثم عرفه أن قانون الإماره الاجتهاد فی رضا العامه-  فإنه لا مبالاه بسخط خاصه الأمیر مع رضا العامه-  فأما إذا سخطت العامه لم ینفعه رضا الخاصه-  و ذلک مثل أن یکون فی البلد عشره أو عشرون من أغنیائه-  و ذوی الثروه من أهله-  یلازمون الوالی و یخدمونه و یسامرونه-  و قد صار کالصدیق لهم-  فإن هؤلاء و من ضارعهم من حواشی الوالی-  و أرباب الشفاعات و القربات عنده لا یغنون عنه شیئا-  عند تنکر العامه له-  و کذاک لا یضر سخط هؤلاء إذا رضیت العامه-  و ذلک لأن هؤلاء عنهم غنى و لهم بدل-  و العامه لا غنى عنهم و لا بدل منهم-  و لأنهم إذا شغبوا علیه کانوا کالبحر إذا هاج و اضطرب-  فلا یقاومه أحد و لیس الخاصه کذلک- .

ثم قال ع و نعم ما قال-  لیس شی‏ء أقل نفعا-  و لا أکثر ضررا على الوالی من خواصه أیام الولایه-  لأنهم یثقلون علیه بالحاجات و المسائل و الشفاعات-  فإذا عزل هجروه و رفضوه-  حتى لو لقوه فی الطریق لم یسلموا علیه- . و الصغو بالکسر و الفتح و الصغا مقصور المیل: وَ لْیَکُنْ أَبْعَدَ رَعِیَّتِکَ مِنْکَ وَ أَشْنَأَهُمْ عِنْدَکَ-  أَطْلَبُهُمْ لِمَعَایِبِ النَّاسِ-  فَإِنَّ فِی النَّاسِ عُیُوباً الْوَالِی أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا-  فَلَا تَکْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْکَ مِنْهَا-  فَإِنَّمَا عَلَیْکَ تَطْهِیرُ مَا ظَهَرَ لَکَ-  وَ اللَّهُ یَحْکُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْکَ-  فَاسْتُرِ الْعَوْرَهَ مَا اسْتَطَعْتَ-  یَسْتُرِ اللَّهُ مِنْکَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِیَّتِکَ-  أَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عُقْدَهَ کُلِّ حِقْدٍ-  وَ اقْطَعْ عَنْکَ سَبَبَ کُلِّ وِتْرٍ-  وَ تَغَابَ عَنْ کُلِّ مَا لَا یَضِحُ لَکَ-  وَ لَا تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِیقِ سَاعٍ-  فَإِنَّ السَّاعِیَ غَاشٌّ وَ إِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِینَ-  وَ لَا تُدْخِلَنَّ فِی مَشُورَتِکَ بَخِیلًا یَعْدِلُ بِکَ عَنِ الْفَضْلِ-  وَ یَعِدُکَ الْفَقْرَ-  وَ لَا جَبَاناً یُضْعِفُکَ عَنِ الْأُمُورِ-  وَ لَا حَرِیصاً یُزَیِّنُ لَکَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ-  فَإِنَّ الْبُخْلَ وَ الْجُبْنَ وَ الْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى-  یَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ أشناهم عندک أبغضهم إلیک- . و تغاب تغافل یقال تغابى فلان عن کذا- . و یضح یظهر و الماضی وضح

فصل فی النهی عن ذکر عیوب الناس و ما ورد فی ذلک من الآثار

عاب رجل رجلا عند بعض الأشراف فقال له-  لقد استدللت على کثره عیوبک-  بما تکثر فیه من عیوب الناس-  لأن طالب العیوب إنما یطلبها بقدر ما فیه منها- . و قال الشاعر- 

   و أجرأ من رأیت بظهر غیب
على عیب الرجال أولو العیوب‏

 و قال آخر-

یا من یعیب و عیبه متشعب
کم فیک من عیب و أنت تعیب‏

 و فی الخبر المرفوع دعوا الناس بغفلاتهم یعیش بعضهم مع بعض – . و قال الولید بن عتبه بن أبی سفیان-  کنت أسایر أبی و رجل معنا یقع فی رجل-  فالتفت أبی إلی فقال یا بنی-  نزه سمعک عن استماع الخنى-  کما تنزه لسانک عن الکلام به-  فإن المستمع شریک القائل-  إنما نظر إلى أخبث ما فی وعائه فأفرغه فی وعائک-  و لو ردت کلمه جاهل فی فیه لسعد رادها کما شقی قائلها- . و قال ابن عباس الحدث حدثان-  حدث من فیک و حدث من فرجک- .

و عاب رجل رجلا عند قتیبه بن مسلم-  فقال له قتیبه أمسک ویحک-  فقد تلمظت بمضغه طالما لفظها الکرام- . و مر رجل بجارین له و معه ریبه-  فقال أحدهما لصاحبه أ فهمت ما معه من الریبه-  قال و ما معه قال کذا قال-  عبدی حر لوجه الله شکرا له تعالى-  إذ لم یعرفنی من الشر ما عرفک- . و قال الفضیل بن عیاض-  إن الفاحشه لتشیع فی کثیر من المسلمین-  حتى إذا صارت إلى الصالحین کانوا لها خزانا- . و قیل لبزرجمهر هل من أحد لا عیب فیه-  فقال الذی لا عیب فیه لا یموت- . و قال الشاعر- 

و لست بذی نیرب فی الرجا
ل مناع خیر و سبابها

و لا من إذا کان فی جانب‏
أضاع العشیره و اغتابها

و لکن أطاوع ساداتها
و لا أتعلم ألقابها

و قال آخر-

لا تلتمس من مساوی الناس ما ستروا
فیکشف الله سترا من مساویکا

و اذکر محاسن ما فیهم إذا ذکروا
و لا تعب أحدا منهم بما فیکا

و قال آخر-

ابدأ بنفسک فإنهما عن عیبها
فإذا انتهت عنه فأنت حکیم‏

فهناک تعذر إن وعظت و یقتدى‏
بالقول منک و یقبل التعلیم‏

فأما قوله ع أطلق عن الناس عقده کل حقد-  فقد استوفى هذا المعنى زیاد فی خطبته البتراء-  فقال و قد کانت بینی و بین أقوام إحن-  و قد جعلت ذلک دبر أذنی و تحت قدمی-  فمن کان منکم محسنا فلیزدد إحسانا-  و من کان منکم مسیئا فلینزع عن إساءته-  إنی لو علمت أن أحدکم قد قتله السلال-  من بغضی لم أکشف عنه قناعا-  و لم أهتک له سترا حتى یبدی لی صفحته-  فإذا فعل لم أناظره-  ألا فلیشمل کل امرئ منکم على ما فی صدره-  و لا یکونن لسانه شفره تجری على ودجه

فصل فی النهی عن سماع السعایه و ما ورد ذلک من الآثار

فأما قوله ع و لا تعجلن إلى تصدیق ساع-  فقد ورد فی هذا المعنى کلام حسن-  قال ذو الرئاستین قبول السعایه شر من السعایه-  لأن السعایه دلاله و القبول إجازه-  و لیس من دل على شی‏ء کمن قبله و أجازه-  فامقت الساعی على سعایته-  فإنه لو کان صادقا کان لئیما-  إذ هتک العوره و أضاع الحرمه- . و عاتب مصعب بن الزبیر الأحنف على أمر بلغه عنه فأنکره-  فقال مصعب أخبرنی به الثقه-  قال کلا أیها الأمیر إن الثقه لا یبلغ- . و کان یقال لو لم یکن من عیب الساعی-  إلا أنه أصدق ما یکون أضر ما یکون على الناس لکان کافیا- . کانت الأکاسره لا تأذن لأحد أن یطبخ السکباج-  و کان ذلک مما یختص به الملک-  فرفع ساع إلى أنوشروان-  إن فلانا دعانا و نحن جماعه-  إلى طعام له و فیه‏ سکباج-  فوقع أنوشروان على رقعته قد حمدنا نصیحتک-  و ذممنا صدیقک على سوء اختیاره للإخوان- . جاء رجل إلى الولید بن عبد الملک-  و هو خلیفه عبد الملک على دمشق-  فقال أیها الأمیر إن عندی نصیحه قال اذکرها-  قال جار لی رجع من بعثه سرا-  فقال أما أنت فقد أخبرتنا أنک جار سوء-  فإن شئت أرسلنا معک فإن کنت کاذبا عاقبناک-  و إن کنت صادقا مقتناک و إن ترکتنا ترکناک-  قال بل أترکک أیها الأمیر قال فانصرف- . و مثل هذا یحکى عن عبد الملک أن إنسانا سأله الخلوه-  فقال لجلسائه إذا شئتم فانصرفوا-  فلما تهیأ الرجل للکلام قال له اسمع ما أقول-  إیاک أن تمدحنی فأنا أعرف بنفسی منک-  أو تکذبنی فإنه لا رأی لمکذوب-  أو تسعى بأحد إلی فإنی لا أحب السعایه-  قال أ فیأذن أمیر المؤمنین بالانصراف قال إذا شئت- . و قال بعض الشعراء- 

لعمرک ما سب الأمیر عدوه
و لکنما سب الأمیر المبلغ‏

و قال آخر-

حرمت منائی منک إن کان ذا الذی
أتاک به الواشون عنی کما قالوا

و لکنهم لما رأوک شریعه
إلی تواصوا بالنمیمه و احتالوا

فقد صرت أذنا للوشاه سمیعه
ینالون من عرضی و لو شئت ما نالوا

و قال عبد الملک بن صالح لجعفر بن یحیى-  و قد خرج یودعه لما شخص إلى خراسان-  أیها الأمیر أحب أن تکون لی کما قال الشاعر-

 فکونی على الواشین لداء شغبه
کما أنا للواشی ألد شغوب‏

قال بل أکون کما قال القائل-

و إذا الواشی وشى یوما بها
نفع الواشی بما جاء یضر

 و قال العباس بن الأحنف-

ما حطک الواشون من رتبه
عندی و لا ضرک مغتاب‏

کأنهم أثنوا و لم یعلموا
علیک عندی بالذی عابوا

 قوله ع-  و لا تدخلن فی مشورتک بخیلا یعدل بک عن الفضل-  و یعدک الفقر-  مأخوذ من قول الله تعالى-  الشَّیْطانُ یَعِدُکُمُ الْفَقْرَ وَ یَأْمُرُکُمْ بِالْفَحْشاءِ-  وَ اللَّهُ یَعِدُکُمْ مَغْفِرَهً مِنْهُ وَ فَضْلًا-  قال المفسرون الفحشاء هاهنا البخل-  و معنى یَعِدُکُمُ الْفَقْرَ-  یخیل إلیکم أنکم إن سمحتم بأموالکم افتقرتم-  فیخوفکم فتخافون فتبخلون- . قوله ع-  فإن البخل و الجبن و الحرص غرائز شتى-  یجمعها سوء الظن بالله-  کلام شریف عال على کلام الحکماء-  یقول إن بینها قدرا مشترکا-  و إن کانت غرائز و طبائع مختلفه-  و ذلک القدر المشترک هو سوء الظن بالله-  لأن الجبان یقول فی نفسه إن أقدمت قتلت-  و البخیل یقول إن سمحت و أنفقت افتقرت-  و الحریص یقول إن لم أجد و أجتهد و أدأب فاتنی ما أروم-  و کل هذه الأمور ترجع إلى سوء الظن بالله-  و لو أحسن الظن الإنسان بالله و کان یقینه صادقا-  لعلم أن الأجل مقدر و أن الرزق مقدر-  و أن الغنى و الفقر مقدران-  و أنه لا یکون من ذلک إلا ما قضى الله تعالى کونه‏

شَرُّ وُزَرَائِکَ مَنْ کَانَ قَبْلَکَ لِلْأَشْرَارِ وَزِیراً-  وَ مَنْ شَرِکَهُمْ فِی الآْثَامِ فَلَا یَکُونَنَّ لَکَ بِطَانَهً-  فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الْأَثَمَهِ وَ إِخْوَانُ الظَّلَمَهِ-  وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَیْرَ الْخَلَفِ-  مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ-  وَ لَیْسَ عَلَیْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَ أَوْزَارِهِمْ وَ آثَامِهِمْ-  مِمَّنْ لَمْ یُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَى ظُلْمِهِ وَ لَا آثِماً عَلَى إِثْمِهِ-  أُولَئِکَ أَخَفُّ عَلَیْکَ مَئُونَهً وَ أَحْسَنُ لَکَ مَعُونَهً-  وَ أَحْنَى عَلَیْکَ عَطْفاً وَ أَقَلُّ لِغَیْرِکَ إِلْفاً-  فَاتَّخِذْ أُولَئِکَ خَاصَّهً لِخَلَوَاتِکَ وَ حَفَلَاتِکَ-  ثُمَّ لْیَکُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَکَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَکَ-  وَ أَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَهً فِیمَا یَکُونُ مِنْکَ مِمَّا کَرِهَ اللَّهُ لِأَوْلِیَائِهِ-  وَاقِعاً ذَلِکَ مِنْ هَوَاکَ حَیْثُ وَقَعَ نهاه ع ألا یتخذ بطانه-  قد کانوا من قبل بطانه للظلمه-  و ذلک لأن الظلم و تحسینه قد صار ملکه ثابته فی أنفسهم-  فبعید أن یمکنهم الخلو منها-  إذ قد صارت کالخلق الغریزی اللازم-  لتکرارها و صیرورتها عاده-  فقد جاءت النصوص فی الکتاب و السنه-  بتحریم معاونه الظلمه و مساعدتهم-  و تحریم الاستعانه بهم-  فإن من استعان بهم کان معینا لهم-  قال تعالى وَ ما کُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً-  و قال لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ-  یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ و جاء فی الخبر المرفوع ینادى یوم القیامه-  أین من بری لهم أی الظالمین قلما- .

أتی الولید بن عبد الملک برجل من الخوارج-  فقال له ما تقول فی الحجاج-  قال و ما عسیت أن أقول فیه-  هل هو إلا خطیئه من خطایاک و شرر من نارک-  فلعنک الله و لعن الحجاج معک و أقبل یشتمهما-  فالتفت الولید إلى عمر بن عبد العزیز فقال-  ما تقول فی هذا قال ما أقول فیه-  هذا رجل یشتمکم-  فإما أن تشتموه کما شتمکم و إما أن تعفوا عنه-  فغضب الولید و قال لعمر-  ما أظنک إلا خارجیا-  فقال عمر و ما أظنک إلا مجنونا و قام فخرج مغضبا-  و لحقه خالد بن الریان صاحب شرطه الولید-  فقال له ما دعاک إلى ما کلمت به أمیر المؤمنین-  لقد ضربت بیدی إلى قائم سیفی-  أنتظر متى یأمرنی بضرب عنقک-  قال أ و کنت فاعلا لو أمرک قال نعم-  فلما استخلف عمر جاء خالد بن الریان-  فوقف على رأسه متقلدا سیفه فنظر إلیه و قال یا خالد-  ضع سیفک فإنک مطیعنا فی کل أمر نأمرک به-  و کان بین یدیه کاتب للولید-  فقال له ضع أنت قلمک فإنک کنت تضر به و تنفع-  اللهم إنی قد وضعتهما فلا ترفعهما-  قال فو الله ما زالا وضیعین مهینین حتى ماتا- .

و روى الغزالی فی کتاب إحیاء علوم الدین-  قال لما خالط الزهری السلطان کتب أخ له فی الدین إلیه-  عافانا الله و إیاک أبا بکر من الفتن-  فقد أصبحت بحال ینبغی لمن عرفک أن یدعو الله لک و یرحمک-  فقد أصبحت شیخا کبیرا-  و قد أثقلتک نعم الله علیک بما فهمک من کتابه-  و علمک من سنه نبیه-  و لیس کذلک أخذ الله المیثاق على العلماء-  فإنه تعالى قال-  لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لا تَکْتُمُونَهُ-  و اعلم أن أیسر ما ارتکبت و أخف ما احتملت-  أنک آنست وحشه الظالم-  و سهلت سبیل الغی بدنوک إلى من لم یؤد حقا-  و لم یترک باطلا حین أدناک-  اتخذوک أبا بکر قطبا تدورعلیه رحى ظلمهم-  و جسرا یعبرون علیه إلى بلائهم و معاصیهم-  و سلما یصعدون فیه إلى ضلالتهم-  یدخلون بک الشک على العلماء-  و یقتادون بک قلوب الجهلاء-  فما أیسر ما عمروا لک فی جنب ما خربوا علیک-  و ما أکثر ما أخذوا منک-  فی جنب ما أفسدوا من حالک و دینک-  و ما یؤمنک أن تکون ممن قال الله تعالى فیهم-  فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاهَ-  وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیًّا-  یا أبا بکر إنک تعامل من لا یجهل-  و یحفظ علیک من لا یغفل-  فداو دینک فقد دخله سقم-  و هیئ زادک فقد حضر سفر بعید-  و ما یخفى على الله من شی‏ء فی الأرض و لا فی السماء-  و السلام: وَ الْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَ الصِّدْقِ-  ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَلَّا یُطْرُوکَ-  وَ لَا یَبْجَحُوکَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ-  فَإِنَّ کَثْرَهَ الْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ وَ تُدْنِی مِنَ الْعِزَّهِ-  وَ لَا یَکُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَ الْمُسِی‏ءُ عِنْدَکَ بِمَنْزِلَهٍ سَوَاءٍ-  فَإِنَّ فِی ذَلِکَ تَزْهِیداً لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِی الْإِحْسَانِ-  وَ تَدْرِیباً لِأَهْلِ الْإِسَاءَهِ-  وَ أَلْزِمْ کُلًّا مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ‏

قوله و الصق بأهل الورع کلمه فصیحه-  یقول اجعلهم خاصتک و خلصاءک- . قال ثم رضهم على ألا یطروک-  أی عودهم ألا یمدحوک فی وجهک-  و لا یبجحوک بباطل-  لا یجعلوک ممن یبجح أی یفخر بباطل لم یفعله-  کما یبجح أصحاب الأمراء الأمراء بأن یقولوا لهم-  ما رأینا أعدل منکم و لا أسمح-  و لا حمى هذا الثغر أمیر أشد بأسا منکم-  و نحو ذلک و قد جاء فی الخبر احثوا فی وجوه المداحین التراب- . و قال عبد الملک لمن قام یساره ما ترید-  أ ترید أن تمدحنی و تصفنی أنا أعلم بنفسی منک- . و قام خالد بن عبد الله القسری-  إلى عمر بن عبد العزیز یوم بیعته-  فقال یا أمیر المؤمنین-  من کانت الخلافه زائنته فقد زینتها-  و من کانت شرفته فقد شرفتها-  فإنک لکما قال القائل- 

و إذا الدر زان حسن وجوه
کان للدر حسن وجهک زینا

 فقال عمر بن عبد العزیز-  لقد أعطی صاحبکم هذا مقولا و حرم معقولا-  و أمره أن یجلس- . و لما عقد معاویه البیعه لابنه یزید قام الناس یخطبون-  فقال معاویه لعمرو بن سعید الأشدق-  قم فاخطب یا أبا أمیه فقام فقال-  أما بعد فإن یزید ابن أمیر المؤمنین-  أمل تأملونه-  و أجل تأمنونه-  إن افتقرتم إلى حلمه وسعکم-  و إن احتجتم إلى رأیه أرشدکم-  و إن اجتدیتم ذات یده أغناکم و شملکم-  جذع قارح سوبق فسبق و موجد فمجد-و قورع فقرع-  و هو خلف أمیر المؤمنین و لا خلف منه-  فقال معاویه أوسعت یا أبا أمیه فاجلس-  فإنما أردنا بعض هذا- .

و أثنى رجل على علی ع فی وجهه ثناء أوسع فیه-  و کان عنده متهما-  فقال له أنا دون ما تقول و فوق ما فی نفسک و قال ابن عباس لعتبه بن أبی سفیان-  و قد أثنى علیه فأکثر-  رویدا فقد أمهیت یا أبا الولید-  یعنی بالغت یقال أمهى حافر البئر إذا استقصى حفرها- . فأما قوله ع-  و لا یکونن المحسن و المسی‏ء عندک بمنزله سواء-  فقد أخذه الصابی فقال-  و إذا لم یکن للمحسن ما یرفعه و للمسی‏ء ما یضعه-  زهد المحسن فی الإحسان و استمر المسی‏ء على الطغیان-  و قال أبو الطیب- 

 شر البلاد بلاد لا صدیق بها
و شر ما یکسب الإنسان ما یصم‏

و شر ما قبضته راحتی قنص‏
شهب البزاه سواء فیه و الرخم‏

و کان یقال قضاء حق المحسن أدب للمسی‏ء-  و عقوبه المسی‏ء جزاء للمحسن: وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَیْسَ شَیْ‏ءٌ بِأَدْعَى-  إِلَى حُسْنِ ظَنِّ وَالٍ بِرَعِیَّتِهِ-  مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَیْهِمْ وَ تَخْفِیفِهِ الْمَئُونَاتِ عَلَیْهِمْ-  وَ تَرْکِ اسْتِکْرَاهِهِ إِیَّاهُمْ عَلَى مَا لَیْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ-  فَلْیَکُنْ مِنْکَ فِی ذَلِکَ أَمْرٌ-  یَجْتَمِعُ لَکَ بِهِ حُسْنُ الظَّنِّ بِرَعِیَّتِکَ-  فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ یَقْطَعُ عَنْکَ نَصَباً طَوِیلًا-  وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّکَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلَاؤُکَ عِنْدَهُ-  وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّکَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلَاؤُکَ عِنْدَهُ-وَ لَا تَنْقُضْ سُنَّهً صَالِحَهً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الْأُمَّهِ-  وَ اجْتَمَعَتْ بِهَا الْأُلْفَهُ وَ صَلَحَتْ عَلَیْهَا الرَّعِیَّهُ-  وَ لَا تُحْدِثَنَّ سُنَّهً تَضُرُّ بِشَیْ‏ءٍ مِنْ مَاضِی تِلْکَ السُّنَنِ-  فَیَکُونَ الْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا-  وَ الْوِزْرُ عَلَیْکَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا-  وَ أَکْثِرْ مُدَارَسَهَ الْعُلَمَاءِ وَ مُنَاقَشَهَ الْحُکَمَاءِ-  فِی تَثْبِیتِ مَا صَلَحَ عَلَیْهِ أَمْرُ بِلَادِکَ-  وَ إِقَامَهِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ قَبْلَکَ خلاصه صدر هذا الفصل-  أن من أحسن إلیک حسن ظنه فیک-  و من أساء إلیک استوحش منک-  و ذلک لأنک إذا أحسنت إلى إنسان-  و تکرر منک ذلک الإحسان-  تبع ذلک اعتقادک أنه قد أحبک-  ثم یتبع ذلک الاعتقاد أمر آخر و هو أنک تحبه-  لأن الإنسان مجبول على أن یحب من یحبه-  و إذا أحببته سکنت إلیه و حسن ظنک فیه-  و بالعکس من ذلک إذا أسأت إلى زید-  لأنک إذا أسأت إلیه و تکررت الإساءه-  تبع ذلک اعتقادک أنه قد أبغضک-  ثم یتبع ذلک الاعتقاد أمر آخر و هو أن تبغضه أنت-  و إذا أبغضته انقبضت منه و استوحشت و ساء ظنک به- .

قال المنصور للربیع-  سلنی لنفسک قال یا أمیر المؤمنین-  ملأت یدی فلم یبق عندی موضع للمسأله-  قال فسلنی لولدک قال أسألک أن تحبه-  فقال المنصور یا ربیع إن الحب لا یسأل-  و إنما هو أمر تقتضیه الأسباب-  قال یا أمیر المؤمنین و إنما أسألک أن تزید من إحسانک-  فإذا تکرر أحبک و إذا أحبک أحببته-  فاستحسن‏المنصور ذلک-  ثم نهاه عن نقض السنن الصالحه-  التی قد عمل بها من قبله من صالحی الأمه-  فیکون الوزر علیه بما نقض و الأجر لأولئک بما أسسوا-  ثم أمره بمطارحه العلماء و الحکماء فی مصالح عمله-  فإن المشوره برکه و من استشار فقد أضاف عقلا إلى عقله- . و مما جاء فی معنى الأول-  قال رجل لإیاس بن معاویه من أحب الناس إلیک-  قال الذین یعطونی قال ثم من قال الذین أعطیهم- .

و قال رجل لهشام بن عبد الملک-  إن الله جعل العطاء محبه و المنع مبغضه-  فأعنی على حبک و لا تعنی فی بغضک: وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّعِیَّهَ طَبَقَاتٌ-  لَا یَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ-  وَ لَا غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ-  فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ وَ مِنْهَا کُتَّابُ الْعَامَّهِ وَ الْخَاصَّهِ-  وَ مِنْهَا قُضَاهُ الْعَدْلِ وَ مِنْهَا عُمَّالُ الْإِنْصَافِ وَ الرِّفْقِ-  وَ مِنْهَا أَهْلُ الْجِزْیَهِ وَ الْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّهِ وَ مُسْلِمَهِ النَّاسِ-  وَ مِنْهَا التُّجَّارُ وَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ-  وَ مِنْهَا الطَّبَقَهُ السُّفْلَى مِنْ ذَوِی الْحَاجَاتِ وَ الْمَسْکَنَهِ-  وَ کُلٌّ قَدْ سَمَّى اللَّهُ لَهُ سَهْمَهُ-  وَ وَضَعَ عَلَى حَدِّهِ وَ فَرِیضَتِهِ فِی کِتَابِهِ أَوْ سُنَّهِ نَبِیِّهِ ص عَهْداً-  مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً-  فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اللَّهِ حُصُونُ الرَّعِیَّهِ وَ زَیْنُ الْوُلَاهِ-  وَ عِزُّ الدِّینِ وَ سُبُلُ الْأَمْنِ-  وَ لَیْسَ تَقُومُ الرَّعِیَّهُ إِلَّا بِهِمْ-  ثُمَّ لَا قِوَامَ لِلْجُنُودِ-  إِلَّا بِمَا یُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ-  الَّذِی یَقْوَوْنَ بِهِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِمْ-  وَ یَعْتَمِدُونَ عَلَیْهِ فِیمَا یُصْلِحُهُمْ-  وَ یَکُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ-  ثُمَّ لَا قِوَامَ لِهَذَیْنِ الصِّنْفَیْنِ إِلَّا بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ-  مِنَ الْقُضَاهِ وَ الْعُمَّالِ‏ وَ الْکُتَّابِ-  لِمَا یُحْکِمُونَ مِنَ الْمَعَاقِدِ وَ یَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ-  وَ یُؤْتَمَنُونَ عَلَیْهِ مِنْ خَوَاصِّ الْأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا-  وَ لَا قِوَامَ لَهُمْ جَمِیعاً إِلَّا بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِی الصِّنَاعَاتِ-  فِیمَا یَجْتَمِعُونَ عَلَیْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ-  وَ یُقِیمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ-  وَ یَکْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ بِأَیْدِیهِمْ-  مِمَّا لَا یَبْلُغُهُ رِفْقُ غَیْرِهِمْ-  ثُمَّ الطَّبَقَهُ السُّفْلَى مِنْ أَهْلِ الْحَاجَهِ وَ الْمَسْکَنَهِ-  الَّذِینَ یَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ-  وَ فِی اللَّهِ لِکُلٍّ سَعَهٌ-  وَ لِکُلٍّ عَلَى الْوَالِی حَقٌّ بِقَدْرِ مَا یُصْلِحُهُ-  وَ لَیْسَ یَخْرُجُ الْوَالِی-  مِنْ حَقِیقَهِ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِکَ-  إِلَّا بِالِاهْتِمَامِ وَ الِاسْتِعَانَهِ بِاللَّهِ-  وَ تَوْطِینِ نَفْسِهِ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ-  وَ الصَّبْرِ عَلَیْهِ فِیمَا خَفَّ عَلَیْهِ أَوْ ثَقُلَ قالت الحکماء الإنسان مدنی بالطبع-  و معناه أنه خلق خلقه-  لا بد معها من أن یکون منضما إلى أشخاص من بنی جنسه-  و متمدنا فی مکان بعینه-  و لیس المراد بالمتمدن ساکن المدینه ذات السور و السوق-  بل لا بد أن یقیم فی موضع ما مع قوم من البشر-  و ذلک لأن الإنسان مضطر-  إلى ما یأکله و یشربه لیقیم صورته-  و مضطر إلى ما یلبسه لیدفع عنه أذى الحر و البرد-  و إلى مسکن یسکنه لیرد عنه عادیه غیره من الحیوانات-  و لیکون منزلا له لیتمکن من التصرف و الحرکه علیه-  و معلوم أن الإنسان وحده-  لا یستقل بالأمور التی عددناها-  بل لا بد من جماعه یحرث بعضهم لغیره الحرث-  و ذلک الغیر یحوک للحراث الثوب-  و ذلک الحائک یبنی له غیره المسکن-  و ذلک البناء یحمل له‏ غیره الماء-  و ذلک السقاء یکفیه غیره أمر تحصیل الآله-  التی یطحن بها الحب و یعجن بها الدقیق-  و یخبز بها العجین-  و ذلک المحصل لهذه الأشیاء یکفیه غیره-  الاهتمام بتحصیل الزوجه-  التی تدعو إلیها داعیه الشبق-  فیحصل مساعده بعض الناس لبعض-  لو لا ذلک لما قامت الدنیا-  فلهذا معنى قوله ع-  إنهم طبقات لا یصلح بعضها إلا ببعض-  و لا غناء ببعضها عن بعض- .

ثم فصلهم و قسمهم فقال-  منهم الجند و منهم الکتاب-  و منهم القضاه و منهم العمال-  و منهم أرباب الجزیه من أهل الذمه-  و منهم أرباب الخراج من المسلمین-  و منهم التجار و منهم أرباب الصناعات-  و منهم ذوو الحاجات و المسکنه و هم أدون الطبقات- . ثم ذکر أعمال هذه الطبقات فقال الجند للحمایه-  و الخراج یصرف إلى الجند و القضاه و العمال و الکتاب-  لما یحکمونه من المعاقد و یجمعونه من المنافع-  و لا بد لهؤلاء جمیعا من التجار-  لأجل البیع و الشراء الذی لا غناء عنه-  و لا بد لکل من أرباب الصناعات-  کالحداد و النجار و البناء و أمثالهم-  ثم تلی هؤلاء الطبقه السفلى و هم أهل الفقر و الحاجه-  الذین تجب معونتهم و الإحسان إلیهم- . و إنما قسمهم فی هذا الفصل هذا التقسیم-  تمهیدا لما یذکره فیما بعد فإنه قد شرع بعد هذا الفصل-  فذکر طبقه طبقه و صنفا صنفا-  و أوصاه فی کل طبقه و فی کل صنف منهم بما یلیق بحاله-  و کأنه مهد هذا التمهید-  کالفهرست لما یأتی بعده من التفصیل‏

فَوَلِّ مِنْ جُنُودِکَ-  أَنْصَحَهُمْ فِی نَفْسِکَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِکَ-  وَ أَطْهَرَهُمْ جَیْباً وَ أَفْضَلَهُمْ حِلْماً-  مِمَّنْ یُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ وَ یَسْتَرِیحُ إِلَى الْعُذْرِ-  وَ یَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ وَ یَنْبُو عَلَى الْأَقْوِیَاءِ-  وَ مِمَّنْ لَا یُثِیرُهُ الْعُنْفُ وَ لَا یَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ-  ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِی الْمُرُوءَاتِ وَ الْأَحْسَابِ-  وَ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَهِ وَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَهِ-  ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَهِ وَ الشَّجَاعَهِ وَ السَّخَاءِ وَ السَّمَاحَهِ-  فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْکَرَمِ وَ شُعَبٌ مِنَ الْعُرْفِ-  ثُمَّ تَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا یَتَفَقَّدُ الْوَالِدَانِ مِنْ وَلَدِهِمَا-  وَ لَا یَتَفَاقَمَنَّ فِی نَفْسِکَ شَیْ‏ءٌ قَوَّیْتَهُمْ بِهِ-  وَ لَا تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ-  فَإِنَّهُ دَاعِیَهٌ لَهُمْ إِلَى بَذْلِ النَّصِیحَهِ لَکَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ بِکَ-  وَ لَا تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِیفِ أُمُورِهِمُ اتِّکَالًا عَلَى جَسِیمِهَا-  فَإِنَّ لِلْیَسِیرِ مِنْ لُطْفِکَ مَوْضِعاً یَنْتَفِعُونَ بِهِ-  وَ لِلْجَسِیمِ مَوْقِعاً لَا یَسْتَغْنُونَ عَنْهُ-  وَ لْیَکُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنْدِکَ عِنْدَکَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِی مَعُونَتِهِ-  وَ أَفْضَلَ عَلَیْهِمْ مِنْ جِدَتِهِ-  بِمَا یَسَعُهُمْ وَ یَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْلِیهِمْ-  حَتَّى یَکُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِی جِهَادِ الْعَدُوِّ-  فَإِنَّ عَطْفَکَ عَلَیْهِمْ یَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَیْکَ-  وَ لَا تَصِحُّ نَصِیحَتُهُمْ إِلَّا بِحِیطَتِهِمْ عَلَى وُلَاهِ أُمُورِهِمْ-  وَ قِلَّهِ اسْتَثْقَالِ دُوَلِهِمْ-  وَ تَرْکِ اسْتِبْطَاءِ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ-  فَافْسَحْ فِی آمَالِهِمْ وَ وَاصِلْ مِنْ حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِمْ-  وَ تَعْدِیدِ مَا أَبْلَى ذَوُو الْبَلَاءِ مِنْهُمْ-  فَإِنَّ کَثْرَهَ الذِّکْرِ لِحُسْنِ فِعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ-  وَ تُحَرِّضُ النَّاکِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ-  ثُمَّ اعْرِفْ لِکُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَى-  وَ لَا تَضُمَّنَّ بَلَاءَ امْرِئٍ إِلَى غَیْرِهِ-  وَ لَا تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَایَهِ بَلَائِهِ-  وَ لَا یَدْعُوَنَّکَ شَرَفُ امْرِئٍ-  إِلَى أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلَائِهِ مَا کَانَ صَغِیراً-  وَ لَا ضَعَهُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلَائِهِ مَا کَانَ عَظِیماً-  وَ ارْدُدْ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَا یُضْلِعُکَ مِنَ الْخُطُوبِ-  وَ یَشْتَبِهُ عَلَیْکَ مِنَ الْأُمُورِ-  فَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ-  یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ-  وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْکُمْ-  فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِی شَیْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ-  فَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ الْأَخْذُ بِمُحْکَمِ کِتَابِهِ-  وَ الرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ الْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَهِ غَیْرِ الْمُفَرِّقَهِ هذا الفصل مختص بالوصاه فیما یتعلق بأمراء الجیش-  أمره أن یولى أمر الجیش من جنوده-  من کان أنصحهم لله فی ظنه-  و أطهرهم جیبا أی عفیفا أمینا-  و یکنى عن العفه و الأمانه بطهاره الجیب-  لأن الذی یسرق یجعل المسروق فی جیبه- .

فإن قلت و أی تعلق لهذا بولاه الجیش-  إنما ینبغی أن تکون هذه الوصیه فی ولاه الخراج-  قلت لا بد منها فی أمراء الجیش لأجل الغنائم- . ثم وصف ذلک الأمیر فقال-  ممن یبطئ عن الغضب و یستریح إلى العذر-  أی یقبل‏ أدنى عذر و یستریح إلیه و یسکن عنده-  و یرؤف على الضعفاء یرفق بهم و یرحمهم-  و الرأفه الرحمه-  و ینبو عن الأقویاء یتجافى عنهم و یبعد-  أی لا یمکنهم من الظلم و التعدی على الضعفاء-  و لا یثیره العنف لا یهیج غضبه عنف و قسوه-  و لا یقعد به الضعف أی لیس عاجزا- . ثم أمره أن یلصق بذوی الأحساب و أهل البیوتات-  أی یکرمهم و یجعل معوله فی ذلک علیهم-  و لا یتعداهم إلى غیرهم-  و کان یقال علیکم بذوی الأحساب-  فإن هم لم یتکرموا استحیوا- . ثم ذکر بعدهم أهل الشجاعه و السخاء-  ثم قال إنها جماع من الکرم و شعب من العرف-  من هاهنا زائده-  و إن کانت فی الإیجاب على مذهب أبی الحسن الأخفش-  أی جماع الکرم أی یجمعه-  کقول النبی ص الخمر جماع الإثم-  و العرف المعروف- . و کذلک من فی قوله و شعب من العرف-  أی شعب العرف أی هی أقسامه و أجزاؤه-  و یجوز أن تکون من على حقیقتها للتبعیض-  أی هذه الخلال جمله من الکرم و أقسام المعروف-  و ذلک لأن غیرها أیضا من الکرم و المعروف-  و نحو العدل و العفه- . قوله ثم تفقد من أمورهم-  الضمیر هاهنا یرجع إلى الأجناد لا إلى الأمراء-  لما سنذکره مما یدل الکلام علیه- . فإن قلت إنه لم یجر للأجناد ذکر فیما سبق-  و إنما المذکور الأمراء-  قلت کلا بل سبق ذکر الأجناد-  و هو قوله الضعفاء و الأقویاء- .

و أمره ع أن یتفقد من أمور الجیش-  ما یتفقد الوالدان من حال الولد-  و أمره ألا یعظم عنده ما یقویهم به و إن عظم-  و ألا یستحقر شیئا تعهدهم به و إن قل-  و ألا یمنعه تفقد جسیم أمورهم عن تفقد صغیرها-  و أمره أن یکون آثر رءوس جنوده عنده و أحظاهم عنده-  و أقربهم إلیه من واساهم فی معونته-  هذا هو الضمیر الدال على أن الضمیر المذکور أولا للجند-  لا لأمراء الجند-  لو لا ذلک لما انتظم الکلام- . قوله من خلوف أهلیهم-  أی ممن یخلفونه من أولادهم و أهلیهم- . ثم قال لا یصح نصیحه الجند لک-  إلا بحیطتهم على ولاتهم أی بتعطفهم علیهم و تحننهم-  و هی الحیطه على وزن الشیمه-  مصدر حاطه یحوطه حوطا و حیاطا و حیطه أی کلأه و رعاه-  و أکثر الناس یروونها إلا بحیطتهم-  بتشدید الیاء و کسرها-  و الصحیح ما ذکرناه- . قوله و قله استثقال دولهم-  أی لا تصح نصیحه الجند لک إلا إذا أحبوا أمراءهم-  ثم لم یستثقلوا دولهم و لم یتمنوا زوالها- .

ثم أمره أن یذکر فی المجالس و المحافل-  بلاء ذوی البلاء منهم-  فإن ذلک مما یرهف عزم الشجاع و یحرک الجبان- . قوله و لا تضمن بلاء امرئ إلى غیره-  أی اذکر کل من أبلى منهم مفردا-  غیر مضموم ذکر بلائه إلى غیره-  کی لا یکون مغمورا فی جنب ذکر غیره- . ثم قال له لا تعظم بلاء ذوی الشرف لأجل شرفهم-  و لا تحقر بلاء ذوی الضعه لضعه أنسابهم-  بل اذکر الأمور على حقائقها- . ثم أمره أن یرد إلى الله و رسوله ما یضلعه من الخطوب-  أی ما یئوده و یمیله‏لثقله-  و هذه الروایه أصح من روایه من رواها بالظاء-  و إن کان لتلک وجه

رساله الإسکندر إلى أرسطو و رد أرسطو علیه

و ینبغی أن نذکر فی هذا الموضع-  رساله أرسطو إلى الإسکندر-  فی معنى المحافظه على أهل البیوتات و ذوی الأحساب-  و أن یخصهم بالرئاسه و الإمره-  و لا یعدل عنهم إلى العامه و السفله-  فإن فی ذلک تشییدا لکلام أمیر المؤمنین ع و وصیته- . لما ملک الإسکندر ایرانشهر-  و هو العراق مملکه الأکاسره-  و قتل دارا بن دارا کتب إلى أرسطو و هو ببلاد الیونان-  علیک أیها الحکیم منا السلام-  أما بعد فإن الأفلاک الدائره و العلل السمائیه-  و إن کانت أسعدتنا بالأمور-  التی أصبح الناس لنا بها دائبین-  فإنا جد واجدین لمس الاضطرار إلى حکمتک-  غیر جاحدین لفضلک و الإقرار بمنزلتک-  و الاستنامه إلى مشورتک و الاقتداء برأیک-  و الاعتماد لأمرک و نهیک-  لما بلونا من جدا ذلک علینا و ذقنا من جنا منفعته-  حتى صار ذلک بنجوعه فینا-  و ترسخه فی أذهاننا و عقولنا کالغذاء لنا-  فما ننفک نعول علیه-  و نستمد منه استمداد الجداول من البحور-  و تعویل الفروع على الأصول-  و قوه الأشکال بالأشکال-  و قد کان مما سیق إلینا من النصر و الفلج-  و أتیح لنا من الظفر-  و بلغنا فی العدو من النکایه و البطش-  ما یعجز القول عن وصفه-  و یقصر شکر المنعم عن موقع الإنعام به-  و کان من ذلک أنا جاوزنا أرض سوریه و الجزیره-  إلى بابل و أرض فارس-  فلما حللنا بعقوه أهلها و ساحه بلادهم-  لم یکن إلا ریثما تلقانا نفر منهم-  برأس ملکهم هدیه إلینا و طلبا للحظوه عندنا-  فأمرنا بصلب من‏ جاء به و شهرته لسوء بلائه-  و قله ارعوائه و وفائه-  ثم أمرنا بجمع من کان هناک من أولاد ملوکهم-  و أحرارهم و ذی الشرف منهم-  فرأینا رجالا عظیمه أجسامهم و أحلامهم-  حاضره ألبابهم و أذهانهم رائعه مناظرهم و مناطقهم-  دلیلا على أن ما یظهر من روائهم و منطقهم-  أن وراءه من قوه أیدیهم-  و شده نجدتهم و بأسهم ما لم یکن-  لیکون لنا سبیل إلى غلبتهم و إعطائهم بأیدیهم-  لو لا أن القضاء أدالنا منهم-  و أظفرنا بهم و أظهرنا علیهم-  و لم نر بعیدا من الرأی فی أمرهم أن نستأصل شأفتهم-  و نجتث أصلهم و نلحقهم بمن مضى من أسلافهم-  لتسکن القلوب بذلک الأمن إلى جرائرهم و بوائقهم-  فرأینا ألا نجعل بإسعاف بادئ الرأی فی قتلهم-  دون الاستظهار علیهم بمشورتک فیهم-  فارفع إلینا رأیک فیما استشرناک فیه بعد صحته عندک-  و تقلیبک إیاه بجلی نظرک-  و سلام أهل السلام فلیکن علینا و علیک- .

فکتب إلیه أرسطو-  لملک الملوک و عظیم العظماء-  الإسکندر المؤید بالنصر على الأعداء-  المهدی له الظفر بالملوک-  من أصغر عبیده و أقل خوله-  أرسطوطالیس البخوع بالسجود و التذلل فی السلام-  و الإذعان فی الطاعه-  أما بعد فإنه لا قوه بالمنطق و إن احتشد الناطق فیه-  و اجتهد فی تثقیف معانیه و تألیف حروفه و مبانیه-  على الإحاطه بأقل ما تناله القدره-  من بسطه علو الملک و سمو ارتفاعه عن کل قول-  و إبرازه على کل وصف و اغترافه بکل إطناب-  و قد کان تقرر عندی-  من مقدمات إعلام فضل الملک فی صهله سبقه-  و بروز شأوه و یمن نقیبته-  مذ أدت إلی حاسه بصری صوره شخصه-  و اضطرب فی حس سمعی صوت لفظه-  و وقع وهمی‏ على تعقیب نجاح رأیه-  أیام کنت أؤدی إلیه من تکلف تعلیمی إیاه-  ما أصبحت قاضیا على نفسی بالحاجه إلى تعلمه منه-  و مهما یکن منی إلیه فی ذلک- 

فإنما هو عقل مردود إلى عقله-  مستنبطه أوالیه و توالیه من علمه و حکمته-  و قد جلا إلى کتاب الملک و مخاطبته إیای و مسألته لی-  عما لا یتخالجنی الشک فی لقاح ذلک و إنتاجه من عنده-  فعنه صدر و علیه ورد-  و أنا فیما أشیر به على الملک-  و إن اجتهدت فیه و احتشدت له-  و تجاوزت حد الوسع و الطاقه منی فی استنظافه و استقصائه-  کالعدم مع الوجود بل کما لا یتجزأ فی جنب معظم الأشیاء-  و لکنی غیر ممتنع من إجابه الملک إلى ما سأل-  مع علمی و یقینی بعظیم غناه عنی و شده فاقتی إلیه-  و أنا راد إلى الملک ما اکتسبته منه-  و مشیر علیه بما أخذته منه فقائل له-  إن لکل تربه لا محاله قسما من الفضائل-  و إن لفارس قسمها من النجده و القوه-  و إنک إن تقتل أشرافهم تخلف الوضعاء علی أعقابهم-  و تورث سفلتهم على منازل علیتهم-  و تغلب أدنیاءهم على مراتب ذوی أخطارهم-  و لم یبتل الملوک قط ببلاء هو أعظم علیهم-  و أشد توهینا لسلطانهم من غلبه السفله و ذل الوجوه-  فاحذر الحذر کله أن تمکن تلک الطبقه من الغلبه و الحرکه-  فإنه إن نجم منهم بعد الیوم على جندک و أهل بلادک ناجم-  دهمهم منه ما لا رویه فیه و لا بقیه معه-  فانصرف عن هذا الرأی إلى غیره-  و اعمد إلى من قبلک من أولئک العظماء و الأحرار-  فوزع بینهم مملکتهم-  و ألزم اسم الملک کل من ولیته منهم ناحیته-  و اعقد التاج على رأسه و إن صغر ملکه-  فإن المتسمی بالملک لازم لاسمه-  و المعقود التاج على رأسه لا یخضع لغیره-  فلیس ینشب ذلک أن یوقع کل ملک منهم-  بینه و بین صاحبه تدابرا و تقاطعا و تغالبا على الملک-  و تفاخرا بالمال و الجند-  حتى ینسوا بذلک أضغانهم علیک و أوتارهم فیک-  و یعود حربهم لک حربا بینهم-  و حنقهم علیک حنقا منهم على أنفسهم-  ثم لا یزدادون فی ذلک بصیره-  إلا أحدثوا لک بها استقامه-  إن دنوت منهم دانوا لک و إن نأیت عنهم تعززوا بک-  حتى یثب من ملک منهم على جاره باسمک و یسترهبه بجندک-  و فی ذلک شاغل لهم عنک و أمان لأحداثهم بعدک-  و إن کان لا أمان للدهر و لا ثقه بالأیام- . قد أدیت إلى الملک ما رأیته لی حظا و علی حقا-  من إجابتی إیاه إلى ما سألنی عنه-  و محضته النصیحه فیه-  و الملک أعلى عینا و أنفذ رویه و أفضل رأیا-  و أبعد همه فیما استعان بی علیه-  و کلفنی بتبیینه و المشوره علیه فیه-  لا زال الملک متعرفا من عوائد النعم و عواقب الصنع-  و توطید الملک و تنفیس الأجل و درک الأمل-  ما تأتی فیه قدرته على غایه قصوى ما تناله قدره البشر- . و السلام الذی لا انقضاء له-  و لا انتهاء و لا غایه و لا فناء-  فلیکن على الملک- .

قالوا فعمل الملک برأیه-  و استخلف على ایرانشهر-  أبناء الملوک و العظماء من أهل فارس-  فهم ملوک الطوائف الذین بقوا بعده-  و المملکه موزعه بینهم-  إلى أن جاء أردشیر بن بابک فانتزع الملک منهمثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُکْمِ بَیْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِیَّتِکَ فِی نَفْسِکَ-  مِمَّنْ لَا تَضِیقُ بِهِ الْأُمُورُ وَ لَا تُمَحِّکُهُ الْخُصُومُ-  وَ لَا یَتَمَادَى فِی الزَّلَّهِ-  وَ لَا یَحْصَرُ مِنَ الْفَیْ‏ءِ إِلَى الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ-  وَ لَا تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَى طَمَعٍ-  وَ لَا یَکْتَفِی بِأَدْنَى فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ-  وَ أَوْقَفَهُمْ فِی الشُّبُهَاتِ وَ آخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ-  وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَهِ الْخَصْمِ-  وَ أَصْبَرَهُمْ‏ عَلَى تَکَشُّفِ الْأُمُورِ-  وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الْحُکْمِ-  مِمَّنْ لَا یَزْدَهِیهِ إِطْرَاءٌ وَ لَا یَسْتَمِیلُهُ إِغْرَاءٌ-  وَ أُولَئِکَ قَلِیلٌ-  ثُمَّ أَکْثِرْ تَعَاهُدَ قَضَائِهِ-  وَ أَفْسِحْ لَهُ فِی الْبَذْلِ مَا یُزِیحُ عِلَّتَهُ-  وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَى النَّاسِ-  وَ أَعْطِهِ مِنَ الْمَنْزِلَهِ لَدَیْکَ مَا لَا یَطْمَعُ فِیهِ غَیْرُهُ مِنْ خَاصَّتِکَ-  لِیَأْمَنَ بِذَلِکَ اغْتِیَالَ الرِّجَالِ لَهُ عِنْدَکَ-  فَانْظُرْ فِی ذَلِکَ نَظَراً بَلِیغاً-  فَإِنَّ هَذَا الدِّینَ قَدْ کَانَ أَسِیراً فِی أَیْدِی الْأَشْرَارِ-  یُعْمَلُ فِیهِ بِالْهَوَى وَ تُطْلَبُ بِهِ الدُّنْیَا تمحکه الخصوم تجعله ما حکا أی لجوجا-  محک الرجل أی لج و ماحک زید عمرا أی لاجه- . قوله و لا یتمادى فی الزله أی إن زل رجع و أناب-  و الرجوع إلى الحق خیر من التمادی فی الباطل- . قوله و لا یحصر من الفی‏ء هو المعنى الأول بعینه-  و الفی‏ء الرجوع إلا أن هاهنا زیاده-  و هو أنه لا یحصر أی لا یعیا فی المنطق-  لأن من الناس من إذا زل حصر عن أن یرجع-  و أصابه کالفهاهه و العی خجلا- . قوله و لا تشرف نفسه أی لا تشفق-  و الإشراف الإشفاق و الخوف-  و أنشد اللیث

و من مضر الحمراء إسراف أنفس
علینا و حیاها علینا تمضرا

و قال عروه بن أذینه-

لقد علمت و ما الإشراف من خلقی
أن الذی هو رزقی سوف یأتینی‏

 و المعنى و لا تشفق نفسه-  و تخاف من فوت المنافع و المرافق- . ثم قال و لا یکتفى بأدنى فهم-  أی لا یکون قانعا بما یخطر له بادئ الرأی من أمر الخصوم-  بل یستقصی و یبحث أشد البحث- . قوله و أقلهم تبرما بمراجعه الخصم أی تضجرا-  و هذه الخصله من محاسن ما شرطه ع-  فإن القلق و الضجر و التبرم قبیح-  و أقبح ما یکون من القاضی- . قوله و أصرمهم أی أقطعهم و أمضاهم-  و ازدهاه کذا أی استخفه-  و الإطراء المدح و الإغراء التحریض- . ثم أمره أن یتطلع على أحکامه و أقضیته-  و أن یفرض له عطاء واسعا یملأ عینه-  و یتعفف به عن المرافق و الرشوات-  و أن یکون قریب المکان منه کثیر الاختصاص به-  لیمنع قربه من سعایه الرجال به و تقبیحهم ذکره عنده- . ثم قال إن هذا الدین قد کان أسیرا-  هذه إشاره إلى قضاه عثمان و حکامه-  و أنهم لم یکونوا یقضون بالحق عنده-  بل بالهوى لطلب الدنیا- . و أما أصحابنا فیقولون-  رحم الله عثمان فإنه کان ضعیفا و استولى علیه أهله-  قطعوا الأمور دونه فإثمهم علیهم و عثمان بری‏ء منهم‏

فصل فی القضاه و ما یلزمهم و ذکر بعض نوادرهم

 قد جاء فی الحدیث المرفوع لا یقضی القاضی و هو غضبانو جاء فی الحدیث المرفوع أیضا من ابتلی بالقضاء بین المسلمین-  فلیعدل بینهم فی لحظه و إشارته و مجلسه و مقعده- . دخل ابن شهاب على الولید أو سلیمان فقال له-  یا ابن شهاب ما حدیث یرویه أهل الشام-  قال ما هو یا أمیر المؤمنین-  قال إنهم یروون أن الله تعالى إذا استرعى عبدا رعیه-  کتب له الحسنات و لم یکتب علیه السیئات-  فقال کذبوا یا أمیر المؤمنین-  أیما أقرب إلى الله نبی أم خلیفه قال بل نبی-  قال فإنه تعالى یقول لنبیه داود-  یا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناکَ خَلِیفَهً فِی الْأَرْضِ-  فَاحْکُمْ بَیْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ-  وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ فَیُضِلَّکَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ-  إِنَّ الَّذِینَ یَضِلُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِیدٌ-  فقال سلیمان إن الناس لیغروننا عن دیننا- .

و قال بکر بن عبد الله العدوی لابن أرطاه-  و أراد أن یستقضیه و الله ما أحسن القضاء-  فإن کنت صادقا لم یحل لک أن تستقضی من لا یحسن-  و إن کنت کاذبا فقد فسقت-  و الله لا یحل أن تستقضی الفاسق- . و قال الزهری ثلاث إذا کن فی القاضی فلیس بقاض-  أن یکره اللائمه و یحب المحمده و یخاف العزل- . و قال محارب بن زیاد للأعمش ولیت القضاء فبکى أهلی-  فلما عزلت بکى أهلی فما أدری مم ذلک-  قال لأنک ولیت القضاء و أنت تکرهه و تجزع منه-فبکى أهلک لجزعک-  و عزلت عنه فکرهت العزل و جزعت فبکى أهلک لجزعک-  قال صدقت- . أتی ابن شبرمه بقوم یشهدون على قراح نخل-  فشهدوا و کانوا عدولا فامتحنهم فقال-  کم فی القراح من نخله قالوا لا نعلم فرد شهادتهم-  فقال له أحدهم-  أنت أیها القاضی تقضی فی هذا المسجد منذ ثلاثین سنه-  فأعلمنا کم فیه من أسطوانه-  فسکت و أجازهم- . خرج شریک و هو على قضاء الکوفه یتلقى الخیزران-  و قد أقبلت ترید الحج-  و قد کان استقضی و هو کاره-  فأتی شاهی فأقام بها ثلاثا فلم تواف-  فخف زاده و ما کان معه-  فجعل یبله بالماء و یأکله بالملح-  فقال العلاء بن المنهال الغنوی- 

   فإن کان الذی قد قلت حقا
بأن قد أکرهوک على القضاء

فما لک موضعا فی کل یوم‏
تلقى من یحج من النساء

مقیما فی قرى شاهی ثلاثا
بلا زاد سوى کسر و ماء

و تقدمت کلثم بنت سریع مولى عمرو بن حریث- و کانت جمیله- و أخوها الولید بن سریع إلى عبد الملک بن عمیر- و هو قاض بالکوفه فقضى لها على أخیها- فقال هذیل الأشجعی-

أتاه ولید بالشهود یسوقهم
على ما ادعى من صامت المال و الخول‏

و جاءت إلیه کلثم و کلامها
شفاء من الداء المخامر و الخبل‏

فأدلى ولید عند ذاک بحقه
و کان ولید ذا مراء و ذا جدل‏

فدلهت القبطی حتى قضى لها
بغیر قضاء الله فی محکم الطول‏

فلو کان من فی القصر یعلم علمه
لما استعمل القبطی فینا على عمل‏

له حین یقضی للنساء تخاوص‏
و کان و ما فیه التخاوص و الحول‏

إذا ذات دل کلمته لحاجه
فهم بأن یقضی تنحنح أو سعل‏

و برق عینیه و لاک لسانه‏
یرى کل شی‏ء ما خلا وصلها جلل‏

 و کان عبد الملک بن عمیر یقول لعن الله الأشجعی-  و الله لربما جاءتنی السعله و النحنحه و أنا فی المتوضإ-  فأردهما لما شاع من شعره- . کتب عمر بن الخطاب إلى معاویه-  أما بعد فقد کتبت إلیک فی القضاء بکتاب-  لم آلک و نفسی فیه خیرا-  الزم خمس خصال یسلم لک دینک و تأخذ بأفضل حظک-  إذا تقدم إلیک الخصمان-  فعلیک بالبینه العادله أو الیمین القاطعه-  و ادن الضعیف حتى یشتد قلبه و ینبسط لسانه-  و تعهد الغریب-  فإنک إن لم تتعهده ترک حقه و رجع إلى أهله-  و إنما ضیع حقه من لم یرفق به-  و آس بین الخصوم فی لحظک و لفظک-  و علیک بالصلح بین الناس-  ما لم یستبن لک فصل القضاء- . و کتب عمر إلى شریح لا تسارر و لا تضارر-  و لا تبع و لا تبتع فی مجلس القضاء-  و لا تقض و أنت غضبان و لا شدید الجوع-  و لا مشغول القلب- . شهد رجل عند سوار القاضی-  فقال ما صناعتک فقال مؤدب-  قال أنا لا أجیز شهادتک قال و لم-  قال لأنک تأخذ على تعلیم القرآن أجرا-  قال و أنت أیضا تأخذ على القضاء بین المسلمین أجرا-  قال إنهم أکرهونی قال نعم أکرهوک على القضاء-  فهل أکرهوک على أخذ الأجر-  قال هلم شهادتک- . و دخل أبو دلامه لیشهد عند أبی لیلى-  فقال حین جلس بین یدیه- 

 إذا الناس غطونی تغطیت عنهم
و إن بحثوا عنی ففیهم مباحث‏

و إن حفروا بئری حفرت بئارهم
لیعلم ما تخفیه تلک النبائث‏

– . فقال بل نغطیک یا أبا دلامه و لا نبحثک-  و صرفه راضیا-  و أعطى المشهود علیه من عنده قیمه ذلک الشی‏ء- . کان عامر بن الظرب العدوانی حاکم العرب و قاضیها-  فنزل به قوم یستفتونه فی الخنثى و میراثه-  فلم یدر ما یقضی فیه-  و کان له جاریه اسمها خصیله-  ربما لامها فی الإبطاء عن الرعی و فی الشی‏ء یجده علیها-  فقال لها یا خصیله لقد أسرع هؤلاء القوم فی غنمی-  و أطالوا المکث-  قالت و ما یکبر علیک من ذلک اتبعه مباله و خلاک ذم-  فقال لها مسی خصیل بعدها أو روحی- . و قال أعرابی لقوم یتنازعون-  هل لکم فی الحق أو ما هو خیر من الحق-  قیل و ما الذی هو خیر من الحق-  قال التحاط و الهضم فإن أخذ الحق کله مر- . و عزل عمر بن عبد العزیز بعض قضاته-  فقال لم عزلتنی-  فقال بلغنی أن کلامک أکثر من کلام الخصمین-  إذا تحاکما إلیک- . و دخل إیاس بن معاویه الشام و هو غلام-  فقدم خصما إلى باب القاضی فی أیام عبد الملک-  فقال القاضی أ ما تستحیی تخاصم و أنت غلام شیخا کبیرا-  فقال الحق أکبر منه فقال اسکت ویحک-  قال فمن ینطق بحجتی إذا-  قال ما أظنک تقول الیوم حقا حتى تقوم-  فقال لا إله إلا الله-  فقام القاضی و دخل على عبد الملک و أخبره-  فقال اقض حاجته-  و أخرجه من الشام کی لا یفسد علینا الناس- . و اختصم أعرابی و حضری إلى قاض-  فقال الأعرابی أیها القاضی إنه و إن هملج إلى الباطل-  فإنه عن الحق لعطوف- . و رد رجل جاریه على رجل اشتراها منه بالحمق-  فترافعا إلى إیاس بن معاویه-فقال لها إیاس أی رجلیک أطول فقالت هذه-  فقال أ تذکرین لیله ولدتک أمک قالت نعم-  فقال إیاس رد رد- .

و جاء فی الخبر المرفوع من روایه عبد الله بن عمر لا قدست أمه لا یقضى فیها بالحقو من الحدیث المرفوع من روایه أبی هریره لیس أحد یحکم بین الناس-  إلا جی‏ء به یوم القیامه مغلوله یداه إلى عنقه-  فکه العدل و أسلمه الجور واستعدى رجل على علی بن أبی طالب ع-  عمر بن الخطاب رضی الله عنه و علی جالس-  فالتفت عمر إلیه فقال-  قم یا أبا الحسن فاجلس مع خصمک-  فقام فجلس معه و تناظرا-  ثم انصرف الرجل و رجع علی ع إلى محله-  فتبین عمر التغیر فی وجهه-  فقال یا أبا الحسن ما لی أراک متغیرا أ کرهت ما کان-  قال نعم قال و ما ذاک-  قال کنیتنی بحضره خصمی-  هلا قلت قم یا علی فاجلس مع خصمک-  فاعتنق عمر علیا و جعل یقبل وجهه-  و قال بأبی أنتم بکم هدانا الله-  و بکم أخرجنا من الظلمه إلى النور- . أبان بن عبد الحمید اللاحقی فی سوار بن عبد الله القاضی- 

   لا تقدح الظنه فی حکمه
شیمته عدل و إنصاف‏

یمضی إذا لم تلقه شبهه
و فی اعتراض الشک وقاف‏

کان ببغداد رجل یذکر بالصلاح و الزهد یقال له رویم-  فولی القضاء فقال الجنید-  من أراد أن یستودع سره من لا یفشیه فعلیه برویم-  فإنه کتم حب الدنیا أربعین سنه إلى أن قدر علیها- . الأشهب الکوفی

یا أهل بغداد قد قامت قیامتکم
مذ صار قاضیکم نوح بن دراج‏

لو کان حیا له الحجاج ما سلمت‏
صحیحه یده من وسم حجاج‏

و کان الحجاج یسم أیدی النبط بالمشراط و النیل- . لما وقعت فتنه ابن الزبیر اعتزل شریح القضاء-  و قال لا أقضی فی الفتنه-  فبقی لا یقضی تسع سنین-  ثم عاد إلى القضاء و قد کبرت سنه-  فاعترضه رجل و قد انصرف من مجلس القضاء-  فقال له أ ما حان لک أن تخاف الله-  کبرت سنک و فسد ذهنک و صارت الأمور تجوز علیک-  فقال و الله لا یقولها بعدک لی أحد-  فلزم بیته حتى مات- . قیل لأبی قلابه و قد هرب من القضاء لو أجبت-  قال أخاف الهلاک-  قیل لو اجتهدت لم یکن علیک بأس-  قال ویحکم إذا وقع السابح فی البحر کم عسى أن یسبح- . دعا رجل لسلیمان الشاذکونی-  فقال أرانیک الله یا أبا أیوب على قضاء أصبهان-  قال ویحک إن کان و لا بد فعلى خراجها-  فإن أخذ أموال الأغنیاء أسهل من أخذ أموال الأیتام- . ارتفعت جمیله بنت عیسى بن جراد و کانت جمیله کاسمها-  مع خصم لها إلى الشعبی و هو قاضی عبد الملک فقضى لها-  فقال هذیل الأشجعی

  فتن الشعبی لما
رفع الطرف إلیها

فتنته بثنایا
ها و قوسی حاجبیها

و مشت مشیا رویدا
ثم هزت منکبیها

فقضى جورا على الخصم‏
و لم یقض علیها

–  فقبض الشعبی علیه و ضربه ثلاثین سوطا- . قال ابن أبی لیلى-  ثم انصرف الشعبی یوما من مجلس القضاء-  و قد شاعت الأبیات‏و تناشدها الناس-  و نحن معه فمررنا بخادم تغسل الثیاب-  و تقولفتن الشعبی لما-  و لا تحفظ تتمه البیت فوقف علیها و لقنها-  و قال رفع الطرف إلیها-  ثم ضحک و قال-  أبعده الله و الله ما قضینا لها إلا بالحق- . جاءت امرأه إلى قاض فقالت-  مات بعلی و ترک أبوین و ابنا و بنی عم-  فقال القاضی لأبویه الثکل و لابنه الیتم-  و لک اللائمه و لبنی عمه الذله-  و احملی المال إلینا إلى أن ترتفع الخصوم- . لقی سفیان الثوری شریکا بعد ما استقضی-  فقال له یا أبا عبد الله-  بعد الإسلام و الفقه و الصلاح تلی القضاء-  قال یا أبا عبد الله فهل للناس بد من قاض-  قال و لا بد یا أبا عبد الله للناس من شرطی- . و کان الحسن بن صالح بن حی یقول-  لما ولی شریک القضاء أی شیخ أفسدوا- .

 قال أبو ذر رضی الله عنه قال لی رسول الله ص-  یا أبا ذر اعقل ما أقول لک-  جعل یرددها على سته أیام ثم قال لی فی الیوم السابع-  أوصیک بتقوى الله فی سریرتک و علانیتک-  و إذا أسأت فأحسن-  و لا تسألن أحدا شیئا و لو سقط سوطک-  و لا تتقلدن أمانه و لا تلین ولایه-  و لا تکفلن یتیما و لا تقضین بین اثنین- . أراد عثمان بن عفان أن یستقضی عبد الله بن عمر-  فقال له أ لست قد سمعت النبی ص یقول من استعاذ بالله فقد عاذ بمعاذ-  قال بلى قال فإنی أعوذ بالله منک أن تستقضینی- .

و قد ذکر الفقهاء فی آداب القاضی أمورا-  قالوا لا یجوز أن یقبل هدیه فی أیام القضاء-  إلا ممن کانت له عاده یهدی إلیه قبل أیام القضاء-  و لا یجوز قبولها فی أیام القضاء ممن له حکومه و خصومه-  و إن کان ممن له عاده قدیمه-  و کذلک إن کانت الهدیه أنفس و أرفع-  مما کانت قبل أیام القضاء لا یجوز قبولها-  و یجوز أن یحضر القاضی الولائم-  و لا یحضر عند قوم دون قوم لأن التخصیص یشعر بالمیل-  و یجوز أن یعود المرضى و یشهد الجنائز-  و یأتی مقدم الغائب و یکره له مباشره البیع و الشراء-  و لا یجوز أن یقضی و هو غضبان و لا جائع و لا عطشان-  و لا فی حال الحزن الشدید و لا الفرح الشدید-  و لا یقضی و النعاس یغلبه و المرض یقلقه-  و لا و هو یدافع الأخبثین-  و لا فی حر مزعج و لا فی برد مزعج-  و ینبغی أن یجلس للحکم فی موضع بارز یصل إلیه کل أحد-  و لا یحتجب إلا لعذر-  و یستحب أن یکون مجلسه فسیحا لا یتأذى بذلک هو أیضا-  و یکره الجلوس فی المساجد للقضاء-  فإن احتاج إلى وکلاء جاز أن یتخذهم-  و یوصیهم بالرفق بالخصوم-  و یستحب أن یکون له حبس-  و أن یتخذ کاتبا إن احتاج إلیه-  و من شرط کاتبه أن یکون عارفا بما یکتب به عن القضاء- . و اختلف فی جواز کونه ذمیا و الأظهر أنه لا یجوز-  و لا یجوز أن یکون کاتبه فاسقا-  و لا یجوز أن یکون الشهود عنده قوما معینین-  بل الشهاده عامه فیمن استکمل شروطها

ثُمَّ انْظُرْ فِی أُمُورِ عُمَّالِکَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِیَاراً-  وَ لَا تُوَلِّهِمْ مُحَابَاهً وَ أَثَرَهً-  فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ الْجَوْرِ وَ الْخِیَانَهِ-  وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَهِ وَ الْحَیَاءِ-  مِنْ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَهِ وَ الْقَدَمِ فِی الْإِسْلَامِ الْمُتَقَدِّمَهِ-  فَإِنَّهُمْ أَکْرَمُ أَخْلَاقاً وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً-  وَ أَقَلُّ فِی الْمَطَامِعِ إِشْرَافاً-  وَ أَبْلَغُ فِی عَوَاقِبِ الْأُمُورِ نَظَراً-ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَیْهِمُ الْأَرْزَاقَ-  فَإِنَّ ذَلِکَ قُوَّهٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِصْلَاحِ أَنْفُسِهِمْ-  وَ غِنًى لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَیْدِیهِمْ-  وَ حُجَّهٌ عَلَیْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَکَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَکَ-  ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ-  وَ ابْعَثِ الْعُیُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ عَلَیْهِمْ-  فَإِنَّ تَعَاهُدَکَ فِی السِّرِّ لِأُمُورِهِمْ-  حَدْوَهٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْأَمَانَهِ وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِیَّهِ-  وَ تَحَفَّظْ مِنَ الْأَعْوَانِ-  فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ یَدَهُ إِلَى خِیَانَهٍ-  اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَیْهِ عِنْدَکَ أَخْبَارُ عُیُونِکَ-  اکْتَفَیْتَ بِذَلِکَ شَاهِداً-  فَبَسَطْتَ عَلَیْهِ الْعُقُوبَهَ فِی بَدَنِهِ-  وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ-  ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّهِ وَ وَسَمْتَهُ بِالْخِیَانَهِ-  وَ قَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَهِ لما فرغ ع من أمر القضاء شرع فی أمر العمال-  و هم عمال السواد و الصدقات و الوقوف و المصالح و غیرها-  فأمره أن یستعملهم بعد اختبارهم و تجربتهم-  و ألا یولیهم محاباه لهم و لمن یشفع فیهم-  و لا أثره و لا إنعاما علیهم- .

کان أبو الحسن بن الفرات یقول-  الأعمال للکفاه من أصحابنا-  و قضاء الحقوق على خواص أموالنا- . و کان یحیى بن خالد یقول من تسبب إلینا بشفاعه فی عمل-  فقد حل عندنا محل من ینهض بغیره-  و من لم ینهض بنفسه لم یکن للعمل أهلا- . و وقع جعفر بن یحیى فی رقعه متحرم به-  هذا فتى له حرمه الأمل فامتحنه بالعمل-  فإن کان کافیا فالسلطان له دوننا-  و إن لم یکن کافیا فنحن له دون السلطان- . ثم قال ع فإنهما یعنی استعمالهم للمحاباه و الأثره-  جماع من شعب الجور و الخیانه-  و قد تقدم شرح مثل هذه اللفظه-  و المعنى أن ذلک یجمع ضروبا من الجور و الخیانه-  أما الجور-  فإنه یکون قد عدل عن المستحق إلى غیر المستحق-  ففی ذلک جور على المستحق- .

و أما الخیانه-  فلأن الأمانه تقتضی تقلید الأعمال الأکفاء-  فمن لم یعتمد ذلک فقد خان من ولاه- . ثم أمره بتخیر من قد جرب-  و من هو من أهل البیوتات و الأشراف-  لشده الحرص على الشی‏ء و الخوف من فواته- . ثم أمره بإسباغ الأرزاق علیهم فإن الجائع لا أمانه له-  و لأن الحجه تکون لازمه لهم إن خانوا-  لأنهم قد کفوا مئونه أنفسهم و أهلیهم-  بما فرض لهم من الأرزاق- . ثم أمره بالتطلع علیهم-  و إذکاء العیون و الأرصاد على حرکاتهم- . و حدوه باعث یقال حدانی هذا الأمر حدوه على کذا-  و أصله سوق الإبل-  و یقال للشمال حدواء لأنها تسوق السحاب- . ثم أمره بمؤاخذه من ثبتت خیانته و استعاده المال منه-  و قد صنع عمر کثیرا من ذلک و ذکرناه فیما تقدم- . قال بعض الأکاسره لعامل من عماله-  کیف نومک باللیل قال أنامه کله-  قال أحسنت لو سرقت ما نمت هذا النوم: وَ تَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا یُصْلِحُ أَهْلَهُ-  فَإِنَّ فِی صَلَاحِهِ وَ صَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ-  وَ لَا صَلَاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلَّا بِهِمْ-  لِأَنَّ النَّاسَ کُلَّهُمْ عِیَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَ أَهْلِهِ-  وَ لْیَکُنْ نَظَرُکَ فِی عِمَارَهِ الْأَرْضِ-  أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِکَ فِی اسْتِجْلَابِ الْخَرَاجِ-  لِأَنَّ ذَلِکَ لَا یُدْرَکُ إِلَّا بِالْعِمَارَهِ-  وَ مَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَیْرِ عِمَارَهٍ أَخْرَبَ الْبِلَادَ-  وَ أَهْلَکَ‏ الْعِبَادَ وَ لَمْ یَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلَّا قَلِیلًا-  فَإِنْ شَکَوْا ثِقَلًا أَوْ عِلَّهً أَوِ انْقِطَاعَ شِرْبٍ أَوْ بَالَّهٍ-  أَوْ إِحَالَهَ أَرْضٍ اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ-  أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ-  خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ یَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ-  وَ لَا یَثْقُلَنَّ عَلَیْکَ شَیْ‏ءٌ خَفَّفْتَ بِهِ الْمَئُونَهَ عَنْهُمْ-  فَإِنَّهُ ذُخْرٌ یَعُودُونَ بِهِ عَلَیْکَ فِی عِمَارَهِ بِلَادِکَ-  وَ تَزْیِینِ وِلَایَتِکَ مَعَ اسْتِجْلَابِکَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ-  وَ تَبَجُّحِکَ بِاسْتِفَاضَهِ الْعَدْلِ فِیهِمْ-  مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ-  بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِکَ لَهُمْ-  وَ الثِّقَهَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِکَ عَلَیْهِمْ وَ رِفْقِکَ بِهِمْ-  فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ-  مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِیهِ عَلَیْهِمْ مِنْ بَعْدُ احْتَمَلُوهُ-  طَیِّبَهً أَنْفُسُهُمْ بِهِ-  فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ-  وَ إِنَّمَا یُؤْتَى خَرَابُ الْأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهَا-  وَ إِنَّمَا یُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِشْرَافِ أَنْفُسِ الْوُلَاهِ عَلَى الْجَمْعِ-  وَ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ وَ قِلَّهِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ انتقل ع من ذکر العمال-  إلى ذکر أرباب الخراج و دهاقین السواد-  فقال تفقد أمرهم فإن الناس عیال علیهم-  و کان یقال استوصوا بأهل الخراج-  فإنکم لا تزالون سمانا ما سمنوا- .

و رفع إلى أنوشروان أن عامل الأهواز-  قد حمل من مال الخراج ما یزید على العاده-  و ربما یکون ذلک قد أجحف بالرعیه-  فوقع یرد هذا المال على من قد استوفى منه-  فإن تکثیر الملک ماله بأموال رعیته-  بمنزله من یحصن سطوحه بما یقتلعه من قواعد بنیانه- .

و کان على خاتم أنوشروان-  لا یکون عمران حیث یجور السلطان- . و روی استحلاب الخراج بالحاء- . ثم قال فإن شکوا ثقلا-  أی ثقل طسق الخراج المضروب علیهم-  أو ثقل وطأه العامل- . قال أو عله نحو أن یصیب الغله آفه-  کالجراد و البرق أو البرد- . قال أو انقطاع شرب بأن ینقص الماء فی النهر-  أو تتعلق أرض الشرب عنه لفقد الحفر- . قال أو باله یعنی المطر- . قال أو إحاله أرض اغتمرها غرق-  یعنی أو کون الأرض قد حالت و لم یحصل منها ارتفاع-  لأن الغرق غمرها و أفسد زرعها- .

قال أو أجحف بها عطش أی أتلفها- . فإن قلت فهذا هو انقطاع الشرب-  قلت لا قد یکون الشرب غیر منقطع-  و مع ذلک یجحف بها العطش-  بأن لا یکفیها الماء الموجود فی الشرب- . ثم أمره أن یخفف عنهم متى لحقهم شی‏ء من ذلک-  فإن التخفیف یصلح أمورهم-  و هو و إن کان یدخل على المال نقصا فی العاجل-  إلا أنه یقتضی توفیر زیاده فی الآجل-  فهو بمنزله التجاره-  التی لا بد فیها من إخراج رأس المال-  و انتظار عوده و عود ربحه- .

قال و مع ذلک فإنه یفضی إلى تزین بلادک بعمارتها-  و إلى أنک تبجح بین الولاه بإفاضه العدل فی رعیتک-  معتمدا فضل قوتهم-  و معتمدا منصوب على الحال من الضمیر فی خففت الأولى-  أی خففت عنهم معتمدا بالتخفیف فضل قوتهم- . و الإجمام الترفیه- . ثم قال له و ربما احتجت فیما بعد-  إلى تکلفهم بحادث یحدث عندک-  المساعده بمال یقسطونه علیهم قرضا أو معونه محضه-  فإذا کانت لهم ثروه نهضوا بمثل ذلک طیبه قلوبهم به- . ثم قال ع فإن العمران محتمل ما حملته- . سمعت أبا محمد بن خلید-  و کان صاحب دیوان الخراج فی أیام الناصر لدین الله-  یقول لمن قال له قد قیل عنک إن واسط و البصره-  قد خربت لشده العنف بأهلها فی تحصیل الأموال-  فقال أبو محمد ما دام هذا الشط بحاله-  و النخل نابتا فی منابته بحاله-  ما تخرب واسط و البصره أبدا- . ثم قال ع إنما تؤتى الأرض-  أی إنما تدهى من إعواز أهلها أی من فقرهم- .

قال و الموجب لإعوازهم طمع ولاتهم فی الجبایه-  و جمع الأموال لأنفسهم و لسلطانهم و سوء ظنهم بالبقاء-  یحتمل أن یرید به أنهم یظنون طول البقاء-  و ینسون الموت و الزوال- . و یحتمل أن یرید به أنهم یتخیلون العزل و الصرف-  فینتهزون الفرص و یقتطعون الأموال-  و لا ینظرون فی عماره البلاد

عهد سابور بن أردشیر لابنه

و قد وجدت فی عهد سابور بن أردشیر إلى ابنه کلاما-  یشابه کلام أمیر المؤمنین ع فی هذا العهد-  و هو قوله و اعلم أن قوام أمرک بدرور الخراج-  و درور الخراج بعماره البلاد-  و بلوغ الغایه فی ذلک استصلاح أهله-  بالعدل علیهم و المعونه لهم-  فإن بعض الأمور لبعض سبب و عوام الناس لخواصهم عده-  و بکل صنف منهم إلى الآخر حاجه-  فاختر لذلک أفضل من تقدر علیه من کتابک-  و لیکونوا من أهل البصر و العفاف و الکفایه-  و استرسل إلى کل امرئ منهم شخصا یضطلع به-  و یمکنه تعجیل الفراغ منه-  فإن اطلعت على أن أحدا منهم خان أو تعدى-  فنکل به و بالغ فی عقوبته-  و احذر أن تستعمل على الأرض الکثیر خراجها-  إلا البعید الصوت العظیم شرف المنزله- . و لا تولین أحدا من قواد جندک الذین هم عده للحرب-  و جنه من الأعداء شیئا من أمر الخراج-  فلعلک تهجم من بعضهم-  على خیانه فی المال أو تضییع للعمل-  فإن سوغته المال و أغضیت له على التضییع-  کان ذلک هلاکا و إضرارا بک و برعیتک-  و داعیه إلى فساد غیره-  و إن أنت کافأته فقد استفسدته و أضقت صدره-  و هذا أمر توقیه حزم و الإقدام علیه خرق-  و التقصیر فیه عجز- .

و اعلم أن من أهل الخراج من یلجئ بعض أرضه و ضیاعه-  إلى خاصه الملک و بطانته لأحد أمرین-  أنت حری بکراهتهما-  إما لامتناع من جور العمال و ظلم الولاه-  و تلک منزله یظهر بها سوء أثر العمال-  و ضعف الملک و إخلاله بما تحت یده-  و إما للدفع عما یلزمهم‏ من الحق و التیسر له-  و هذه خله تفسد بها آداب الرعیه-  و تنتقص بها أموال الملک-  فاحذر ذلک و عاقب الملتجئین و الملجأ إلیهمرکب زیاد یوما بالسوس یطوف بالضیاع و الزروع-  فرأى عماره حسنه فتعجب منها-  فخاف أهلها أن یزید فی خراجهم-  فلما نزل دعا وجوه البلد و قال بارک الله علیکم-  فقد أحسنتم العماره و قد وضعت عنکم مائه ألف درهم-  ثم قال ما توفر علی من تهالک غیرهم على العماره-  و أمنهم جوری أضعاف ما وضعت عن هؤلاء الآن-  و الذی وضعته بقدر ما یحصل من ذاک-  و ثواب عموم العماره و أمن الرعیه أفضل ربح: ثُمَّ انْظُرْ فِی حَالِ کُتَّابِکَ-  فَوَلِّ عَلَى أُمُورِکَ خَیْرَهُمْ-  وَ اخْصُصْ رَسَائِلَکَ الَّتِی تُدْخِلُ فِیهَا مَکَایِدَکَ وَ أَسْرَارَکَ-  بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُودِ صَالِحِ الْأَخْلَاقِ مِمَّنْ لَا تُبْطِرُهُ الْکَرَامَهُ-  فَیَجْتَرِئَ بِهَا عَلَیْکَ فِی خِلَافٍ لَکَ بِحَضْرَهِ مَلٍا-  وَ لَا تُقَصِّرُ بِهِ الْغَفْلَهُ عَنْ إِیرَادِ مُکَاتَبَاتِ عُمِّالِکَ عَلَیْکَ-  وَ إِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى الصَّوَابِ عَنْکَ-  وَ فِیمَا یَأْخُذُ لَکَ وَ یُعْطِی مِنْکَ-  وَ لَا یُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَکَ-  وَ لَا یَعْجِزُ عَنْ إِطْلَاقِ مَا عُقِدَ عَلَیْکَ-  وَ لَا یَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِی الْأُمُورِ-  فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ یَکُونُ بِقَدْرِ غَیْرِهِ أَجْهَلَ-  ثُمَّ لَا یَکُنِ اخْتِیَارُکَ إِیَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِکَ-  وَ اسْتِنَامَتِکَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ مِنْکَ-فَإِنَّ الرِّجَالَ یَتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الْوُلَاهِ-  بِتَصَنُّعِهِمْ وَ حُسْنِ حَدِیثِهِمْ-  وَ لَیْسَ وَرَاءَ ذَلِکَ مِنَ النَّصِیحَهِ وَ الْأَمَانَهِ شَیْ‏ءٌ-  وَ لَکِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِینَ قَبْلَکَ-  فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ کَانَ فِی الْعَامَّهِ أَثَراً-  وَ أَعْرَفِهِمْ بِالْأَمَانَهِ وَجْهاً-  فَإِنَّ ذَلِکَ دَلِیلٌ عَلَى نَصِیحَتِکَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ وُلِّیتَ أَمْرَهُ-  وَ اجْعَلْ لِرَأْسِ کُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِکَ رَأْساً مِنْهُمْ-  لَا یَقْهَرُهُ کَبِیرُهَا وَ لَا یَتَشَتَّتُ عَلَیْهِ کَثِیرُهَا-  وَ مَهْمَا کَانَ فِی کُتَّابِکَ مِنْ عَیْبٍ فَتَغَابَیْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ

فصل فیما یجب على مصاحب الملک

لما فرغ من أمر الخراج شرع فی أمر الکتاب-  الذین یلون أمر الحضره-  و یترسلون عنه إلى عماله و أمرائه-  و إلیهم معاقد التدبیر و أمر الدیوان-  فأمره أن یتخیر الصالح منهم-  و من یوثق على الاطلاع على الأسرار و المکاید-  و الحیل و التدبیرات-  و من لا یبطره الإکرام و التقریب-  فیطمع فیجترئ على مخالفته فی ملإ من الناس و الرد علیه-  ففی ذلک من الوهن للأمیر و سوء الأدب-  الذی انکشف الکاتب عنه ما لا خفاء به- . قال الرشید للکسائی یا علی بن حمزه-  قد أحللناک المحل الذی لم تکن تبلغه همتک-  فرونا من الأشعار أعفها-  و من الأحادیث أجمعها لمحاسن الأخلاق-  و ذاکرنا بآداب الفرس و الهند-  و لا تسرع علینا الرد فی ملإ و لا تترک تثقیفنا فی خلإ- . و فی آداب ابن المقفع-  لا تکونن صحبتک للسلطان إلا بعد ریاضه منک لنفسک-  على‏طاعتهم فی المکروه عندک و موافقتهم فیما خالفک-  و تقدیر الأمور على أهوائهم دون هواک-  فإن کنت حافظا إذا ولوک حذرا إذا قربوک-  أمینا إذا ائتمنوک-  تعلمهم و کأنک تتعلم منهم-  و تأدبهم و کأنک تتأدب بهم-  و تشکر لهم و لا تکلفهم الشکر-  ذلیلا إن صرموک راضیا إن أسخطوک-  و إلا فالبعد منهم کل البعد و الحذر منهم کل الحذر-  و إن وجدت عن السلطان و صحبته غنى فاستغن عنه-  فإنه من یخدم السلطان حق خدمته-  یخلى بینه و بین لذه الدنیا و عمل الأخرى-  و من یخدمه غیر حق الخدمه فقد احتمل وزر الآخره-  و عرض نفسه للهلکه و الفضیحه فی الدنیا-  فإذا صحبت السلطان-  فعلیک بطول الملازمه من غیر إملال-  و إذا نزلت منه بمنزله الثقه فاعزل عنه کلام الملق-  و لا تکثر له من الدعاء-  و لا تردن علیه کلاما فی حفل و إن أخطأ-  فإذا خلوت به فبصره فی رفق-  و لا یکونن طلبک ما عنده بالمسأله-  و لا تستبطئه و إن أبطأ-  و لا تخبرنه أن لک علیه حقا-  و أنک تعتمد علیه ببلاء-  و إن استطعت ألا تنسى حقک و بلاءک-  بتجدید النصح و الاجتهاد فافعل-  و لا تعطینه المجهود کله من نفسک فی أول صحبتک له-  و أعد موضعا للمزید-  و إذا سأل غیرک عن شی‏ء فلا تکن المجیب- .

و اعلم أن استلابک الکلام خفه فیک-  و استخفاف منک بالسائل و المسئول-  فما أنت قائل إن قال لک السائل ما إیاک سألت-  أو قال المسئول أجب بمجالسته و محادثته-  أیها المعجب بنفسه و المستخف بسلطانه- . و قال عبد الملک بن صالح لمؤدب ولده-  بعد أن اختصه بمجالسته و محادثته-  یا عبد الله کن على التماس الحظ فیک بالسکوت-  أحرص منک على التماسه بالکلام-  فإنهم قالوا إذا أعجبک الکلام فاصمت-  و إذا أعجبک الصمت فتکلم-  و اعلم أن أصعب الملوک معامله الجبار الفطن المتفقد-  فإن ابتلیت بصحبته فاحترس-  و إن عوفیت فاشکر الله على السلامه-  فإن السلامه أصل کل نعمه-  لا تساعدنی على ما یقبح بی-  و لا تردن علی‏خطأ فی مجلس-  و لا تکلفنی جواب التشمیت و التهنئه-  و دع عنک کیف أصبح الأمیر و کیف أمسى-  و کلمنی بقدر ما أستنطقک-  و اجعل بدل التقریظ لی صواب الاستماع منی-  و اعلم أن صواب الاستماع أحسن من صواب القول-  فإذا سمعتنی أتحدث فلا یفوتنک منه شی‏ء-  و أرنی فهمک إیاه فی طرفک و وجهک-  فما ظنک بالملک-  و قد أحلک محل المعجب بما یسمعک إیاه-  و أحللته محل من لا یسمع منه-  و کل من هذا یحبط إحسانک و یسقط حق حرمتک-  و لا تستدع الزیاده من کلامی-  بما تظهر من استحسان ما یکون منی-  فمن أسوأ حالا ممن یستکد الملوک بالباطل-  و ذلک یدل على تهاونه بقدر ما أوجب الله تعالى من حقهم- 

و اعلم أنی جعلتک مؤدبا بعد أن کنت معلما-  و جعلتک جلیسا مقربا بعد أن کنت مع الصبیان مباعدا-  فمتى لم تعرف نقصان ما خرجت منه-  لم تعرف رجحان ما دخلت فیه-  و قد قالوا من لم یعرف سوء ما أولى-  لم یعرف حسن ما أبلىثم قال ع و لیکن کاتبک غیر مقصر-  عن عرض مکتوبات عمالک علیک-  و الإجابه عنها حسن الوکاله و النیابه عنک-  فیما یحتج به لک علیهم من مکتوباتهم-  و ما یصدره عنک إلیهم من الأجوبه-  فإن عقد لک عقدا قواه و أحکمه-  و إن عقد علیک عقدا اجتهد فی نقضه و حله-  قال و أن یکون عارفا بنفسه-  فمن لم یعرف قدر نفسه لم یعرف قدر غیره- . ثم نهاه أن یکون مستند اختیاره لهؤلاء فراسته فیهم-  و غلبه ظنه بأحوالهم-  فإن التدلیس ینم فی ذلک کثیرا-  و ما زال الکتاب یتصنعون للأمراء بحسن الظاهر-  و لیس وراء ذلک کثیر طائل فی النصیحه و المعرفه-  و لکن ینبغی أن یرجع فی ذلک-  إلى ما حکمت‏به التجربه لهم و ما ولوه من قبل-  فإن کانت ولایتهم و کتابتهم حسنه مشکوره فهم هم-  و إلا فلا-  و یتعرفون لفراسات الولاه-  یجعلون أنفسهم بحیث یعرف بضروب من التصنع-  و روی یتعرضون- . ثم أمره أن یقسم فنون الکتابه و ضروبها بینهم-  نحو أن یکون أحدهم للرسائل إلى الأطراف و الأعداء-  و الآخر لأجوبه عمال السواد-  و الآخره بحضره الأمیر فی خاصته و داره و حاشیته و ثقاته- . ثم ذکر له أنه مأخوذ مع الله تعالى بما یتغابى عنه-  و یتغافل من عیوب کتابه-  فإن الدین لا یبیح الإغضاء و الغفله عن الأعوان و الخول-  و یوجب التطلع علیهم

فصل فی الکتاب و ما یلزمهم من الآداب

و اعلم أن الکاتب الذی یشیر أمیر المؤمنین ع إلیه-  هو الذی یسمى الآن فی الاصطلاح العرفی وزیرا-  لأنه صاحب تدبیر حضره الأمیر و النائب عنه فی أموره-  و إلیه تصل مکتوبات العمال و عنه تصدر الأجوبه-  و إلیه العرض على الأمیر-  و هو المستدرک على العمال و المهیمن علیهم-  و هو على الحقیقه کاتب الکتاب-  و لهذا یسمونه الکاتب المطلق- . و کان یقال للکاتب على الملک ثلاث-  رفع الحجاب عنه و اتهام الوشاه علیه-  و إفشاء السر إلیه- . و کان یقال صاحب السلطان نصفه و کاتبه کله-  و ینبغی لصاحب الشرطه أن یطیل الجلوس و یدیم العبوس-  و یستخف بالشفاعات- .

و کان یقال إذا کان الملک ضعیفا و الوزیر شرها-  و القاضی جائرا فرقوا الملک شعاعا- . و کان یقال لا تخف صوله الأمیر مع رضا الکاتب-  و لا تثقن برضا الأمیر مع سخط الکاتب-  و أخذ هذا المعنى أبو الفضل بن العمید فقال- 

   و زعمت أنک لست تفکر بعد ما
علقت یداک بذمه الأمراء

هیهات قد کذبتک فکرتک التی‏
قد أوهمتک غنى عن الوزراء

لم تغن عن أحد سماء لم تجد
أرضا و لا أرض بغیر سماء

 و کان یقال إذا لم یشرف الملک على أموره-  صار أغش الناس إلیه وزیره- . و کان یقال لیس الحرب الغشوم بأسرع فی اجتیاح الملک-  من تضییع مراتب الکتاب حتى یصیبها أهل النذاله-  و یزهد فیها أولو الفضل

فصل فی ذکر ما نصحت به الأوائل الوزراء

و کان یقال لا شی‏ء أذهب بالدول-  من استکفاء الملک الأسرار- . و کان یقال من سعاده جد المرء-  ألا یکون فی الزمان المختلط وزیرا للسلطان- . و کان یقال کما أن أشجع الرجال یحتاج إلى السلاح-  و أسبق الخیل یحتاج إلى السوط-  و أحد الشفار یحتاج إلى المسن-  کذلک أحزم الملوک و أعقلهم-  یحتاج إلى الوزیر الصالح- . و کان یقال صلاح الدنیا بصلاح الملوک-  و صلاح الملوک بصلاح الوزراء-و کما لا یصلح الملک إلا بمن یستحق الملک-  کذلک لا تصلح الوزاره إلا بمن یستحق الوزاره- . و کان یقال-  الوزیر الصالح لا یرى أن صلاحه فی نفسه کائن صلاحا-  حتى یتصل بصلاح الملک و صلاح رعیته-  و أن تکون عنایته فیما عطف الملک على رعیته-  و فیما استعطف قلوب الرعیه و العامه-  على الطاعه للملک-  و فیما فیه قوام أمر الملک من التدبیر الحسن-  حتى یجمع إلى أخذ الحق تقدیم عموم الأمن-  و إذا طرقت الحوادث کان للملک عده و عتادا-  و للرعیه کافیا محتاطا و من ورائها محامیا ذابا-  یعنیه من صلاحها ما لا یعنیه من صلاح نفسه دونها- . و کان یقال مثل الملک الصالح إذا کان وزیره فاسدا-  مثل الماء العذب الصافی و فیه التمساح-  لا یستطیع الإنسان و إن کان سابحا-  و إلى الماء ظامئا دخوله-  حذرا على نفسه- .

قال عمر بن عبد العزیز لمحمد بن کعب القرظی-  حین استخلف-  لو کنت کاتبی و ردءا لی على ما دفعت إلیه-  قال لا أفعل و لکنی سأرشدک-  أسرع الاستماع و أبطئ فی التصدیق-  حتى یأتیک واضح البرهان-  و لا تعملن ثبجتک فیما تکتفی فیه بلسانک-  و لا سوطک فیما تکتفی فیه بثبجتک-  و لا سیفک فیما تکتفی فیه بسوطک- . و کان یقال-  التقاط الکاتب للرشا و ضبط الملک لا یجتمعان- . و قال أبرویز لکاتبه اکتم السر و اصدق الحدیث-  و اجتهد فی النصیحه و علیک بالحذر-  فإن لک علی ألا أعجل علیک حتى أستأنی لک-  و لا أقبل فیک قولا حتى أستیقن-  و لا أطمع فیک أحدا فتغتال- 

و اعلم أنک بمنجاه رفعه فلا تحطنها-  و فی‏ظل مملکه فلا تستزیلنه-  قارب الناس مجامله من نفسک-  و باعدهم مسامحه عن عدوک-  و اقصد إلى الجمیل ازدراعا لغدک-  و تنزه بالعفاف صونا لمروءتک-  و تحسن عندی بما قدرت علیه-  احذر لا تسرعن الألسنه علیک-  و لا تقبحن الأحدوثه عنک-  و صن نفسک صون الدره الصافیه-  و أخلصها إخلاص الفضه البیضاء-  و عاتبها معاتبه الحذر المشفق-  و حصنها تحصین المدینه المنیعه-  لا تدعن أن ترفع إلى الصغیر فإنه یدل على الکبیر-  و لا تکتمن عنی الکبیر فإنه لیس بشاغل عن الصغیر-  هذب أمورک ثم القنی بها-  و احکم أمرک ثم راجعنی فیه-  و لا تجترئن علی فأمتعض-  و لا تنقبضن منی فأتهم-  و لا تمرضن ما تلقانی به و لا تخدجنه-  و إذا أفکرت فلا تجعل و إذا کتبت فلا تعذر-  و لا تستعن بالفضول فإنها علاوه على الکفایه-  و لا تقصرن عن التحقیق فإنها هجنه بالمقاله-  و لا تلبس کلاما بکلام و لا تبعدن معنى عن معنى-  و أکرم لی کتابک عن ثلاث-  خضوع یستخفه و انتشار یهجنه و معان تعقد به-  و اجمع الکثیر مما ترید فی القلیل مما تقول-  و لیکن بسطه کلامک على کلام السوقه کبسطه الملک-  الذی تحدثه على الملوک-  لا یکن ما نلته عظیما و ما تتکلم به صغیرا- 

فإنما کلام الکاتب على مقدار الملک-  فاجعله عالیا کعلوه و فائقا کتفوقه-  فإنما جماع الکلام کله خصال أربع-  سؤالک الشی‏ء و سؤالک عن الشی‏ء-  و أمرک بالشی‏ء و خبرک عن الشی‏ء-  فهذه الخصال دعائم المقالات-  إن التمس إلیها خامس لم یوجد-  و إن نقص منها واحد لم یتم-  فإذا أمرت فاحکم و إذا سألت فأوضح-  و إذا طلبت فأسمح و إذا أخبرت فحقق-  فإنک إذا فعلت ذلک أخذت بجراثیم القول کله-  فلم یشتبه علیک وارده و لم تعجزک صادره-  أثبت فی دواوینک ما أخذت و أحص فیها ما أخرجت-  و تیقظ لما تعطی و تجرد لما تأخذ-  و لا یغلبنک النسیان عن الإحصاء-  و لا الأناه عن التقدم-  و لا تخرجن‏ وزن قیراط فی غیر حق-  و لا تعظمن إخراج الألوف الکثیره فی الحق-  و لیکن ذلک کله عن مؤامرتی

ثُمَّ اسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِی الصِّنَاعَاتِ وَ أَوْصِ بِهِمْ خَیْراً-  الْمُقِیمِ مِنْهُمْ وَ الْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ وَ الْمُتَرَفِّقِ بِبَدَنِهِ-  فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ الْمَنَافِعِ وَ أَسْبَابُ الْمَرَافِقِ-  وَ جُلَّابُهَا مِنَ الْمَبَاعِدِ وَ الْمَطَارِحِ-  فِی بَرِّکَ وَ بَحْرِکَ وَ سَهْلِکَ وَ جَبَلِکَ-  وَ حَیْثُ لَا یَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا-  وَ لَا یَجْتَرِءُونَ عَلَیْهَا-  فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ-  وَ صُلْحٌ لَا تُخْشَى غَائِلَتُهُ-  وَ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِکَ وَ فِی حَوَاشِی بِلَادِکَ-  وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِکَ أَنَّ فِی کَثِیرٍ مِنْهُمْ ضِیقاً فَاحِشاً-  وَ شُحّاً قَبِیحاً-  وَ احْتِکَاراً لِلْمَنَافِعِ وَ تَحَکُّماً فِی الْبِیَاعَاتِ-  وَ ذَلِکَ بَابُ مَضَرَّهٍ لِلْعَامَّهِ-  وَ عَیْبٌ عَلَى الْوُلَاهِ فَامْنَعْ مِنَ الِاحْتِکَارِ-  فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص مَنَعَ مِنْهُ-  وَ لْیَکُنِ الْبَیْعُ بَیْعاً سَمْحاً بِمَوَازِینِ عَدْلٍ-  وَ أَسْعَارٍ لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِیقَیْنِ مِنَ الْبَائِعِ وَ الْمُبْتَاعِ-  فَمَنْ قَارَفَ حُکْرَهً بَعْدَ نَهْیِکَ إِیَّاهُ فَنَکِّلْ بِهِ-  وَ عَاقِبْهُ مِنْ غَیْرِ إِسْرَافٍ خرج ع الآن إلى ذکر التجار و ذوی الصناعات-  و أمره بأن یعمل معهم الخیر-  و أن یوصى غیره من أمرائه و عماله أن یعملوا معهم الخیر-  و استوص بمعنى أوص‏نحو قر فی المکان و استقر-  و علا قرنه و استعلاه- .

و قوله استوص بالتجار خیرا أی أوص نفسک بذلک-  و منه قول النبی ص استوصوا بالنساء خیرا-  و مفعولا استوص و أوص هاهنا محذوفان للعلم بهما-  و یجوز أن یکون استوص أی اقبل الوصیه منی بهم-  و أوص بهم أنت غیرک- . ثم قسم ع الموصى بهم ثلاثه أقسام-  اثنان منها للتجار و هما المقیم-  و المضطرب یعنی المسافر و الضرب السیر فی الأرض-  قال تعالى إِذا ضَرَبْتُمْ فِی الْأَرْضِ-  و واحد لأرباب الصناعات-  و هو قوله و المترفق ببدنه-  و روی بیدیه تثنیه ید- . و المطارح الأماکن البعیده- . و حیث لا یلتئم الناس لا یجتمعون-  و روی حیث لا یلتئم بحذف الواو-  ثم قال فإنهم أولو سلم یعنی التجار و الصناع-  استعطفه علیهم و استماله إلیهم- .

و قال لیسوا کعمال الخراج و أمراء الأجناد-  فجانبهم ینبغی أن یراعى و حالهم یجب أن یحاط و یحمى-  إذ لا یتخوف منهم بائقه لا فی مال یخونون فیه-  و لا فی دوله یفسدونها-  و حواشی البلاد أطرافها- . ثم قال له قد یکون فی کثیر منهم نوع من الشح و البخل-  فیدعوهم ذلک إلى الاحتکار فی الأقوات-  و الحیف فی البیاعات-  و الاحتکار ابتیاع الغلات فی أیام‏رخصها-  و ادخارها فی المخازن إلى أیام الغلاء و القحط-  و الحیف تطفیف فی الوزن و الکیل و زیاده فی السعر-  و هو الذی عبر عنه بالتحکم-  و قد نهى رسول الله ص عن الاحتکار-  و أما التطفیف و زیاد التسعیر فمنهی عنهما فی نص الکتاب- . و قارف حکره واقعها و الحاء مضمومه-  و أمره أن یؤدب فاعل ذلک من غیر إسراف-  و ذلک أنه دون المعاصی التی توجب الحدود-  فغایه أمره من التعزیر الإهانه و المنع: ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ فِی الطَّبَقَهِ السُّفْلَى مِنَ الَّذِینَ لَا حِیلَهَ لَهُمْ-  مِنَ الْمَسَاکِینِ وَ الْمُحْتَاجِینَ وَ أَهْلِ الْبُؤْسَى وَ الزَّمْنَى-  فَإِنَّ فِی هَذِهِ الطَّبَقَهِ قَانِعاً وَ مُعْتَرّاً-  وَ احْفَظِ اللَّهَ مَا اسْتَحْفَظَکَ مِنْ حَقِّهِ فِیهِمْ-  وَ اجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَیْتِ مَالِکِ-  وَ قِسْماً مِنْ غَلَّاتِ صَوَافِی الْإِسْلَامِ فِی کُلِّ بَلَدٍ-  فَإِنَّ لِلْأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِی لِلْأَدْنَى-  وَ کُلٌّ قَدِ اسْتُرْعِیتَ حَقَّهُ-  وَ لَا یَشْغَلَنَّکَ عَنْهُمْ بَطَرٌ-  فَإِنَّکَ لَا تُعْذَرُ بِتَضْیِیعِ التَّافِهِ لِإِحْکَامِکَ الْکَثِیرَ الْمُهِمَّ-  فَلَا تُشْخِصْ هَمَّکَ عَنْهُمْ وَ لَا تُصَعِّرْ خَدَّکَ لَهُمْ-  وَ تَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لَا یَصِلُ إِلَیْکَ مِنْهُمْ-  مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُیُونُ وَ تَحْقِرُهُ الرِّجَالُ-  فَفَرِّغْ لِأُولَئِکَ ثِقَتَکَ مِنْ أَهْلِ الْخَشْیَهِ وَ التَّوَاضُعِ-  فَلْیَرْفَعْ إِلَیْکَ أُمُورَهُمْ-  ثُمَّ اعْمَلْ فِیهِمْ بِالْإِعْذَارِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ یَوْمَ تَلْقَاهُ-  فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ بَیْنِ الرَّعِیَّهِ أَحْوَجُ إِلَى الْإِنْصَافِ مِنْ غَیْرِهِمْ-  وَ کُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَى اللَّهِ فِی تَأْدِیَهِ حَقِّهِ إِلَیْهِ-وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ الْیُتْمِ وَ ذَوِی الرِّقَّهِ فِی السِّنِّ-  مِمَّنْ لَا حِیلَهَ لَهُ وَ لَا یَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَهِ نَفْسَهُ-  وَ ذَلِکَ عَلَى الْوُلَاهِ ثَقِیلٌ-  وَ الْحَقُّ کُلُّهُ ثَقِیلٌ وَ قَدْ یُخَفِّفُهُ اللَّهُ عَلَى أَقْوَامٍ-  طَلَبُوا الْعَاقِبَهَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ-  وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اللَّهِ لَهُمْ انتقل من التجار و أرباب الصناعات-  إلى ذکر فقراء الرعیه و مغموریها فقال-  و أهل البؤسى و هی البؤس کالنعمى للنعیم-  و الزمنى أولو الزمانه- .

و القانع السائل و المعتر الذی یعرض لک و لا یسألک-  و هما من ألفاظ الکتاب العزیز- . و أمره أن یعطیهم من بیت مال المسلمین-  لأنهم من الأصناف المذکورین فی قوله تعالى-  وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ-  وَ لِذِی الْقُرْبى‏ وَ الْیَتامى‏ وَ الْمَساکِینِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ-  و أن یعطیهم من غلات صوافی الإسلام-  و هی الأرضون التی لم یوجف علیها بخیل و لا رکاب-  و کانت صافیه لرسول الله ص-  فلما قبض صارت لفقراء المسلمین-  و لما یراه الإمام من مصالح الإسلام- .

ثم قال له فإن للأقصى منهم مثل الذی للأدنى-  أی کل فقراء المسلمین سواء فی سهامهم-  لیس فیها أقصى و أدنى-  أی لا تؤثر من هو قریب إلیک أو إلى أحد من خاصتک-  على من هو بعید لیس له سبب إلیک-  و لا علقه بینه و بینک-  و یمکن أن یرید به-  لا تصرف غلات ما کان من الصوافی فی بعض البلاد-  إلى مساکین ذلک‏ البلد خاصه-  فإن حق البعید عن ذلک البلد فیها-  کمثل حق المقیم فی ذلک البلد- . و التافه الحقیر-  و أشخصت زیدا من موضع کذا أخرجته عنه-  و فلان یصعر خده للناس أی یتکبر علیهم- . و تقتحمه العیون تزدریه و تحتقره-  و الإعذار إلى الله-  الاجتهاد و المبالغه فی تأدیه حقه و القیام بفرائضه- . کان بعض الأکاسره یجلس للمظالم بنفسه-  و لا یثق إلى غیره-  و یقعد بحیث یسمع الصوت-  فإذا سمعه أدخل المتظلم فأصیب بصمم فی سمعه-  فنادى منادیه أن الملک یقول أیها الرعیه-  إنی إن أصبت بصمم فی سمعی فلم أصب فی بصری-  کل ذی ظلامه فلیلبس ثوبا أحمر-  ثم جلس لهم فی مستشرف له- . و کان لأمیر المؤمنین ع بیت سماه بیت القصص-  یلقی الناس فیه رقاعهم-  و کذلک کان فعل المهدی محمد بن هارون الواثق-  من خلفاء بنی العباس: وَ اجْعَلْ لِذَوِی الْحَاجَاتِ مِنْکَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِیهِ شَخْصَکَ-  وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً-  فَتَتَوَاضَعُ فِیهِ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَکَ-  وَ تُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَکَ وَ أَعْوَانَکَ مِنْ أَحْرَاسِکَ وَ شُرَطِکَ-  حَتَّى یُکَلِّمَکَ مُتَکَلِّمُهُمْ غَیْرَ مُتَتَعْتِعٍ-  فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص یَقُولُ فِی غَیْرِ مَوْطِنٍ-  لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّهٌ لَا یُؤْخَذُ لِلضَّعِیفِ فِیهَا حَقُّهُ مِنَ الْقَوِیِّ-  غَیْرَ مُتَتَعْتِعٍ-ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ الْعِیَّ-  وَ نَحِّ عَنْهُمُ الضِّیقَ وَ الْأَنَفَ-  یَبْسُطِ اللَّهُ عَلَیْکَ بِذَلِکَ أَکْنَافَ رَحْمَتِهِ-  وَ یُوجِبُ لَکَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ-  وَ أَعْطِ مَا أَعْطَیْتَ هَنِیئاً وَ امْنَعْ فِی إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ-  ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِکَ لَا بُدَّ لَکَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا-  مِنْهَا إِجَابَهُ عُمَّالِکَ بِمَا یَعْیَا عَنْهُ کُتَّابُکَ-  وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ عِنْدَ وُرُودِهَا عَلَیْکَ-  بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِکَ-  وَ أَمْضِ لِکُلِّ یَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِکُلِّ یَوْمٍ مَا فِیهِ هذا الفصل من تتمه ما قبله-  و قد روی حتى یکلمک مکلمهم فاعل من کلم-  و الروایه الأولى الأحسن- . و غیر متتعتع غیر مزعج و لا مقلق-  و المتتعتع فی الخبر النبوی-  المتردد المضطرب فی کلامه عیا من خوف لحقه-  و هو راجع إلى المعنى الأول- . و الخرق الجهل- 

و روی ثم احتمل الخرق منهم و الغی-  و الغی و هو الجهل أیضا-  و الروایه الأولى أحسن- . ثم بین له ع أنه لا بد له من هذا المجلس-  لأمر آخر-  غیر ما قدمه ع-  و ذلک لأنه لا بد من أن یکون فی حاجات الناس-  ما یضیق به صدور أعوانه و النواب عنه-  فیتعین علیه أن یباشرها بنفسه-  و لا بد من أن یکون فی کتب عماله الوارده علیه-ما یعیا کتابه عن جوابه-  فیجیب عنه بعلمه-  و یدخل فی ذلک-  أن یکون فیها ما لا یجوز فی حکم السیاسه و مصلحه الولایه-  أن یطلع الکتاب علیه-  فیجیب أیضا عن ذلک بعلمه- .

ثم قال له لا تدخل عمل یوم فی عمل یوم آخر-  فیتعبک و یکدرک-  فإن لکل یوم ما فیه من العمل: وَ اجْعَلْ لِنَفْسِکَ فِیمَا بَیْنَکَ وَ بَیْنَ اللَّهِ تَعَالَى-  أَفْضَلَ تِلْکَ الْمَوَاقِیتِ وَ أَجْزَلَ تِلْکَ الْأَقْسَامِ-  وَ إِنْ کَانَتْ کُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِیهَا النِّیَّهُ-  وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِیَّهُ-  وَ لْیَکُنْ فِی خَاصَّهِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِینَکَ إِقَامَهُ فَرَائِضِهِ-  الَّتِی هِیَ لَهُ خَاصَّهً-  فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِکَ فِی لَیْلِکَ وَ نَهَارِکَ-  وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ-  مِنْ ذَلِکَ کَامِلًا غَیْرَ مَثْلُومٍ وَ لَا مَنْقُوصٍ-  بَالِغاً مِنْ بَدَنِکَ مَا بَلَغَ-  وَ إِذَا قُمْتَ فِی صَلَاتِکَ لِلنَّاسِ-  فَلَا تَکُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لَا مُضَیِّعاً-  فَإِنَّ فِی النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّهُ وَ لَهُ الْحَاجَهُ-  وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص حِینَ وَجَّهَنِی إِلَى الْیَمَنِ-  کَیْفَ أُصَلِّی بِهِمْ-  فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ کَصَلَاهِ أَضْعَفِهِمْ-  وَ کُنْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَحِیماً لمافرغ ع من وصیته بأمور رعیته-  شرع فی وصیته بأداء الفرائض-  التی‏افترضها الله علیه من عبادته-  و لقد أحسن ع فی قوله و إن کانت کلها لله-  أی أن النظر فی أمور الرعیه-  مع صحه النیه و سلامه الناس من الظلم-  من جمله العبادات و الفرائض أیضا- .

ثم قال له کاملا غیر مثلوم-  أی لا یحملنک شغل السلطان على أن تختصر الصلاه اختصارا-  بل صلها بفرائضها و سننها و شعائرها فی نهارک و لیلک-  و إن أتعبک ذلک و نال من بدنک و قوتک- . ثم أمره إذا صلى بالناس جماعه ألا یطیل فینفرهم عنها-  و ألا یخدج الصلاه و ینقصها فیضیعها- . ثم روى خبرا عن النبی ص-  و هو قوله ع له صل بهم کصلاه أضعفهم-  و قوله و کن بالمؤمنین رحیما-  یحتمل أن یکون من تتمه الخبر النبوی-  و یحتمل أن یکون من کلام أمیر المؤمنین ع-  و الظاهر أنه من کلام أمیر المؤمنین من الوصیه للأشتر-  لأن اللفظه الأولى عند أرباب الحدیث-  هی المشهور فی الخبر: وَ أَمَّا بَعْدَ هَذَا فَلَا تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَکَ عَنْ رَعِیَّتِکَ-  فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلَاهِ عَنِ الرَّعِیَّهِ شُعْبَهٌ مِنَ الضِّیقِ-  وَ قِلَّهُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ-  وَ الِاحْتِجَابُ مِنْهُمْ یَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ-  فَیَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْکَبِیرُ وَ یَعْظُمُ الصَّغِیرُ-  وَ یَقْبُحُ الْحَسَنُ وَ یَحْسُنُ الْقَبِیحُ-  وَ یُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ-  وَ إِنَّمَا الْوَالِی بَشَرٌ-  لَا یَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ-  وَ لَیْسَتْ عَلَى الْحَقِّ سِمَاتٌ-  تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ‏ الْکَذِبِ-  وَ إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَیْنِ-  إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُکَ بِالْبَذْلِ فِی الْحَقِّ-  فَفِیمَ احْتِجَابُکَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِیهِ-  أَوْ فِعْلٍ کَرِیمٍ تُسْدِیهِ أَوْ مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ-  فَمَا أَسْرَعَ کَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِکَ-  إِذَا أَیِسُوا مِنْ بَذْلِکَ-  مَعَ أَنَّ أَکْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَیْکَ-  مَا لَا مَئُونَهَ فِیهِ عَلَیْکَ-  مِنْ شَکَاهِ مَظْلِمَهٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فِی مُعَامَلَهٍ نهاه عن الاحتجاب فإنه مظنه انطواء الأمور عنه-  و إذا رفع الحجاب دخل علیه کل أحد فعرف الأخبار-  و لم یخف علیه شی‏ء من أحوال عمله- .

ثم قال لم تحتجب-  فإن أکثر الناس یحتجبون کیلا یطلب منهم الرفد- . و أنت فإن کنت جوادا سمحا لم یکن لک إلى الحجاب داع-  و إن کنت ممسکا فسیعلم الناس ذلک منک-  فلا یسألک أحد شیئا- . ثم قال-  على أن أکثر ما یسأل منک ما لا مئونه علیه فی ماله-  کرد ظلامه أو إنصاف من خصم

ذکر الحجاب و ما ورد فیه من الخبر و الشعر

و القول فی الحجاب کثیر-  حضر باب عمر جماعه من الأشراف-  منهم سهیل بن عمرو و عیینه بن حصن-  و الأقرع بن حابس-  فحجبوا ثم خرج الآذن فنادى-  أین عمار أین سلمان أین صهیب-فأدخلهم فتمعرت وجوه القوم-  فقال سهیل بن عمرو لم تتمعر وجوهکم-  دعوا و دعینا فأسرعوا و أبطأنا-  و لئن حسدتموهم على باب عمر الیوم لأنتم غدا لهم أحسد- . و استأذن أبو سفیان على عثمان فحجبه-  فقیل له حجبک-  فقال لا عدمت من أهلی من إذا شاء حجبنی- . و حجب معاویه أبا الدرداء-  فقیل لأبی الدرداء حجبک معاویه-  فقال من یغش أبواب الملوک یهن و یکرم-  و من صادف بابا مغلقا علیه وجد إلى جانبه بابا مفتوحا-  إن سأل أعطی و إن دعا أجیب-  و إن یکن معاویه قد احتجب فرب معاویه لم یحتجب- .

و قال أبرویز لحاجبه لا تضعن شریفا بصعوبه حجاب-  و لا ترفعن وضیعا بسهولته-  ضع الرجال مواضع أخطارهم-  فمن کان قدیما شرفه ثم ازدرعه و لم یهدمه بعد آبائه-  فقدمه على شرفه الأول و حسن رأیه الآخر-  و من کان له شرف متقدم و لم یصن ذلک حیاطه له-  و لم یزدرعه تثمیر المغارسه-  فألحق بآبائه من رفعه حاله ما یقتضیه سابق شرفهم-  و ألحق به فی خاصته ما ألحق بنفسه-  و لا تأذن له إلا دبریا و إلا سرارا-  و لا تلحقه بطبقه الأولین-  و إذا ورد کتاب عامل من عمالی فلا تحبسه عنی طرفه عین-  إلا أن أکون على حال لا تستطیع الوصول إلی فیها-  و إذا أتاک من یدعی النصیحه لنا فلتکتبها سرا-  ثم أدخله بعد أن تستأذن له-  حتى إذا کان منی بحیث أراه فادفع إلی کتابه-  فإن أحمدت قبلت و إن کرهت رفضت-  و إن أتاک عالم مشتهر بالعلم و الفضل یستأذن فأذن له-  فإن العلم شریف و شریف صاحبه-  و لا تحجبن عنی أحدا من أفناء الناس-  إذا أخذت مجلسی مجلس العامه-  فإن الملک لا یحجب إلا عن ثلاث-  عی یکره أن یطلع علیه منه-  أو بخل یکره أن یدخل علیه من یسأله-  أو ریبه هو مصر علیها فیشفق من إبدائها-و وقوف الناس علیها-  و لا بد أن یحیطوا بها علما و إن اجتهد فی سترها-  و قد أخذ هذا المعنى الأخیر محمود الوراق فقال- 

 إذا اعتصم الوالی بإغلاق بابه
و رد ذوی الحاجات دون حجابه‏

ظننت به إحدى ثلاث و ربما
رجمت بظن واقع بصوابه‏

أقول به مس من العی ظاهر
ففی إذنه للناس إظهار ما به‏

فإن لم یکن عی اللسان فغالب‏
من البخل یحمى ماله عن طلابه‏

و إن لم یکن لا ذا و لا ذا فریبه
یکتمها مستوره بثیابه‏

أقام عبد العزیز بن زراره الکلابی-  على باب معاویه سنه فی شمله من صوف لا یأذن له-  ثم أذن له و قربه و أدناه-  و لطف محله عنده حتى ولاه مصر-  فکان یقال استأذن أقوام لعبد العزیز بن زراره-  ثم صار یستأذن لهم-  و قال فی ذلک

دخلت على معاویه بن حرب
و لکن بعد یأس من دخول‏

و ما نلت الدخول علیه حتى‏
حللت محله الرجل الذلیل‏

و أغضیت الجفون على قذاها
و لم أنظر إلى قال و قیل‏

و أدرکت الذی أملت منه‏
و حرمان المنى زاد العجول‏

 و یقال إنه قال له لما دخل علیه- أمیر المؤمنین دخلت إلیک بالأمل- و احتملت جفوتک بالصبر- و رأیت ببابک أقواما قدمهم الحظ- و آخرین أخرهم الحرمان- فلیس ینبغی للمقدم أن یأمن عواقب الأیام- و لا للمؤخر أن ییأس من عطف الزمان- . و أول المعرفه الاختبار فابل و اختبر إن رأیت- و کان یقال لم یلزم باب السلطان أحد- فصبر على ذل الحجاب و کلام البواب- و ألقى الأنف و حمل الضیم و أدام الملازمه- إلا وصل إلى حاجته أو إلى معظمها- .

قال عبد الملک لحاجبه إنک عین أنظر بها- و جنه أستلئم بها- و قد ولیتک ما وراء بابی فما ذا تراک صانعا برعیتی- قال أنظر إلیهم بعینک و أحملهم على قدر منازلهم عندک- و أضعهم فی إبطائهم عن بابک- و لزوم خدمتک مواضع استحقاقهم- و أرتبهم حیث وضعهم ترتیبک- و أحسن إبلاغهم عنک و إبلاغک عنهم- قال لقد وفیت بما علیک و لکن إن صدقت ذلک بفعلک- و قال دعبل و قد حجب عن باب مالک بن طوق-

لعمری لئن حجبتنی العبید
لما حجبت دونک القافیه‏

سأرمی بها من وراء الحجاب‏
شنعاء تأتیک بالداهیه‏

تصم السمیع و تعمی البصیر
و یسأل من مثلها العافیه‏

 و قال آخر

سأترک هذا الباب ما دام إذنه
على ما أرى حتى یلین قلیلا

فما خاب من لم یأته مترفعا
و لا فاز من قد رام فیه دخولا

إذا لم نجد للإذن عندک موضعا
وجدنا إلى ترک المجی‏ء سبیلا

و کتب أبو العتاهیه إلى أحمد بن یوسف الکاتب و قد حجبه-

و إن عدت بعد الیوم إنی لظالم
سأصرف وجهی حیث تبغی المکارم‏

متى یفلح الغادی إلیک لحاجه
و نصفک محجوب و نصفک نائم‏

– یعنی لیله و نهاره- . استأذن رجلان على معاویه فأذن لأحدهما- و کان أشرف منزله من الآخر- ثم أذن للآخر فدخل فجلس فوق الأول- فقال معاویه إن الله قد ألزمنا تأدیبکم-کما ألزمنا رعایتکم- و أنا لم نأذن له قبلک- و نحن نرید أن یکون مجلسه دونک- فقم لا أقام الله لک وزنا- و قال بشار

تأبى خلائق خالد و فعاله
إلا تجنب کل أمر عائب‏

و إذا أتینا الباب وقت غدائه‏
أدنى الغداء لنا برغم الحاجب‏

 و قال آخر یهجو-

یا أمیرا على جریب من الأر
ض له تسعه من الحجاب‏

قاعد فی الخراب یحجب عنا
ما سمعنا بحاجب فی خراب‏

 و کتب بعضهم إلى جعفر بن محمد- بن القاسم بن عبید الله بن سلیمان بن وهب-

أبا جعفر إن الولایه إن تکن
منبله قوسا فأنت لها نبل‏

فلا ترتفع عنا لأمر ولیته‏
کما لم یصغر عندنا شأنک العزل‏

 و من جید ما مدح به بشر بن مروان قول القائل-

بعید مراد الطرف ما رد طرفه
حذار الغواشی باب دار و لا ستر

و لو شاء بشر کان من دون بابه‏
طماطم سود أو صقالبه حمر

و لکن بشرا یستر الباب للتی
یکون لها فی غبها الحمد و الأجر

 و قال بشار

خلیلی من کعب أعینا أخاکما
على دهره إن الکریم یعین‏

و لا تبخلا بخل ابن قرعه إنه‏
مخافه أن یرجى نداه حزین‏

إذا جئته للعرف أغلق بابه
فلم تلقه إلا و أنت کمین‏

فقل لأبی یحیى متى تدرک العلا
و فی کل معروف علیک یمین‏

و قال إبراهیم بن هرمه

هش إذا نزل الوفود ببابه
سهل الحجاب مؤدب الخدام‏

و إذا رأیت صدیقه و شقیقه‏
لم تدر أیهما ذوی الأرحام‏

و قال آخر

و إنی لأستحیی الکریم إذا أتى
على طمع عند اللئیم یطالبه‏

و أرثی له من مجلس عند بابه‏
کمرثیتی للطرف و العلج راکبه‏

و قال عبد الله بن محمد بن عیینه-

أتیتک زائرا لقضاء حق
فحال الستر دونک و الحجاب‏

و رأیی مذهب عن کل ناء
یجانبه إذا عز الذهاب‏

و لست بساقط فی قدر قوم
و إن کرهوا کما یقع الذباب‏

و قال آخر

ما ضاقت الأرض على راغب
تطلب الرزق و لا راهب‏

بل ضاقت الأرض على شاعر
أصبح یشکو جفوه الحاجب‏

قد شتم الحاجب فی شعره
و إنما یقصد للصاحب‏

ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِی خَاصَّهً وَ بِطَانَهً-  فِیهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلَّهُ إِنْصَافٍ فِی مُعَامَلَهٍ-  فَاحْسِمْ مَئُونَهَ أُولَئِکَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْکَ الْأَحْوَالِ-  وَ لَا تُقْطِعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَاشِیَتِکَ وَ حَامَّتِکَ قَطِیعَهً-  وَ لَا یَطْمَعَنَّ مِنْکَ فِی اعْتِقَادِ عُقْدَهٍ-  تَضُرُّ بِمَنْ یَلِیهَا مِنَ النَّاسِ-  فِی‏ شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَکٍ-  یَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَى غَیْرِهِمْ-  فَیَکُونَ مَهْنَأُ ذَلِکَ لَهُمْ دُونَکَ-  وَ عَیْبُهُ عَلَیْکَ فِی الدُّنْیَا وَ الآْخِرَهِ-  وَ أَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِیبِ وَ الْبَعِیدِ-  وَ کُنْ فِی ذَلِکَ صَابِراً مُحْتَسِباً-  وَاقِعاً ذَلِکَ مِنْ قَرَابَتِکَ وَ خَوَاصِّکَ حَیْثُ وَقَعَ-  وَ ابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا یَثْقُلُ عَلَیْکَ مِنْهُ-  فَإِنَّ مَغَبَّهَ ذَلِکَ مَحْمُودَهٌ-  وَ إِنْ ظَنَّتِ الرَّعِیَّهُ بِکَ حَیْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِکَ-  وَ اعْدِلْ عَنْکَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِکَ-  فَإِنَّ فِی ذَلِکَ إِعْذَاراً-  تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَکَ مِنْ تَقْوِیمِهِمْ عَلَى الْحَقِّ نهاه ع عن أن یحمل أقاربه و حاشیته و خواصه-  على رقاب الناس-  و أن یمکنهم من الاستئثار علیهم و التطاول و الإذلال-  و نهاه من أن یقطع أحدا منهم قطیعه-  أو یملکه ضیعه تضر بمن یجاورها من الساده و الدهاقین-  فی شرب یتغلبون على الماء منه-  أو ضیاع یضیفونها إلى ما ملکهم إیاه-  و إعفاء لهم من مئونه أو حفر و غیره-  فیعفیهم الولاه منه مراقبه لهم-  فیکون مئونه ذلک الواجب علیهم قد أسقطت عنهم-  و حمل ثقلها على غیرهم- . ثم قال ع لأن منفعه ذلک فی الدنیا تکون لهم دونک-  و الوزر فی الآخره علیک-  و العیب و الذم فی الدنیا أیضا لاحقان بک- . ثم قال له إن اتهمتک الرعیه بحیف علیهم-  أو ظنت بک جورا فاذکر لهم عذرک‏ فی ذلک-  و ما عندک ظاهرا غیر مستور-  فإنه الأولى و الأقرب إلى استقامتهم لک على الحق- .

و أصحرت بکذا أی کشفته-  مأخوذ من الإصحار و هو الخروج إلى الصحراء- . و حامه الرجل أقاربه و بطانته-  و اعتقدت عقده أی ادخرت ذخیره-  و المهنأ مصدر هنأه کذا و مغبه الشی‏ء عاقبته- . و اعدل عنک ظنونهم نحها و الإعذار إقامه العذر

طرف من أخبار عمر بن عبد العزیز و نزاهته فی خلافته

رد عمر بن عبد العزیز المظالم-  التی احتقبها بنو مروان فأبغضوه و ذموه-  و قیل إنهم سموه فمات- . و روى الزبیر بن بکار فی الموفقیات-  أن عبد الملک بن عمر بن عبد العزیز-  دخل على أبیه یوما و هو فی قائلته فأیقظه-  و قال له ما یؤمنک أن تؤتى فی منامک-  و قد رفعت إلیک مظالم لم تقض حق الله فیها-  فقال یا بنی إن نفسی مطیتی إن لم أرفق بها لم تبلغنی-  إنی لو أتعبت نفسی و أعوانی لم یکن ذلک-  إلا قلیلا حتى أسقط و یسقطوا-  و إنی لأحتسب فی نومتی من الأجر-  مثل الذی أحتسب فی یقظتی-  إن الله جل ثناؤه لو أراد أن ینزل القرآن جمله لأنزله-  و لکنه أنزل الآیه و الآیتین-  حتى استکثر الإیمان فی قلوبهم- .

ثم قال یا بنی مما أنا فیه آمر هو أهم إلى أهل بیتک-  هم أهل العده و العدد و قبلهم ما قبلهم-  فلو جمعت ذلک فی یوم واحد خشیت انتشارهم علی-  و لکنی أنصف من الرجل‏و الاثنین-  فیبلغ ذلک من وراءهما فیکون أنجع له-  فإن یرد الله إتمام هذا الأمر أتمه-  و إن تکن الأخرى فحسب عبد-  أن یعلم الله منه أنه یحب أن ینصف جمیع رعیته- . و روى جویریه بن أسماء عن إسماعیل بن أبی حکیم قال-  کنا عند عمر بن عبد العزیز فلما تفرقنا نادى منادیه-  الصلاه جامعه فجئت المسجد-  فإذا عمر على المنبر فحمد الله و أثنى علیه-  ثم قال أما بعد فإن هؤلاء یعنی خلفاء بنی أمیه قبله-  قد کانوا أعطونا عطایا ما کان ینبغی لنا أن نأخذها منهم-  و ما کان ینبغی لهم أن یعطوناها-  و إنی قد رأیت الآن أنه لیس علی فی ذلک دون الله حسیب-  و قد بدأت بنفسی و الأقربین من أهل بیتی-  اقرأ یا مزاحم فجعل مزاحم یقرأ کتابا-  فیه الإقطاعات بالضیاع و النواحی-  ثم یأخذه عمر بیده فیقصه بالجلم-  لم یزل کذلک حتى نودی بالظهر- .

و روى الفرات بن السائب قال-  کان عند فاطمه بنت عبد الملک بن مروان جوهر جلیل-  وهبها أبوها و لم یکن لأحد مثله-  و کانت تحت عمر بن عبد العزیز-  فلما ولی الخلافه قال لها اختاری-  إما أن تردی جوهرک و حلیک إلى بیت مال المسلمین-  و إما أن تأذنی لی فی فراقک-  فإنی أکره أن اجتمع أنا و أنت و هو فی بیت واحد-  فقالت بل أختارک علیه و على أضعافه لو کان لی-  و أمرت به فحمل إلى بیت المال-  فلما هلک عمر و استخلف یزید بن عبد الملک-  قال لفاطمه أخته إن شئت رددته علیک-  قالت فإنی لا أشاء ذلک-  طبت عنه نفسا فی حیاه عمر-  و أرجع فیه بعد موته لا و الله أبدا-  فلما رأى یزید ذلک قسمه بین ولده و أهله- .

و روى سهیل بن یحیى المروزی عن أبیه-  عن عبد العزیز عن عمر بن عبد العزیز قال-  لما دفن سلیمان صعد عمر على المنبر فقال-  إنی قد خلعت ما فی رقبتی من بیعتکم-  فصاح الناس صیحه واحده قد اخترناک-  فنزل و دخل و أمر بالستور فهتکت-و الثیاب التی کانت تبسط للخلفاء-  فحملت إلى بیت المال-  ثم خرج و نادى منادیه من کانت له مظلمه-  من بعید أو قریب من أمیر المؤمنین فلیحضر-  فقام رجل ذمی من أهل حمص أبیض الرأس و اللحیه-  فقال أسألک کتاب الله قال ما شأنک-  قال العباس بن الولید بن عبد الملک اغتصبنی ضیعتی-  و العباس جالس-  فقال عمر ما تقول یا عباس-  قال أقطعنیها أمیر المؤمنین الولید و کتب لی بها سجلا-  فقال عمر ما تقول أنت أیها الذمی-  قال یا أمیر المؤمنین أسألک کتاب الله-  فقال عمر إیها لعمری إن کتاب الله لأحق أن یتبع-  من کتاب الولید-  اردد علیه یا عباس ضیعته-  فجعل لا یدع شیئا مما کان فی أیدی أهل بیته من المظالم-  إلا ردها مظلمه مظلمه- .

و روى میمون بن مهران قال-  بعث إلی عمر بن عبد العزیز و إلى مکحول و أبی قلابه-  فقال ما ترون فی هذه الأموال-  التی أخذها أهلی من الناس ظلما-  فقال مکحول قولا ضعیفا کرهه عمر-  فقال أرى أن تستأنف و تدع ما مضى-  فنظر إلی عمر کالمستغیث بی-  فقلت یا أمیر المؤمنین-  أحضر ولدک عبد الملک لننظر ما یقول فحضر-  فقال ما تقول یا عبد الملک فقال ما ذا أقول أ لست تعرف مواضعها-  قال بلى و الله قال فارددها-  فإن لم تفعل کنت شریکا لمن أخذها- . و روى ابن درستویه عن یعقوب بن سفیان-  عن جویریه بن أسماء قال-  کان بید عمر بن عبد العزیز قبل الخلافه-  ضیعته المعروفه بالسهله و کانت بالیمامه-  و کانت أمرا عظیما لها غله عظیمه کثیره-  إنما عیشه و عیش أهله منها-  فلما ولی الخلافه قال لمزاحم مولاه و کان فاضلا-  إنی قد عزمت أن أرد السهله إلى بیت مال المسلمین-  فقال مزاحم أ تدری کم ولدک إنهم کذا و کذا-  قال فذرفت عیناه فجعل یستدمع-  و یمسح الدمعه بإصبعه الوسطى و یقول-  أکلهم إلى الله أکلهم إلى الله-  فمضى مزاحم فدخل على عبد الملک بن عمر فقال له-  أ لا تعلم ما قد عزم علیه أبوک إنه یرید أن یرد السهله-  قال فما قلت‏ له قال ذکرت له ولده-  فجعل یستدمع و یقول أکلهم إلى الله-  فقال عبد الملک بئس وزیر الدین أنت-  ثم وثب و انطلق إلى أبیه فقال للآذن استأذن لی علیه-  فقال إنه قد وضع رأسه الساعه للقائله-  فقال استأذن لی علیه فقال أ ما ترحمونه-  لیس له من اللیل و النهار إلا هذه الساعه-  قال استأذن لی علیه لا أم لک-  فسمع عمر کلامهما فقال ائذن لعبد الملک-  فدخل فقال على ما ذا عزمت قال أرد السهله-  قال فلا تؤخر ذلک قم الآن-  قال فجعل عمر یرفع یدیه و یقول-  الحمد لله الذی جعل لی من ذریتی من یعیننی على أمر دینی-  قال نعم یا بنی أصلی الظهر ثم أصعد المنبر-  فأردها علانیه على رءوس الناس-  قال و من لک أن تعیش إلى الظهر-  ثم من لک أن تسلم نیتک إلى الظهر إن عشت إلیها-  فقام عمر فصعد المنبر فخطب الناس و رد السهله- .

قال و کتب عمر بن الولید بن عبد الملک-  إلى عمر بن عبد العزیز لما أخذ بنی مروان-  برد المظالم کتابا أغلظ له فیه-  من جملته أنک أزریت على کل من کان قبلک-  من الخلفاء و عبتهم و سرت بغیر سیرتهم-  بغضا لهم و شنآنا لمن بعدهم من أولادهم-  و قطعت ما أمر الله به أن یوصل-  و عمدت إلى أموال قریش و مواریثهم-  فأدخلتها بیت المال جورا و عدوانا-  فاتق الله یا ابن عبد العزیز و راقبه-  فإنک خصصت أهل بیتک بالظلم و الجور-  و و الذی خص محمد ص بما خصه به-  لقد ازددت من الله بعدا بولایتک هذه-  التی زعمت أنها علیک بلاء-  فأقصر عن بعض ما صنعت-  و اعلم أنک بعین جبار عزیز و فی قبضته-  و لن یترکک على ما أنت علیه- .

قالوا فکتب عمر جوابه أما بعد فقد قرأت کتابک-  و سوف أجیبک بنحو منه-  أما أول أمرک یا ابن الولید فإن أمک نباته أمه السکون-  کانت تطوف فی أسواق حمص-  و تدخل حوانیتها ثم الله أعلم بها-  اشتراها ذبیان بن ذبیان من فی‏ء المسلمین-  فأهداهالأبیک فحملت بک-  فبئس الحامل و بئس المحمول-  ثم نشأت فکنت جبارا عنیدا-  و تزعم أنی من الظالمین لأنی حرمتک و أهل بیتک فی‏ء الله-  الذی هو حق القرابه و المساکین و الأرامل-  و إن أظلم منی و أترک لعهد الله-  من استعملک صبیا سفیها على جند المسلمین-  تحکم فیهم برأیک-  و لم یکن له فی ذاک نیه إلا حب الوالد ولده-  فویل لک و ویل لأبیک-  ما أکثر خصماءکما یوم القیامه-  و إن أظلم منی و أترک لعهد الله-  من استعمل الحجاج بن یوسف على خمسی العرب-  یسفک الدم الحرام و یأخذ المال الحرام-  و إن أظلم منی و أترک لعهد الله-  من استعمل قره بن شریک أعرابیا جافیا على مصر-  و أذن له فی المعازف و الخمر و الشرب و اللهو-  و إن أظلم منی و أترک لعهد الله-  من استعمل عثمان بن حیان على الحجاز-  فینشد الأشعار على منبر رسول الله ص-  و من جعل للعالیه البربریه سهما فی الخمس-  فرویدا یا ابن نباته-  و لو التقت حلقتا البطان و رد الفی‏ء إلى أهله-  لتفرغت لک و لأهل بیتک فوضعتکم على المحجه البیضاء-  فطالما ترکتم الحق و أخذتم فی بنیات الطریق-  و من وراء هذا من الفضل ما أرجو أن أعمله-  بیع رقبتک-  و قسم ثمنک بین الأرامل و الیتامى و المساکین-  فإن لکل فیک حقا-  و السلام علینا و لا ینال سلام الله الظالمین- .

و روى الأوزاعی قال-  لما قطع عمر بن عبد العزیز عن أهل بیته ما کان من قبله-  یجرونه علیهم من أرزاق الخاصه-  فتکلم فی ذلک عنبسه بن سعید فقال-  یا أمیر المؤمنین إن لنا قرابه-  فقال مالی إن یتسع لکم و أما هذا المال فحقکم فیه-  کحق رجل بأقصى برک الغماد-  و لا یمنعه من أخذه إلا بعد مکانه-  و الله إنی لأرى أن الأمورلو استحالت حتى یصبح أهل الأرض-  یرون مثل رأیکم لنزلت بهم بائقه من عذاب الله- . و روى الأوزاعی أیضا قال قال عمر بن عبد العزیز یوما-  و قد بلغه عن بنی أمیه کلام أغضبه-  إن لله فی بنی أمیه یوما أو قال ذبحا-  و ایم الله لئن کان ذلک الذبح أو قال ذلک الیوم-  على یدی لأعذرن الله فیهم-  قال فلما بلغهم ذلک کفوا-  و کانوا یعلمون صرامته-  و إنه إذا وقع فی أمر مضى فیه- .

و روى إسماعیل بن أبی حکیم قال-  قال عمر بن عبد العزیز یوما لحاجبه-  لا تدخلن علی الیوم إلا مروانیا-  فلما اجتمعوا قال یا بنی مروان-  إنکم قد أعطیتم حظا و شرفا و أموالا-  إنی لأحسب شطر أموال هذه الأمه أو ثلثیها فی أیدیکم-  فسکتوا فقال أ لا تجیبونی-  فقال رجل منهم فما بالک-  قال إنی أرید أن أنتزعها منکم-  فأردها إلى بیت مال المسلمین-  فقال رجل منهم و الله لا یکون ذلک-  حتى یحال بین رءوسنا و أجسادنا-  و الله لا نکفر أسلافنا و لا نفقر أولادنا-  فقال عمر و الله لو لا أن تستعینوا علی بمن أطلب هذا الحق له-  لأضرعت خدودکم قوموا عنی- . و روى مالک بن أنس قال ذکر عمر بن عبد العزیز-  من کان قبله من المروانیه فعابهم-  و عنده هشام بن عبد الملک فقال یا أمیر المؤمنین-  إنا و الله نکره أن تعیب آباءنا و تضع شرفنا-  فقال عمر و أی عیب أعیب مما عابه القرآن- .

و روى نوفل بن الفرات قال-  شکا بنو مروان إلى عاتکه بنت مروان بن الحکم عمر-  فقالوا إنه یعیب أسلافنا و یأخذ أموالنا-  فذکرت ذلک له و کانت عظیمه عند بنی مروان-  فقال لها یا عمه إن رسول الله ص قبض-  و ترک‏الناس على نهر مورود-  فولی ذلک النهر بعده رجلان-  لم یستخصا أنفسهما و أهلهما منه بشی‏ء-  ثم ولیه ثالث فکرى منه ساقیه-  ثم لم تزل الناس یکرون منه السواقی-  حتى ترکوه یابسا لا قطره فیه-  و ایم الله لئن أبقانی الله لأسکرن تلک السواقی-  حتى أعید النهر إلى مجراه الأول-  قالت فلا یسبون إذا عندک-  قال و من یسبهم إنما یرفع الرجل مظلمته فأردها علیه- .

و روى عبد الله بن محمد التیمی قال-  کان بنو أمیه ینزلون عاتکه بنت مروان بن الحکم-  على أبواب قصورهم-  و کانت جلیله الموضع عندهم-  فلما ولی عمر قال لا یلی إنزالها أحد غیری-  فأدخلوها على دابتها إلى باب قبته فأنزلها-  ثم طبق لها وسادتین إحداهما على الأخرى-  ثم أنشأ یمازحها و لم یکن من شأنه و لا من شأنها المزاح-  فقال أ ما رأیت الحرس الذین على الباب-  فقالت بلى و ربما رأیتهم عند من هو خیر منک-  فلما رأى الغضب لا یتحلل عنها ترک المزاح-  و سألها أن تذکر حاجتها-  فقالت إن قرابتک یشکونک-  و یزعمون أنک أخذت منهم خیر غیرک-  قال ما منعتهم شیئا هو لهم-  و لا أخذت منهم حقا یستحقونه-  قالت إنی أخاف أن یهیجوا علیک یوما عصیبا-  و قال کل یوم أخافه دون یوم القیامه فلا وقانی الله شره-  ثم دعا بدینار و مجمره و جلد فألقى الدینار فی النار-  و جعل ینفخ حتى احمر-  ثم تناوله بشی‏ء فأخرجه فوضعه على الجلد فنش و فتر-  فقال یا عمه أ ما تأوین لابن أخیک من مثل هذا-  فقامت فخرجت إلى بنی مروان فقالت-  تزوجون فی آل عمر بن الخطاب-  فإذا نزعوا إلى الشبه جزعتم اصبروا له- .

و روى وهیب بن الورد قال-  اجتمع بنو مروان على باب عمر بن عبد العزیز-  فقالوا لولد له قل لأبیک یأذن لنا-  فإن لم یأذن فأبلغ إلیه عنا و سأله-  فلم یأذن لهم و قال‏ فلیقولوا-  فقالوا قل له إن من کان قبلک من الخلفاء کان یعطینا-  و یعرف لنا مواضعنا-  و إن أباک قد حرمنا ما فی یدیه-  فدخل إلى أبیه فأبلغه عنهم-  فقال اخرج فقل لهم-  إنی أخاف إن عصیت ربی عذاب یوم عظیم و روى سعید بن عمار عن أسماء بنت عبید قال-  دخل عنبسه بن سعید بن العاص على عمر بن عبد العزیز فقال-  یا أمیر المؤمنین إن من کان قبلک من الخلفاء-  کانوا یعطوننا عطایا منعتناها و لی عیال و ضیعه-  فأذن لی أخرج إلى ضیعتی و ما یصلح عیالی-  فقال عمر إن أحبکم إلینا من کفانا مئونته-  فخرج عنبسه فلما صار إلى الباب ناداه أبا خالد أبا خالد-  فرجع فقال أکثر ذکر الموت-  فإن کنت فی ضیق من العیش وسعه علیک-  و إن کنت فی سعه من العیش ضیقه علیک- .

و روى عمر بن علی بن مقدم قال-  قال ابن صغیر لسلیمان بن عبد الملک لمزاحم-  إن لی حاجه إلى أمیر المؤمنین عمر-  قال فاستأذنت له فأدخله-  فقال یا أمیر المؤمنین لم أخذت قطیعتی-  قال معاذ الله إن آخذ قطیعه ثبتت فی الإسلام-  قال فهذا کتابی بها و أخرج کتابا من کمه-  فقرأه عمر و قال لمن کانت هذه الأرض-  قال کانت للمسلمین قال فالمسلمون أولى بها-  قال فاردد علی کتابی-  قال إنک لو لم تأتنی به لم أسألکه-  فأما إذ جئتنی به فلست أدعک تطلب به ما لیس لک بحق-  فبکى ابن سلیمان فقال مزاحم-  یا أمیر المؤمنین ابن سلیمان تصنع به هذا-  قال و ذلک لأن سلیمان عهد إلى عمر و قدمه على إخوته-  فقال عمر ویحک یا مزاحم-  إنی لأجد له من اللوط ما أجد لولدی-  و لکنها نفسی أجادل عنها- .

و روى الأوزاعی قال قال هشام بن عبد الملک-  و سعید بن خالد بن عمر بن عثمان‏ بن عفان-  لعمر بن عبد العزیز یا أمیر المؤمنین-  استأنف العمل برأیک فیما تحت یدک-  و خل بین من سبقک و بین ما ولوه علیهم کان أو لهم-  فإنک مستکف أن تدخل فی خیر ذلک و شره-  قال أنشدکما الله الذی إلیه تعودان-  لو أن رجلا هلک و ترک بنین أصاغر و أکابر-  فغر الأکابر الأصاغر بقوتهم فأکلوا أموالهم-  ثم بلغ الأصاغر الحلم فجاءوکما بهم-  و بما صنعوا فی أموالهم ما کنتما صانعین-  قالا کنا نرد علیهم حقوقهم حتى یستوفوها-  قال فإنی وجدت کثیرا ممن کان قبلی من الولاه-  غر الناس بسلطانه و قوته-  و آثر بأموالهم أتباعه و أهله و رهطه و خاصته-  فلما ولیت أتونی بذلک-  فلم یسعنی إلا الرد على الضعیف من القوی-  و على الدنی‏ء من الشریف-  فقالا یوفق الله أمیر المؤمنین

وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاکَ إِلَیْهِ عَدُوُّکَ لِلَّهِ فِیهِ رِضًا-  فَإِنَّ فِی الصُّلْحِ دَعَهً لِجُنُودِکَ-  وَ رَاحَهً مِنْ هُمُومِکَ وَ أَمْناً لِبِلَادِکَ-  وَ لَکِنِ الْحَذَرَ کُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّکَ بَعْدَ صُلْحِهِ-  فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِیَتَغَفَّلَ-  فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اتَّهِمْ فِی ذَلِکَ حُسْنَ الظَّنِّ-  وَ إِنْ عَقَدْتَ بَیْنَکَ وَ بَیْنَ عَدُوٍّ لَکَ عُقْدَهً-  أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْکَ ذِمَّهً-  فَحُطْ عَهْدَکَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَکَ بِالْأَمَانَهِ-  وَ اجْعَلْ نَفْسَکَ جُنَّهً دُونَ مَا أَعْطَیْتَ-  فَإِنَّهُ لَیْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ شَیْ‏ءٌ-  النَّاسُ أَشَدُّ عَلَیْهِ اجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ-  وَ تَشَتُّتِ آرَائِهِمْ-  مِنْ تَعْظِیمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ-  وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِکَ الْمُشْرِکُونَ فِیمَا بَیْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِینَ-  لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ-  فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِکَ وَ لَا تَخِیسَنَّ بِعَهْدِکَ-  وَ لَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّکَ-  فَإِنَّهُ لَا یَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ شَقِیٌّ-  وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَیْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ-وَ حَرِیماً یَسْکُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ وَ یَسْتَفِیضُونَ إِلَى جِوَارِهِ-  فَلَا إِدْغَالَ وَ لَا مُدَالَسَهَ وَ لَا خِدَاعَ فِیهِ-  وَ لَا تَعْقِدْهُ عَقْداً تُجَوِّزُ فِیهِ الْعِلَلَ-  وَ لَا تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ الْقَوْلِ بَعْدَ التَّأْکِیدِ وَ التَّوْثِقَهِ-  وَ لَا یَدْعُوَنَّکَ ضِیقُ أَمْرٍ-  لَزِمَکَ فِیهِ عَهْدُ اللَّهِ إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَیْرِ الْحَقِّ-  فَإِنَّ صَبْرَکَ عَلَى ضِیقِ أَمْرٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ-  خَیْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ-  وَ أَنْ تُحِیطَ بِکَ مِنَ اللَّهِ طِلْبَهٌ-  لَا تَسْتَقِیلُ فِیهَا دُنْیَاکَ وَ لَا آخِرَتَکَ أمره أن یقبل السلم و الصلح إذا دعی إلیه-  لما فیه من دعه الجنود-  و الراحه من الهم و الأمن للبلاد-  و لکن ینبغی أن یحذر بعد الصلح من غائله العدو و کیده-  فإنه ربما قارب بالصلح لیتغفل أی یطلب غفلتک-  فخذ بالحزم و اتهم حسن ظنک-  لا تثق و لا تسکن إلى حسن ظنک بالعدو-  و کن کالطائر الحذر- .

ثم أمره بالوفاء بالعهود-  قال و اجعل نفسک جنه دون ما أعطیت-  أی و لو ذهبت نفسک فلا تغدر- . و قال الراوندی الناس مبتدأ و أشد مبتدأ ثان-  و من تعظیم الوفاء خبره-  و هذا المبتدأ الثانی مع خبره خبر المبتدإ الأول-  و محل الجمله نصب لأنها خبر لیس-  و محل لیس مع اسمه و خبره رفع لأنه خبر-  فإنه و شی‏ء اسم لیس و من فرائض الله حال-  و لو تأخر لکان صفه لشی‏ء-  و الصواب أن شی‏ء اسم لیس-  و جاز ذلک و إن کان نکره لاعتماده على النفی-  و لأن الجار و المجرور قبله فی موضع الحال کالصفه-  فتخصص بذلک و قرب من المعرفه-  و الناس مبتدأ و أشد خبره-  و هذه الجمله المرکبه من مبتدإ

و خبر فی موضع رفع-  لأنها صفه شی‏ء-  و أما خبر المبتدإ الذی هو شی‏ء فمحذوف-  و تقدیره فی الوجود کما حذف الخبر فی قولنا-  لا إله إلا الله أی فی الوجود-  و لیس یصح ما قال الراوندی من أن أشد مبتدأ ثان-  و من تعظیم الوفاء خبره-  لأن حرف الجر إذا کان خبرا لمبتدإ تعلق بمحذوف-  و هاهنا هو متعلق بأشد نفسه فکیف یکون خبرا عنه-  و أیضا فإنه لا یجوز أن یکون أشد من تعظیم الوفاء-  خبرا عن الناس-  کما زعم الراوندی لأن ذلک کلام غیر مفید-  أ لا ترى أنک إذا أردت أن تخبر بهذا الکلام عن المبتدإ-  الذی هو الناس لم یقم من ذلک صوره محصله تفیدک شیئا-  بل یکون کلاما مضطربا- . و یمکن أیضا أن یکون من فرائض الله فی موضع رفع-  لأنه خبر المبتدإ و قد قدم علیه-  و یکون موضع الناس و ما بعده رفع-  لأنه خبر المبتدإ الذی هو شی‏ء کما قلناه أولا-  و لیس یمتنع أیضا أن یکون من فرائض الله-  منصوب الموضع لأنه حال-  و یکون موضع الناس أشد رفعا-  لأنه خبر المبتدإ الذی هو شی‏ء- .

ثم قال له ع-  و قد لزم المشرکون مع شرکهم الوفاء بالعهود-  و صار ذلک لهم شریعه و بینهم سنه-  فالإسلام أولى باللزوم و الوفاء- . و استوبلوا وجدوه وبیلا أی ثقیلا-  استوبلت البلد أی استوخمته و استثقلته-  و لم یوافق مزاجک- . و لا تخیسن بعهدک أی لا تغدرن-  خاس فلان بذمته أی غدر و نکث- . قوله و لا تختلن عدوک أی لا تمکرن به-  ختلته أی خدعته- . و قوله أفضاه بین عباده جعله مشترکا بینهم-  لا یختص به فریق دون فریق- .

قال و یستفیضون إلى جواره-  أی ینتشرون فی طلب حاجاتهم و مآربهم-  ساکنین إلى جواره-  فإلى هاهنا متعلقه بمحذوف مقدر-  کقوله تعالى فِی تِسْعِ آیاتٍ إِلى‏ فِرْعَوْنَ أی مرسلا-  قال فلا إدغال أی لا إفساد-  و الدغل الفساد-  و لا مدالسه أی لا خدیعه-  یقال فلان لا یوالس و لا یدالس أی لا یخادع و لا یخون-  و أصل الدلس الظلمه-  و التدلیس فی البیع کتمان عیب السلعه عن المشتری- . ثم نهاه عن أن یعقد عقدا یمکن فیه التأویلات-  و العلل و طلب المخارج-  و نهاه إذا عقد العقد بینه و بین العدو أن ینقضه-  معولا على تأویل خفی أو فحوى قول-  أو یقول إنما عنیت کذا-  و لم أعن ظاهر اللفظه-  فإن العقود إنما تعقد على ما هو ظاهر فی الاستعمال-  متداول فی الاصطلاح و العرف لا على ما فی الباطن- . و روی انفساحه بالحاء المهمله أی سعته

فصل فیما جاء فی الحذر من کید العدو

قد جاء فی الحذر من کید العدو-  و النهی عن التفریط فی الرأی السکون-  إلى ظاهر السلم أشیاء کثیره-  و کذا فی النهی عن الغدر و النهی عن طلب تأویلات العهود-  و فسخها بغیر الحق- . فرط عبد الله بن طاهر فی أیام أبیه فی أمر-  أشرف فیه على العطب و نجا بعد لأی-  فکتب إلیه أبوه أتانی یا بنی من خبر تفریطک-  ما کان أکبر عندی من نعیک لو ورد-  لأنی لم أرج قط ألا تموت-  و قد کنت أرجو ألا تفتضح بترک الحزم و التیقظ- .

و روى ابن الکلبی أن قیس بن زهیر-  لما قتل حذیفه بن بدر و من معه بجفر الهباءه-خرج حتى لحق بالنمر بن قاسط و قال-  لا تنظر فی وجهی غطفانیه بعد الیوم-  فقال یا معاخرج حتى لحق بالنمر بن قاسط و قال-  لا تنظر فی وجهی غطفانیه بعد الیوم-  فقال یا معاشر النمر أنا قیس بن زهیر-  غریب حریب طرید شرید موتور-  فانظروا لی امرأه قد أدبها الغنی و أذلها الفقر-  فزوجوه بامرأه منهم-  فقال لهم إنی لا أقیم فیکم حتى أخبرکم بأخلاقی-  أنا فخور غیور أنف و لست أفخر حتى أبتلى-  و لا أغار حتى أرى و لا آنف حتى أظلم-  فرضوا أخلاقه فأقام فیهم حتى ولد له-  ثم أراد أن یتحول عنهم-  فقال یا معشر النمر إن لکم حقا علی فی مصاهرتی فیکم-  و مقامی بین أظهرکم-  و إنی موصیکم بخصال آمرکم بها و أنهاکم عن خصال-  علیکم بالأناه فإن بها تدرک الحاجه و تنال الفرصه-  و تسوید من لا تعابون بتسویده-  و الوفاء بالعهود فإن به یعیش الناس-  و إعطاء ما تریدون إعطاءه قبل المسأله-  و منع ما تریدون منعه قبل الإنعام-  و إجاره الجار على الدهر-  و تنفیس البیوت عن منازل الأیامى-  و خلط الضیف بالعیال-  و أنهاکم عن الغدر فإنه عار الدهر-  و عن الرهان فإن به ثکلت مالکا أخی-  و عن البغی فإن به صرع زهیر أبی-  و عن السرف فی الدماء-  فإن قتلی أهل الهباءه أورثنی العار-  و لا تعطوا فی الفضول فتعجزوا عن الحقوق-  و أنکحوا الأیامى الأکفاء-  فإن لم تصیبوا بهن الأکفاء فخیر بیوتهن القبور- 

و اعلموا أنی أصبحت ظالما و مظلوما-  ظلمنی بنو بدر بقتلهم مالکا-  و ظلمتهم بقتلی من لا ذنب له-  ثم رحل عنهم إلى غمار فتنصر بها-  و عف عن المآکل حتى أکل الحنظل إلى أن ماتإِیَّاکَ وَ الدِّمَاءَ وَ سَفْکَهَا بِغَیْرِ حِلِّهَا-  فَإِنَّهُ لَیْسَ شَیْ‏ءٌ أَدْعَى لِنِقْمَهٍ وَ لَا أَعْظَمَ‏لِتَبِعَهٍ-  وَ لَا أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَهٍ وَ انْقِطَاعِ مُدَّهٍ-  مِنْ سَفْکِ الدِّمَاءِ بِغَیْرِ حَقِّهَا-  وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُکْمِ بَیْنَ الْعِبَادِ-  فِیمَا تَسَافَکُوا مِنَ الدِّمَاءِ یَوْمَ الْقِیَامَهِ-  فَلَا تُقَوِّیَنَّ سُلْطَانَکَ بِسَفْکِ دَمٍ حَرَامٍ-  فَإِنَّ ذَلِکَ مِمَّا یُضْعِفُهُ وَ یُوهِنُهُ بَلْ یُزِیلُهُ وَ یَنْقُلُهُ-  وَ لَا عُذْرَ لَکَ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عِنْدِی فِی قَتْلِ الْعَمْدِ-  لِأَنَّ فِیهِ قَوَدَ الْبَدَنِ-  وَ إِنِ ابْتُلِیتَ بِخَطَإٍ-  وَ أَفْرَطَ عَلَیْکَ سَوْطُکَ أَوْ یَدُکَ بِالْعُقُوبَهِ-  فَإِنَّ فِی الْوَکْزَهِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَهً-  فَلَا تَطْمَحَنَّ بِکَ نَخْوَهُ سُلْطَانِکَ-  عَنْ أَنْ تُؤَدِّیَ إِلَى أَوْلِیَاءِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ قد ذکرنا فی وصیه قیس بن زهیر آنفا-  النهی عن الإسراف فی الدماء-  و تلک وصیه مبنیه على شریعه الجاهلیه-  مع حمیتها و تهالکها على القتل و القتال-  و وصیه أمیر المؤمنین ع مبنیه على الشریعه الإسلامیه-  و النهی عن القتل و العدوان الذی لا یسیغه الدین-  و قد ورد فی الخبر المرفوع أن أول ما یقضی الله به یوم القیامه بین العباد-  أمر الدماء-  قال إنه لیس شی‏ء أدعى إلى حلول النقم-  و زوال النعم و انتقال الدول-  من سفک الدم الحرام-  و إنک إن ظننت أنک تقوی سلطانک بذلک-  فلیس الأمر کما ظننت-  بل تضعفه بل تعدمه بالکلیه- . ثم عرفه أن قتل العمد یوجب القود-  و قال له قود البدن أی یجب علیک هدم صورتک-  کما هدمت صوره المقتول-  و المراد إرهابه بهذه اللفظه-  أنها أبلغ من أن یقول له فإن فیه القود- .

ثم قال إن قتلت خطأ أو شبه عمد-  کالضرب بالسوط فعلیک الدیه-  و قد اختلف‏الفقهاء فی هذه المسأله-  فقال أبو حنیفه و أصحابه القتل على خمسه أوجه-  عمد و شبه عمد و خطأ-  و ما أجری مجرى الخطإ و قتل بسبب- . فالعمد ما تعمد به ضرب الإنسان بسلاح-  أو ما یجری مجرى السلاح کالمحدد من الخشب و لیطه القصب-  و المروءه المحدده و النار و موجب ذلک المأثم و القود-  إلا أن یعفو الأولیاء و لا کفاره فیه- . و شبه العمد أن یتعمد الضرب بما لیس بسلاح-  و لا أجری مجرى السلاح کالحجر العظیم-  و الخشبه العظیمه-  و موجب ذلک المأثم و الکفاره و لا قود فیه-  و فیه الدیه مغلظه على العاقله- . و الخطأ على وجهین خطأ فی القصد-  و هو أن یرمی شخصا یظنه صیدا فإذا هو آدمی-  و خطأ فی الفعل و هو أن یرمی غرضا فیصیب آدمیا-  و موجب النوعین جمیعا الکفاره و الدیه على العاقله-  و لا مأثم فیه- . و ما أجری مجرى الخطإ-  مثل النائم یتقلب على رجل فیقتله-  فحکمه حکم الخطإ-  و أما القتل بسبب-  فحافر البئر و واضع الحجر فی غیر ملکه-  و موجبه إذا تلف فیه إنسان الدیه على العاقله-  و لا کفاره فیه- . فهذا قول أبی حنیفه و من تابعه-  و قد خالفه صاحباه أبو یوسف و محمد فی شبه العمد-  و قالا إذا ضربه بحجر عظیم أو خشبه غلیظه فهو عمد-  قال و شبه العمد أن یتعمد ضربه بما لا یقتل به غالبا-  کالعصا الصغیره و السوط-  و بهذا القول قال الشافعی- . و کلام أمیر المؤمنین ع یدل-  على أن المؤدب من الولاه-  إذا تلف تحت‏ یده إنسان فی التأدیب فعلیه الدیه-  و قال لی قوم من فقهاء الإمامیه أن مذهبنا أن لا دیه علیه-  و هو خلاف ما یقتضیه کلام أمیر المؤمنین ع: وَ إِیَّاکَ وَ الْإِعْجَابَ بِنَفْسِکَ-  وَ الثِّقَهَ بِمَا یُعْجِبُکَ مِنْهَا وَ حُبَّ الْإِطْرَاءِ-  فَإِنَّ ذَلِکَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّیْطَانِ فِی نَفْسِهِ-  لِیَمْحَقَ مَا یَکُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِینَ-  وَ إِیَّاکَ وَ الْمَنَّ عَلَى رَعِیَّتِکَ بِإِحْسَانِکَ-  أَوِ التَّزَیُّدَ فِیمَا کَانَ مِنْ فِعْلِکَ-  أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَکَ بِخُلْفِکَ-  فَإِنَّ الْمَنَّ یُبْطِلُ الْإِحْسَانَ وَ التَّزَیُّدَ یَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ-  وَ الْخُلْفَ یُوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ اللَّهِ وَ النَّاسِ-  قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى-  کَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ-  وَ إِیَّاکَ وَ الْعَجَلَهَ بِالْأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا-  أَوِ التَّسَاقُطَ فِیهَا عِنْدَ إِمْکَانِهَا-  أَوِ اللَّجَاجَهَ فِیهَا إِذَا تَنَکَّرَتْ-  أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ-  فَضَعْ کُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ وَ أَوْقِعْ کُلَّ عَمَلٍ مَوْقِعَهُ-  وَ إِیَّاکَ وَ الِاسْتِئْثَارَ بِمَا النَّاسُ فِیهِ أُسْوَهٌ-  وَ التَّغَابِیَ عَمَّا تُعْنَى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُیُونِ-  فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْکَ لِغَیْرِکَ-  وَ عَمَّا قَلِیلٍ تَنْکَشِفُ عَنْکَ أَغْطِیَهُ الْأُمُورِ-  وَ یُنْتَصَفُ مِنْکَ لِلْمَظْلُومِ-  امْلِکْ حَمِیَّهَ أَنْفِکَ وَ سَوْرَهَ حَدِّکَ-  وَ سَطْوَهَ یَدِکَ وَ غَرْبَ لِسَانِکَ-  وَ احْتَرِسْ مِنْ کُلِّ ذَلِکَ بِکَفِّ الْبَادِرَهِ وَ تَأْخِیرِ السَّطْوَهِ-  حَتَّى یَسْکُنَ غَضَبُکَ فَتَمْلِکَ الِاخْتِیَارَ-  وَ لَنْ تَحْکُمَ ذَلِکَ مِنْ نَفْسِکَ-  حَتَّى تُکْثِرَ هُمُومَکَ بِذِکْرِ الْمَعَادِ إِلَى رَبِّکَ-وَ الْوَاجِبُ عَلَیْکَ أَنْ تَتَذَکَّرَ مَا مَضَى لِمَنْ تَقَدَّمَکَ-  مِنْ حُکُومَهٍ عَادِلَهٍ أَوْ سُنَّهٍ فَاضِلَهٍ-  أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِیِّنَا ص أَوْ فَرِیضَهٍ فِی کِتَابِ اللَّهِ-  فَتَقْتَدِیَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ فِیهَا-  وَ تَجْتَهِدَ لِنَفْسِکَ فِی اتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَیْکَ فِی عَهْدِی هَذَا-  وَ اسْتَوْثَقْتُ بِهِ مِنَ الْحُجَّهِ لِنَفْسِی عَلَیْکَ-  لِکَیْلَا تَکُونَ لَکَ عِلَّهٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِکَ إِلَى هَوَاهَا قد اشتمل هذا الفصل على وصایا نحن شارحوها-  منها قوله ع إیاک و ما یعجبک من نفسک-  و الثقه بما یعجبک منها- 

 قد ورد فی الخبر ثلاث مهلکات شح مطاع و هوى متبع و إعجاب المرء بنفسهو فی الخبر أیضا لا وحشه أشد من العجبو فی الخبر الناس لآدم و آدم من تراب-  فما لابن آدم و الفخر و العجبو فی الخبر الجار ثوبه خیلاء لا ینظر الله إلیه یوم القیامهو فی الخبر و قد رأى أبا دجانه-  یتبختر-  إنها لمشیه یبغضها الله إلا بین الصفین- .

و منها قوله و حب الإطراء-  ناظر المأمون محمد بن القاسم النوشجانی المتکلم-  فجعل یصدقه و یطریه و یستحسن قوله-  فقال المأمون یا محمد-  أراک تنقاد إلى ما تظن أنه یسرنی-  قبل وجوب الحجه لی علیک-  و تطرینی بما لست أحب أن أطری به-  و تستخذی لی فی المقام-  الذی ینبغی أن تکون فیه مقاوما لی و محتجا علی-  و لو شئت أن أقسر الأمور بفضل بیان و طول لسان-  و أغتصب الحجه بقوه الخلافه-  و أبهه الرئاسه لصدقت و إن کنت کاذبا-  و عدلت و إن کنت جائرا و صوبت و إن کنت مخطئا-لکنی لا أرضى إلا بغلبه الحجه و دفع الشبهه-  و إن أنقص الملوک عقلا و أسخفهم رأیا-  من رضی بقولهم صدق الأمیر- . و أثنى رجل على رجل فقال الحمد لله الذی سترنی عنک-  و کان بعض الصالحین یقول إذا أطراه إنسان-  لیسألک الله عن حسن ظنک- . و منها قوله و إیاک و المن-  قال الله تعالى یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا-  لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِکُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى‏-  و کان یقال المن محبه للنفس مفسده للصنع- .

و منها نهیه إیاه عن التزید فی فعله-  قال ع إنه یذهب بنور الحق-  و ذلک لأنه محض الکذب-  مثل أن یسدی ثلاثه أجزاء من الجمیل-  فیدعی فی المجالس و المحافل أنه أسدى عشره-  و إذا خالط الحق الکذب أذهب نوره- . و منها نهیه إیاه عن خلف الوعد-  قد مدح الله نبیا من الأنبیاء-  و هو إسماعیل بن إبراهیم ع بصدق الوعد-  و کان یقال وعد الکریم نقد و تعجیل-  و وعد اللئیم مطل و تعطیل-  و کتب بعض الکتاب و حق لمن أزهر بقول أن یثمر بفعل-  و قال أبو مقاتل الضریر قلت لأعرابی-  قد أکثر الناس فی المواعید فما قولک فیها-  فقال بئس الشی‏ء الوعد مشغله للقلب الفارغ-  متعبه للبدن الخافض خیره غائب و شره حاضر-  و فی الحدیث المرفوع عده المؤمن کأخذ بالید-  فأما أمیر المؤمنین ع فقال إنه یوجب المقت-  و استشهد علیه بالآیه-  و المقت البغض- . و منها نهیه عن العجله و کان یقال-  أصاب متثبت أو کاد و أخطأ عجل أو کاد-  و فی المثل رب عجله تهب ریثا-  و ذمها الله تعالى فقال خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ- .

و منها نهیه عن التساقط فی الشی‏ء الممکن عند حضوره-  و هذا عباره عن النهی عن الحرص و الجشع-  قال الشنفری

 و إن مدت الأیدی إلى الزاد لم أکن
بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل‏

و منها نهیه عن اللجاجه فی الحاجه إذا تعذرت- کان یقال من لاج الله فقد جعله خصما- و من کان الله خصمه فهو مخصوم- قال الغزی

دعها سماویه تجری على قدر
لا تفسدنها برأی منک معکوس‏

و منها نهیه له عن الوهن فیها إذا استوضحت- أی وضحت و انکشفت- و یروى و استوضحت فعل ما لم یسم فاعله- و الوهن فیها إهمالها و ترک انتهاز الفرصه فیها- قال الشاعر

فإذا أمکنت فبادر إلیها
حذرا من تعذر الإمکان‏

و منها نهیه عن الاستئثار و هذا هو الخلق النبوی-  غنم رسول الله ص غنائم خیبر و کانت مل‏ء الأرض نعما-  فلما رکب راحلته و سار تبعه الناس-  یطلبون الغنائم و قسمها و هو ساکت لا یکلمهم-  و قد أکثروا علیه إلحاحا و سؤالا-  فمر بشجره فخطفت رداءه فالتفت فقال-  ردوا علی ردائی-  فلو ملکت بعدد رمل تهامه مغنما-  لقسمته بینکم عن آخره-  ثم لا تجدوننی بخیلا و لا جبانا-  و نزل و قسم ذلک المال عن آخره علیهم کله-  لم یأخذ لنفسه منه وبره- . و منها نهیه له عن التغابی-  و صوره ذلک أن الأمیر یومئ إلیه-  أن فلانا من خاصته یفعل کذا-  و یفعل کذا من الأمور المنکره و یرتکبها سرا-  فیتغابى عنه و یتغافل-  نهاه ع عن ذلک و قال-  إنک مأخوذ منک لغیرک أی معاقب-  تقول اللهم خذ لی من فلان بحقی-  أی اللهم انتقم لی منه- .

و منها نهیه إیاه عن الغضب-  و عن الحکم بما تقتضیه قوته الغضبیه حتى یسکن غضبه-  قد جاء فی الخبر المرفوع لا یقضی القاضی و هو غضبان-  فإذا کان قد نهی أن یقضی القاضی-  و هو غضبان على غیر صاحب الخصومه-  فبالأولى أن ینهى الأمیر عن أن یسطو على إنسان-  و هو غضبان علیه- . و کان لکسرى أنوشروان صاحب قد رتبه و نصبه لهذا المعنى-  یقف على رأس الملک یوم جلوسه-  فإذا غضب على إنسان و أمر به-  قرع سلسله تاجه بقضیب فی یده و قال له-  إنما أنت بشر-  فارحم من فی الأرض یرحمک من فی السماء: وَ مِنْ هَذَا الْعَهْدِ وَ هُوَ آخِرُهُ-  وَ أَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ بِسَعَهِ رَحْمَتِهِ-  وَ عَظِیمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إِعْطَاءِ کُلِّ رَغْبَهٍ-  أَنْ یُوَفِّقَنِی وَ إِیَّاکَ لِمَا فِیهِ رِضَاهُ-  مِنَ الْإِقَامَهِ عَلَى الْعُذْرِ الْوَاضِحِ إِلَیْهِ وَ إِلَى خَلْقِهِ-  مِنْ حُسْنِ الثَّنَاءِ فِی الْعِبَادِ وَ جَمِیلِ الْأَثَرِ فِی الْبِلَادِ-  وَ تَمَامِ النِّعْمَهِ وَ تَضْعِیفِ الْکَرَامَهِ-  وَ أَنْ یَخْتِمَ لِی وَ لَکَ بِالسَّعَادَهِ وَ الشَّهَادَهِ-  إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ-  وَ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ-  صَلَّى اللَّهِ عَلَیْهِ وَ عَلَى آلِهِ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ روی کل رغیبه و الرغیبه ما یرغب فیه-  فأما الرغبه فمصدر رغب فی کذا-  کأنه قال القادر على إعطاء کل سؤال-  أی إعطاء کل سائل ما سأله- .

و معنى قوله من الإقامه على العذر-  أی أسأل الله أن یوفقنی للإقامه على الاجتهاد-  و بذل الوسع فی الطاعه-  و ذلک لأنه إذا بذل جهده فقد أعذر-  ثم فسر اجتهاده فی ذلک فی رضا الخلق-  و لم یفسر اجتهاده فی رضا الخالق لأنه معلوم-  فقال هو حسن الثناء فی العباد و جمیل الأثر فی البلاد- . فإن قلت فقوله و تمام النعمه على ما ذا تعطفه-  قلت هو معطوف على ما من قوله لما فیه-  کأنه قال أسأل الله توفیقی لذا و لتمام النعمه-  أی و لتمام نعمته علی و تضاعف کرامته لدی-  و توفیقه لهما هو توفیقه للأعمال الصالحه-  التی یستوجبهما بها

فصل فی ذکر بعض وصایا العرب

و ینبغی أن یذکر فی هذا الموضع وصایا-  من کلام قوم من رؤساء العرب-  أوصوا بها أولادهم و رهطهم-  فیها آداب حسان و کلام فصیح-  و هی مناسبه لعهد أمیر المؤمنین ع هذا-  و وصایاه المودعه فیه-  و إن کان کلام أمیر المؤمنین ع أجل و أعلى-  من أن یناسبه کلام-  لأنه قبس من نور الکلام الإلهی-  و فرع من دوحه المنطق النبوی- .

روى ابن الکلبی قال-  لما حضرت الوفاه أوس بن حارثه أخا الخزرج-  لم یکن له ولد غیر مالک بن الأوس-  و کان لأخیه الخزرج خمسه-  قیل له کنا نأمرک بأن تتزوج فی شبابک-  فلم تفعل حتى حضرک الموت-  و لا ولد لک إلا مالک-  فقال لم یهلک هالک ترک مثل مالک-  و إن کان الخزرج ذا عدد و لیس لمالک ولد-  فلعل الذی استخرج‏ العذق من الجریمه و النار من الوثیمه-  أن یجعل لمالک نسلا و رجالا بسلا-  و کلنا إلى الموت-  یا مالک المنیه و لا الدنیه-  و العتاب قبل العقاب و التجلد لا التبلد-  و اعلم أن القبر خیر من الفقر-  و من لم یعط قاعدا حرم قائما-  و شر الشرب الاشتفاف و شر الطعم الاقتفاف-  و ذهاب البصر خیر من کثیر من النظر-  و من کرم الکریم الدفع عن الحریم-  و من قل ذل-  و خیر الغنى القناعه و شر الفقر الخضوع-  الدهر صرفان صرف رخاء و صرف بلاء-  و الیوم یومان یوم لک و یوم علیک-  فإذا کان لک فلا تبطر و إذا کان علیک فاصطبر-  و کلاهما سینحسر و کیف بالسلامه لمن لیست له إقامه-  و حیاک ربک- .

و أوصى الحارث بن کعب بنیه فقال-  یا بنی قد أتت علی مائه و ستون سنه-  ما صافحت یمینی یمین غادر-  و لا قنعت لنفسی بخله فاجر-  و لا صبوت بابنه عم و لا کنه و لا بحت لصدیق بسر-  و لا طرحت عن مومسه قناعا-  و لا بقی على دین عیسى ابن مریم-  و قد روی على دین شعیب-  من العرب غیری و غیر تمیم بن مر بن أسد بن خزیمه-  فموتوا على شریعتی و احفظوا علی وصیتی-  و إلهکم فاتقوا یکفکم ما أهمکم و یصلح لکم حالکم-  و إیاکم و معصیته فیحل بکم الدمار-  و یوحش منکم الدیار-  کونوا جمیعا و لا تفرقوا فتکنوا شیعا-  و بزوا قبل أن تبزوا-  فموت‏ فی عز خیر من حیاه فی ذل و عجز-  و کل ما هو کائن کائن و کل جمع إلى تباین-  و الدهر صرفان صرف بلاء و صرف رخاء-  و الیوم یومان یوم حبره و یوم عبره-  و الناس رجلان رجل لک و رجل علیک-  زوجوا النساء الأکفاء و إلا فانتظروا بهن القضاء-  و لیکن أطیب طیبهم الماء-  و إیاکم و الورهاء فإنها أدوأ الداء-  و إن ولدها إلى أفن یکون-  لا راحه لقاطع القرابه-  و إذا اختلف القوم أمکنوا عدوهم-  و آفه العدد اختلاف الکلمه-  و التفضل بالحسنه یقی السیئه-  و المکافأه بالسیئه دخول فیها-  و عمل السوء یزیل النعماء-  و قطیعه الرحم تورث الهم-  و انتهاک الحرمه یزیل النعمه-  و عقوق الوالدین یعقب النکد و یخرب البلد-  و یمحق العدد-  و الإسراف فی النصیحه هو الفضیحه-  و الحقد منع الرفد-  و لزوم الخطیئه یعقب البلیه-  و سوء الدعه یقطع أسباب المنفعه-  و الضغائن تدعو إلى التباین-  یا بنی إنی قد أکلت مع أقوام و شربت-  فذهبوا و غبرت و کأنی بهم قد لحقت-  ثم قال

أکلت شبابی فأفنیته
و أبلیت بعد دهور دهورا

ثلاثه أهلین صاحبتهم‏
فبادروا و أصبحت شیخا کبیرا

قلیل الطعام عسیر القیام
قد ترک الدهر خطوی قصیرا

أبیت أراعی نجوم السماء
أقلب أمری بطونا ظهورا

وصى أکثم بن صیفی بنیه و رهطه فقال-  یا بنی تمیم لا یفوتنکم وعظی إن فاتکم الدهر بنفسی-  إن بین حیزومی و صدری لکلاما لا أجد له مواقع-  إلا أسماعکم و لا مقار إلا قلوبکم-  فتلقوه بأسماع مصغیه و قلوب دواعیه-  تحمدوا مغبته الهوى‏ یقظان و العقل راقد-  و الشهوات مطلقه و الحزم معقول-  و النفس مهمله و الرویه مقیده-  و من جهه التوانی و ترک الرویه یتلف الحزم-  و لن یعدم المشاور مرشدا-  و المستبد برأیه موقوف على مداحض الزلل-  و من سمع سمع به-  و مصارع الرجال تحت بروق الطمع-  و لو اعتبرت مواقع المحن ما وجدت-  إلا فی مقاتل الکرام-  و على الاعتبار طریق الرشاد-  و من سلک الجدد أمن العثار-  و لن یعدم الحسود أن یتعب قلبه و یشغل فکره-  و یورث غیظه و لا تجاوز مضرته نفسه-  یا بنی تمیم-  الصبر على جرع الحلم أعذب من جنا ثمر الندامه-  و من جعل عرضه دون ماله استهدف للذم-  و کلم اللسان أنکى من کلم السنان-  و الکلمه مرهونه ما لم تنجم من الفم-  فإذا نجمت مزجت-  فهی أسد محرب أو نار تلهب-  و رأی الناصح اللبیب دلیل لا یجوز-  و نفاذ الرأی فی الحرب أجدى من الطعن و الضرب- . و أوصى یزید بن المهلب ابنه مخلدا-  حین استخلفه على جرجان-  فقال له یا بنی قد استخلفتک على هذه البلاد-  فانظر هذا الحی من الیمن فکن لهم کما قال الشاعر- 

 إذا کنت مرتاد الرجال لنفعهم
فرش و اصطنع عند الذین بهم ترمی‏

و انظر هذا الحی من ربیعه-  فإنهم شیعتک و أنصارک فاقض حقوقهم-  و انظر هذا الحی من تمیم فأمطرهم و لا تزه لهم-  و لا تدنهم فیطمعوا و لا تقصهم فیقطعوا-  و انظر هذا الحی من قیس-  فإنهم أکفاء قومک فی الجاهلیه-  و مناصفوهم المآثر فی الإسلام و رضاهم منک البشر-  یا بنی إن لأبیک صنائع فلا تفسدها-  فإنه کفى بالمرء نقصا أن یهدم ما بنى أبوه-  و إیاک و الدماء فإنه لا تقیه معها-  و إیاک و شتم الأعراض-  فإن الحر لا یرضیه عن عرضه عوض-  و إیاک و ضرب الأبشار فإنه عار باق و وتر مطلوب-  و استعمل على النجده و الفضل دون الهوى-  و لا تعزل إلا عن عجز أو خیانه-  و لا یمنعک من اصطناع الرجل-  أن یکون غیرک قد سبقک إلیه-  فإنک إنما تصطنع الرجال لفضلها-  و لیکن صنیعک عند من یکافئک عنه العشائر-  احمل الناس على أحسن أدبک یکفوک أنفسهم-  و إذا کتبت کتابا فأکثر النظر فیه-  و لیکن رسولک فیما بینی و بینک من یفقه عنی و عنک-  فإن کتاب الرجل موضع عقله و رسوله موضع سره-  و أستودعک الله فلا بد للمودع أن یسکت-  و للمشیع أن یرجع-  و ما عف من المنطق و قل من الخطیئه أحب إلى أبیک- . و أوصى قیس بن عاصم المنقری بنیه فقال-  یا بنی خذوا عنی فلا أحد أنصح لکم منی-  إذا دفنتمونی فانصرفوا إلى رحالکم-  فسودوا أکبرکم-  فإن القوم إذا سودوا أکبرهم خلفوا أباهم-  و إذا سودوا أصغرهم أزرى ذلک بهم فی أکفائهم-  و إیاکم و معصیه الله و قطیعه الرحم-  و تمسکوا بطاعه أمرائکم فإنهم من رفعوا ارتفع-  و من وضعوا اتضع-  و علیکم بهذا المال فأصلحوه-  فإنه منبهه للکریم و جنه لعرض اللئیم-  و إیاکم و المسأله فإنها آخر کسب الرجل-  و إن أحدا لم یسأل إلا ترک الکسب-  و إیاکم و النیاحه فإنی سمعت رسول الله ص ینهى عنها-  و ادفنونی فی ثیابی التی کنت أصلی فیها و أصوم-  و لا یعلم بکر بن وائل بمدفنی-  فقد کانت بینی و بینهم-  مشاحنات فی الجاهلیه و الإسلام-  و أخاف أن یدخلوا علیکم بی عارا-  و خذوا عنی ثلاث خصال-  إیاکم و کل عرق لئیم أن تلابسوه-  فإنه إن یسررکم الیوم یسؤکم غدا-  و اکظموا الغیظ-  و احذروا بنی أعداء آبائکم فإنهم على منهاج آبائهم-  ثم قال‏

   أحیا الضغائن آباء لنا سلفوا
فلن تبید و للآباء أبناء

 قال ابن الکلبی فیحکی الناس هذا البیت سابقا للزبیر-  و ما هو إلا لقیس بن عاصم- . و أوصى عمرو بن کلثوم التغلبی بنیه فقال-  یا بنی إنی قد بلغت من العمر-  ما لم یبلغ أحد من آبائی و أجدادی-  و لا بد من أمر مقتبل-  و أن ینزل بی ما نزل بالآباء-  و الأجداد و الأمهات و الأولاد-  فاحفظوا عنی ما أوصیکم به-  إنی و الله ما عیرت رجلا قط أمرا إلا عیرنی مثله-  إن حقا فحق و إن باطلا فباطل-  و من سب سب-  فکفوا عن الشتم فإنه أسلم لأعراضکم-  و صلوا أرحامکم تعمر دارکم-  و أکرموا جارکم بحسن ثنائکم-  و زوجوا بنات العم بنی العم-  فإن تعدیتم بهن إلى الغرباء فلا تألوا بهن عن الأکفاء-  و أبعدوا بیوت النساء من بیوت الرجال-  فإنه أغض للبصر و أعف للذکر-  و متى کانت المعاینه و اللقاء-  ففی ذلک داء من الأدواء-  و لا خیر فیمن لا یغار لغیره کما یغار لنفسه-  و قل من انتهک حرمه لغیره إلا انتهکت حرمته-  و امنعوا القریب من ظلم الغریب-  فإنک تدل على قریبک و لا یجمل بک ذل غریبک-  و إذا تنازعتم فی الدماء فلا یکن حقکم الکفاء-  فرب رجل خیر من ألف و ود خیر من خلف-  و إذا حدثتم فعوا و إذا حدثتم فأوجزوا-  فإن مع الإکثار یکون الإهذار-  و موت عاجل خیر من ضنى آجل-  و ما بکیت من زمان إلا دهانی بعده زمان-  و ربما شجانی من لم یکن أمره‏ عنانی-  و ما عجبت من أحدوثه إلا رأیت بعدها أعجوبه-  و اعلموا أن أشجع القوم العطوف-  و خیر الموت تحت ظلال السیوف-  و لا خیر فیمن لا رویه له عند الغضب-  و لا فیمن إذا عوتب لم یعتب-  و من الناس من لا یرجى خیره و لا یخاف شره-  فبکوؤه خیر من دره و عقوقه خیر من بره-  و لا تبرحوا فی حبکم-  فإن من أبرح فی حب آل ذلک إلى قبیح بغض-  و کم قد زارنی إنسان و زرته فانقلب الدهر بنا فقبرته-  و اعلموا أن الحلیم سلیم و أن السفیه کلیم-  أنی لم أمت و لکن هرمت و دخلتنی ذله فسکت-  و ضعف قلبی فأهترت-  سلمکم ربکم و حیاکم- .

و من کتاب أردشیر بن بابک إلى بنیه-  و الملوک من بعده-  رشاد الوالی خیر للرعیه من خصب الزمان-  الملک و الدین توأمان لا قوام لأحدهما إلا بصاحبه-  فالدین أس الملک و عماده-  ثم صار الملک حارس الدین-  فلا بد للملک من أسه و لا بد للدین من حارسه-  فأما ما لا حارس له فضائع و ما لا أس له فمهدوم-  إن رأس ما أخاف علیکم مبادره السفله-  إیاکم إلى دراسه الدین و تأویله و التفقه فیه-  فتحملکم الثقه بقوه الملک على التهاون بهم-  فتحدث فی الدین رئاسات منتشرات سرا-  فیمن قد وترتم و جفوتم و حرمتم و أخفتم-  و صغرتم من سفله الناس و الرعیه و حشو العامه-  ثم لا تنشب تلک الرئاسات-  أن تحدث خرقا فی الملک و وهنا فی الدوله-  و اعلموا أن سلطانکم إنما هو على أجسادکم الرعیه-  لا على قلوبها-  و إن غلبتم الناس على ما فی أیدیهم-  فلن تغلبوهم على ما فی عقولهم و آرائهم و مکایدهم-  و اعلموا أن العاقل المحروم سال علیکم لسانه-  و هو أقطع سیفیه-  و إن أشد ما یضر بکم من لسانه-  ما صرف الحیله فیه إلى الدین-  فکان للدنیا یحتج و للدین فیما یظهر یتعصب-  فیکون‏ للدین بکاؤه و إلیه دعاؤه-  ثم هو أوحد للتابعین و المصدقین-  و المناصحین و المؤازرین-  لأن تعصب الناس موکل بالملوک-  و رحمتهم و محبتهم موکله بالضعفاء المغلوبین-  فاحذروا هذا المعنى کل الحذر و اعلموا أنه لیس ینبغی للملک أن یعرف للعباد و النساک-  بأن یکونوا أولى بالدین منه-  و لا أحدب علیه و لا أغضب له-  و لا ینبغی له أن یخلی النساک و العباد-  من الأمر و النهی فی نسکهم و دینهم-  فإن خروج النساک و غیرهم من الأمر و النهی-  عیب على الملوک و على المملکه-  و ثلمه بینه الضرر على الملک و على من بعده- .

و اعلموا أنه قد مضى قبلنا من أسلافنا ملوک-  کان الملک منهم یتعهد الحمایه بالتفتیش-  و الجماعه بالتفضیل و الفراغ بالاشتغال-  کتعهده جسده بقص فضول الشعر و الظفر-  و غسل الدرن و الغمر-  و مداواه ما ظهر من الأدواء و ما بطن-  و قد کان من أولئک الملوک-  من صحه ملکه أحب إلیه من صحه جسده-  فتتابعت تلک الأملاک بذلک کأنهم ملک واحد-  و کان أرواحهم روح واحده-  یمکن أولهم لآخرهم و یصدق آخرهم أولهم-  یجتمع أبناء أسلافهم و مواریث آرائهم-  و ثمرات عقولهم عند الباقی منهم بعدهم-  و کأنهم جلوس معه یحدثونه و یشاورونه-  حتى کأن على رأس دارا بن دارا-  ما کان من غلبه الإسکندر الرومی-  على ما غلب علیه من ملکه-  و کان إفساده أمرنا و تفرقته جماعتنا-  و تخریبه عمران مملکتنا-  أبلغ له فیما أراد من سفک دمائنا-  فلما أذن الله عز و جل فی جمع مملکتنا و إعاده أمرنا-  کان من بعثه إیانا ما کان-  و بالاعتبار یتقى العثار-  و التجارب الماضیه دستور-  یرجع إلیه من الحوادث الآتیه- .

و اعلموا أن طباع الملوک-  على غیر طباع الرعیه و السوقه-  فإن الملک یطیف به العز-  و الأمن و السرور و القدره على ما یرید-  و الأنفه و الجرأه و العبث و البطر-  و کلما ازدادفی العمر تنفسا-  و فی الملک سلامه ازداد من هذه الطبائع و الأخلاق-  حتى یسلمه ذلک إلى سکر السلطان-  الذی هو أشد من سکر الشراب-  فینسى النکبات و العثرات و الغیر و الدوائر-  و فحش تسلط الأیام و لؤم غلبه الدهر-  فیرسل یده بالفعل و لسانه بالقول-  و عند حسن الظن بالأیام تحدث الغیر و تزول النعم-  و قد کان من أسلافنا و قدماء ملوکنا-  من یذکره عزه الذل و أمنه الخوف-  و سروره الکآبه و قدرته المعجزه-  و ذلک هو الرجل الکامل قد جمع بهجه الملوک-  و فکره السوقه-  و لا کمال إلا فی جمعها- .

و اعلموا أنکم ستبلون على الملک-  بالأزواج و الأولاد و القرباء و الوزراء و الأخدان-  و الأنصار و الأعوان و المتقربین و الندماء و المضحکین-  و کل هؤلاء إلا قلیلا-  أن یأخذ لنفسه أحب إلیه من أن یعطی منها عمله-  و إنما عمله سوق لیومه و ذخیره لغده-  فنصیحته للملوک فضل نصیحته لنفسه-  و غایه الصلاح عنده صلاح نفسه-  و غایه الفساد عنده فسادها-  یقیم للسلطان سوق الموده-  ما أقام له سوق الأرباح و المنافع-  إذا استوحش الملک من ثقاته أطبقت علیه ظلم الجهاله-  أخوف ما یکون العامه آمن ما یکون الوزراء-  و آمن ما یکون العامه أخوف ما یکون الوزراء- . و اعلموا أن کثیرا من وزراء الملوک-  من یحاول استبقاء دولته و أیامه بإیقاع الاضطراب-  و الخبط فی أطراف مملکه الملک-  لیحتاج الملک إلى رأیه و تدبیره-  فإذا عرفتم هذا من وزیر من وزرائکم فاعزلوه-  فإنه یدخل الوهن و النقص على الملک و الرعیه-  لصلاح حال نفسه-  و لا تقوم نفسه بهذه النفوس کلها- .

و اعلموا أن بدء ذهاب الدوله-  ینشأ من قبل إهمال الرعیه بغیر أشغال معروفه-  و لا أعمال معلومه-  فإذا نشأ الفراغ تولد منه النظر فی الأمور-  و الفکر فی الفروع و الأصول- . فإذا نظروا فی ذلک نظروا فیه بطبائع مختلفه-  فتختلف بهم المذاهب-  و یتولد من اختلاف مذاهبهم تعادیهم و تضاغنهم-  و هم مع اختلافهم هذا متفقون و مجتمعون على بغض الملوک-  فکل صنف منهم إنما یجری إلى فجیعه الملک بملکه-  و لکنهم لا یجدون سلما إلى‏ ذلک-  أوثق من الدین و الناموس-  ثم یتولد من تعادیهم-  أن الملک لا یستطیع جمعهم على هوى واحد-  فإن انفرد باختصاص بعضهم صار عدو بقیتهم-  ولى طباع العامه استثقال الولاه و ملالهم-  و النفاسه علیهم و الحسد لهم-  و فی الرعیه المحروم و المضروب-  و المقام علیه الحدود-  و یتولد من کثرتهم مع عداوتهم-  أن یجبن الملک عن الإقدام علیهم-  فإن فی إقدام الملک على الرعیه-  کلها کافه تغریرا بملکه-  و یتولد من جبن الملک عن الرعیه استعجالهم علیه-  و هم أقوى عدو له و أخلقه بالظفر-  لأنه حاضر مع الملک فی دار ملکه-  فمن أفضى إلیه الملک بعدی-  فلا یکونن بإصلاح جسده أشد اهتماما منه بهذه الحال-  و لا تکونن لشی‏ء من الأشیاء-  أکره و أنکر لرأس صار ذنبا-  و ذنب صار رأسا و ید مشغوله صارت فارغه-  أو غنی صار فقیرا أو عامل مصروف أو أمیر معزول- .

و اعلموا أن سیاسه الملک و حراسته-  ألا یکون ابن الکاتب إلا کاتبا-  و ابن الجندی إلا جندیا و ابن التاجر إلا تاجرا-  و هکذا فی جمیع الطبقات-  فإنه یتولد من تنقل الناس عن حالاتهم-  أن یلتمس کل امرئ منهم فوق مرتبته-  فإذا انتقل أوشک أن یرى شیئا أرفع مما انتقل إلیه-  فیحسد أو ینافس-  و فی ذلک من الضرر المتولد ما لا خفاء به-  فإن عجز ملک منکم عن إصلاح رعیته کما أوصیناه-  فلا یکون للقمیص القمل أصرع خلعا منه-  لما لبس من قمیص ذلک الملک- .

و اعلموا أنه لیس ملک إلا و هو کثیر الذکر-  لمن یلی الأمر بعده-  و من فساد أمر الملک نشر ذکره ولاه العهود-  فإن فی ذلک ضروبا من الضرر-  و أن ذلک دخول عداوه بین الملک و ولی عهده-  لأنه تطمح عینه إلى الملک-  و یصیر له أحباب و أخدان یمنونه ذلک-  و یستبطئون موت الملک-  ثم إن الملک یستوحش منه-  و تنساق الأمور إلى هلاک أحدهما-  و لکن لینظر الوالی منکم لله تعالى-  ثم لنفسه ثم للرعیه-  و لینتخب ولیا للعهد من بعده‏ و لا یعلمه ذلک-  و لا أحد من الخلق قریبا کان منه أو بعیدا-  ثم یکتب اسمه فی أربع صحائف و یختمها بخاتمه-  و یضعها عند أربعه نفر من أعیان أهل المملکه-  ثم لا یکون منه فی سره و علانیته أمر-  یستدل به على ولی عهده من هؤلاء-  فی إدناء و تقریب یعرف به-  و لا فی إقصاء و أعراض یستراب له-  و لیتق ذلک فی اللحظه و الکلمه-  فإذا هلک الملک جمعت تلک الصحائف إلى النسخه-  التی تکون فی خزانه الملک-  فتفض جمیعا ثم ینوه حینئذ باسم ذلک الرجل-  فیلقی الملک إذا لنیه بحداثه عهده بحال السوقه-  و یلبسه إذا لبسه ببصر السوقه و سمعها-  فإن فی معرفته بحاله قبل إفضاء الملک إلیه سکرا-  تحدثه عنده ولایه العهد-  ثم یلقاه الملک فیزیده سکرا إلى سکره-  فیعمی و یصم-  هذا مع ما لا بد أن یلقاه أیام ولایه العهد من حیل العتاه-  و بغی الکذابین و ترقیه النمامین-  و إیغار صدره و إفساد قلبه على کثیر من رعیته-  و خواص دولته-  و لیس ذلک بمحمود و لا صالح- .

و اعلموا أنه لیس للملک أن یحلف-  لأنه لا یقدر أحد استکراهه-  و لیس له أن یغضب لأنه قادر-  و الغضب لقاح الشر و الندامه-  و لیس له أن یعبث و یلعب-  لأن اللعب و العبث من عمل الفراغ-  و لیس له أن یفرغ لأن الفراغ من أمر السوقه-  و لیس للملک أن یحسد أحدا إلا على حسن التدبیر-  و لیس له أن یخاف لأنه لا ید فوق یده- .

و اعلموا أنکم لن تقدروا على أن تختموا أفواه الناس-  من الطعن و الإزراء علیکم-  و لا قدره لکم على أن تجعلوا القبیح من أفعالکم حسنا-  فاجتهدوا فی أن تحسن أفعالکم کلها-  و إلا تجعلوا للعامه إلى الطعن علیکم سبیلا- . و اعلموا أن لباس الملک و مطعمه و مشربه-  مقارب للباس السوقه و مطعمهم-  و لیس‏ فضل الملک على السوقه-  إلا بقدرته على اقتناء المحامد و استفاده المکارم-  فإن الملک إذا شاء أحسن و لیس کذلک السوقه- . و اعلموا أن لکل ملک بطانه-  و لکل رجل من بطانته بطانه-  ثم إن لکل امرئ من بطانه البطانه بطانه-  حتى یجتمع من ذلک أهل المملکه-  فإذا أقام الملک بطانته على حال الصواب فیهم-  أقام کل امرئ منهم بطانته على مثل ذلک-  حتى یجتمع على الصلاح عامه الرعیه- . احذروا بابا واحدا طالما أمنته فضرنی-  و حذرته فنفعنی-  احذروا إفشاء السر بحضره الصغار من أهلیکم و خدمکم-  فإنه لیس یصغر واحد منهم عن حمل ذلک السر کاملا-  لا یترک منه شیئا حتى یضعه حیث تکرهون-  إما سقطا أو غشا- .

و اعلموا أن فی الرعیه صنفا-  أتوا الملک من قبل النصائح له-  و التمسوا إصلاح منازلهم بإفساد منازل الناس-  فأولئک أعداء الناس و أعداء الملوک-  و من عادى الملوک و الناس کلهم فقد عادى نفسه- .

و اعلموا أن الدهر حاملکم على طبقات-  فمنها حال السخاء حتى یدنو أحدکم من السرف-  و منها حال التبذیر حتى یدنو من البخل-  و منها حال الأناه حتى یدنو من البلاده-  و منها حال انتهاز الفرصه حتى یدنو من الخفه-  و منها حال الطلاقه فی اللسان حتى یدنو من الهذر-  و منها حال الأخذ بحکمه الصمت حتى یدنو من العی-  فالملک منکم جدیر-  أن یبلغ من کل طبقه فی محاسنها حدها-  فإذا وقف علیه ألجم نفسه عما وراءها- . و اعلموا أن ابن الملک و أخاه و ابن عمه یقول-  کدت أن أکون ملکا و بالحری ألا أموت حتى أکون ملکا-  فإذا قال ذلک قال ما لا یسر الملک-  و إن کتمه فالداء فی کل مکتوم-  و إذا تمنى ذلک جعل الفساد سلما إلى الصلاح-  و لم یکن الفساد سلما إلى صلاح قط-  و قد رسمت لکم فی ذلک مثالا-  اجعلوا الملک لا ینبغی إلا لأبناء الملوک-  من بنات عمومتهم-  و لا یصلح من أولاد بنات العم إلا کامل غیر سخیف العقل-  و لا عازب الرأی و لا ناقص الجوارح-  و لا مطعون علیه فی الدین-  فإنکم إذا فعلتم ذلک قل طلاب الملک-  و إذا قل طلابه استراح کل امرئ إلى ما یلیه-  و نزع إلى حد یلیه و عرف حاله-  و رضی معیشته و استطاب زمانه- . فقد ذکرنا وصایا قوم من العرب-  و وصایا أکثر ملوک الفرس و أعظمهم-  حکمه لتضم إلى وصایا أمیر المؤمنین-  فیحصل منها وصایا الدین و الدنیا-  فإن وصایا أمیر المؤمنین ع الدین علیها أغلب-  و وصایا هؤلاء الدنیا علیها أغلب-  فإذا أخذ من أخذ التوفیق بیده بمجموع ذلک فقد سعد-  و لا سعید إلا من أسعده الله

شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏أبی ‏الحدید) ج ۱۷

بازدیدها: ۵۸۰

نامه ۵۲ شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

۵۲ و من کتاب له ع إلى أمراء البلاد فی معنى الصلاه

أَمَّا بَعْدُ فَصَلُّوا بِالنَّاسِ الظُّهْرَ-  حَتَّى تَفِی‏ءَ الشَّمْسُ مِثْلَ مَرْبِضِ الْعَنْزِ-  وَ صَلُّوا بِهِمُ الْعَصْرَ وَ الشَّمْسُ بَیْضَاءُ حَیَّهٌ فِی عُضْوٍ مِنَ النَّهَارِ-  حِینَ یُسَارُ فِیهَا فَرْسَخَانِ-  وَ صَلُّوا بِهِمُ الْمَغْرِبَ حِینَ یُفْطِرُ الصَّائِمُ-  وَ یَدْفَعُ الْحَاجُّ إِلَى مِنًى-  وَ صَلُّوا بِهِمُ الْعِشَاءَ حِینَ یَتَوَارَى الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّیْلِ-  وَ صَلُّوا بِهِمُ الْغَدَاهَ وَ الرَّجُلُ یَعْرِفُ وَجْهَ صَاحِبِهِ-  وَ صَلُّوا بِهِمْ صَلَاهَ أَضْعَفِهِمْ وَ لَا تَکُونُوا فَتَّانِینَ

بیان اختلاف الفقهاء فی أوقات الصلاه

قد اختلف الفقهاء فی أوقات الصلاه-  فقال أبو حنیفه أول وقت الفجر إذا طلع الفجر الثانی-  و هو المعترض فی الأفق و آخر وقتها ما لم تطلع الشمس-  و أول وقت الظهر إذا زالت الشمس-  و آخر وقتها إذا صار ظل کل شی‏ء مثلیه سوى الزوال-  و قال أبو یوسف و محمد آخر وقتها إذا صار الظل مثله- . قال أبو حنیفه و أول وقت العصر إذا خرج وقت الظهر-  و هذا على القولین-  و آخر وقتها ما لم تغرب الشمس-  و أول وقت المغرب إذا غربت الشمس-  و آخر وقتها ما لم یغب الشفق-  و هو البیاض الذی فی الأفق بعد الحمره-  و قال أبو یوسف و محمد هو الحمره- .

قال أبو حنیفه و أول وقت العشاء إذا غاب الشفق-  و هذا على القولین-  و آخر وقتها ما لم یطلع الفجر- . و قال الشافعی أول وقت الفجر إذا طلع الفجر الثانی-  و لا یزال وقتها المختار باقیا إلى أن یسفر-  ثم یبقى وقت الجواز إلى طلوع الشمس- . و قال أبو سعید الإصطخری من الشافعیه-  لا یبقى وقت الجواز-  بل یخرج وقتها بعد الإسفار و یصلى قضاء-  و لم یتابعه على هذا القول أحد-  قال الشافعی و أول وقت الظهر إذا زالت الشمس-  و حکى أبو الطیب الطبری من الشافعیه أن من الناس من قال-  لا تجوز الصلاه حتى یصیر الفی‏ء بعد الزوال مثل الشراک- . و قال مالک أحب أن یؤخر الظهر بعد الزوال-  بقدر ما یصیر الظل ذراعا-  و هذا مطابق لما قال أمیر المؤمنین ع-  حین تفی‏ء الشمس کمربض العنز أی کموضع تربض العنز-  و ذلک نحو ذراع أو أکثر بزیاده یسیره- .

قال الشافعی-  و آخر وقت الظهر إذا صار ظل کل شی‏ء مثله-  و یعتبر المثل من حد الزیاده-  على الظل الذی کان عند الزوال-  و بهذا القول قال أبو یوسف و محمد و قد حکیناه من قبل-  و به أیضا قال الثوری و أحمد-  و هو روایه الحسن بن زیاد اللؤلؤی عن أبی حنیفه-  فأما الروایه المشهوره عنه-  و هی التی رواها أبو یوسف-  فهو أن آخر وقت الظهر صیروره الظل مثلیه-  و قد حکیناه عنه فیما تقدم- . و قال ابن المنذر تفرد أبو حنیفه بهذا القول-  و عن أبی حنیفه روایه ثالثه-  أنه إذا صار ظل کل شی‏ء مثله خرج وقت الظهر-  و لم یدخل وقت العصر-  إلى أن یصیر ظل کل شی‏ء مثلیه- .

 و قال أبو ثور و محمد بن جریر الطبری-  قدر أربع رکعات بین المثل و المثلین-  یکون مشترکا بین الظهر و العصر- . و حکی عن مالک أنه قال-  إذا صار ظل کل شی‏ء مثله فهو آخر وقت الظهر-  و أول وقت العصر-  فإذا زاد على المثل زیاده بینه خرج وقت الظهر-  و اختص الوقت بالعصر- . و حکى ابن الصباغ من الشافعیه عن مالک-  أن وقت الظهر إلى أن یصیر ظل کل شی‏ء مثله وقتا مختارا-  فأما وقت الجواز و الأداء-  فآخره إلى أن یبقى إلى غروب الشمس قدر أربع رکعات-  و هذا القول مطابق لمذهب الإمامیه- . و قال ابن جریج و عطاء-  لا یکون مفرطا بتأخیرها حتى تکون فی الشمس صفره- . و عن طاوس لا یفوت حتى اللیل- . فأما العصر فإن الشافعی یقول-  إذا زاد على المثل أدنى زیاده فقد دخل وقت العصر-  و الخلاف فی ذلک بینه و بین أبی حنیفه-  لأنه یقول أول وقت العصر إذا صار ظل کل شی‏ء مثلیه-  و زاد علیه أدنى زیاده و قد حکیناه عنه فیما تقدم- .

و کلام أمیر المؤمنین ع فی العصر-  مطابق لمذهب أبی حنیفه-  لأن بعد صیروره الظل مثلیه-  هو الوقت الذی تکون فیه الشمس حیه بیضاء-  فی عضو من النهار حین یسار فیه فرسخان-  و أما قبل ذلک فإنه فوق ذلک-  یسار من الفراسخ أکثر من ذلک-  و لا یزال وقت الاختیار عند الشافعی للعصر باقیا-  حتى یصیر ظل کل شی‏ء مثلیه-  ثم یبقى وقت الجواز إلى غروب الشمس- . و قال أبو سعید الإصطخری من أصحابه-  یصیر قضاء بمجاوزه المثلین-  فأما وقت المغرب فإذا غربت الشمس و غروبها سقوط القرص- .

و قال أبو الحسن علی بن حبیب الماوردی من الشافعیه-  لا بد أن یسقط القرص و یغیب‏ حاجب الشمس-  و هو الضیاء المستعلی علیها کالمتصل بها-  و لم یذکر ذلک من الشافعیه أحد غیره- . و ذکر الشاشی فی کتاب حلیه العلماء-  أن الشیعه قالت أول وقت المغرب إذا اشتبکت النجوم-  قال قد حکی هذا عنهم و لا یساوی الحکایه-  و لم تذهب الشیعه إلى هذا و سنذکر قولهم فیما بعد- . و کلام أمیر المؤمنین ع فی المغرب لا ینص على وقت معین-  لأنه عرف ذلک بکونه وقت الإفطار و وقت ما یدفع الحاج-  و کلا الأمرین یحتاج إلى تعریف کما یحتاج وقت الصلاه-  اللهم إلا أن یکون قد عرف أمراء البلاد-  الذین یصلون بالناس من قبل هذا الکتاب-  متى هذا الوقت الذی یفطر فیه الصائم-  ثم یدفع فیه الحاج بعینه-  ثم یحیلهم فی هذا الکتاب على ذلک التعریف المخصوص- .

قال الشافعی و للمغرب وقت واحد و هو قول مالک- . و حکى أبو ثور عن الشافعی أن لها وقتین-  و آخر وقتها إذا غاب الشفق-  و لیس بمشهور عنه و المشهور القول الأول-  و قد ذکرنا قول أبی حنیفه فیما تقدم-  و هو امتداد وقتها إلى أن یغیب الشفق-  و به قال أحمد و داود- .

و اختلف أصحاب الشافعی فی مقدار الوقت الواحد-  فمنهم من قال هو مقدر بقدر الطهاره و ستر العوره-  و الأذان و الإقامه و فعل ثلاث رکعات-  و منهم من قدره بغیر ذلک- . و قال أبو إسحاق الشیرازی منهم-  التضییق إنما هو فی الشروع-  فأما الاستدامه فتجوز إلى مغیب الشفق- . فأما وقت العشاء-  فقال الشافعی هو أن یغیب الشفق و هو الحمره-  و هو قول مالک و أحمد و داود و أبی یوسف و محمد-  و قد حکینا مذهب أبی حنیفه فیما تقدم-  و هو أن یغیب الشفق الذی هو البیاض و به قال زفر و المزنی- .

  قال الشافعی و آخر وقتها المختار إلى نصف اللیل-  هذا هو قوله القدیم و هو مذهب أبی حنیفه-  و قال فی الجدید إلى ثلث اللیل-  و یجب أن یحمل قول أمیر المؤمنین ع فی العشاء-  إنها إلى ثلث اللیل على وقت الاختیار-  لیکون مطابقا لهذا القول-  و به قال مالک و إحدى الروایتین عن أحمد-  ثم یذهب وقت الاختیار-  و یبقى وقت الجواز إلى طلوع الفجر الثانی- .

و قال أبو سعید الإصطخری-  لا یبقى وقت الجواز بعد نصف اللیل بل یصیر قضاء- . فقد ذکرنا مذهبی أبی حنیفه و الشافعی فی الأوقات-  و هما الإمامان المعتبران فی الفقه-  و دخل فی ضمن حکایه مذهب الشافعی-  ما یقوله مالک و أحمد و غیرهما من الفقهاء- . فأما مذهب الإمامیه من الشیعه-  فنحن نذکره نقلا عن کتاب أبی عبد الله-  محمد بن محمد بن النعمان رحمه الله-  المعروف بالرساله المقنعه-  قال وقت الظهر من بعد زوال الشمس-  إلى أن یرجع الفی‏ء سبعی الشخص-  و علامه الزوال رجوع الفی‏ء بعد انتهائه إلى النقصان-  و طریق معرفه ذلک بالأصطرلاب أو میزان الشمس-  و هو معروف عند کثیر من الناس-  أو بالعمود المنصوب فی الدائره الهندیه أیضا-  فمن لم یعرف حقیقه العمل بذلک أو لم یجد آلته-  فلینصب عودا من خشب أو غیره فی أرض مستویه السطح-  و یکون أصل العود غلیظا و رأسه دقیقا شبه المذری-  الذی ینسج به التکک أو المسله التی تخاط بها الأحمال-  فإن ظل هذا العود-  یکون بلا شک فی أول النهار أطول من العود-  و کلما ارتفعت الشمس نقص من طوله-  حتى یقف القرص فی وسط السماء-  فیقف الفی‏ء حینئذ-  فإذا زال القرص عن الوسط إلى جهه المغرب-  رجع الفی‏ء إلى الزیاده-  فلیعتبر من أراد الوقوف على وقت الزوال ذلک-  بخطط و علامات یجعلها على رأس ظل العود-  عند وضعه فی صدر النهار-  و کلما نقص فی الظل شی‏ء علم علیه-  فإذا رجع إلى الزیاده على موضع العلامه-  عرف حینئذ برجوعه أن الشمس قد زالت- . و بذلک تعرف أیضا القبله-  فإن قرص الشمس یقف فیها وسط النهار-  و یصیر عن یسارها و یمین المتوجه إلیها-  بعد وقوفها و زوالها عن القطب-  فإذا صارت مما یلی حاجبه الأیمن من بین عینیه-  علم أنها قد زالت و عرف أن القبله تلقاء وجهه-  و من سبقت معرفته بجهه القبله-  فهو یعرف زوال الشمس إذا توجه إلیها-  فرأى عین الشمس مما یلی حاجبه الأیمن-  إلا أن ذلک لا یبین إلا بعد زوالها بزمان-  و یبین الزوال من أول وقته بما ذکرناه-  من الأصطرلاب و میزان الشمس و الدائره الهندیه-  و العمود الذی وصفناه-  و من لم یحصل له معرفه ذلک أو فقد الآله توجه إلى القبله-  فاعتبر صیروره الشمس على طرف حاجبه الأیمن وقت العصر-  من بعد الفراغ من الظهر-  إذا صلیت الظهر فی أول أوقاتها-  أعنی بعد زوال الشمس بلا فصل-  و یمتد إلى أن یتغیر لون الشمس باصفرارها للغروب-  و للمضطر و الناسی إلى مغیبها بسقوط القرص-  عما تبلغه أبصارنا من السماء-  و أول وقت المغرب مغیب الشمس-  و علامه مغیبها عدم الحمره فی المشرق-  المقابل للمغرب فی السماء-  و ذلک أن المشرق فی السماء مطل على المغرب-  فما دامت الشمس ظاهره فوق أرضنا-  فهی تلقى ضوءها على المشرق فی السماء فیرى حمرتها فیه-  فإذا ذهبت الحمره منه علم أن القرص قد سقط و غاب-  و آخره أول وقت العشاء الآخره-  و أول وقتها مغیب الشمس و هو الحمره فی المغرب-  و آخره مضی الثلث الأول من اللیل-  و أول وقت الغداه اعتراض الفجر-  و هو البیاض فی المشرق یعقبه الحمره فی مکانه-  و یکون مقدمه لطلوع الشمس على الأرض من السماء-  و ذلک أن الفجر الأول-  و هو البیاض الظاهر فی المشرق یطلع طولا-  ثم ینعکس بعد مده عرضا ثم یحمر الأفق بعده للشمس- .

 و لا ینبغی للإنسان أن یصلی فریضه الغداه-  حتى یعترض البیاض و ینتشر صعدا فی السماء کما ذکرنا-  و آخر وقت الغداه طلوع الشمس- . هذا ما تقوله الفقهاء فی مواقیت الصلاهفأما قوله ع و الرجل یعرف وجه صاحبه-  فمعناه الإسفار و قد ذکرناه- . و قوله ع و صلوا بهم صلاه أضعفهم-  أی لا تطیلوا بالقراءه الکثیره و الدعوات الطویله- . ثم قال و لا تکونوا فتانین-  أی لا تفتنوا الناس بإتعابهم-  و إدخال المشقه علیهم بإطاله الصلاه-  و إفساد صلاه المأمومین بما یفعلونه من أفعال مخصوصه-  نحو أن یحدث الإمام فیستخلف فیصلی الناس خلف خلیفته-  فإن ذلک لا یجوز على أحد قولی الشافعی-  و نحو أن یطیل الإمام الرکوع و السجود-  فیظن المأمومون أنه قد رفع فیرفعون-  أو یسبقونه بأرکان کثیره-  و نحو ذلک من مسائل یذکرها الفقهاء فی کتبهم- .

و اعلم أن أمیر المؤمنین ع إنما بدأ بصلاه الظهر-  لأنها أول فریضه افترضت على المکلفین من الصلاه-  على ما کان یذهب إلیه ع-  و إلى ذلک تذهب الإمامیه و ینصر قولهم تسمیتها بالأولى-  و لهذا بدأ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان-  بذکرها قبل غیرها-  فأما من عدا هؤلاء فأول الصلاه المفروضه عندهم الصبح-  و هی أول النهار- . و أیضا یتفرع على هذا البحث-  القول فی الصلاه الوسطى ما هی-  فذهب جمهور الناس إلى أنها العصر-  لأنها بین صلاتی نهار و صلاتی لیل-  و قد رووا أیضا فی ذلک روایات بعضها فی الصحاح-  و قیاس مذهب الإمامیه أنها المغرب-  لأن الظهر إذا کانت الأولى کانت المغرب الوسطى-  إلا أنهم یروون عن أئمتهم ع أنها الظهر-  و یفسرون الوسطى بمعنى الفضلى-  لأن الوسط فی اللغه هو خیار کل شی‏ء-  و منه قوله تعالى جَعَلْناکُمْ أُمَّهً وَسَطاً-  و قد ذهب إلى أنها المغرب قوم من الفقهاء أیضا- . و قال کثیر من الناس أنها الصبح-  لأنها أیضا بین صلاتی لیل و صلاتی نهار-  و رووا أیضا فیها روایات و هو مذهب الشافعی-  و من الناس من قال إنها الظهر کقول الإمامیه-  و لم یسمع عن أحد معتبرا أنها العشاء-  إلا قولا شاذا ذکره بعضهم- .

و قال لأنها بین صلاتین لا تقصران

شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏أبی ‏الحدید) ج ۱۷

 

بازدیدها: ۱۴

نامه ۵۱ شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

۵۱ و من کتاب له ع إلى عماله على الخراج

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَى أَصْحَابِ الْخَرَاجِ-  أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَنْ لَمْ یَحْذَرْ مَا هُوَ سَائِرٌ إِلَیْهِ-  لَمْ یُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ مَا یُحْرِزُهَا-  وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَا کُلِّفْتُمْ یَسِیرٌ وَ أَنَّ ثَوَابَهُ کَثِیرٌ-  وَ لَوْ لَمْ یَکُنْ فِیمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ-  مِنَ الْبَغْیِ وَ الْعُدْوَانِ عِقَابٌ یُخَافُ-  لَکَانَ فِی ثَوَابِ اجْتِنَابِهِ مَا لَا عُذْرَ فِی تَرْکِ طَلَبِهِ-  فَأَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِکُمْ وَ اصْبِرُوا لِحَوَائِجِهِمْ-  فَإِنَّکُمْ خُزَّانُ الرَّعِیَّهِ-  وَ وُکَلَاءُ الْأُمَّهِ وَ سُفَرَاءُ الْأَئِمَّهِ-  وَ لَا تُحْشِمُوا أَحَداً عَنْ حَاجَتِهِ وَ لَا تَحْبِسُوهُ عَنْ طَلِبَتِهِ-  وَ لَا تَبِیعُنَّ النَّاسَ فِی الْخَرَاجِ کِسْوَهَ شِتَاءٍ وَ لَا صَیْفٍ-  وَ لَا دَابَّهً یَعْتَمِلُونَ عَلَیْهَا وَ لَا عَبْداً-  وَ لَا تَضْرِبُنَّ أَحَداً سَوْطاً لِمَکَانِ دِرْهَمٍ-  وَ لَا تَمَسُّنَّ مَالَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مُصَلٍّ وَ لَا مُعَاهَدٍ-  إِلَّا أَنْ تَجِدُوا فَرَساً أَوْ سِلَاحاً-  یُعْدَى بِهِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ-  فَإِنَّهُ لَا یَنْبَغِی لِلْمُسْلِمِ أَنْ یَدَعَ ذَلِکَ فِی أَیْدِی أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ-  فَیَکُونَ شَوْکَهً عَلَیْهِ-  وَ لَا تَدَّخِرُوا أَنْفُسَکُمْ نَصِیحَهً وَ لَا الْجُنْدَ حُسْنَ سِیرَهٍ-  وَ لَا الرَّعِیَّهَ مَعُونَهً وَ لَا دِینَ اللَّهِ قُوَّهً-  وَ أَبْلُوهُ فِی سَبِیلِ مَا اسْتَوْجَبَ عَلَیْکُمْ-  فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدِ اصْطَنَعَ عِنْدَنَاوَ عِنْدَکُمْ-  أَنْ نَشْکُرَهُ بِجُهْدِنَا-  وَ أَنْ نَنْصُرَهُ بِمَا بَلَغَتْ قُوَّتُنَا-  وَ لَا قُوَّهَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ یقول لو قدرنا أن القبائح العقلیه-  کالظلم و البغی لا عقاب على فعلها-  بل فی ترکها ثواب فقط-  لم یکن الإنسان معذورا إذا فرط فی ذلک الترک-  لأنه یکون قد حرم نفسه نفعا هو قادر على إیصاله إلیها- . قوله و لا تحشموا أحدا-  أی لا تغضبوا طالب حاجه فتقطعوه عن طلبها-  أحشمت زیدا و جاء حشمته-  و هو أن یجلس إلیک فتغضبه و تؤذیه-  و قال ابن الأعرابی حشمته أخجلته و أحشمته أغضبته-  و الاسم الحشمه و هی الاستحیاء و الغضب- .

ثم نهاهم أن یبیعوا لأرباب الخراج-  ما هو من ضروریاتهم کثیاب أبدانهم-  و کدابه یعتملون علیها نحو بقر الفلاحه-  و کعبد لا بد للإنسان منه یخدمه-  و یسعى بین یدیه- . ثم نهاهم عن ضرب الأبشار لاستیفاء الخراج- . و کتب عدی بن أرطاه إلى عمر بن عبد العزیز-  یستأذنه فی عذاب العمال فکتب إلیه-  کأنی لک جنه من عذاب الله-  و کأن رضای ینجیک من سخط الله-  من قامت علیه بینه-  أو أقر بما لم یکن مضطهدا مضطرا إلا الإقرار به-  فخذه بأدائه-  فإن کان قادرا علیه فاستأد-  و إن أبى فاحبسه و إن لم یقدر فخل سبیله-  بعد أن تحلفه بالله أنه لا یقدر على شی‏ء-  فلأن یلقوا الله بجنایاتهم-  أحب إلی من أن ألقاه بدمائهم- .

ثم نهاهم أن یعرضوا لمال أحد من المسلمین-  أو من المعاهدین-  المعاهد هاهنا هو الذمی أو من یدخل دار الإسلام-  من بلاد الشرک على عهد إما لأداء رساله-  أو لتجاره و نحو ذلک ثم یعود إلى بلاده- . ثم نهاهم عن الظلم و أخذ أموال الناس-  على طریق المصادره و التأویل الباطل-  قال إلا أن تخافوا غائله المعاهدین-  بأن تجدوا عندهم خیولا أو سلاحا-  و تظنوا منهم وثبه على بلد من بلاد المسلمین-  فإنه لا یجوز الإغضاء عن ذلک حینئذ- . قوله و أبلوا فی سبیل الله-  أی اصطنعوا من المعروف فی سبیل الله ما استوجب علیکم-  یقال هو یبلوه معروفا أی یصنعه إلیه-  قال زهیر

  جزى الله بالإحسان ما فعلا بکم
و أبلاهما خیر البلاء الذی یبلو

قوله ع قد اصطنعا عندنا و عندکم أن نشکره-  أی لأن نشکره-  بلام التعلیل و حذفها أی أحسن إلینا لنشکره-  و حذفها أکثر نحو قوله تعالى-  لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ-  أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ

شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏أبی ‏الحدید) ج ۱۷

بازدیدها: ۸

نامه ۵۰ شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

۵۰ و من کتاب له ع إلى أمرائه على الجیوش

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ رَفَعَهُ إِلَى أَصْحَابِ الْمَسَالِحِ-  أَمَّا بَعْدُ-  فَإِنَّ حَقّاً عَلَى الْوَالِی أَلَّا یُغَیِّرَهُ عَلَى رَعِیَّتِهِ فَضْلٌ نَالَهُ-  وَ لَا طَوْلٌ خُصَّ بِهِ-  وَ أَنْ یَزِیدَهُ مَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ نِعَمِهِ دُنُوّاً مِنْ عِبَادِهِ-  وَ عَطْفاً عَلَى إِخْوَانِهِ-  أَلَا وَ إِنَّ لَکُمْ عِنْدِی أَلَّا أَحْتَجِزَ دُونَکُمْ سِرّاً إِلَّا فِی حَرْبٍ-  وَ لَا أَطْوِیَ دُونَکُمْ أَمْراً إِلَّا فِی حُکْمٍ-  وَ لَا أُؤَخِّرَ لَکُمْ حَقّاً عَنْ مَحَلِّهِ-  وَ لَا أَقِفَ بِهِ دُونَ مَقْطَعِهِ-  وَ أَنْ تَکُونُوا عِنْدِی فِی الْحَقِّ سَوَاءً-  فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِکَ وَجَبَتْ لِلَّهِ عَلَیْکُمُ النِّعْمَهُ-  وَ لِی عَلَیْکُمُ الطَّاعَهُ-  وَ أَلَّا تَنْکُصُوا عَنْ دَعْوَهٍ وَ لَا تُفَرِّطُوا فِی صَلَاحٍ-  وَ أَنْ تَخُوضُوا الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ-  فَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَسْتَقِیمُوا لِی عَلَى ذَلِکَ-  لَمْ یَکُنْ أَحَدٌ أَهْوَنَ عَلَیَّ مِمَّنِ اعْوَجَّ مِنْکُمْ-  ثُمَّ أُعْظِمُ لَهُ الْعُقُوبَهَ وَ لَا یَجِدُ عِنْدِی فِیهَا رُخْصَهً-  فَخُذُوا هَذَا مِنْ أُمَرَائِکُمْ-  وَ أَعْطُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِکُمْ مَا یُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ أَمْرَکُمْ وَ السَّلَامُ‏

أصحاب المسالح جماعات تکون بالثغر یحمون البیضه-  و المسلحه هی الثغر کالمرغبه-  و فی الحدیث کان أدنى مسالح فارس إلى العرب العذیب-  قال یجب على الوالی ألا یتطاول على الرعیه بولایته-  و ما خص به علیهم من الطول و هو الفضل-  و أن تکون تلک الزیاده التی أعطیها-  سببا لزیاده دنوه من الرعیه و حنوه علیهم- . ثم قال لکم عندی ألا أحتجز دونکم بسر-  أی لا أستتر-  قال إلا فی حرب و ذلک لأن الحرب-  یحمد فیها طی الأسرار-  و الحرب خدعه- . ثم قال و لا أطوی دونکم أمرا إلا فی حکم-  أی أظهرکم على کل ما نفسی مما یحسن أن أظهرکم علیه-  فأما أحکام الشریعه و القضاء على أحد الخصمین-  فإنی لا أعلمکم به قبل وقوعه-  کیلا تفسد القضیه بأن یحتال ذلک الشخص لصرف الحکم عنه- . ثم ذکر أنه لا یؤخر لهم حقا عن محله-  یعنی العطاء و أنه لا یقف دون مقطعه-  و الحق هاهنا غیر العطاء بل الحکم-  قال زهیر

  فإن الحق مقطعه ثلاث
یمین أو نفار أو جلاء

 أی متى تعین الحکم حکمت به و قطعت و لا أقف و لا أتحبس- . و لما استوفى ما شرط لهم قال-  فإذا أنا وفیت بما شرطت على نفسی-  وجبت لله علیکم النعمه و لی علیکم الطاعه- . ثم أخذ فی الاشتراط علیهم کما شرط لهم-  فقال و لی علیکم ألا تنکصوا عن‏ دعوه-  أی لا تتقاعسوا عن الجهاد إذا دعوتکم إلیه-  و لا تفرطوا فی صلاح أی إذا أمکنتکم فرصه-  أو رأیتم مصلحه فی حرب العدو أو حمایه الثغر-  فلا تفرطوا فیها فتفوت-  و أن تخوضوا الغمرات إلى الحق أی تکابدوا المشاق العظیمه-  و لا یهولنکم خوضها إلى الحق- . ثم توعدهم إن لم یفعلوا ذلک-  ثم قال فخذوا هذا من أمرائکم-  لیس یعنی به أن على هؤلاء أصحاب المسالح أمراء من قبله ع-  کالواسطه بینهم و بینه بل من أمرائکم-  یعنی منی و ممن یقوم فی الخلافه مقامی بعدی-  لأنه لو کان الغرض هو الأول لما کان محلهم عنده أن یقول-  ألا أحتجز دونکم بسر و لا أطوی دونکم أمرا-  لأن محل من کان بتلک الصفه دون هذا

شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏أبی ‏الحدید) ج ۱۷

بازدیدها: ۲۷