خطبه 233 شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

233 و من خطبة له ع تختص بذكر الملاحم-

أَلَا بِأَبِي وَ أُمِّي هُمْ مِنْ عِدَّةٍ- أَسْمَاؤُهُمْ فِي السَّمَاءِ مَعْرُوفَةٌ وَ فِي الْأَرْضِ مَجْهُولَةٌ- أَلَا فَتَوَقَّعُوا مَا يَكُونُ مِنْ إِدْبَارِ أُمُورِكُمْ- وَ انْقِطَاعِ وُصَلِكُمْ وَ اسْتِعْمَالِ صِغَارِكُمْ- ذَاكَ حَيْثُ تَكُونُ ضَرْبَةُ السَّيْفِ عَلَى الْمُؤْمِنِ- أَهْوَنَ مِنَ الدِّرْهَمِ مِنْ حِلَّهِ- ذَاكَ حَيْثُ يَكُونُ الْمُعْطَى أَعْظَمَ أَجْراً مِنَ الْمُعْطِي- ذَاكَ حَيْثُ تَسْكَرُونَ مِنْ غَيْرِ شَرَابٍ- بَلْ مِنَ النِّعْمَةِ وَ النَّعِيمِ- وَ تَحْلِفُونَ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ- وَ تَكْذِبُونَ مِنْ غَيْرِ إِحْرَاجٍ- ذَاكَ إِذَا عَضَّكُمُ الْبَلَاءُ كَمَا يَعَضُّ الْقَتَبُ غَارِبَ الْبَعِيرِ- مَا أَطْوَلَ هَذَا الْعَنَاءَ وَ أَبْعَدَ هَذَا الرَّجَاءَ- أَيُّهَا النَّاسُ أَلْقُوا هَذِهِ الْأَزِمَّةَ- الَّتِي تَحْمِلُ ظُهُورُهَا الْأَثْقَالَ مِنْ أَيْدِيكُمْ- وَ لَا تَصَدَّعُوا عَلَى سُلْطَانِكُمْ فَتَذُمُّوا غِبَّ فِعَالِكُمْ- وَ لَا تَقْتَحِمُوا مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ فَوْرِ نَارِ الْفِتْنَةِ- وَ أَمِيطُوا عَنْ سَنَنِهَا وَ خَلُّوا قَصْدَ السَّبِيلِ لَهَا- فَقَدْ لَعَمْرِي يَهْلِكُ فِي لَهَبِهَا الْمُؤْمِنُ- وَ يَسْلَمُ فِيهَا غَيْرُ الْمُسْلِمِ- إِنَّمَا مَثَلِي بَيْنَكُمْ كَمَثَلِ السِّرَاجِ فِي الظُّلْمَةِ- يَسْتَضِي‏ءُ بِهِ مَنْ وَلَجَهَا- فَاسْمَعُوا أَيُّهَا النَّاسُ- وَ عُوا وَ أَحْضِرُوا آذَانَ قُلُوبِكُمْ تَفْهَمُوا

الإمامية تقول- هذه العدة هم الأئمة الأحد عشر من ولده ع- و غيرهم يقول إنه عنى الأبدال- الذين هم أولياء الله في الأرض- و قد تقدم منا ذكر القطب و الأبدال- و أوضحنا ذلك إيضاحا جليا- . قوله ع أسماؤهم في السماء معروفة- أي تعرفها الملائكة المعصومون- أعلمهم الله تعالى بأسمائهم- . و في الأرض مجهولة أي عند الأكثرين- لاستيلاء الضلال على أكثر البشر- . ثم خرج إلى مخاطبة أصحابه- على عادته في ذكر الملاحم و الفتن- الكائنة في آخر زمان الدنيا- فقال لهم توقعوا ما يكون من إدبار أموركم- و انقطاع وصلكم جمع وصلة- . و استعمال صغاركم أي يتقدم الصغار على الكبار- و هو من علامات الساعة- .

قال ذاك حيث يكون احتمال ضربة السيف على المؤمن- أقل مشقة من احتمال المشقة في اكتساب درهم حلال- و ذلك لأن المكاسب تكون قد فسدت و اختلطت- و غلب الحرام الحلال فيها- . قوله ذاك حيث يكون المعطى أعظم أجرا من المعطي- معناه أن أكثر من يعطي و يتصدق في ذلك الزمان- يكون ماله حراما فلا أجر له في التصدق به- ثم أكثرهم يقصد الرياء و السمعة بالصدقة- أو لهوى نفسه أو لخطرة من خطراته- و لا يفعل الحسن لأنه حسن و لا الواجب لوجوبه- فتكون اليد السفلى خيرا من اليد العليا- عكس ما ورد في الأثر- و أما المعطى فإنه يكون فقيرا ذا عيال- لا يلزمه أن يبحث عن المال أ حرام هو أم حلال- فإذا أخذه ليسد به خلته و يصرفه في قوت عياله- كان أعظم أجرا ممن أعطاه- .

و قد خطر لي فيه معنى آخر- و هو أن صاحب المال الحرام- إنما يصرفه في أكثر الأحوال و أغلبها- في الفساد و ارتكاب المحظور- كما قال من اكتسب مالا من نهاوش أذهبه الله في نهابر – فإذا أخذه الفقير منه على وجه الصدقة- فقد فوت عليه صرفه في تلك القبائح و المحضورات- التي كان بعرضته صرف ذلك القدر فيها- لو لم يأخذه الفقير- فإذا قد أحسن الفقير إليه بكفه عن ارتكاب القبيح- و من العصمة ألا يقدر فكان المعطى أعظم أجرا من المعطي- . قوله ع ذاك حيث تسكرون من غير شراب بل من النعمة- بفتح النون و هي غضارة العيش- و قد قيل في المثل سكر الهوى أشد من سكر الخمر- .

قال تحلفون من غير اضطرار- أي تتهاونون باليمين و بذكر الله عز و جل- . قال و تكذبون من غير إحراج- أي يصير الكذب لكم عادة و دربة- لا تفعلونه لأن آخر منكم قد أحرجكم- و اضطركم بالغيظ إلى الحلف- و روي من غير إحواج بالواو- أي من غير أن يحوجكم إليه أحد- – قال ذلك إذا عضكم البلاء- كما يعض القتب غارب البعير- هذا الكلام غير متصل بما قبله- و هذه عادة الرضي رحمه الله يلتقط الكلام التقاطا- و لا يتلو بعضه بعضا- و قد ذكرنا هذه الخطبة أو أكثرها- فيما تقدم من الأجزاء الأول- و قبل هذا الكلام ذكر ما يناله شيعته- من البؤس و القنوط و مشقة انتظار الفرج- . قوله ع ما أطول هذا العناء و أبعد هذا الرجاء- هذا حكاية كلام شيعته و أصحابه- .

ثم قال مخاطبا أصحابه الموجودين حوله- أيها الناس ألقوا هذه الأزمة- التي تحمل ظهورها الأثقال عن أيديكم- هذه كناية عن النهي عن ارتكاب القبيح- و ما يوجب الإثم و العقاب- و الظهور هاهنا هي الإبل أنفسها و الأثقال المآثم- و إلقاء الأزمة ترك اعتماد القبيح فهذا عمومه- و أما خصوصه فتعريض بما كان عليه أصحابه- من الغدر و مخامرة العدو عليه- و إضمار الغل و الغش له- و عصيانه و التلوي عليه- و قد فسره بما بعده فقال- و لا تصدعوا عن سلطانكم أي لا تفرقوا- فتذموا غب فعالكم أي عاقبته- .

ثم نهاهم عن اقتحام ما استقبلوه من فور نار الفتنة- و فور النار غليانها و احتدامها- و يروى ما استقبلكم- . ثم قال و أميطوا عن سننها- أي تنحوا عن طريقها- و خلوا قصد السبيل لها- أي دعوها تسلك طريقها- و لا تقفوا لها فيه فتكونوا حطبا لنارها- . ثم ذكر أنه قد يهلك المؤمن في لهبها- و يسلم فيه الكافر- كما قيل المؤمن ملقى و الكافر موقى- . ثم ذكر أن مثله فيهم كالسرج- يستضي‏ء بها من ولجها أي دخل في ضوئها- . و آذان قلوبكم كلمة مستعارة- جعل للقلب آذانا كما جعل الشاعر للقلوب أبصارا- فقال

يدق على النواظر ما أتاه
فتبصره بأبصار القلوب‏

شرح ‏نهج ‏البلاغة(ابن ‏أبي ‏الحديد) ج 13

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.