نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 44 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه 44 صبحی صالح

44- و من كلام له ( عليه ‏السلام  ) لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية

و كان قد ابتاع سبي بني ناجية من عامل أمير المؤمنين ( عليه ‏السلام  ) و أعتقهم،

فلما طالبه بالمال خاس به و هرب إلى الشام

قَبَّحَ اللَّهُ مَصْقَلَةَ

فَعَلَ فِعْلَ السَّادَةِ

وَ فَرَّ فِرَارَ الْعَبِيدِ

فَمَا أَنْطَقَ مَادِحَهُ حَتَّى أَسْكَتَهُ وَ لَا صَدَّقَ وَاصِفَهُ حَتَّى بَكَّتَهُ

وَ لَوْ أَقَامَ لَأَخَذْنَا مَيْسُورَهُ

وَ انْتَظَرْنَا بِمَالِهِ وُفُورَهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج4  

و من كلام له عليه السّلام

و هو الرابع و الاربعون من المختار في باب الخطب

لمّا هرب مصقلة بن هبيرة الشّيباني إلى معاوية و كان قد ابتاع سبى بني ناجية من عامل أمير المؤمنين و أعتقهم، فلمّا طالبه بالمال خاص به و هرب إلى الشّام قبّح اللّه مصقلة فعل فعل السّادة، و فرّ فرار العبيد، فما أنطق مادحه حتّى أسكته، و لا صدّق واصفه حتّى نكبه، و لو أقام لأخذنا ميسوره، و انتظرنا بماله وفوره.

اللغة

(مصقلة) بفتح الميم و هو مصقلة بن هبيرة بن شبل بن ثيرى بن امرء القيس بن ربيعة بن مالك بن ثعلبة بن شيبان، و (بنو ناجية) قوم نسبوا انفسهم إلى سامة بن لوى بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة، فدفعتهم قريش عن هذا النسب و نسبتهم إلى امّهم ناجية و هى امرأة سامة بن لوى قالوا إنّ سامة خرج إلى ناحية البحرين مغاضبا لأخيه كعب بن لوي فطاطات ناقته رأسها لتأخذ العشب فعلق بمشفرها أفعىّ ثمّ عطفت على قبتها فحكمته به، فدبّ الأفعيّ على القبت «كذا» حتّى نهش ساق سامة فقتله، و كانت معه امرئته ناجية فلمّا مات تزوّجت رجلا في البحرين فولدت منه الحارث، و مات أبوه و هو صغير فلمّا ترعرع طمعت امّه أن تلحقه بقريش فأخبرته أنّه ابن سامة بن لوي فرحل من البحرين إلى‏ مكّة و معه أمّه، فاخبر كعب بن لوى أنّه ابن أخيه سامة، فعرف كعب أمّه ناجية فظنّ أنّه صادق في دعواه فقبله، و مكث عنده مدّة حتّى قدم ركب من البحرين فرأوا الحارث فسلّموا عليه و حادثوه فسألهم كعب بن لوي اين يعرفونه، فقالوا هذا ابن رجل من بلدنا يعرف بفلان، و شرحوا له خبره فنفاه كعب عن مكة و نفي أمّه فرجعا إلى البحرين فكانا هناك، و تزوّج الحارث و أعقب هذا العقب و (خاس به) يخيس و يخوس أى غدر به، و خاس فلان بالعهد أى أخلف و (التنكيب) التّوبيخ و التّقريع و (الميسور) ضدّ المعسور و (الوفور) مصدر وفر المال اى كثر و تمّ و يجي‏ء متعدّيا و في بعض النّسخ موفوره و هو التّامّ

الاعراب

جملة قبّح اللّه مصقلة دعائية لا محلّ لها من الاعراب، و جملة فعل فعل السّادة استينافيّة بيانيّة واقعة موقع الجواب عن سؤال علّة الدّعاء بالتقبيح

المعنى

اعلم أنّ هذا الكلام قاله عليه السّلام (لمّا هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني) منه (إلى معاوية و كان) سبب هربه انّه (قد ابتاع سبى بني ناجية من) معقل بن قيس الرياحى (عامل أمير المؤمنين و اعتقهم فلمّا طالبه) أمير المؤمنين (بالمال خاس به) و غدر (و هرب إلى الشّام) نحو معاوية فبلغ ذلك إليه عليه السّلام فقال (قبّح اللّه مصقلة) و نحاه عن الخير (فعل فعل السّادة) حيث اشترى القوم و اعتقهم (و فرّ فرار العبيد) على ما هو شيمتهم و عادتهم (فما أنطق مادحه حتّى أسكته) يعنى أنّه جمع بين عاتبين متنافيين انطاقه لمادحه بفداء الاسرى مع اسكاته بهر به قبل تمام انطاقه، و هو وصف لسرعة إلحاقه رذيلته بفضيلته حتّى كأنّه قصد الجمع بينهما (و لا صدّق واصفه حتّى نكبه) يعنى أنّه لم يصدق الواصف له بحسن فعله حتّى وبخه بسوء عمله، ثمّ أشار إلى جواب ما يتوهّم اعتذاره به و هو خوف التضييق عليه في بقيّة المال فقال (و لو أقام) و لم يهرب (لأخذنا) منه (ميسوره و انتظرنا بماله) تمامه (و وفوره) هذا و أما قصة بنى ناجية و سبب هرب مصقلة فعلى ما ذكره في البحار و شرح المعتزلي من كتاب الغارات لابراهيم بن محمّد الثّقفي بتلخيص منّا هو: أنّ الخريت ابن راشد النّاجي أحد بني ناجية قد شهد مع عليّ عليه السّلام صفّين ثمّ استهواه الشّيطان و صار من الخوارج بسبب التّحكيم، فخرج هو و أصحابه إلى المداين و قتلوا في طريقهم مسلما فوجه أمير المؤمنين إليهم زياد بن حفصة في مأئة و ثلاثين رجلا، فلحقوهم بالمداين و اقتتلوا هنالك و استشهد من اصحاب زياد رجلان و اصيب منهم خمسة نفر و حال اللّيل بين الفريقين فبات أصحاب زياد في جانب و تنحّى الخوارج فمكثوا ساعة من اللّيل ثمّ مضوا فذهبوا و لمّا أصبح أصحاب زياد وجدوا أنّهم ذهبوا فمضى أصحاب زياد إلى البصرة و بلغهم أنّهم أتوا الأهواز فنزلوا في جانب منها، و تلاحق بهم ناس من أصحابهم نحو مأتين، فأقاموا معهم و كتب زياد بذلك إلى أمير المؤمنين يخبره الخبر، و يأتي ذكر ذلك الكتاب و تفصيل قتال الفريقين في شرح المختار المأة و الثمانين إنشاء اللّه قال إبراهيم فلمّا أتاه الكتاب قرأه على النّاس، فقام إليه معقل بن قيس الرّياحى فقال: أصلحك اللّه يا أمير المؤمنين إنّما كان ينبغي أن يكون مكان كلّ رجل من هؤلاء الذين بعثتهم في طلبهم عشرة من المسلمين فاذا لحقوهم استأصلوا شافتهم و قطعوا دابرهم، فقال عليه السّلام له: تجهّز يا معقل إليهم و ندب معه ألفين من أهل الكوفة فيهم يزيد بن المعقل و كتب إلى عبد اللّه بن العباس و كان عامل البصرة أمّا بعد فابعث رجلا من قبلك صليبا شجاعا معروفا بالصّلاح في ألفي رجل من أهل البصرة فليتبع معقل بن قيس فاذا خرج من أرض البصرة فهو أمير أصحابه حتّى يلقى معقلا، فإذا لقاه فمعقل أمير الفريقين فليسمع منه و ليطعه و لا يخالفه، و مر زياد بن حفصة فليقبل إلينا فنعم المرء زياد و نعم القبيل قبيلته و كتب عليه السّلام إلى زياد أمّا بعد فقد بلغنى كتابك و فهمت ما ذكرت به النّاجي و أصحابه الذين طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ و زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فهم حيارى عمون يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ‏ صُنْعاً

و وصفت ما بلغ بك و بهم الأمر فأمّا أنت و أصحابك فللّه سعيكم و عليه جزائكم و أيسر ثواب اللّه للمؤمن خير له من الدّنيا التي يقتل الجاهلون أنفسهم عليها فما عندكم ينفد و ما عند اللّه باق و لنجزينّ الّذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون، و أمّا عدوّكم الذين لقيتم فحسبهم خروجهم من الهدى و ارتكابهم في الضّلالة و ردّهم الحقّ و جماحهم في التّيه، فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ، و دعهم فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ، ف أَسْمِعْ بِهِمْ وَ أَبْصِرْ فكانّك بهم عن قليل بين أسير و قتيل، فاقبل الينا أنت و أصحابك ماجورين، فقد أطعتم و سمعتم و أحسنتم البلاء و السلام.

قال: و نزل النّاجي جانبا من الأهواز و اجتمع إليه علوج كثير من أهلها ممّن أراد كسر الخراج و من اللّصوص و طايفة اخرى من الأعراب يرى رأيه.

قال إبراهيم: و روى عن عبد اللّه بن قعين قال: كنت أنا و أخى كعب بن قعين في ذلك الجيش مع معقل بن قيس، فلما أراد الخروج أتى أمير المؤمنين يودّعه فقال عليه السّلام: يا معقل بن قيس اتّق اللّه ما استطعت فانّه (فانها خ) وصيّة اللّه للمؤمنين لا تبغ على أهل القبلة و لا تظلم على أهل الذّمة و لا تتكبّر فانّ اللّه لا يحبّ المتكبّرين، فقال معقل: اللّه المستعان، فقال عليه السّلام: خير مستعان، ثمّ قام فخرج و خرجنا معه حتّى نزل الأهواز، و بعث ابن عباس خالد بن معدان مع جيش البصرة فدخل على صاحبنا فسلّم عليه بالامرة و اجتمعا جميعا في عسكر واحد.

قال عبد اللّه بن قعين ثمّ خرجنا إلى النّاجي و أصحابه فأخذوا نحو جبال رامهرمز يريدون قلعة حصينة، و جاءنا أهل البلد فأخبرونا بذلك فخرجنا في آثارهم فلحقناهم و قد دنوا من الجبل فصفقنا لهم، ثمّ أقبلنا نحوهم فجعل معقل على ميمنته يزيد بن معقل، و على ميسرته منجاب بن راشد، و وقف النّاجى بمن معه من العرب فكانوا ميمنة و جعل أهل البلد و العلوج و من أراد كسر الخراج و جماعة من الاكراد ميسرة.

و سار فينا معقل يحرّضنا و يقول: يا عباد اللّه لا تبدءوا القوم و غضّوا الأبصار و أقلّوا الكلام و وطنوا أنفسكم على الطعن و الضرب و ابشروا في قتالهم بالأجر العظيم إنّما تقاتلون مارقة مرقت و علوجا منعوا الخراج و لصوصا و أكرادا فما تنتظرون فاذا حملت فشدّ و اشدّة رجل واحد.

قال فمرّ في الصّف لكلّهم يقول: هذه المقالة حتّى إذا مرّ بالنّاس كلّهم أقبل فوقف وسط الصّف في القلب و نظرنا إليه ما يصنع فحرّك رايته تحريكتين ثمّ حمل في الثالثة و حملنا معه جميعا، فو اللّه ما صبروا لنا ساعة حتّى ولّوا و انهزموا، و قتلنا سبعين عربيا من بني ناجية، و من بعض من اتّبعه من العرب، و نحو ثلاثمائة من العلوج، و الأكراد، و خرج النّاجي منهزما حتّى لحق بسيف من أسياف البحر و بها جماعة من قومه كثير فما زال يسير فيهم و يدعوهم إلى خلاف عليّ عليه السّلام و يزيّن لهم فراقه و يخبرهم أنّ الهدى في حربه و مخالفته حتّى اتّبعه منهم ناس كثير.

و أقام معقل بن قيس بأرض الأهواز و كتب إلى أمير المؤمنين بالفتح و كان في الكتاب: لعبد اللّه عليّ أمير المؤمنين من معقل بن قيس سلام عليك فانى أحمد إليك اللّه الذى لا إله إلّا هو أمّا بعد، فانّا لقينا المارقين و قد استظهروا علينا بالمشركين فقتلنا منهم ناسا كثيرا و لم نعد فيهم سيرتك، لم نقتل منهم مدبرا و لا أسيرا و لم ندفف منهم على جريح، و قد نصرك اللّه و المسلمين و الحمد للّه ربّ العالمين.

فلما قدم الكتاب على عليّ عليه السّلام قرأه على أصحابه و استشارهم فاجتمع رأى عامّتهم على قول واحد قالوا: نرى أن نكتب إلى معقل بن قيس يتّبع آثارهم و لا يزال في طلبهم حتّى يقتلهم أو ينفيهم من أرض الاسلام.

فكتب عليه السّلام إليه أمّا بعد فالحمد للّه على تأييده أوليائه و خذله أعدائه، جزاك اللّه و المسلمين خيرا فقد أحسنتم البلاء و قضيتم ما عليكم فاسأل عن أخي بنى ناجية فان بلغك أنّه استقرّ في بلد من البلدان فسر إليه حتّى تقتله أو تنفيه، فانّه لم يزل للمسلمين عدوّا و للفاسقين وليّا.

قال فسأل معقل عن مسيره و المكان الذي انتهى إليه فنبّى‏ء بمكانه بسيف«» البحر بفارس و أنّه قد ردّ قومه عن طاعة عليّ عليه السّلام و أفسد من قبله من عبد القيس و من و الاهم من ساير العرب، و كان قومه قد منعوا الصدقة عام صفين و منعوها في ذلك العام أيضا.

فسار إليهم معقل في ذلك الجيش من أهل الكوفة و البصرة فأخذوا على أرض فارس حتّي انتهوا إلى أسياف البحر فلما سمع النّاجى بمسيره أقبل على من كان معه من أصحابه ممّن يرى رأى الخوارج فأسرّ إليهم أنى أرى رأيكم و أن عليا ما كان ينبغي له أن يحكم الرّجال في دين اللّه، و قال للآخرين من أصحابه مسرّا إليهم: إنّ عليّا قد حكم حكما و رضى به فخالف حكمها الذي ارتضاه لنفسه و هذا الرّأى الذي خرج عليه من الكوفة، و قال لمن يراى رأى عثمان و أصحابه: إنّا على رأيكم و إنّ عثمان قتل مظلوما، و قال لمن منع الصّدقة: شدّوا أيديكم على صدقاتكم ثمّ صلوا بها أرحامكم و عودوا إن شئتم على فقرائكم فأرضى كلّ طائفة بضرب من القول.

و كان فيهم نصارى كثير أسلموا، فلما رأوا ذلك الاختلاف قالوا: و اللّه لديننا الذي خرجنا منه خير و أهدى من دين هؤلاء الذين لا ينهيهم دينهم عن سفك الدّماء و إخافة السّبل فرجعوا إلى دينهم، فلقى الناجى اولئك فقال: و يحكم إنّه لا ينجيكم من القتل إلّا الصّبر لهؤلاء القوم و اتّصالهم أ تدرون ما حكم عليّ فيمن أسلم من النصارى ثمّ رجع الى النّصرانية لا و اللّه لا يسمع له قولا، و لا يرى له عذرا، و لا دعوة و لا يقبل منه توبة و لا يدعوه اليها و أنّ حكمه فيه أن يضرب عنقه ساعة يستمكن منه، فما زال حتّى خدعهم فاجتمع اليه ناس كثير و كان منكرا«» داهيا، فلما رجع معقل قرء على أصحابه كتابا من عليّ فيه:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين إلى من قرأ عليه كتابي هذا من المسلمين و المؤمنين و المارقين و النّصارى و المرتدّين، سلام على من اتّبع الهدى و آمن باللّه و رسوله و كتابه و البعث بعد الموت وافيا بعهد اللّه و لم يكن من الخائنين.

أمّا بعد فانّى أدعوكم إلى كتاب اللّه و سنّة نبيّه و أن أعمل فيكم بالحقّ و بما أمر اللّه تعالى به في كتابه فمن رجع منكم إلى رحله و كفّ يده و اعتزل هذا المارق الهالك المحارب الذي حارب اللّه و رسوله و المسلمين و سعى في الأرض فسادا فله الأمان على ماله و دمه، و من تابعه على حربنا و الخروج من طاعتنا استعنّا باللّه عليه و جعلناه بيننا و بينه و كفى باللّه وليّا و السّلام.

قال فأخرج معقل راية أمان فنصبها و قال: من أتاها من الناس فهو آمن إلّا الخريت و أصحابه الذين نابذوا أوّل مرّة، فتفرّق عن الخريت كلّ من كان معه من غير قومه و عبا معقل أصحابه ثمّ زحف بهم نحوه، و قد حضر مع الخريت جميع قومه مسلمهم و نصرانيهم و مانع الصّدقة منهم فجعل مسلمينهم يمنة و مانع الصّدقة يسرة.

و سار معقل يحرّض أصحابه فيما بين الميمنة و الميسرة و يقول: أيّها النّاس ما تدرون ما سيق اليكم في هذا الموقف من الأجر العظيم إنّ اللّه ساقكم إلى قوم منعوا الصّدقة و ارتدّوا من الاسلام و نكثوا البيعة ظلما و عدوانا، انّى شهيد لمن قتل منكم بالجنّة، و من عاش بأنّ اللّه يقرّ عينه بالفتح و الغنيمة، ففعل ذلك حتّى مرّ بالنّاس أجمعين ثمّ وقف في القلب برايته فحملت الميمنة عليهم ثمّ الميسرة و ثبتوا لهم و قاتلوا قتالا شديدا، ثمّ حمل هو و أصحابه عليهم فصبروا لهم ساعة.

ثمّ إنّ النعمان بن صهبان أبصرت بالخريت فحمل عليه و ضربه فصرعه عن فرسه ثمّ نزل إليه و قد جرحه فاختلفا بينهما ضربتين فقتله النّعمان و قتل معه في المعركة سبعون و مأئة و ذهب الباقون في الأرض يمينا و شمالا، و بعث معقل الخيل‏ إلى رحالهم فسبى من أدرك فيها رجالا و نساء و صبيانا، ثمّ نظر فيهم فمن كان مسلما خلاه و أخذ بيعته و خلا سبيل عياله، و من كان ارتدّ عن الاسلام عرض عليه الرّجوع إلى الاسلام أو القتل فأسلموا فخلّى سبيلهم و سبيل عيالاتهم إلّا شيخا منهم نصرانيا أبى فقتله.

و جمع النّاس فقالوا ردّوا ما عليكم في هذه السّنين من الصّدقة فأخذ من المسلمين عقالين«» و عمد إلى النّصارى و عيالاتهم فاحتملهم معه، و أقبل المسلمون الذين كانوا معهم يشيّعونهم، فأمر معقل بردّهم فلما ذهبوا لينصرفوا تصايحوا و دعا الرّجال و النساء بعضهم إلى بعض، قال: فلقد رحمتهم رحمة ما رحمتها أحدا قبلهم و لا بعدهم.

و كتب معقل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أمّا بعد فانى اخبر أمير المؤمنين عن جنده و عن عدوّه إنّا رفعنا إلى عدوّنا بأسياف البحر فوجدنا بها قبايل ذات جدّ و عدد و قد جمعوا لنا فدعوناهم إلى الجماعة و الطاعة و إلى حكم الكتاب و السنّة و قرأنا عليهم كتاب أمير المؤمنين و رفعنا لهم راية أمان، فمالت الينا طائفة منهم و ثبتت طائفة اخرى، فقبلنا أمر التي أقبلت، و صمدنا إلى التي أدبرت فضرب اللّه وجوهم و نصرنا عليهم، فأمّا من كان مسلما فانا مننّا عليه و أخذنا بيعته لأمير المؤمنين و أخذنا منهم الصّدقة التي كانت عليهم، و أمّا من ارتدّ فعرضنا عليهم الرّجوع إلى الاسلام و إلّا قتلنا فرجعوا إلى الاسلام غير رجل واحد فقتلناه و أمّا النّصارى فانا سبيناهم و أقبلنا لهم ليكونوا نكالا لمن بعدهم من أهل الذّمة كيلا يمنعوا الجزية و لا يجتروا على قتال أهل القبلة و هم للصّغار و الذّلة أهل، رحمك اللّه يا أمير المؤمنين و أوجب لك جنات النّعيم و السّلام.

قال: ثمّ أقبل بالاسارى حتّى مرّ على مصقلة بن هبيرة الشيباني و هو عامل عليّ على أردشير خوّة و هم خمسمائة إنسان فبكى إليه النساء و الصّبيان و تصايح الرّجال يا أبا الفضل يا حامل الثقيل يا مأوى الضعيف و فكاك العصاة، امنن علينا فاشترنا و اعتقنا، فقال مصقلة: اقسم باللّه لأتصدّقنّ عليهم إنّ اللّه يجزى المتصدّقين، فبلغ قوله معقلا فقال: و اللّه لو اعلمه قالها توجعا لهم و وجدا و إزراء علىّ لضربت عنقه، و إن كان في ذلك فناء بنى تميم و بكر بن وايل.

ثمّ إنّ مصقلة بعث زهل بن الحارث إلى معقل فقال: بعنى نصارى بنى ناجيه فقال أبيعكم بألف ألف درهم، فأبى عليه فلم يزل يراضيه حتّى باعه إيّاهم بخمسمائة ألف درهم، و دفعهم إليه و قال: عجّل بالمال إلى أمير المؤمنين فقال مصقلة: أنا باعث الآن بصدر منه، ثمّ أبعث بصدر آخر و كذلك حتّى لا يبقى منه شي‏ء.

و أقبل معقل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فأخبره بما كان من الامر فقال أحسنت و أصبت و وفقت و انتظر عليّ عليه السّلام أن يبعث مصقلة بالمال فأبطأ به، و بلغ عليّا أن مصقلة خلّى الاسارى و لم يسألهم أن يعينوه في فكاك أنفسهم بشي‏ء فقال: ما أرى مصقلة إلّا قد حمل حمالة و لا أراكم إلّا سترونه عن قريب مبلدحا«» ثمّ كتب عليه السّلام إليه أمّا بعد، فانّ أعظم الخيانة خيانة الامة، و أعظم الغشّ على أهل المصر غشّ الامام، و عندك من حقّ المسلمين خمسمائة ألف درهم، فابعث بها إلىّ حين يأتيك رسولى و إلّا فاقبل إلىّ حين تنظر في كتابى فاني قد تقدّمت إلى رسولى أن لا يدعك ساعة واحدة تقيم بعد قدومه عليك إلّا أن تبعث بالمال و السّلام.

فلما قرء كتابه أتاه بالكوفة فأقرّه أياما لم يذكر له شيئا، ثمّ سأله المال فأدّى، إليه مأتي ألف درهم و عجز عن الباقي ففرّ و لحق بمعاوية فلما بلغ ذلك عليّا قال: ماله ترحه اللّه فعل فعل السّيد و فرّ فرار العبد، و خان خيانة الفاجر فلو عجز ما زدنا على حسبه، فان وجدنا له شيئا أخذناه، و إن لم نجد له مالا تركناه.

ثمّ سار عليّ عليه السّلام إلى داره فهدمها و كان أخوه نعيم بن هبيرة شيعة لعليّ عليه السّلام مناصحا فكتب إليه مصقلة من الشام مع رجل من النّصارى تغلب يقال له حلوان أمّا بعد فانّي كلّمت معاوية فيك فوعدك الكرامة، و مناك الامارة فأقبل ساعة تلقى رسولي و السّلام.

فأخذه مالك بن كعب الأرحبي فسرح به إلى عليّ عليه السّلام فأخذ كتابه فقرأه ثمّ قدّمه فقطع يده فمات، و كتب نعيم إلى مصقلة شعرا يتضمّن امتناعه و تعييره، فلما بلغ الكتاب إليه علم أنّ النّصراني قد هلك و لم يلبث التغلبيّون إلّا قليلا حتّى بلغهم هلاك صاحبهم، فأتوا مصقلة فقالوا: أنت أهلكت صاحبنا فامّا أن تجيئنا به، و إمّا أن تديه فقال: أمّا أن أجي‏ء به فلست أستطيع ذلك، و أمّا أن أديه فنعم فوديه قال إبراهيم: و حدّثنى ابن أبي سيف عن عبد الرّحمن بن جندب عن أبيه قال: قيل لعليّ عليه السّلام حين هرب مصقلة: اردد الذين سبوا و لم يستوف ثمنهم في الرّقّ، فقال عليه السّلام ليس ذلك في القضاء بحقّ قد عتقوا إذ اعتقهم الذي اشتراهم و صار مالي دينا على الذي اشريهم

الترجمة

از جمله كلام آن حضرت است در حينى كه بگريخت مصقلة بن هبيرة شيباني بسوى معاويه ملعون، و جهة فرار او اين بود كه خريده بود اسيران بني ناحيه را از معقل بن قيس رياحي عامل أمير المؤمنين عليه السّلام و آزاد كرده بود ايشان را، پس زمانى كه مطالبه كرد إمام عليه السّلام ثمن آنها را غدر كرد مصقله بآن و گريخت بطرف شام پس چون آن خبر بحضرت رسيد فرمود: دور گرداند خدا مصقله را از رحمت خود، كرد كار خواجگان را كه خريدن بندگان بود و آزاد كردن ايشان، و گريخت همچو گريختن غلامان پس گويا نگردانيد مدح گوينده خود را تا اين كه ساكت ساخت او را بغدر و فرار، و تصديق نكرد وصف كننده خود را تا اين كه توبيخ نمود او را بجهة سوء كردار، و اگر اقامت مي كرد و نمى‏ گريخت هر آينه دريافت مى ‏كرديم از او آنچه مقدور او بود، و انتظار مى ‏كشيديم بمال او افزونى او را، يعنى مى‏ گذاشتيم مال او زياده شود و از عهده قرض و دين خود بر آيد

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.