نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 25 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )وصیت

نامه 25 صبحی صالح

25- و من وصية له ( عليه ‏السلام  ) كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات‏

قال الشريف و إنما ذكرنا هنا جملا ليعلم بها أنه ( عليه ‏السلام  ) كان يقيم عماد الحق، و يشرع أمثلة العدل، في صغير الأمور و كبيرها و دقيقها و جليلها.

انْطَلِقْ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ لَا تُرَوِّعَنَّ مُسْلِماً وَ لَا تَجْتَازَنَّ عَلَيْهِ كَارِهاً وَ لَا تَأْخُذَنَّ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِي مَالِهِ

فَإِذَا قَدِمْتَ عَلَى الْحَيِّ فَانْزِلْ بِمَائِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخَالِطَ أَبْيَاتَهُمْ ثُمَّ امْضِ إِلَيْهِمْ بِالسَّكِينَةِ وَ الْوَقَارِ حَتَّى تَقُومَ بَيْنَهُمْ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ وَ لَا تُخْدِجْ بِالتَّحِيَّةِ لَهُمْ

ثُمَّ تَقُولَ عِبَادَ اللَّهِ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ وَلِيُّ اللَّهِ وَ خَلِيفَتُهُ لِآخُذَ مِنْكُمْ حَقَّ اللَّهِ فِي أَمْوَالِكُمْ فَهَلْ لِلَّهِ فِي أَمْوَالِكُمْ مِنْ حَقٍّ فَتُؤَدُّوهُ إِلَى وَلِيِّهِ

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لَا فَلَا تُرَاجِعْهُ وَ إِنْ أَنْعَمَ لَكَ مُنْعِمٌ فَانْطَلِقْ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخِيفَهُ أَوْ تُوعِدَهُ أَوْ تَعْسِفَهُ أَوْ تُرْهِقَهُ فَخُذْ مَا أَعْطَاكَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ

فَإِنْ كَانَ لَهُ مَاشِيَةٌ أَوْ إِبِلٌ فَلَا تَدْخُلْهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنَّ أَكْثَرَهَا لَهُ فَإِذَا أَتَيْتَهَا فَلَا تَدْخُلْ عَلَيْهَا دُخُولَ مُتَسَلِّطٍ عَلَيْهِ وَ لَا عَنِيفٍ بِهِ وَ لَا تُنَفِّرَنَّ بَهِيمَةً وَ لَا تُفْزِعَنَّهَا وَ لَا تَسُوأَنَّ صَاحِبَهَا فِيهَا

وَ اصْدَعِ الْمَالَ صَدْعَيْنِ ثُمَّ خَيِّرْهُ فَإِذَا اخْتَارَ فَلَا تَعْرِضَنَّ لِمَا اخْتَارَهُ ثُمَّ اصْدَعِ الْبَاقِيَ صَدْعَيْنِ ثُمَّ خَيِّرْهُ فَإِذَا اخْتَارَ فَلَا تَعْرِضَنَّ لِمَا اخْتَارَهُ فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَبْقَى مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِحَقِّ اللَّهِ فِي مَالِهِ فَاقْبِضْ حَقَّ اللَّهِ مِنْهُ

فَإِنِ اسْتَقَالَكَ فَأَقِلْهُ ثُمَّ اخْلِطْهُمَا ثُمَّ اصْنَعْ مِثْلَ الَّذِي صَنَعْتَ أَوَّلًا حَتَّى تَأْخُذَ حَقَّ اللَّهِ فِي مَالِهِ

وَ لَا تَأْخُذَنَّ عَوْداً وَ لَا هَرِمَةً وَ لَا مَكْسُورَةً وَ لَا مَهْلُوسَةً وَ لَا ذَاتَ عَوَارٍ وَ لَا تَأْمَنَنَّ عَلَيْهَا إِلَّا مَنْ تَثِقُ بِدِينِهِ رَافِقاً بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُوَصِّلَهُ إِلَى وَلِيِّهِمْ فَيَقْسِمَهُ بَيْنَهُمْ

وَ لَا تُوَكِّلْ بِهَا إِلَّا نَاصِحاً شَفِيقاً وَ أَمِيناً حَفِيظاً غَيْرَ مُعْنِفٍ وَ لَا مُجْحِفٍ وَ لَا مُلْغِبٍ وَ لَا مُتْعِبٍ

ثُمَّ احْدُرْ إِلَيْنَا مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ نُصَيِّرْهُ حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَإِذَا أَخَذَهَا أَمِينُكَ فَأَوْعِزْ إِلَيْهِ أَلَّا يَحُولَ بَيْنَ نَاقَةٍ وَ بَيْنَ فَصِيلِهَا وَ لَا يَمْصُرَ لَبَنَهَا فَيَضُرَّ (فَيُضِرَّ) ذَلِكَ بِوَلَدِهَا وَ لَا يَجْهَدَنَّهَا رُكُوباً وَ لْيَعْدِلْ بَيْنَ صَوَاحِبَاتِهَا فِي ذَلِكَ وَ بَيْنَهَا

وَ لْيُرَفِّهْ عَلَى اللَّاغِبِ وَ لْيَسْتَأْنِ بِالنَّقِبِ وَ الظَّالِعِ وَ لْيُورِدْهَا مَا تَمُرُّ بِهِ مِنَ الْغُدُرِ وَ لَا يَعْدِلْ بِهَا عَنْ نَبْتِ الْأَرْضِ إِلَى جَوَادِّ الطُّرُقِ وَ لْيُرَوِّحْهَا فِي‏ السَّاعَاتِ وَ لْيُمْهِلْهَا عِنْدَ النِّطَافِ وَ الْأَعْشَابِ

حَتَّى تَأْتِيَنَا بِإِذْنِ اللَّهِ بُدَّناً مُنْقِيَاتٍ غَيْرَ مُتْعَبَاتٍ وَ لَا مَجْهُودَاتٍ لِنَقْسِمَهَا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ( صلى‏الله‏عليه‏وآله  )فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ لِأَجْرِكَ وَ أَقْرَبُ لِرُشْدِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج 19-18  

و من وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات‏

و انما ذكرنا هنا جملا منها ليعلم بها أنه عليه السلام كان يقيم عماد الحق، و يشرع أمثلة العدل في صغير الامور و كبيرها، و دقيقها و جليلها:

انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له، و لا تروعن مسلما، و لا تختارن عليه كارها، و لا تأخذن منه أكثر من حق الله في ماله، فإذا قدمت على الحي فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امض إليهم بالسكينة و الوقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم. و لا تخدج بالتحية لهم ثم تقول: عباد الله أرسلني إليكم ولي الله و خليفته لاخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه إلى وليه؟ فإن قال قائل: لا. فلا تراجعه، و إن أنعم‏ لك منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو توعده أو تعسفه أو ترهقه؛ فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة؛ فإن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلا بإذنه فإن أكثرها له فإذا أتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلط عليه و لا عنيف به. و لا تنفرن بهيمة و لا تفزعنها (و لا تفزعنها- معا) و لا تسوءن صاحبها فيها. و اصدع المال صدعين ثم خيره، فإذا اختار فلا تعرضن لما اختاره. ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيره، فإذا اختار فلا تعرضن لما اختار، فلا تزال بذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله في ماله؛ فاقبض حق الله منه فإن استقالك فأقله، ثم اخلطها (اخلطهما- نسخة) ثم اصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله.

و لا تأخذن عودا، و لا هرمة، و لا مكسورة، و لا مهلوسة ذات عوار، و لا تأمنن عليها إلا من تثق به، رافقا بمال المسلمين حتى توصله (بالتاء و الياء- معا) إلى وليهم فتقسمه (بالياء نسخة) بينهم، و لا توكل بها إلا ناصحا شفيقا و أمينا حفيظا غير معنف و لا مجحف و لا ملغب و لا متعب. ثم احدر إلينا ما اجتمع عندك نصيره حيث أمر الله به فإذا،أخذها أمينك فأوعز إليه ألا يحول بين ناقة و بين فصيلها، و لا يمصر لبنها فيضر ذلك بولدها، و لا يجهدنها ركوبا، و ليعدل بين صواحباتها في ذلك و بينها، و ليرفه على اللاغب، و ليستأن بالنقب و الظالع، و ليوردها ما تمر به من الغدر، و لا يعدل بها عن نبت الأرض إلى جواد الطرق، و ليروحها في الساعات، و ليمهلها عند النطاف و الأعشاب، حتى يأتينا بإذن الله بدنا منقيات، غير متعبات و لا مجهودات، لنقسمها على كتاب الله، و سنة نبيه صلى الله عليه و اله فإن ذلك أعظم لأجرك و أقرب لرشدك إن شاء الله.

اللغة

(و لا تروعن) من الروع بالفتح بمعنى الفزع، و الكلمة مشكولة في أكثر النسخ بضم التاء و فتح الراء و كسر الواو المشددة من الترويع، و في نسخة الرضي بفتح التاء و ضم الراء من الروع كما اخترناها في المتن، و معناها على الوجهين واحد ففي الصحاح: رعت فلانا و روعته فارتاع أي أفزعته ففزع.

(و لا تختارن) بالخاء المعجمة و الراء المهملة من الاختيار على نسخة الرضي رضوان الله عليه، و في نسخ (تجتازن) بالجيم و الزاى المعجمة من الاجتياز بمعنى السلوك من قولك جزت الموضع أجوزه جوازا أي سلكته و سرت فيه.

(الحي) واحد أحياء العرب أصله من ح ى و.

(تخدج) بالخاء المعجمة و الجيم، قال ابن الأثير في النهاية: خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوانه و إن كان تام الخلق و أخدجته إذا ولدته ناقص الخلق‏

و إن كان لتمام الحمل؛ و منه حديث سعد «انه أتى النبي صلى الله عليه و اله بمخدج سقيم» أي ناقص الخلق، و منه حديث علي عليه السلام: «تسلم عليهم و لا تخدج التحية لهم» أي لا تنقصها، انتهى، و قال الجوهري في الصحاح: و في الحديث كل صلاة لا يقرأ فيها بام الكتاب فهي خداج أي نقصان، و أخدجت الناقة إذا جاءت بولدها ناقص الخلق و إن كانت أيامه تامة فهي مخدج و الولد مخدج، و منه حديث علي عليه السلام في ذي الثديه مخدج اليد أي ناقص اليد. انتهى.

(تخيفه) من الإخافة بمعنى التخويف و أصلها الخوف، يقال: وجع مخيف أي يخيف من رءاه.

(توعده) من الإيعاد يستعمل في الشر، قال الجوهري في الصحاح: الوعد يستعمل في الخير و الشر، قال الفراء يقال: وعدته خيرا، و وعدته شرا، قال الشاعر:

ألا عللاني كل حي معلل‏ و لا تعداني الشر و الخير مقبل‏

فإذا أسقطوا الخير و الشر قالوا في الخير: الوعد و العدة و في الشر: الإيعاد و الوعيد، قال الشاعر:

و إني و إن أوعدته أو وعدته‏ لمخلف إيعادي و منجز موعدي‏

(تعسفه) من العسف بمعنى الأخذ على غير الطريق، كما في الصحاح، و قال ابن الأثير في النهاية: العسف: الجور، و في الحديث: لا تبلغ شفاعتي إماما عسوفا أي جائرا ظالما، و العسف في الأصل أن يأخذ المسافر على غير طريق و لا جادة و لا علم، و قيل: هو ركوب الأمر من غير روية فنقل إلى الظلم و الجور، انتهى.

(ترهقه) من الإرهاق، يقال: أرهقه طغيانا أي أغشاه إياه، و يقال:

أرهقني فلان إثما حتى رهقته أي حملني إثما حتى حملته، قال أبو زيد: أرهقه عسرا أي كلفه أياه، يقال: لا ترهقني لا أرهقك الله أي لا تعسرني لا أعسرك الله، قاله في الصحاح.

(الماشية) جمعها المواشي و هي اسم يقع على الإبل و البقر و الغنم و أكثر ما يستعمل في الغنم، قاله في النهاية.

(عنيف به) العنف بالضم فالسكون- ضد الرفق تقول: منه عنف عليه بالضم و عنف به أيضا، و العنيف الذي ليس له رفق بركوب الخيل و الجمع عنف، قاله في الصحاح.

و في النهاية: في الحديث إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطى على العنف هو بالضم: الشدة و المشقة و كل ما في الرفق من الخير ففي العنف من الشر مثله.

(تنفرن) نفرت الدابة من كذا نفورا و نفارا من بابى نصر و ضرب: جزعت و تباعدت فهي نافر و نفور و نفره جعله نافرا.

(لا تفز عنها) أصلها من الفزع بمعنى الذعر، و رويت في نسخة الرضي على وجهين بضم التاء و كسر الزاء من الإفزاع و بضم التاء و فتح الفاء و كسر الزاء المشددة من التفزيع، و الإفزاع بمعنى الإخافة و الاغاثة من الأضداد و كذلك التفزيع، يقال: فزعه أي أخافه، و فزع عنه أي- كشف عنه الخوف، و منه قوله تعالى: حتى إذا فزع عن قلوبهم‏ أي كشف عنها الفزع، قاله في الصحاح.

(و اصدع) الصدع: الشق، (استقالك) الاستقالة طلب الإقالة أصلها من ق ى ل، يقال: أقاله يقيله إقالة و تقايلا إذا فسخا البيع و عاد المبيع إلى مالكه و الثمن إلى المشتري إذا كان قد ندم أحدهما أو كلاهما.

(عودا) بفتح العين المهملة و سكون الواو، قال في الصحاح: العود: المسن من الإبل و هو الذي جاوز في السن البازل و المخلف، و جمعه عودة، و قد عود البعير، و في المثل: إن جرجر العود فزده و قرا، و الناقة عودة، و يقال: راحم بعود أودع أي استعن على حربك بأهل السن و المعرفة فإن رأى الشيخ خير من مشهد الغلام، انتهى.

(هرمة) مؤنثة هرم من الهرم بالتسكين بمعنى كبر السن.

(مهلوسة) الهلاس بالضم السل و قد هلسه المرض يهلسه هلسا أي أضعفه‏

و رجل مهلوس العقل أي مسلوبه، و يقال: السلاس في العقل و الهلاس في البدن.

(عوار) قال في النهاية في حديث الزكاة: «لا يؤخذ في الصدقة هرمة و لا ذات عوار» العوار بالفتح: العيب و قد يضم.

(ملغب) فاعل من الإلغاب بمعنى الإتعاب و الإعياء.

(أو عز إليه) و عز إليه في كذا أن يفعل أو يترك يعز و عزا- من باب ضرب- تقدم و أشار، و أوعز إليه إيعازا بمعنى و عز إليه.

(الفصيل) ولد الناقة إذا فصل عن امه و الجمع فصلان و فصال.

(و لا يمصر لبنها) قال في الصحاح: المصر: حلب بأطراف الأصابع، قال ابن السكيت: المصر حلب كل ما في الضرع، و التمصر حلب بقايا اللبن في الضرع.

و قال ابن الأثير في النهاية: و في حديث علي عليه السلام «و لا يمصر لبنها فيضر ذلك بولدها» و المصر الحلب بثلاث أصابع يريد لا يكثر من أخذ لبنها.

(لا يجهدنها) من الجهد بالفتح أي المشقة يقال: جهد دابته و أجهدها إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها.

(اللاغب) فاعل من اللغوب بمعنى التعب و الاعياء.

(و يستأن) من الأناة أصلها الوني يقال: أستأنيت بكم أي انتظرت و تربصت.

(النقب) يقال: نقب البعير بالكسر إذا رقت أخفافه، و قال ابن الأثير في النهاية: النقب: رقة الأخفاف و منه حديث علي عليه السلام «و يستأن بالنقب و الضالع» أي يرفق بهما و يجوز أن يكون من الجرب.

أقول: يعني أن يكون النقب مشتقا من النقبة بالضم و هي أول ما يبدو من الجرب‏

و قال في مادة ظلع منها: الظلع بالسكون العرج و قد ظلع يظلع ظلعا فهو ظالع، و منه حديث الأضاحي: و لا العرجاء البين ظلعها، و في حديث علي عليه السلام: و ليستأن بذات النقب و الظالع أي بذات الجرب و العرجاء، انتهى، و سيأتي البحث عن ذلك في المعنى.

(الغدر) بضمتين جمع الغدير، و في الصحاح الغدير: القطعة من الماء يغادرها السيل و هو فعيل في معنى مفاعل من غادره، أو مفعل من أغدره، و يقال:

هو فعيل بمعنى فاعل لأنه يغدر بأهله أن ينقطع عند شدة الحاجة إليه، قال الكميت:

و من غدره نبز الأولون‏ إذ لقبوه الغدير الغدير

و الجمع غدران و غدر.

(جواد) بتشديد الدال جمع الجادة بتشديدها أيضا بمعنى معظم الطريق.

(النطاف) جمع النطفة بمعنى الماء الصافي قل أو كثر، و أما النطفة بمعنى ماء الرجل فجمعها نطف.

(الأعشاب) جمع العشب بالضم فالسكون و هو الكلاء الرطب.

(بدنا) البدن كطلب جمع بادن كطالب، يقال: بدن بدنا و بدنا و بدونا من باب نصر إذا عظم بدنه بكثرة لحمه فهو بادن للمذكر و المؤنث، و قد يقال في المؤنث بادنة، و البدن: السمن، و البدنة بالفتحات ناقة أو بقرة تنحر بمكة سميت بذلك لأنهم كانوا يسمنونها.

الاعراب‏

(على تقوى الله) متعلق بمقدر أي اذهب معتمدا على تقوى الله، مثلا، (وحده) حال لله أي موحدا، (امض إليهم) في بعض النسخ: امض عليهم (بالتحية) قرئت‏

بالوجهين بالباء و عدمها (صدعين) مفعول مطلق عددي (بذلك) في أكثر النسخ:

كذلك، و ما في المتن مطابق لنسخة الرضي، (و لا يمصر) منصوب بأن لأنه معطوف على قوله لا يحول أي أو عز إليه أن لا يمصر لبنها و في سائر النسخ مجزومة و هي و هم (ركوبا) بضم الراء و فتحها تميز (منقيات) و أخواتها صفات للبدن لأنها تذكر و تؤنث.

هذا آخر المجلد الثامن عشر من هذه الطبعة النفيسة، و قد تم تصحيحه و تهذيبه بيد العبد- السيد ابراهيم الميانجى- عفى عنه و عن والديه في الرابع من ذى القعدة- 1386- و يليه انشاء الله الجزء التاسع عشر و أوله فى معنى المختار الخامس و العشرين.

و الحمد لله رب العالمين.

الجزء التاسع عشر

[تتمة باب المختار من كتب مولانا أمير المؤمنين ع و رسائله إلى أعدائه و أمرائه‏]

[تتمة المختار الخامس و العشرون من كتبه و رسائله‏]

[خطبة المؤلف‏]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لولى النعم، و منزل الكلم على قلوب من كرم من بنى آدم، و له الحمد على ما أولانا من مواهبه السنية الوافرة، و رزقنا من أيادى الاولى و الاخرة، و الصلاة و السلام على مهبط كلماته و مقسم هباته، واقف مواقف الشهود محمد المصطفى و آله امناء المعبود، و مظاهر أسمائه الحسنى، و صفاته العليا، و أعلام الهدى، و على من تمسك بذيل ولايتهم و اقتفى بهديهم و هدايتهم.

و بعد فيقول العبد الراجى لقاء ربه الكريم نجم الدين الحسن بن عبد الله الطبري الاملي المدعو بحسن زاده آملي رزقه الله و جميع المؤمنين الفناء في التوحيد، و هداهم إلى أمره الرشيد السديد، و تغمدهم بغفرانه و رضوانه: هذا هو السفر الخامس من تكملة منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، قد من الله علينا بما أجرى على القلم في شرح طائفة من كلمات وليه الأعظم باب مدينة العلم وصى خير البشر، فينتهى به المنهاج إلى التاسع عشر، رب أنعمت فزد و آتنا من لدنك رحمة و هيى‏ء لنا من أمرنا رشدا.

اللهم إن كانت بضاعتنا هذه وجيهة عندك، و لها ثمن و قدر و قيمة من جزيل ثوابك و سني عطائك فاجعلها ذخرا لأساتيذي العظام الذين عطفت علينا قلوبهم و رزقتنا من مأدبة علومهم. اللهم اجعل الغابرين عندك في أعلى عليين، و متع الإسلام و المسلمين ببقاء الباقين آمين رب العالمين.

ثم قد تأخر تأليف هذا المجلد و طبعه و نشره لما أقبل في أثناء التأليف من تقبلنا اصول الكافي لجعله معربا مشكولا و كان أمرا صعبا مشكلا، فانه قد انجر الخلاص‏ منه إلى قرب سنتين و نصف مع أنا قد بذلنا جهدنا فيه و أسهرنا أعيننا ليالى و أتعبنا أنفسنا متواليا، و ذلك الأمر و إن عوق التكملة عن النشر لكن اصول الكافي بمن الله سبحانه و فضله قد برز اليوم على أحسن وجه يستقبل إليه العالم البصير و يشكره و يستنكف عنه الجاهل الضرير و يكفره، على أن الامور مرهونة بأوقاتها، فلنعد إلى ما كنا فيه فنقول مستعينا من الله تعالى:

المصدر

روى هذه الوصية ثقة الإسلام الكليني رضوان الله عليه في باب أدب المصدق من كتاب الزكاة من الجامع الكافي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى عن حريز، عن بريد بن معاوية عن أبي عبد الله عليه السلام.

و رواها شيخ الطائفة الطوسى قدس سره في باب من الزيادات في الزكاة من التهذيب عن الكليني بذلك الإسناد، و الكتابان من أصح الجوامع الروائية عند الامامية، و من الكتب الأربعة المعتبرة عندهم عليها مدار استنباطهم و إليها مراجع اجتهادهم.

ثم إن قول السيد- ره-: «و إنما ذكرنا هنا جملا منها» صريح في أنه اختار منها فصولا و حذف منها فصولا، فالوصية طويلة و لكنا لم نجدها بطولها مع طول الفحص و كثرة البحث في ما حضرنا من الجوامع الروائية و ما أتى بها الكليني و الشيخ قريب مما في النهج.

و العلامة المجلسى- ره- بعد نقلها من النهج في ثامن البحار (ص 640 من الطبع الكمباني، في باب كتب أمير المؤمنين عليه السلام و وصاياه إلى عماله و امراء أجناده) و في المجلد العشرين منه (في باب أدب المصدق من كتاب الزكاة ص 24). قال: أقول: أخرجته من الكافي في كتاب أحواله عليه السلام بتغيير ما رواه في كتاب الغارات عن يحيى بن صالح عن الوليد بن عمرو عن عبد الرحمن بن سليمان عن جعفر بن محمد قال: بعث علي عليه السلام مصدقا من الكوفة إلى باديتها، إلى آخر ما قال و نقل طائفة من الرواية.

و نقل الرواية من كتاب الغارات المحدث النورى- ره- في باب ما يستحب للمصدق و العامل استعماله من الاداب من كتاب الزكاة من مستدرك الوسائل.

و الروايات يخالف بعضها بعضا فدونكها على نسختى الكافي و التهذيب و نجعل ما في التهذيب بين الهلالين.

قال الكليني بالإسناد المقدم ذكره عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: بعث أمير المؤمنين صلوات الله عليه مصدقا من الكوفة إلى باديتها فقال له: يا عبد الله (يا أبا عبد الله) انطلق و عليك بتقوى الله وحده لا شريك له و لا تؤثرن دنياك على آخرتك و كن حافظا لما ائتمنك عليه راعيا لحق الله فيك حتى تأتى نادى بني فلان فاذا قدمت فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امض إليهم بسكينة و وقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم، ثم قل لهم: يا عباد الله أرسلنى إليكم ولى الله لاخذ منكم حق الله في أموالكم فهل لله في أموالكم من حق فتؤدون إلى وليه (فهل لله في أموالكم حق فتؤدوه إلى وليه) فان قال لك قائل:

لا فلا تراجعه و إن أنعم لك منهم منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعده إلا خيرا فاذا أتيت ماله فلا تدخله إلا باذنه فإن أكثره له فقل له: يا عبد الله أ تأذن لي في دخول مالك؟ فان اذن لك (اذن له) فلا تدخل (فلا تدخله) دخول متسلط عليه فيه و لا عنف به فاصدع المال صدعين ثم خيره أى الصدعين شاء فأيهما اختار فلا تعرض له، ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيره فأيهما اختار فلا تعرض له و لا تزل كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله تبارك و تعالى من ماله فاذا بقي ذلك فاقبض حق الله منه، و إن استقالك فأقله ثم اخلطها و اصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله فاذا قبضته فلا توكل به إلا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنف بشي‏ء منها ثم احدر كل ما اجتمع (ثم احدر ما اجتمع) عندك من كل ناد إلينا نصيره حيث أمر الله عز و جل فاذا انحدر بها رسولك فأوعز إليه أن لا يحول بين ناقة و فصيلها و لا يفرق بينهما و لا يمصرن (و في نسخة من التهذيب: و لا يمص لبنها) فيضر ذلك بفصيلها، و لا يجهد

بها ركوبا، و ليعدل بينهن في ذلك، و ليوردهن كل ماء يمر به، و لا يعدل (و لا يبدل) بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطريق (الطرق) في الساعة التي تريح و تغبق، و ليرفق بهن جهده حتى يأتينا باذن الله سحاحا سمانا غير متعبات و لا مجهدات فيقسمهن باذن الله على كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و آله على أولياء الله فإن ذلك أعظم لأجرك و أقرب لرشدك ينظر الله إليها و إليك و إلى جهدك و نصيحتك لمن بعثك و بعثت في حاجة فإن رسول الله صلى الله عليه و آله قال: ما ينظر الله إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة و النصيحة له و لإمامه (و النصيحة لإمامه) إلا كان معنا في الرفيق الأعلى، قال: ثم بكى أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: يا بريد لا و الله (يا بريد و الله) ما بقيت لله حرمة إلا انتهكت و لا عمل بكتاب الله، و لا سنة نبيه في هذا العالم، و لا اقيم في هذا الخلق حد منذ قبض الله أمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه، و لا عمل بشي‏ء من الحق إلى يوم الناس هذا. ثم قال: أما و الله لا تذهب الأيام و الليالى حتى يحيى الله الموتى و يميت الأحياء و يرد الله الحق إلى أهله و يقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه و نبيه فابشروا ثم ابشروا فو الله ما الحق إلا في أيديكم.

و الرواية على نسخة كتاب الغارات على ما في المستدرك تنتهى إلى الرفيق الأعلى و لم ينقل بعده، و هى توافق النسختين المذكورتين تقريبا.

و روى شطرا منها الشيخ قدس سره في المسألة 26 من زكاة الخلاف هكذا:

أنزل ماءهم من غير أن تخالط أبياتهم ثم قل: هل لله في أموالكم من حق؟ فان أجابك مجيب فامض معه و إن لم يجبك فلا تراجعه. انتهى. و احتمال النقل من حيث المعنى بعيد، ثم حرفت كلمتا مائهم و أبياتهم في النسخ المطبوعة من الخلاف بمالهم و أموالهم.

المعنى‏

قد أوصى عليه السلام‏ من يستعمله على‏ جباية الصدقات‏ بامور يراعى بعضها في حق نفسه، و بعضها في الرعية، و بعضها في الأنعام. و يستفاد منها أحكام عديدة فقهية و آداب كثيرة أخلاقية اجتماعية، و قوانين عدلية حقة إلهية لا يأتيها الباطل من‏ بين يديها و لا من خلفها.

و هذا هو السلطان العادل الذي كان ظل الله تعالى في أرضه، و لله در الرضى قائلا: ليعلم بها أنه عليه السلام كان يقيم عماد الحق و يشرع أمثلة العدل في صغير الامور و كبيرها و دقيقها و جليلها، و لا ريب أن السياسة إذا كانت بيده أو بيد من يقوم مقامه و يجلس مجلسه و يجرى أوامره ممن حاز هذه الرتبة العظمى و الدرجة العليا كان الزمان نورانيا، و إذا خلى الزمان عن تدبير مدبر إلهى كانت الظلمات غالبة.

قوله عليه السلام: (انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له) كان من دأبه عليه السلام في أكثر وصاياه أن يصدرها بالأمر بتقوى الله و قد مضى الكلام في ذلك في شرح المختار الثاني عشر فراجع.

قوله عليه السلام: (و لا تروعن مسلما) لما جعله عليه السلام واليا على جباية الصدقات‏ و الولاية إمارة توجب البغي و الطغيان على الناس إلا واليا عصمه الله تعالى عن اتباع الهوى نهاه عن أن يفزع مسلما. و قد ذاق المسلمون فزعا شديدا مرة بعد مرة في أمارة الثالث حتى ضاق عليهم العيش فأجمعوا على قتله و قتلوه.

قوله عليه السلام: (و لا تختارن عليه كارها إلخ) اى‏ لا تختارن على‏ المسلم أمرا يكرهه بل ارفق به و خيره فيه و كأن هذا الكلام توطئة لما سيأتي في وصيته له: و اصدع المال صدعين ثم خيره‏ إلخ، و إن كان مفهومه أعم منه يشمل النهى عن الاختيار عليه كل ما يكرهه.

هذا على نسخة الرضي، و أما على نسخ اخرى أعنى تجتازن بالجيم و الزاى المعجمة فمعناه لا تسلك و لا تسر على أرض المسلم أو ماله أو بيته و نحوها يكره مرورك بها، فكلمة كارها على الأول منصوب على المفعولية، و على الثاني منصوب على الحال من الضمير المجرور و المراد من حق الله الزكاة.

و هذا هو الملك العادل الالهي ينهى عامله عن أن يمر ببيوت أحد من المسلمين يكره مروره بها و إن كان ذلك المسلم من رعاة الأغنام و من أهل البادية من طبقة أنزل العوام و ما هذا إلا أدب الله و أدب رسوله، و اين هذا و من ملك ينتحل إلى الإسلام و يأمر عماله أن يجتازوا على أحبار الامة و حملة القرآن ليلا و ينهبوا بيوتهم اغتيالا، و ينفوهم من أوطانهم و يميلوا عليهم ميلا، و القرآن الفرقان ينادى بأعلى صوته: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا و تسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم و إن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم و الله بما تعملون عليم‏ (النور 28، 29).

و في تفسير الدر المنثور: أخرج ابن شيبة و الحكيم الترمذي و ابن أبي حاتم و الطبراني و ابن مردويه عن أبي أيوب قال: قلت: يا رسول الله أرأيت قول الله: حتى تستأنسوا و تسلموا على أهلها، هذا التسليم قد عرفناه فما الاستئناس؟ قال: يتكلم الرجل بتسبيحة و تكبيرة و تحميدة و يتنحنح فيؤذن أهل البيت.

و في تفسير مجمع البيان: روى أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه و آله أستأذن على امى؟

فقال: نعم، قال: إنها ليس لها خادم غيرى أ فأستأذن عليها كلما دخلت؟

قال:أ تحب أن تراها عريانة؟ قال الرجل: لا، قال: فاستأذن عليها.

قوله عليه السلام: (فاذا قدمت على الحى فأنزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم‏ إلخ). و في رواية أخرى عنه عليه السلام كما في المجلد العشرين من البحار «ص 23 من الطبع الكمباني» أنه قال: يؤخذ صدقات أهل البادية على مياههم و لا يساقون. يعنى لا يساقون من مواضعهم التي هم فيها إلى غيرها. و هذا أدب آخر غير ما في النهج و أما ما في النهج فمعناه أنه عليه السلام أمره أن لا يخالط بيوتهم ابتداء بل ينزل بمياهم أولا ثم يمض إليهم بالسكينة و الوقار.

أمره بالنزول بمائهم لأن من عادة عرب البادية بل من عادة غير العرب من أهل البادية أيضا أن تكون مياههم بارزة عن بيوتهم، و لا ريب أن الإنسان يكره أن يخالط غيره بيته على حين غفلة من أهله و ذلك لتنفر الطباع الإنسانية عن أن يطلع الغير على أسراره و بواطن أحواله.

على أن النزول كذلك يوجب خوف النسوان و فزع الأطفال و لذا أردفه أن يقدم عليهم بعد النزول بمائهم بالسكينة و الوقار و يسلم عليهم تحية كاملة قال تعالى: فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة.

و قال صلى الله عليه و آله: السلام اسم من أسماء الله فافشوه بينكم الخبر.و بالجملة أن تلك الامور توجب تأليف قلوبهم، و عدم نفارهم من أداء حق الله في مالهم، و فوائد كثيرة اخرى لا تخفى على اولى النهى.

قوله عليه السلام: (ثم تقول: عباد الله‏ إلخ) أمره أن يرفق بالرعية في أخذ حق الله في أموالهم‏ بأن يقول: أرسلنى إليكم ولي الله و خليفته لاخذ منكم حق الله في أموالكم‏، و في الكلام ملاطفة لطيفة توجب استيناسهم و ذلك لأن‏ ولي الله و خليفته‏ لا يظلم أحدا و لا يعدل عن الحق مثقال ذرة، و لا يسلط ظالما على أحد من آحاد الرعية.ثم أمره أن يسألهم هل تعلقت بأموالهم زكاة فيؤدوه إلى ولي الله أم لا؟

فان قال قائل‏ من رب المال: لا، فلا يراجعه بل ينصرف عنه لأن القول قول رب المال ما لم يعلم كذبه و الأصل يعاضده، و لأنها عبادة يقبل قوله فيها فلا يفتقر أداؤها إلى اليمين كغيرها من العبادات، و لأنه أمين، و لأن له ولاية الاخراج فيكون قوله مقبولا كالوكيل، و نحوه رواية غياث بن إبراهيم: كان علي عليه السلام إذا بعث مصدقه قال: إذا أتيت على رب المال فقل له تصدق رحمك الله مما أعطاك الله فان ولي عنك‏ فلا تراجعه‏ انتهى فلو قال رب المال: لم يحل على مالى الحول أو قد أخرجت ما وجب على أو تلف ما ينقص تلفه النصاب أو لا حق على أو أن المال عندى وديعة أو نحو ذلك قبل منه و لم يكن عليه بينة و لا يمين كما أنه عليه السلام أمر عامله بقبول قول رب المال و لم يأمر باستظهار و لا باليمين و إليه ذهب فقهاؤنا الإمامية فراجع إلى زكاة الشرائع و القواعد و شروحهما و إلى خلاف الشيخ و منتهى العلامة، و إن أنعم لك منعم‏ أى إن قال: نعم في مالى زكاة فانطلق معه من غير أن تخيفه‏ إلخ و في المقام روايات أنيقة في باب أدب المصدق من‏ البحار (ص 22 ج 20) قوله عليه السلام: (فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة) يمكن أن يستفاد من هذا الكلام جواز إخراج الزكاة من قيمة الأنعام ذهبا و ورقا كما يستفاد منه جواز إخراج قيمة الغلات كذلك بل أي شي‏ء كانت القيمة لأن ذكر قيمة خاصة لا يخصها بها كما لا يخفى، و المقصود من الزكاة دفع حاجة الفقير و كما يحصل بدفع العين فكذا يحصل بدفع القيمة حتى أن العلامة قال في المنتهى: إذا كان البعير بقيمة الشاة فأخرجه أجزأ عندنا و عند الشافعى أما نحن فللمساواة في القيمة إلخ و قال في البحث السابع من المقصد الثاني من زكاة المنتهى: يجوز إخراج القيمة في الزكاة سواء كان ما وجبت الزكاة فيه ذهبا أو فضة أو أحد الحيوانات و هو اختيار الشيخ رحمه الله و أكثر علمائنا انتهى. و قال في القواعد: يجوز إخراج القيمة في الأصناف التسعة و العين أفضل.

و قد قسم المفيد رحمه الله كما في المختلف للعلامة قدس سره الأموال إلى الأنعام و غيرها و منع من إخراج القيمة في الأول إلا أن تعدم الأصناف المخصوصة كما في المعتبر للمحقق قدس سره، و سوغه في الثانى فإنه الظاهر من كلام ابن الجنيد فانه قال: و لا بأس بأن يخرج عن الواجب من الصدقة و الحق في أرض العنوة ذهبا و ورقا بقيمة الواجب يوم أخذه. و يردهما قوله عليه السلام هذا، و اطلاق روايات اخرى مذكورة في محلها.

بل يستفاد من اطلاقها جواز إخراج القيمة في الزكوات كلها و في الفطرة أى شي‏ء كانت القيمة. و قال الشافعي و أصحابه: إخراج القيمة في الزكاة لا يجوز و إنما يخرج المنصوص عليه و لفقهاء العامة في المقام وجوه اخرى من الاختلاف فراجع إلى المسألة 58 من زكاة خلاف الشيخ.

ثم إن قوله عليه السلام‏ فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة، يفيد جواز الإخراج من القيمة فهل يعتبر قيمة وقت تعلق الزكاة بالمال، أو قيمة يوم أخذها، أو يقيد ذلك بما إذا لم يقوم المالك الزكاة على نفسه، و لوقومها على نفسه و ضمن القيمة فالواجب هو ما ضمنه زاد السوق قبل الإخراج أو انخفض و البحث مشبعا موكول إلى الفقه.

و لقائل أن يقول: إن قوله عليه السلام: فإن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلا باذنه‏- إلخ، ظاهر في أنه جعل زكاة الأنعام مقابل غيرها من الزكوات فجوز إخراج القيمة في الأولى دون الثانية و لم يشعر كلامه في الثانية إلى جواز إخراج القيمة أصلا بل يظهر منه خلافه كما ذهب إليه المفيد- ره- و غيره.

و لكن يجاب عنه بأن إطلاق قوله عليه السلام‏ فهل لله في أموالكم من حق‏، يشمل القسمين كليهما و كذلك إطلاق قوله: فخذ ما أعطاك من ذهب و فضة، و قوله: فإن كان له ماشية أو إبل‏- إلخ- يفسر أحد القسمين أعنى زكاة الأنعام كما هو الظاهر من كلمة الفاء على هذا التقدير أى إن‏ أعطاك‏ زكاة الأنعام من جنسها من المواشي و الإبل‏ فحكمها كذلك و يجب أن تكون سيرتك فيها كذلك فليتأمل جيدا.

ثم إن‏ الماشية و الإبل‏ تعم أنواعهما من معز و ضأن و بقر و جاموس و عراب و بخاتى و لا تشمل‏ الماشية البغال و الحمير و الرقيق و الخيل فلا يجب فيها الزكاة بل و لا يستحب في الثلاثة الاول و انما يستحب في إناث الخيل السائمة فقط عن كل عتيق ديناران و عن كل برذون دينار واحد. و كذا لا تشمل بقر الوحش لأنها تنصرف باطلاقها إلى الأهلية، و خالف فيه بعض العامة فراجع إلى المسألة 62 من زكاة الخلاف، و إلى زكاة المنتهى.

قوله عليه السلام: (فإن أكثرها له‏ إلخ) علل إذنه بأن‏ أكثر الماشية و الإبل له‏. و أفاد الفاضل الشارح المعتزلي بأن قوله: فأن أكثرها له‏، كلام لا مزيد عليه في الفصاحة و الرياسة و الدين و ذلك لأن الصدقة المستحقة جزء يسير من النصاب و الشريك إذا كان له الأكثر حرم عليه أن يدخل و يتصرف إلا باذن شريكه فكيف إذا كان له الأقل، انتهى.

أقول: كلام الأمير عليه السلام هذا ظاهر في أن الزكاة تجب في عين المال لا الذمة، كما أن قوله عليه السلام: و اصدع المال صدعين ثم خيره‏- إلخ- ظاهر أيضا في أن الخيار إلى رب‏ المال‏ لا إلى الساعى أعنى أن رب‏ المال‏ مخير في أن‏ يعين ذلك في أى جزء شاء كما ذهب إليهما شيخ الطائفة قدس سره في زكاة الخلاف (مسئلة 28) و نص بالأول العلامة في القواعد و المحقق في الشرائع و المعتبر بقولهما: الزكاة تجب في العين لا في الذمة و الروايات الاخرى صريحة أيضا بأن الفريضة تتعلق بالأعيان لا بالذمة و الأصل براءة الذمة. و هو المشهور من الإمامية بل لم ينقل الخلاف فيه صريحا عن أحد منهم بل ادعى غير واحد منهم الاجماع عليه.

ثم المراد بوجوبها في العين تعلقها بها أعنى أن العين هى مورد هذا الحق لا الذمة، لا وجوب إخراج الزكاة منها لما علمت آنفا من جواز إخراج القيمة في الزكوات كلها. و في المقام بحث فقهى أتى به صاحب الجواهر- ره- في زكاة الجواهر، و الفقيه الهمدانى- ره- في كتاب الزكاة من مصباح الفقيه. أعرضنا عنه خوفا للإطناب و لخروجه عن موضوع الكتاب فليرجع الطالب إليهما.

قوله عليه السلام: (و اصدع المال صدعين‏ إلخ) ثم علم الساعى كيفية استخراج الزكاة من‏ المال‏ و أمره أن يفرقها فرقتين و يخير رب‏ المال‏ في اختيار إحدى الفرقتين و أن لا يتعرض لما اختار و هكذا إلى أن يبقى منها مقدار حق الله‏ فيها. ثم أمره بتسهيل الأمر له و عدم تشديده عليه بقوله‏ (فان استقالك فأقله) ثم أمره أن يستأنف العمل رأسا بعد الاقالة بأن يخلط المال‏ ثم يصدعه‏ صدعين‏ و يخيره في اختيار أى شقين شاء، ثم يقسم الشق الباقي قسمين و هكذا إلى أن ينتهى أحد الصدعين‏ إلى مقدار الواجب من‏ حق الله‏ فيقبض.

قال الشيخ- ره- في المسألة 21 من زكاة الخلاف: يفرق المال فرفتين و يخير رب المال و يفرق الاخر كذلك و يخير رب المال إلى أن يبقى مقدار ما فيه كمال ما يجب عليه فيؤخذ منه، و قال عمر بن الخطاب: يفرق المال ثلاث فرق يختار رب المال واحدة منها و يختار الساعى الفريضة من الاخرى، و قال الشافعى: لا يفرق المال ذكر ذلك في القديم، دليلنا اجماع الفرقة و الخبر المروي عن أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام فيما قاله لعامله عند توليته إياه و وصاه به و هو معروف. انتهى.

ثم إن إطلاق كلامه عليه السلام في خيار رب‏ المال‏ في إخراج الفريضة من أى‏ صدعين‏ شاء يقتضى عدم الفرق في جواز الاخراج من أحد الصدعين بين ما إذا تساوت قيمتهما أو اختلفت و بهذا التعميم جزم غير واحد من الإمامية منهم العلامة في جملة من كتبه كما حكي و المحقق في المعتبر و الشرائع حيث قال فيه:و المالك بالخيار في إخراج الفريضة من أى الصنفين شاء.

و قال صاحب المدارك:و هو متجه لصدق الامتثال بإخراج مسمى الفريضة و انتفاء ما يدل على اعتبار ملاحظة القيمة مطلقا كما اعترف به الأصحاب في النوع المتحد. انتهى.

ثم يستفاد من كلامه عليه السلام: و اصدع المال صدعين‏، إلخ فرع فقهى آخر كما ذكره العلامة في المنتهى (ص 481) في زكاة الإبل و استشهد بهذا الكلام حيث قال: لو اجتمع في مال ما يمكن إخراج الفريضتين كا المأتين يعنى المأتين من الإبل يتخير المالك ذهب إليه علماؤنا إن شاء أخرج الحقاق الأربع، و إن شاء أخرج خمس بنات لبون- ثم نقل أقوال العامة فيه إلى أن قال: لنا ما رواه الجمهور في قول النبي عليه السلام في كتاب الصدقات: فإذا كانت مأتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أى الصنفين وجدت أخذت. و قوله عليه السلام لمعاذ: إياك و كرائم أموالهم. و من طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن بريد بن معاوية قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: بعث أمير المؤمنين عليه السلام مصدقا من الكوفة إلى باديتها- فنقل الرواية بكمالها ثم قال بعده: و لأن الامتثال يحصل مع إخراج المالك أى النصفين شاء فيخرج به عن العهدة، و لأنها زكاة ثبت فيها الخيار فكان ذلك للمالك- إلخ.

قوله عليه السلام: (و لا تأخذن عودا إلخ) ثم نهى عليه السلام الساعى عن أن يأخذ في الفريضة تلك المعيبات الخمس. قد علمت في بيان اللغة أن العود المسن من الإبل و هو الذي جاوز في السن البازل و المخلف. و الهرم هو كبر السن. و في منتهى الأرب: يقال: جمل بازل و ناقة بازل- و اين در سال نهم باشد- و ليس بعده سن يسمي‏ و يقال بعد ذلك بازل عام و بازل عامين. مخلف كمحسن: شتر كه از نه سالگى در گذشته باشد. عود: كلانسال از شتر و كوسپند، هرم ككتف: نيك پير خرف.

قال العلامة قدس سره في زكاة المنتهى (ص 485 ج 1): مسئلة و لا يؤخذ المريضة من الصحاح و لا الهرمة من غيرها و لا الهرمة الكبيرة و لا ذات العوار من السليم و ذات العوار هي المعيبة و لا نعلم فيه خلافا قال الله تعالى: و لا تيمموا الخبيث منه تنفقون‏. و روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال: و لا يؤخذ في الصدقة هرمة و لا ذات عوار و لا تيس إلا أن يشاء المصدق. و من طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن قيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: و لا يؤخذ هرمة و لا ذات عوار إلا أن يشاء المصدق، و لأن في ذلك ضررا للفقراء. انتهى.

أقول: قوله- ره-: و لا الهرمة من غيرها و لا الهرمة الكبيرة يشير إلى قوله عليه السلام: و لا تأخذن عودا و لا هرمة. و المشهور في المصدق بكسر الدال و ذكره الخطائي بفتحها، قال: و كان أبو عبيد يرويه إلا أن يشاء المصدق بفتح الدال يريد صاحب الماشية، أفاده ابن الأثير في النهاية، و الطريحى في المجمع و النراقي قدس سره في المستند ثم قال: و احتمله- يعنى فتح الدال- في الذخيرة.

أقول: لكن الصواب هو الأول كما عليه المشهور فإن المراد من قول النبي صلى الله عليه و آله و صحيحي أبي بصير و محمد بن قيس إلا أن يشاء المصدق أن تلك المعيبات لا يؤخذ في الفريضة إلا أن يقبلها المصدق لأن العاملين على الزكاة من الأصناف الثمانية من مستحقي الزكاة قال الله تعالى: إنما الصدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها و المؤلفة قلوبهم و في الرقاب و الغارمين و في سبيل الله و ابن السبيل فريضة من الله و الله عليم حكيم‏ (التوبة: 61) فهو يكون مستحقا للزكاة فيعطيها بدل الصحيح من الماشية و الإبل و ليس في ذلك ضرر للفقراء فالروايات قائلة بجواز أخذ تلك المعيبات مع مشية المصدق بمعنى قبوله إياها له، و كيف يصح حمل الرواية على معنى إلا أن يشاء صاحب الماشية مع أن قوله في ذلك لا يسمع و الأصحاب صرحوا من غير ذكر خلاف بل ادعوا الاجماع‏ عليه أنه لا يكفي في الفريضة المريضة من الصحاح و الهرمة من الفتيات و ذات العوار من السليمة مضافا إلى قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم و مما أخرجنا لكم من الأرض و لا تيمموا الخبيث منه تنفقون و لستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه و اعلموا أن الله غني حميد (البقرة: 272).

على أن إطلاق المصدق بالكسر على الساعى الذي يأخذ الفريضة مما أجمعت عليه أئمة اللغة و عامة الرواة. و قال ابن الأثير في النهاية: و خالف أبا عبيد عامة الرواة فقالوا: بكسر الدال و هو عامل الزكاة الذي يستو فيها من أربابها يقال: صدقهم يصدقهم فهو مصدق.

و في الكافي في باب آداب المصدق باسناده عن محمد بن خالد أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الصدقة، فقال: إن ذلك لا يقبل منك، فقال: إنى أحمل ذلك في مالي فقال له أبو عبد الله عليه السلام: مر مصدقك أن لا يحشر من ماء إلى ماء. الحديث.

و في ذلك الباب منه أيضا باسناده عن حريز، عن محمد، عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل أ يجمع الناس للمصدق أم يأتيهم على مناهلهم؟ قال: لا بل يأتيهم على مناهلهم فيصدقهم.

و فيه أيضا باسناده عن غياث بن ابراهيم، عن جعفر، عن أبيه، عليهما السلام قال: كان علي عليه السلام إذا بعث مصدقه قال: إذا أتيت على رب المال فقل له: تصدق رحمك الله مما أعطاك الله، فان ولي عنك فلا تراجعه.

و قال الجوهرى في الصحاح: المصدق الذى يصدقك فى حديثك و الذى يأخذ صدقات الغنم، و المتصدق الذى يعطى الصدقة. و فى أساس البلاغة للزمخشرى: أخذ المصدق الفريضة، قال:

ود المصدق من بنى عبر أن القبائل كلها غنم‏

و فى منتهى الأرب: تصديق: راستگو داشتن كسيرا و صدقات گرفتن مصدق كمحدث صدقات گيرنده نعتست از آن.

فبما قدمنا علم أيضا أن ضبط المصدق في الرواية كما ذهب إليه أبو موسى على‏ ما فى النهاية الأثيرية على تشديد الصاد و الدال معا و كسر الدال بمعنى صاحب المال و أصله المتصدق فادغمت التاء في الصاد، ليس بصواب أيضا.

قال قطب الدين الراوندي رحمه الله تعالى- على ما نقله عنه الشارح البحريني- ره-: الظاهر من كلامه عليه السلام أنه كان يأمر باخراج كل واحد من هذه الأصناف المعيبة من المال قبل أن يصدع بصدعين. انتهى.

و قال الشارح المعتزلي: و ينبغي أن يكون المعيبات الخمس و هى المهلوسة و المكسورة و أخواتهما يخرجها المصدق من أصل المال قبل قسمته و الا فربما وقعت في سهم المصدق إذا كان يعتمد ما أمره به من صدع المال مرة بعد مرة. انتهى.

أقول: إذا كان أخذ تلك المعيبات في الفريضة منهيا عنه فهي خارجة عن الفريضة رأسا سواء اخرجت قبل صدع المال أو بعده نعم إخراجها قبل الصدع تسهيل للأمر و إلا فليس هو أحد الأحكام أو الاداب المعتبرة في الزكاة كما لم يتعرض عليها أحد من الفقهاء في الكتب الفقهية.

ثم إن للامام أن يستأجر الساعى بأجرة معلومة مدة معلومة و أن يجعل له جعالة على عمله إذا أوفى العمل دفع إليه العوض فلم يكن له فى هذا الوجه أخذ شي‏ء من الصدقات، و أما في غير هذا الوجه فربما لم تقع الفريضة فى سهمه بل تقع فى سهم الفقراء فلو يخلو في كلام الشارح المعتزلي و إلا فربما وقعت في سهم المصدق من دغدغة لأن كلامه ينبى‏ء أن النهى عن أخذ المعيبات الخمس في الفريضة يكون من حيث وقوعها في سهم المصدق و قد علمت تحقيق القول فيه.

ثم إنه هل يجوز للهاشمي أن يكون عاملا؟ منع أصحابنا الامامية من ذلك لأن ما يأخذه زكاة و هي محرمة عليهم و لما سأل الفضل بن العباس و المطلب ابن ربيعة النبي صلى الله عليه و آله أن يوليهما العمالة قال لهما: الصدقة أوساخ الناس و انها لا تحل لمحمد و آل محمد، كما في المنتهى، و في صحيحة العيس بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن اناسا من بني هاشم أتوا رسول الله صلى الله عليه و آله فسألوه أن يستعملهم‏ على صدقات المواشي و قالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله عز و جل للعاملين عليها فنحن أولى به، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: يا بني عبد المطلب إن الصدقة لا تحل لي و لا لكم و لكن قد وعدت الشفاعة. و قال الشيخ قدس سره: هذا مع تمكنهم من الخمس أما مع قصورهم فيجوز لهم.

أقول: مرادهم من عدم جواز كون الهاشمى عاملا إذا لم يكن الزكاة من الهاشميين لأن زكاة غير الهاشميين محرمة على بني هاشم لا مطلق الزكاة، كما في زكاة الفطرة.

قال العلامة في المنتهى: قد وقع الخلاف بين الفقهاء في وجه استحقاق العاملين على الزكاة، فعندنا أنه يستحق نصيبا من الزكاة، و به قال الشافعي و قال أبو حنيفة: يعطى عوضا و أجرة لا زكاة.

لنا: قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها و العطف بالواو يقتضى التسوية في المعنى و الاعراب و ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه و آله أن الله تعالى لم يرض في قسمتها نبي مرسل و لا ملك مقرب حتى قسمها بنفسه فجزاها ثمانية أجزاء، و من طريق الخاصة ما رواه زرارة و محمد بن مسلم في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قالا: قلنا له: أرأيت قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء الاية أ كل هولاء يعطي؟ فقال: إن الإمام يعطي هؤلاء جميعا، و عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ قال: هي تحل للذين وصف الله تعالى في كتابه: للفقراء و المساكين إلى آخرها. و لأنه لو استحقها على سبيل الاجرة لافتقر إلى تقدير العمل أو المدة و تعيين الاجرة و ذلك منفي إجماعا لأن النبي صلى الله عليه و آله و الأئمة عليهم السلام بعده لم يعينوا شيئا من ذلك.و لأنه لو كان اجرة لما منع منها الهاشمى.

احتج أبو حنيفة بأنه لا يعطي إلا مع العمل و لو فرقها المالك أو الإمام لم يكن له نصيب، و لأنه يأخذها مع الغنى و الصدقة لا تحل لغنى. و الجواب كونهم لا يأخذون إلا مع العمل لا ينافي استحقاقهم منها و نحن ندفعها إليهم على‏ وجه استحقاقهم لها بشرط العمل لأنها عوض عن عملهم لعدم اعتبار التقدير و إعطاؤه لا ينافي غناه لأنه يأخذها باعتبار عمله لا باعتبار فقره كما يعطى ابن السبيل مع غنائه في بلده و يدخل في العاملين الكاتب و القسام و الحاسب و الحافظ و العريف أما الإمام و القاضى و نائب الامام فلا. انتهى.

ثم إن النهي عن أخذ المعيبات منصرف عما إذا كان النصاب كله كذلك فلو كان كله كذلك لم يكلف شراء الصحيح، على أن قوله تعالى «منه» في الاية يدل على أن الخبيث بعض المال، و كذا الظاهر من قوله تعالى‏ و لا تيمموا فان القصد إلى الخبيث ظاهر في وجود غيره أيضا، كما أن المرجع في صدق الأصناف المعيبة إلى العرف فان صدق المعيب على مثل العرج القليل أو مقطوع الاذن أو القرن و نحوها بحيث يشملها النهى في الاية و في قوله عليه السلام و في الأخبار الاخرى مشكل بل خلافه ظاهر أو متعين.

قوله عليه السلام: (و لا تأمنن عليها إلا من تثق به‏، إلخ) ثم أكده بقوله: و لا توكل بها إلا ناصحا شفيقا و أمينا حفيظا إلخ. نهى عليه السلام عامله عن أن يولى على‏ مال المسلمين‏ من ليس محلا للأمانة، و الأمانة أحد الشروط المعتبرة في العاملين و قد اشترطوا في العامل البلوغ و العقل و الاسلام و العدالة و الفقه و اعتبر بعضهم الحرية أيضا و قد علمت آنفا أنه لا يجوز للهاشمي أن يكون عاملا، و يقتصر في الفقه فيمن يتولاه على ما يحتاج إليه.

قال في المدارك: لا ريب في اعتبار استجماع العامل لهذه الصفات الأربع التكليف و الايمان و العدالة و الفقه لأن العمالة تتضمن الاستيمان على مال الغير و لا أمانة لغير العدل، و لقول أمير المؤمنين عليه السلام في الخبر المتقدم: فاذا قبضته‏ فلا توكل به إلا ناصحا شفيقا و أمينا حفيظا. و إنما يعتبر الفقه فيمن يتولى ما يفتقر إليه و المراد منه معرفته بما يحتاج إليه من قدر الواجب و صفته و مصرفه و يختلف ذلك باختلاف حال العامل بالنسبة إلى ما يتولاه من الأعمال. قال: و يظهر من المحقق في المعتبر الميل إلى عدم اعتبار الفقه في العامل و الاكتفاء فيه بسؤال العلماء و استحسنه في‏ البيان و لا بأس به.

قال: و شرط كونه غير هاشمي إنما يعتبر في العامل الذي يأخذ النصيب لا في مطلق العمالة فلو كان العامل من ذوى القربى و تبرع بالعمل أو دفع إليه الإمام شيئا من بيت المال جاز، لأن المقتضى للمنع الأخذ من الزكاة و هو منتف هنا.

و كذا لو تولى عمالة قبيلة أو مع قصور الخمس، و يدل على اعتبار هذا الشرط ما رواه الشيخ في الصحيح عن العيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن اناسا من بني هاشم أتوا رسول الله صلى الله عليه و آله فسألوا أن يستعملهم على صدقات المواشى الخبر.

قال: و حكى الشيخ في المبسوط عن قوم جواز كون العامل هاشميا لأنه يأخذ على وجه الاجرة، فكان كسائر الإجارات و هو ضعيف جدا قاله في المختلف و الظاهر أن القوم الذين نقل الشيخ عنهم من الجمهور إذ لا أعرف قولا لعلمائنا في ذلك.

قال: و اختلف الأصحاب في اعتبار شرط الحرية فذهب الشيخ إلى اعتباره و استدل له في المعتبر بأن العامل يستحق نصيبا من الزكاة و العبد لا يملك و مولاه لم يعمل ثم أجاب عنه بأن عمل العبد كعمل المولى، و قوى العلامة في المختلف عدم اعتبار هذا الشرط لحصول الغرض بعمله و لأن العمالة نوع اجارة و العبد صالح لذلك مع اذن سيده، و يظهر من المحقق في المعتبر الميل إليه و لا بأس به، أما المكاتب فلا ريب في جواز عمالته لأنه صالح للملك و التكسب انتهى كلامه- ره-.

قال العلامة- ره- في المنتهى في وجه اشتراط الاسلام بأن الكافر ليس أهلا للأمانة قال الله تعالى‏ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم‏ و رفع أبو موسى الأشعرى إلى عمر حسابا فاستحسنه فقال من كتب هذا؟ فقال: كاتبى، قال: فأين هو؟ قال: على باب المسجد، فقال: أجنب هو؟ قال: لا و لكنه نصرانى فقال: لا تأتمنوهم و قد خونهم الله و لا تقربوهم و قد بعدهم الله. و لأن ذلك ولاية على المسلمين و قد قال الله تعالى: و لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا.

قوله عليه السلام‏ (حتى توصله إلى وليهم فيقسمه بينهم) إن بنى الفعل الأول على‏ الخطاب فهو راجع إلى العامل، و على الغيبة إلى من في قوله: إلا من تثق به‏ و أما الثاني فالصواب فيه أن يقرأ على الغيبة لكى يرجع إلى‏ الولى‏ و أراد بالولي‏ نفسه. قال الله تبارك و تعالى: إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون‏ «المائدة» و الاية من الأدلة الواضحة على أن أمير المؤمنين عليه السلام هو ولى المسلمين بعد الله تبارك و رسوله صلى الله عليه و آله فالاية دالة على إمامته عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه و آله بلا فصل فراجع إلى كتب التفسير.

و أفاد الفاضل الشارح المعتزلي في المقام حيث قال: قد كرر عليه السلام قوله: لنقسمها على كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و آله في ثلاثة مواضع من هذا الفصل الأول قوله: حتى يوصله إلى وليهم ليقسمه بينهم‏، الثاني قوله: نصيره حيث أمر الله به‏، الثالث قوله: ليقسمها على كتاب الله‏، و البلاغة لا تقتضى ذلك و لكني أظنه أحب أن يحتاط و أن يدفع الظنة عن نفسه فان الزمان كان في عهده قد فسد و ساءت ظنون الناس لا سيما مع ما رواه من عثمان و استيثاره بمال الفي‏ء.

قوله عليه السلام‏ (ثم احدر إلينا إلخ) ثم أمر عليه السلام المصدق بأن يسوق إليه سريعا ما اجتمع عنده من حق الله يقال: حدر يحدر كينصر و يضرب إذا أسرع، إنما أمره كذلك لأن في تأخيره خوف التلف، أو لشدة احتياج المستحقين إليه.

و في المقام يبحث عن فروع فقهية:

أحدها أن الظاهر من كلامه عليه السلام: احدر إلينا جواز نقل مال الزكاة إلى بلد آخر.

و ثانيها حمل الزكاة وجوبا إلى الولى عليه السلام أو إلى من قام مقامه.

و ثالثها عدم جواز التصرف في الزكاة للساعى، و في الفروع اختلاف بين الفقهاء و نكتفي بنقل طائفة من أقوالهم دون أدلتهم تفصيلا.

أما الفرع الأول‏

ففى المختلف قال الشيخ في الخلاف: لا يجوز نقل مال الزكاة من بلد إلى بلد مع وجود مستحقه فان نقله كان ضامنا له إن هلك، و إن لم يجد له مستحقا جاز له نقله و لا ضمان عليه أصلا. و في المبسوط: و إذا وجب عليه زكاة فعليه أن يفرقها في فقراء أهل بلده فان نقلها إلى بلد آخر مع وجود المستحق‏

في بلده و وصل إليهم أجزأه و إن هلك ضمن و إن لم يجد مستحقا في بلده جاز حملها إلى بلد آخر و لا ضمان على حال و لا فرق بين أن ينقلها إلى قريب أو بعيد فإنه لا يجوز نقلها عن البلد مع وجود المستحق إلا بشرط الضمان و مع عدم المستحق يجوز بالإطلاق.

و في النهاية: متى لم يجد من تجب عليه الزكاة مستحقا عزلها من ماله و انتظر بها مستحقها فان لم يكن في بلده جاز أن يبعث بها إلى آخر فإن اصيب في الطريق أجزأه، و إن كان قد وجد في بلده مستحقا فلم يعطه و آثر من يكون في بلد آخر كان ضامنا لها إن هلكت وجب عليه إعادتها.

و قال المفيد: إذا جاء الوقت فعدم المستحق عزلها من ماله إلى أن يجد من يستحقها من أهل الفقر و الايمان و إن قدر على إخراجها إلى بلد يوجد فيه مستحق أخرجها و لم ينتظر بها وجود مستحقها ببلده إلا أن يغلب على ظنه فوت وجوده و يكون أولى بها ممن يحمل إليه من أهل الزكاة فان هلكت في الطريق المحمول فيها إلى مستحقها أجزأت عن صاحب المال و لا يجزيه ذلك إذا حملها و هلكت و قد كان واجدا لمستحقها في بلده و إنما أخرجها منه إلى غيره لاختيار أهل الاستحقاق و وضعها في بعض من يؤثره منهم دون من حضره.

و قال صاحب الوسيلة فيها: إذا وجد المستحق في بلده كره له نقلها إلى آخر فان نقل ضمن، و إن لم يوجد لم يضمن.

و قال أبو الصلاح: و أهل المصر أولى من قطان غيره، فان لم يكن في المصر من يتكامل فيه صفات مستحقها اخرجت إلى من يستحقها، و إذا اريد حملها إلى مصر آخر مع فقد من يستحقها في المصر فلا ضمان على مخرجها في هلاكها و إن كان السبيل مخوفا لم يجز حملها إلا بإذن الفقير، فان نقلت من غير إذنه فهى مضمونة حتى تصل إليه، و إن كان في مصره من يستحقها فحملها إلى غيره فهى مضمونة حتى تصل إلى من حملت إليه إلا أن يكون حملها إليه باذنه فيسقط الضمان.

و أما الثاني‏

ففي المختلف أيضا قال المفيد رحمه الله تعالى: فرض على الامة حمل الزكاة إلى النبي صلى الله عليه و آله و الامام خليفته و قائم مقامه فاذا غاب الخليفة كان الفرض حملها إلى من ينصبه خليفة من خاصته فاذا عدم السفراء بينه و بين رعيته وجب حملها إلى الفقهاء المأمونين من أهل ولايته. و قال أبو الصلاح: يجب على كل من تعين عليه فرض زكاة أو فطرة أو خمس أو أنفال أن يخرج ما وجب عليه من ذلك إلى سلطان الإسلام المنصوب من قبله تعالى إو إلى من ينصبه لقبض ذلك من شيعته ليضعه مواضعه، فان تعذر الأمران فإلى الفقيه المأمون فإن تعذر و أثر المكلف تولى ذلك بنفسه فمستحق الزكاة و الفطرة الفقير المؤمنين، و هذا الكلام منهما يشعر بوجوب حمل الزكاة إلى الإمام أو نائبه أو الفقيه على ما رتبناه.

و قال ابن البراج: و إذا كان الإمام ظاهرا وجب حمل الزكاة إليه ليفرقها في مستحقها، فان كان غائبا فإنه يجوز لمن وجبت عليه أن يفرقها في خمسة أصناف و هو يدل على الوجوب أيضا.

و قال الشيخ رحمه الله تعالى: الأموال ضربان: ظاهرة و باطنة، فالباطنة الدنانير و الدراهم و أموال التجارات، فالمالك بالخيار بين أن يدفعها إلى الإمام أو من ينوب عنه و بين أن يفرقها بنفسه على مستحقها بلا خلاف في ذلك. و أما زكاة الأموال الظاهرة مثل المواشى و الغلات فالأفضل حملها إلى الإمام إذا لم يطلبها، و إن تولى ففرقها بنفسه فقد أجزأ عنه.

و قال السيد المرتضى: الأفضل و الأولى إخراج الزكاة لا سيما في الأموال الظاهرة كالمواشى و الحرث و الغرس إلى الإمام و إلى خلفائه النائبين عنه [و إن تولى ظ] من وجبت عليه بنفسه من دون الإمام جاز.

ثم قال العلامة رحمه الله تعالى: و الحق الاستحباب إلا مع الطلب فيجب كما اختاره الشيخ و هو قول ابن إدريس، إلى أن قال: لو طلبها الإمام فلم يدفعها إليه و فرقها بنفسه قال الشيخ لا يجزيه و هو الذي يقتضيه قول كل من أوجب الدفع إليه مع غير الطلب، و قيل: يجزيه.

لنا أنها عبادة لم يأت بها على وجهها المطلوب شرعا فيبقى في عهدة التكليف أما أنها عبادة فظاهر، و أما أنه فعلها على غير الوجه المطلوب فللاجماع على وجوب الدفع إلى الإمام مع الطلب فاذا فرقها بنفسه لم يأت به على وجهه.

احتج الاخرون بأنه دفع مالا إلى مستحقه فيخرج عن العهدة، و الجواب إنما يخرج عن العهدة لو دفعه إليه على الوجه المطلوب منه.

و أما الفروع الثالث‏

ففي المنتهى: إذا قبض الساعى الصدقة و حملها إلى الإمام أو فرقها إن كان قد أذن له في التفريق فليس له أن ينتفع منها شيئا إلا مع الحاجة و العذر كما إذا مرضت الشاة فيخاف عليها التلف قبل اتصالها إلى المستحق أو كان التفريق مخوفا أو احتاج في نقله إلى مؤنة يستوعبه فأما لغير عذر فلا يجوز لقوله عليه السلام لمعاذ بن جبل: أعملهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، و لما بعث أمير المؤمنين عليه السلام المصدق قال له: ثم احدر ما اجتمع عندك من كل ناد إلينا نصيره حيث أمر الله عز و جل، و لما عدل عن البيع الذي هو الأرفق إلى الأشق دل على أن الواجب ذلك، أما مع العذر فلا بأس لأجل الضرورة، و قد روى الشيخ رحمه الله تعالى عن محمد بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام بيع الصدقة، و هو محمول على ما قلناه، إذا ثبت هذا فإن باع لا للضرورة لم يصح البيع فان كانت العين باقية استرجعت و ان نقصت ضمن الأرش، و إن كانت تالفة ضمن المشترى المثل فان تعذر أو لم يكن مثله ضمن القيمة.

قوله عليه السلام: (فاذا أخذها أمينك‏ إلخ) فيه زيادة تأكيد لقوله الماضى آنفا:

و لا تأمنن عليها إلا من تثق‏ بدينه، حيث ذكره بالوصف مشعرا بذلك من كونه‏ أمينا ثم أمره أن يوعز إلى أمينه و يوصى إليه بحال‏ الماشية و الإبل‏ بأن يراعى فيها عدة امور:

أحدها أن لا يحول بين ناقة و فصيلها طمعا في اللبن.

و ثانيها أن لا يحلب كل ما في ضرعها فيضر ذلك بولدها فيبقى جائعا.

و ثالثها أن لا يتعبنها ركوبا.

و رابعها أن‏ يعدل بين صواحباتها و بينها في الركوب أى لا يخص بالركوب واحدة بل تارة يركب عليها و اخرى على غيرها. هذا إذا جعلنا ذلك مشيرا إلى الركوب كما هو الظاهر المنساق من العبارة، و يمكن أن يكون مشيرا إلى كل واحد من الركوب و حلب الضرع أى كما يجب عليه العدل بينها في الركوب يجب عليه العدل في الحلب أيضا بأن لا يخص واحدة منها في ذلك بل تارة يحلب هذه و اخرى اخرى.

و خامسها أن‏ يرفه على اللاغب‏ أي أن يريح المعيى و يدعه و يعفه عن الركوب ليستريح.

و سادسها أن يستأنى‏ بالنقب‏، و هو الذي رقت أخفافه فيشق عليه المشى لأن الأرض تجرحه حينئذ، و كذلك أن يستأنى و يرفق‏ بالظالع‏ و هو الذي يظلع أى يغمز في مشيه.

و سابعها أن‏ يوردها ما تمر به من الغدر أى لا يمنعها من الماء.

و ثامنها أن‏ لا يعدل بها عن نبت الأرض إلى جواد الطريق‏ أى لا يمنعها من الكلاء.

و كانت نسختا الكافي و التهذيب في هذا القسم هكذا: و لا يعدل- او و لا يبدل- بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطريق في الساعة التي تريح و تغبق.

و صاحب المدارك- ره- نقل الخبر بطوله من الكافي في زكاة المدارك (ص 281 من الطبع على الحجر) و قال بعد نقل الخبر: و نقلنا هذا الحديث بطوله لما فيه من الفوائد، ثم قال: قال ابن إدريس- ره- في سرائره بعد ان أورد هذا الخبر: قوله عليه السلام: و لا تعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق في الساعة التي تريح فيها و تعنق قال محمد بن إدريس: سمعت من يقول: تريح و تغبق بالغين المعجمة و الباء يعتقد أنه من الغبوق و هو الشرب بالعشى، و هذا تصحيف فاحش و خطاء قبيح و انما هو بالعين غير المعجمة و النون المفتوحة و هو ضرب من سير الابل شديد قال الراجز:

يا ناق سيرى عنقا فسيحا إلى سليمان فتستريحا

لأن معنى الكلام أنه‏ لا يعدل‏ بهن‏ عن نبت الأرض إلى جواد الطرق في الساعات‏ التي لها فيها راحة و لا في الساعات‏ التي عليها فيها مشقة و لأجل هذا قال تريح من الراحة و لو كان من الرواح لقال تروح و ما كان يقول تريح و لأن الرواح عند العشاء يكون قريبا منه و الغبوق و هو شرب العشى على ما ذكرناه و لم يبق له معنى و انما المعنى ما قلناه و انما أوردت هذه اللفظة في كتابى لأنى سمعت جماعة من أصحابنا الفقهاء يصحفونها. انتهى كلامه- ره-. انتهى ما أتى به السيد- ره- في المدارك.

و قال الفيض قدس سره في الوافي (ص 22 ج 6) في بيان الحديث: و الغبوق بالغين المعجمة و الباء الموحدة شرب آخر النهار، و ضبطه صاحب كتاب السرائر تعنق بالعين المهملة و النون من العنق و هو شدة سير الابل و جعل جعله تغبق تصحيفا فاحشا و خطاء قبيحا معللا بان يريح من الراحة ليس من الرواح.ثم قال الفيض- ره- قال استاذنا رحمه الله: كون ذلك تصحيفا غير معلوم بل يحتمل الأمرين. انتهى كلام الفيض. و مراده من استاذه هو استاذه في العلوم النقلية السيد ماجد بن هاشم الصادقى البحراني طاب ثراه كما نص عليه في ص 14 ج 6 من زكاة الوافي.

و تاسعها أن‏ يروحها في ساعات‏ الرواح.

و عاشرها أن يمهلها عند وصولها إلى النطاف و الأعشاب، و النطاف المياه القليلة الصافية جمع النطفة، و الأعشاب جمع العشب و هو الكلاء الرطب.

ثم إن كلامه عليه السلام: (و لا يمصر لبنها فيضر ذلك بولدها و لا يجهدنها ركوبا) يفيد أن للساعى أن ينتفع من الصدقة على مقدار الحاجة كما تقدم الكلام آنفا في الفرع الثالث.

و ينبغي التأمل جدا في ما أمره عليه السلام و نهاه في حق البهائم سيما فيما أوصى من رعاية العدل في الركوب و الحلب فيها ليعلم أن الله يحب العدل في حقها أيضا، و أنه سبحانه بين كل ما يتعلق بأفعال المكلفين و لم يترك شيئا إلا و له فيه‏ حكم. و هذا هو خليفته أوصى في أخس خليفته ما أوصى، فما ظنك بأشرفها و أكرمها.

فلنذكر في المقام عدة روايات منقولة من أئمة الدين عليهم السلام في حق الدابة على صاحبها و آداب ركوبها و حملها، ففي الكافي و الفقيه (الوافي ص 66 ج 8) عن أبي عبد الله عليه السلام قال لقمان لابنه: يا بنى إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك و امورهم- إلى أن قال: و لا تنامن على دابتك فان ذلك سريع في دبرها و ليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل، و إذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك و ابدأ بعلفها قبل نفسك فانها نفسك إلخ. قال الفيض قدس سره: الدبر محركة قرحة الدابة، و انما جعل الدابة نفسه لأن هلاكها يستلزم هلاكها.

و في الخصال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: للدابة على صاحبها خصال ست:يبدأ بعلفها إذا نزل، و يعرض عليها الماء إذا مر به، و لا يضرب وجهها فانها تسبح بحمد ربها، و لا يقف على ظهرها إلا في سبيل الله عز و جل، و لا يحملها فوق طاقتها، و لا يكلفها من المشى إلا ما تطيق.

و في البحار- باب حق الدابة على صاحبها و آدابها و حملها ص 701 ج 14 من طبع الكمبانى- من المحاسن عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله:لا تضربوا وجوه الدواب و كل شي‏ء فيه الروح فانه يسبح بحمد الله.

و فيه من مجالس الصدوق عن الصادق عليه السلام قال: للدابة على صاحبها سبعة حقوق: لا يحملها فوق طاقتها، و لا يتخذ ظهرها مجلسا يتحدث عليها، و يبدأ بعلفها إذا نزل، و لا يسمها في وجهها فانها تسبح، و يعرض عليها الماء إذا مر به، و لا يضربها على النفار، و يضربها على العثار لأنها ترى ما لا ترون.

و فيه من المحاسن و الفقيه عن ابن فضال عن حماد اللحام قال: مر قطار لأبي عبد الله عليه السلام فرأى زاملة قد مالت فقال: يا غلام اعدل على هذا الجمل فان الله يحب العدل.

و فيه من نوادر الراوندي عن علي عليه السلام قال: للدابة على صاحبها ست خصال: يبدأ بعلفها إذا نزل، و يعرض عليها الماء إذا مر به، و لا يضربها إلا على حق و لا يحملها إلا ما تطيق، و لا يكلفها من السير إلا طاقتها، و لا يقف عليها فواقا.

و قال رسول الله صلى الله عليه و آله: لا تتخذوا ظهور الدواب كراسى فرب دابة مركوبة خير من راكبها و أطوع لله تعالى و أكثر ذكرا.

و فيه من الفقيه قال رسول الله صلى الله عليه و آله: إن الله تبارك و تعالى يحب الرفق و يعين عليه فاذا ركبتم الدواب العجاف فانزلوها منازلها فان كانت الأرض مجدبة فانجوا عليها، و ان كانت مخصبة فانزلوها منازلها. فقال صلى الله عليه و آله: من سافر منكم بدابة فليبدأ حين ينزل بعلفها و سقيها.

و في الكافي باسناده عن عمرو بن جميع عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: لا تتوركوا على الدواب و لا تتخذوا ظهورها مجالس.

و في البحار عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه و آله قال: من قال إذا ركب دابة:«بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شي‏ء في الأرض و لا في السماء سبحانه ليس سمى له سبحان الذي سخر لنا هذا و ما كنا له مقرنين و إنا إلى ربنا لمنقلبون و الحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد و آله عليهم السلام» إلا قالت الدابة: بارك الله عليك من مؤمن خففت على ظهري و أطعت ربك و أحسنت إلى نفسك بارك الله لك و أنجح حاجتك.

و قد مضى كلام الأمير عليه السلام حين يركب في شرح المختار الخامس عشر من باب الكتب «ص 169 ج 18» فراجع. و في المقام روايات عديدة أتى بها المجلسي- ره- في البحار فراجع «ص 701 ج 14- إلى ص 708 من طبع الكمبانى».

قوله عليه السلام: (حتى يأتينا باذن الله‏ إلخ) ثم ذكر عليه السلام غاية ما أمر العامل أن يوصى إلى أمينه بما مر في أمر الدواب، أى له أن يراعى فيها بتلك الامور حتى يأتينا إلخ. فقوله: حتى يأتينا متعلق بقوله: فأوعز إليه‏، و المنقيات اسم فاعل من انقت الابل اذا سمنت يقال: انقت الابل أى سمنت و صارت ذات نقي بكسر النون‏ فسكون القاف أى ذات مخ. ثم اتبعه عليه السلام تشديدا في حفظ مال المستحقين و تأكيدا لما أوصى مرارا من قسمته على ما أوجب الله تعالى بقوله: (لنقسمها على كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و آله) ثم وعده بما يترتب على عمله هذا من الأجر العظيم و القرب من الرشد و الهداية و الصواب، و قال عليه السلام: (إن ذلك أعظم أجرا) لأن فيه كثرة مشقة لا تخفى و لأن ذلك أحفظ لمال المستحقين فثواب حافظه و أجره أقرب رشدا لأن فيه اتباع ولي الأمر على نهج رضاه فيه أكثر، و لأن اختيار عمل فيه كثرة مشقة يدل غالبا على خلوص العامل و صدق نيته في إطاعة الامر.

و كفى في عظم الأجر ما وعد عليه السلام على ما في روايتى الكافي و التهذيب المقدمتين في ذكر المصدر حيث قال عليه السلام: فان ذلك أعظم لأجرك و أقرب لرشدك‏ ينظر الله إليها و إليك و إلى جهدك و نصيحتك لمن بعثك و بعثت في حاجة فان رسول الله صلى الله عليه و آله قال: ما ينظر الله إلى ولى له يجهد نفسه بالطاعة و النصيحة له و لإمامه إلا كان معنا في الرفيق الأعلى. قال الفيض قدس سره في الوافي «ص 22 ج 6» في بيان الرفيق الأعلى: أى في الرفقة العالية و هم الأنبياء و المرسلون و الملائكة المقربون.

فرع فقهى‏

روى المسلم في آخر كتاب الزكاة من صحيحه باسناده عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: «اللهم صل عليهم» فأتاه أبي أبو أوفى بصدقته فقال: «اللهم صل على آل أبي أوفى». انتهى.

أقول: قوله صلى الله عليه و آله: اللهم صل عليهم يشير إلى قوله تعالى: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها و صل عليهم إن صلاتك سكن لهم و الله سميع عليم‏- توبة: 104». ثم إن الأمير عليه السلام لم يأمر العامل بالدعاء بعد أخذ الصدقة لصاحبها و لو كان واجبا لذكره اللهم إلا أن يقال: إن الرضى أسقطه على دأبه في النهج بل صرح في المقام بانه ذكر هنا جملا منها كما دريت، و نسخة الكافي كالتهذيب كانت قريبة منه، و مع فرض ذكره في الوصية القول بوجوبه مشكل بل الحق في المقام أن الدعاء مستحب و ليس الدعاء موقتا.

قال العلامة- ره- في المنتهى «ص 515»، مسئلة و إذا أخذ الساعي أو الامام الصدقة دعا لصاحبها قال الله تعالى: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها و صل عليهم‏ و تردد الشيخ في الوجوب فقال في الخلاف به‏[1] و هو مذهب داود بن علي بن خلف الاصبهاني لظاهر الاية و قال في المبسوط بالاستحباب و هو مذهب أكثر الجمهور و هو أولى لأن النبي صلى الله عليه و آله لما بعث معاذا إلى اليمن قال له: أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، و لم يأمره بالدعاء و لو كان واجبا لذكره، و لأنه براءة للذمة، و لأن الفقراء لو أخذوا الصدقة بأنفسهم لم يجب عليهم الدعاء فتاتيهم أولى (كذا في المنتهى و في العبارة تصحيف) «الظاهر: فنائبهم م» و لأن هذا أداء عبادة فلا يجب الدعاء لها كالصلاة، و الاية محمولة على الاستحباب و لا شي‏ء موقت في هذا الدعاء و أي دعاء ذكره كان حسنا.

و في المستند للنراقي- قده-: يستحب للعامل و الفقيه و الفقير الدعاء للمالك بعد أخذ الزكاة، أما من حيث استحباب الدعاء مطلقا فظاهر، و أما من جهة خصوص المورد فلفتوى جمع من الأصحاب، و لا يجب قطعا للأصل و عدم الدليل سوى الاية المخصوص بالنبي صلى الله عليه و آله خطابا و تعليلا بقوله سبحانه: إن صلاتك سكن لهم‏ مضافا إلى عدم معلومية شمول مرجع الضمير لجميع المؤمنين و عدم صراحة الاية في كون الصلاة المأمور بها لأجل أداء الزكاة و بعد مضيها بل عدم ظهورها فيه أيضا.

كلام في الرجعة

و اعلم أن ظاهر قوله عليه السلام في ذيل هذه الوصية على نسختى الكافي و التهذيب حيث قال عليه السلام:- أما و الله لا تذهب الأيام و الليالى حتى يحيى الله الموتى و يميت الأحياء و يرد الله الحق إلى أهله و يقيم دينه الذى ارتضاه لنفسه و نبيه فابشروا ثم ابشروا فو الله ما الحق إلا في أيديكم- يدل على الرجعة.

و قال الفيض- ره- في الوافي «ص 22 ج 6»: قوله يحيى الله الموتى و يميت الأحياء، إما محمول على الحقيقة بناء على الرجعة، و إما تجوز، شبه الشيعة لقلتهم و خفائهم و عدم تمكنهم من اظهار دينهم بالموتى انتهى كلامه- ره- أقول: حمل العبارة على التجوز بعيد من صوب الصواب جدا و تكلفه واضح و لو جاز حمل العبارة على هذا النحو من التجوز لا يبقى لظاهر الألفاظ معنى، و لا للرجعة محل لامكان حمل كل خبر قائل بالرجعة على نحو هذا المعنى المتكلف فيه.

ثم إن لعلمائنا الامامية رسائل عديدة منفردة في إثبات الرجعة و ربما أتوا بالبحث عنها في أثناء كتبهم الكلامية تمسكوا في إثباتها بعدة آيات و بروايات كثيرة.

و قال المحدث الخبير الشيخ الحر العاملي طيب الله رمسه في أول كتابه في الرجعة المسمى بالإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة، و هو أطول كتاب عمل في الرجعة مما حضرنا من المؤلفات فيها ما هذا لفظه: و قد نقل جماعة من علمائنا إجماع الإمامية على اعتقاد صحتها و اطباق الشيعة الاثنى عشرية على نقل أحاديثها و روايتها و تأولوا معارضها على شذوذ و ندور بالحمل على التقية إذ لا قائل بها من غير الشيعة الإمامية، و ذلك دليل واضح على صحتها، و برهان ظاهر على ثبوتها و نقل روايتها.

و قال في آخر كتابه هذا: فهذا ما خطر بالبال و اقتضاه الحال من الكلام في إثبات الرجعة و دفع شبهاتها على ضعفها و عدم صراحتها في ابطال الرجعة و قوة أحاديث الرجعة و أدلتها كما رأيت فانها وصلت إلي حد التواتر بل تجاوزت بمراتب فأوجبت القطع و اليقين بل كل حديث منها موجب لذلك لكثرة القرائن القطعية من موافقة القرآن و الأدلة و السنة النبوية و تعاضدها و كثرتها و صراحتها و اشتمالها على ضروب من التأكيدات و موافقتها لاجماع الامامية و إطباق جميع الرواة و المحدثين على نقلها و وجودها في جميع الكتب المعتمدة و المصنفات المشهورة المذكورة سابقا و غيرها، و عدم وجود معارض صريح لها أصلا و عدم‏  احتمالها للتقية، و استحالة اتفاق رواتها على الكذب، و لعدم قول أحد من العامة المخالفين للامامية بها، و لعدالة أكثر رواتها و جلالتهم، و لصحة طرق كثيرة من أحاديثها، و لكون أكثر رواتها من أصحاب الإجماع الذين اجتمعت الامامية على تصحيح ما يصح عنهم و تصديقهم و أقروا لهم بالعلم و الفقه، و للعلم القطعي بأن كثيرا من هذه الأحاديث كانت مروية في الاصول المجمع على صحتها التي عرضت على الأئمة عليهم السلام فصححوها و أمروا بالعمل بها، و لكثرة تصانيف علماء الإمامية في إثبات الرجعة، و لم يبلغنا أن أحدا منهم صرح بردها و إنكارها فضلا عن تأليف شي‏ء في ذلك.

و إني مع قلة تتبعي لو أردت الان لأضفت إلى أحاديث هذه الرسالة ما يزيد عليها في العدد فتتضاعف الأحاديث لأني لم أنقل من رسائل المتأخرين شيئا مع أنه حضرني منها ثلاث رسائل و فيما ذكرنا بل في بعضه كفاية إن شاء الله تعالى فقد ذكرنا في هذه الرسالة من الأحاديث و الايات و الأدلة ما يزيد على ستة مائة و عشرين، و لا أظن شيئا من مسائل الاصول و الفروع يوجد فيه من النصوص أكثر من هذه المسألة. انتهى كلامه- ره-.

و قال الاحسائى في شرح الزيارة الجامعة «ص 268 من الطبع على الحجر 1276 ه» في شرح قول الامام عليه السلام «مصدق برجعتكم» بعد نقل طائفة من الكلام في الرجعة: مع ما ورد في الرجعة من النصوص الكثيرة منها ما تقدم ذكره عن السيد نعمة الله الجزائرى أنه قال: وقفت على ستمائة و عشرين حديثا في هذا الباب. و الشيخ عبد الله بن نور الله البحرانى الذي تقدم ذكره و بعض كلامه و قلنا يأتي تمامه قال: و كيف يشك مؤمن بحقيقة الأئمة الأطهار عليهم السلام فيما تواتر عنهم في قريب من مأتي حديث صريح رواها نيف و أربعون من الثقات العظام و العلماء الأعلام في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم كثقة الإسلام الكليني، و الصدوق محمد بن بابويه، و الشيخ أبي جعفر الطوسي، و المرتضى و النجاشي و الكياشي و العياشي و علي بن إبراهيم و سليم الهلالى و الشيخ المفيد و الكراجكى و النعمانى و الصفار و سعد بن عبد الله و ابن قولويه و علي بن عبد الحميد و السيد علي بن الطاوس و ولده صاحب كتاب زوائد الفرائد، و محمد بن علي بن إبراهيم و فرات بن إبراهيم مؤلف كتاب التنزيل و التحريف و أبي الفضل الطبرسي و أبي طالب الطبرسي و إبراهيم بن محمد الثقفي و محمد بن العباس بن مروان و البرقي و ابن شهرآشوب و الحسن بن سليمان و القطب الراوندي و العلامة الحلى و السيد بهاء الدين و علي بن عبد الكريم و أحمد بن داود بن سعيد و الحسن بن علي بن أبي حمزة و الفضل بن شاذان و الشيخ الشهيد محمد بن مكى و الحسين بن حمدان و الحسن بن محمد بن الجمهور العمي مؤلف كتاب الواحدة و الحسن بن محبوب و جعفر بن محمد بن مالك الكوفي و طهر بن عبد الله و شاذان بن جبرئيل صاحب كتاب الفضائل و مؤلف كتاب العتيق و مؤلف كتاب الخطب و غيرهم من مؤلفي الكتب عندنا و لم نعرف مؤلفه على التعيين و لذا لم ننسب الأخبار إليهم و إن كان موجودا فيها- إلى أن قال البحرانى المذكور:

و لنذكر لمزيد التشييد و التأكيد أسماء بعض من تعرض لتأسيس هذا المدعى و صنف فيه أو احتج على المنكرين أو خاصم المخالفين سوى ما ظهر مما قد منافي ضمن الأخبار و الله الموفق فمنهم أحمد بن داود بن سعيد الجرجانى قال الشيخ في الفهرست: له كتاب المتعة و الرجعة، و منهم الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائى و عد النجاشي من جملة كتبه كتاب الرجعة. و منهم الفضل بن الشاذان النيسابوري ذكر الشيخ في الفهرست و النجاشي أن له كتابا في إثبات الرجعة. و منهم الصدوق محمد بن علي بن بابويه فانه عد النجاشي من كتبه كتاب الرجعة. و منهم محمد بن مسعود العياشي ذكر النجاشي و الشيخ في الفهرست كتابه في الرجعة. و منهم الحسن بن سليمان على ما روينا عنه الأخبار. و أما سائر الأصحاب فانهم ذكروها فيما صنفوا في الغيبة و لم يفردوا لها رسالة و أكثر أصحاب الكتب من أصحابنا أفردوا كتابا في الغيبة و قد عرفت سابقا من روى ذلك من عظماء الأصحاب و أكابر المحدثين الذين ليس في جلالتهم شك و لا ارتياب. و قال العلامة- ره- في خلاصة الرجال في ترجمة ميسر بن عبد العزيز: و قال العقيقي‏ أثنى عليه آل محمد صلى الله عليه و آله و هو ممن يجاهد في الرجعة انتهى.

و قال علم المهدى سيد المرتضى: إن الذي تذهب الشيعة الامامية إليه أن الله تعالى يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي عليه السلام قوما ممن كان قد تقدم موته من شيعته ليفوزوا بثواب نصرته و معونته و مشاهدة دولته، و يعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم فيلتذوا بما يشاهدون من ظهور الحق و علو كلمة أهله.

و الدلالة على صحة هذا المذهب أن الذي ذهبوا إليه مما لا شبهة على عاقل في أنه مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه فانا نرى كثيرا من مخالفينا ينكرون الرجعة إنكار من يراها مستحيلة غير مقدورة، و إذا ثبت جواز الرجعة و دخولها تحت المقدور فالطريق إلى إثباتها إجماع الإمامية على وقوعها فانهم لا يختلفون في ذلك و إجماعهم قد بينا في مواضع من كتبنا أنه حجة لدخول قول الإمام عليه السلام فيه إلى آخر ما قال، و قد نقل كلامه تماما المجلسي- ره- في الثالث عشر من البحار الكمباني «ص 235».

و قال المجلسي- ره- «ص 231 ج 13 من البحار الكمبانى»: اعلم يا أخي أني لا أظنك ترتاب بعد ما مهدت و أوضحت لك في القول بالرجعة التي أجمعت الشيعة عليها في جميع الأعصار و اشتهرت بينهم كالشمس في رابعة النهار حتى نظموها في أشعارهم و احتجوا بها على المخالفين في جميع أمصارهم و شنع المخالفون عليهم في ذلك و أثبتوه في كتبهم و أسفارهم، منهم الرازي و النيسابوري و غيرهما، و قد مر كلام ابن أبي الحديد حيث أوضح مذهب الإمامية في ذلك و لو لا مخافة التطويل من غير طائل لأوردت كثيرا من كلماتهم في ذلك. و كيف يشك مؤمن بحقيقة الأئمة الأطهار عليهم السلام فيما تواتر عنهم في قريب من مأتي حديث صريح- إلى آخر ما تقدم من الشيخ البحراني المذكور آنفا ..

الترجمة

از جمله وصيت آن حضرت عليه السلام است كه آنرا براى كسى كه او را بر گرفتن زكاة عامل مى ‏گردانيد مى‏ نوشت، و ما در اينجا پاره از آنرا آورده‏ ايم تا بان دانسته شود كه آن حضرت ستون حق را بپا مى ‏داشت و در كارهاى كوچك و بزرگ و پنهان و آشكار أحكام عدل را ظاهر مي كرد:

برو بر تقوى خداى يكتاى بى ‏همتا، مسلمانى را مترسان، و آنچه را كه ناخوش دارد بر او مگزين، و بيش از حقى كه خدا در مال او دارد از او مگير، و چون بقبيله ‏اى رسيدى بكنار آبشان فرود آى بدون اين كه بخانهايشان در آيى، و بعد از آن برو بسويشان بارامى تن و جان تا در ميانشان بايستى پس بر آنان سلام كن و تحيت و درود را برايشان كم و ناقص مگردان، بعد از آن ميگوئى اى بندگان خدا ولى خدا و خليفه او مرا بسوى شما فرستاده تا حق خدا را در اموال شما از شما بستانم آيا در اموال شما براى خدا حقيست كه آنرا بولى او بدهيد؟ اگر كسى گفت:

نه باز مگرد بر او و دوباره سخن را بر او اعاده مكن، و اگر كسى گفت: آرى هست با او برو بدون اين كه او را بيم دهى و بترسانى، يا بر او سخت گيرى يا دشوارى را بر او تكليف كنى، آنچه كه از طلا و نقره بتو داده بگير، اگر او را گاو و گوسفند و شتر است بدون اذنش داخل در آنها مشو زيرا بيشتر آنها مال او است و هر گاه با اذن او بر سر آنها رفتى چون كسى كه بر آنها تسلط دارد و درشت كردار است مرو، و حيوانى را مرمان و مترسان و صاحبش را در حق آن مرنجان.

و مال را بدو بخش كن و صاحبش را مخير كن تا هر كدام بخش را كه خواهد اختيار كند و چون اختيار كرد متعرض آنچه را كه اختيار كرده است مشو، دوباره آن باقى را بدو قسم كن باز او را مخير كن تا هر كدام قسم را كه خواهد اختيار كند و چون اختيار كرده متعرض آنچه را كه اختيار كرده است مشو و همچنين پيوسته اين كار را مي كنى تا آن قدر بماند كه وفا كند بحق خدا در مال او، پس حق خدا را از او مى ‏گيرى پس اگر خواهش فسخ كرده بپذير و دوباره آنها را درهم آميز،سپس آن چنان كن كه در اول كردى تا حق خدا را در مال او بگيرى.و نگير شتر پير را و نه كهن سال را و نه شكسته را و نه سل دار يا بمرض از پاى در افتاده را و نه عيبناك را.

و أمين مگردان بر آن مالها مگر كسى را كه بدين او وثوق دارى كه بمال مسلمانان رفق و مدارا كند و مهربان باشد تا مال را به ولى مسلمانان برساند كه در ميانشان قسمت كند، و وكيل مگردان بر آن مواشى و ابل مگر كسى را كه نيكوخواه و مهربان و امين و نگهبان باشد، درشتى به آنها نكند و زيان نرساند، نرنجاند و خسته نكند، پس آنچه كه از أموال زكاة در نزد تو گرد آمده زود آنها را بسوى ما بفرست تا در هر جا كه خدا بدان امر فرموده است بگردانيم و صرف كنيم.

پس چون آنها را امين تو براى آوردن گرفت بأو سفارش كن كه بطمع شير ميان شتر و بچه شيرخوارش جدائى نيندازد، و همه شير آنرا ندوشد كه به بچه‏اش ضرر برسد، و آنرا بسوار شدن خسته نگرداند، و بين او و ديگر شتران در سوار شدن و دوشيدن بعدل رفتار كند (يعنى گاهى بر او سوار شود و گاهى بر ديگران و گاهى از او بدوشد و گاهى از ديگران نه شير يكى را تمام بدوشد و در همه راه بر يكى سوار شود) و بايد آسان گرداند و رفاهت دهد خسته را و او را آسايش دهد، و بر حيوانى كه پايش سوده شد و از رفتار وامانده و بتنگ آمده آهستگى كند و درنگ و تأنى نمايد، و بايد آنها را به غديرها و حوضهاى آب كه مى ‏گذرند فرود آورد و وارد سازد و آنها را از زمين گياه دار به راههايى كه از گياه خالى است نگرداند، و بايد آنها را در هر چند ساعتى در چراگاهها راحت دهد تا بفراغت اكل و شرب نمايند، و بايد آنها را در نزد آبها و گياهها مهلت دهد تا باذن خدا فربه و پر مغز نه رنج ديده و خسته در نزد ما آورد كه آنها را على كتاب الله و سنت پيمبر خدا قسمت كنيم كه باين طور گفتيم عمل شود إنشاء الله براى پاداش تو بزرگتر و برشد و رستگاريت نزديكتر است.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

______________________________________________________________

[1] ( 1) ثم مال عنه و قال فى كتاب قسمة الصدقات من الخلاف أيضا بالاستحباب كما فى المبسوط. منه.

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.